إلى الصوفية
هل يمكن أن يتحقق كلام أئمة التصوف ؟ أم يبقى كلامهم نظري فقط ؟
من الفرق الإسلامية من يرى أنه فى آخر الزمان سيظهر كائن جبار يسمى الدجال وسينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) الذي كان رسولا إلى بني إسرائيل سينزل من السماء لقتل هذا الكائن الضخم وسيظهر فى تلك الفترة ملك أو خليفة عادل يتلقب بالمهدي ليقيم المملكة الإسلامية وبمساعدة عيسى بن مريم عليه السلام ستغزو المملكة الإسلامية كل العالم وتخير الناس بين الإسلام أو القتل حيث أن الجزية ستُلغى ويحل محلها الإسلام أو القتل .
ويعتمدون فى هذا التفريق بين شخصية المهدي وشخصية المسيح على الأحاديث النبوية التي تذكر المهدي بأنه من آل محمد (صلّى الله عليه وسلّم) وأسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم . أما المسيح فمعروف انه من بني إسرائيل وقد رفع إلى السماء فى وجهة نظرهم وسينزل منها . ونحن لا ننكر هذه الأحاديث ولكن لا نأخذها على ظاهرها وإنما نفهما ونعقلها ونعتمد فى فهمنا على كتاب الله القران الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه واله وسلم وأقوال العلماء والأئمة . وهنا لابد من توضيح بعض الأمور الهامة التي تساعدنا فى فهم وجهة نظر الجماعة الإسلامية الاحمدية .
معنى ( آل محمد )
لابد أولا من فهم معنى ( آل محمد ) حتى يتسنى لنا فهم جملة أن المهدي من آل محمد
يقول الإمام محي الدين بن عربي فى الفتوحات المكية :
"و( الآلُ) يُعَظّمُ الأشخاص . فَعُظْمُ الشخص فى ( السراب ) يسمى ( الآل )
فـ ( آل محمد ) هم العظماء بمحمد . ومحمد صلى الله عليه وسلم مثل السراب يُعَظِّمُ من يكون فيه , وأنت تحسبه محمد العظيم الشأن , كما تحسب السراب ماءاً وهو ماء فى رأى العين . " انتهى
ومعنى هذا الكلام أن كلمة ( آل ) فى اللغة العربية تعنى السراب . ومعنى آل محمد هو الشخص الذي إذا رأيته حسبته محمداً من شدة ما بينهما من تشابهه فى الخُلُق ولكن ليس هو محمد على الحقيقة . كما أنك ترى السراب فى الطريق أو فى الصحراء تحسبه ماء وهو ليس بماء على الحقيقة . وهذا هو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ( خُلقه خُلقي ) وقوله عليه الصلاة والسلام ( اسمه اسمي ) فالاسم يأتي بمعنى الصفة كما نقل الله تعالى عن عيسى عليه السلام ( ومبشراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد ) فالرسول الذي جاء بعد المسيح اسمه محمد فدل ذلك على أن كلمة " اسمه " فى الآية ليس الاسم الذي سيُعرف به بين الناس وإنما معناه صفته أنه كثير الحمد . والخلاصة من ذلك أن الإمام المهدي سيكون مظهراً كاملا للنبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا رأيته فكأنما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بخلقه وصفته .
المهدي منا أهل البيت
نأتي الآن إلى معنى قول النبي صلى الله عليه وأله وسلم أن المهدي من أهل البيت وهنا انقل كلام الشيخ محي الدين بن عربي فى الفتوحات المكية المجلد الحادي عشر حيث يقول :
" ولما كان رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم عبداً محضاً قد طهره الله وأهل بيته تطهيرا , واذهب عنهم الرجس وهو كل ما يشينهم – فإن الرجس هو القذر عند العرب هكذا حكي الفراء. قال تعالى " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ".
فلا يضاف إليهم إلا مُطهر ولابد . فإن المضاف إليهم هو الذي يشبههم . فما يُضيفون لأنفسهم إلا من له حكم الطهارة والتقديس . فهذه شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم لسلمان الفارسي بالطهارة والحفظ الإلهي والعصمة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ( سلمان منا أهل البيت ) " ثم يقول الشيخ " فدخل الشرفاء أولاد فاطمة كلهم ومن هو من ( أهل البيت) مثل سلمان الفارسي إلى يوم القيامة فى حكم هذه الآية . " انتهى
وهذا هو معنى وصف النبي صلى الله عليه وسلم للمهدي أنه من أهل البيت أي انه مُطهر ومقدس وداخل فى نطاق هذه الآية مثل سلمان الفارسي .
إطلاق أسم الشيء على شبيهه
هذه نقطة مهمة , هل يمكن أن يُطلق اسم شيء ما على شيء آخر لوجود تشابهه بينهما ؟
الجواب نعم وقد استخدم القران الكريم هذه الطريقة فى قوله تعالى فى سورة الشعراء :
" فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) ".
يقول الله تعالى هنا بعد أن ذكر قصة موسى عليه السلام مع فرعون , أن الله سبحانه وتعالى قد اخرج فرعون وقومه من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم وذلك بإغراقهم فى اليم وأن الذي ورث هذه الحياة الكريم والملك العظيم هم بنو إسرائيل , ومن المعروف أن قصة فرعون مع موسى قد حدثت فى مصر . فهل ورث بنو إسرائيل ملك مصر ؟ لا ولكنهم ورثوا ملك فلسطين . إذاً كيف يقول الله تعالى (كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ)؟
الجواب هنا هو المشابهة أي أن الله قد أعطى لهم ملك فلسطين الذي يشبهه ملك مصر فكأنهم قد ورثوا ملك مصر .
إذاً عندما نقول أن معنى مجيء المسيح عيسى بن مريم يعنى شخص من الأمة الإسلامية يشبهه فى الفضل فقولنا ليس ببدعة وقد أستخدمها القرآن الكريم نفسه . كذلك أطلق النبي عليه الصلاة والسلام على أبى جهل لقب فرعون كما ورد فى كتاب البداية والنهاية
عندما رآه النبي صلى الله عليه وسلم مقتولا فقال الحمد لله الذي قد أخزاك الله يا عدو الله هذا فرعون هذه الأمة . مع أن أبا جهل لم يكن مصريا ولا فرعونيا ولكن لأنه قام بأعمال عدائية ضد النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل التي قام بها فرعون ضد موسى عليه السلام فأستحق أن يُطلق عليه اسم فرعون.
علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل
وفى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( العلماء ورثة الأنبياء ) وقوله ( علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ) فى ذلك دلالة على أنه يمكن لعالم ربانيّ من الأمة الإسلامية أن يصل إلى درجة نبي من الأنبياء السابقين ويدعى فى السماء باسمه . وقد ذكر الشيخ محي الدين بن عربي فى كتابه الفتوحات المكية كلاما لطيفا عن وراثة العلماء للأنبياء حيث
يقول فى المجلد الرابع " فالوارث الكامل من الأولياء منا , من انقطع إلى الله بشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن فتح الله له فى قلبه فى فهم ما انزل الله عز وجل على نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بتجلي إلهي فى باطنه . فرزقه الله الفهم فى كتابه عز وجل وجعله من المُحدثين فى هذه الأمة . فقام له هذا مقام الملك الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم رده الله إلى الخلق يرشدهم إلى صلاح قلوبهم مع الله , ويفرق لهم بين الخواطر المحمودة والمذمومة . ويبين لهم مقاصد الشرع وما ثبت من الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لم يثبت , بإعلام الله ( آتاه رحمة من عنده , وعلمه من لدنه علما ) فيُرقى هممهم إلى طلب الأنفَس بالمقام الأقدس , ويرغبهم فيما عند الله , كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تبليغ رسالته . غير أن الوارث لا يحدث شريعة ولا ينسخ حكماً مقرراً . لكن يُبين . فإنه على ( بينة من ربه ) وبصيرة من علمه , (ويتلوه شاهد منه ) بصدق أتباعه . وهو الذي أشركه الله تعالى مع رسوله صلى الله عليه وسلم فى الصفة التي يدعو إلى الله فأخبر تعالى وقال : "أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي " وهم الورثة . فهم يدعون إلى الله على بصيرة . وكذلك شركهم مع الأنبياء عليهم السلام فى المحنة وما ابتلوا به فقال " إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ " وهم الورثة فشرك بينهم فى البلاء , كما شرك بينهم فى الدعوة إلى الله . " انتهى
يقول فى المجلد الرابع "ومن الرجال الواصلين , من ليس لهم معرفة بهذا المقام , ولا بالأسماء الإلهية . ولكن لهم وصول إلى حقائق الأنبياء ولطائفهم . فإذا وصلوا , فُتح لهم باب لطائف الأنبياء , على قدر ما كانوا عليه من الأعمال فى وقت الفتح . فمنهم من تتجلى له حقيقة موسى – عليه السلام- فيكون موسوي المشهد . ومنهم من تتجلى له لطيفة عيسى .وهكذا سائر الرسل . فيُنسب ( الواصل ) إلى ذلك النبي بالوراثة , ولكن من حيث شريعة محمد صلى الله عليه وسلم المقررة من شرع ذلك النبي , الذي تتجلى له " انتهى
ثم يقول فى المجلد الحادي عشر " فمن كرامة رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم محمد أن جعل من أمته وأتباعه رسلاً وإن لم يرسلوا . فهم من أهل المقام الذي منه يرسلون وقد كانوا أرسلوا . فاعلم ذلك ! ولهذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة إسرائه بالأنبياء عليهم السلام فى السماوات لتصح له الإمامة على الجميع " انتهى
نفهم من هذا أن فى هذه الأمة من وصلوا إلى درجة النبوة وهذه كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم ولهذه الأمة . كذلك نفهم من كلامه عن الوراثة انه يمكن لشخص من الأمة الإسلامية أن يصل إلى مقام نبي من الأنبياء السابقين فيظهر بمظهر هذا النبي . وهذا ما قصده النبي صلى الله عليه وسلم عندما وصف المهدي بأنه عيسى بن مريم أو المسيح . وقد ذكر الشيخ محي الدين أيضا فى كتابه الفتوحات المكية كلاما بهذا المعنى إذ يقول فى قصيدة له :
كل من أحيا حقيقته
وشَفَى من علة الحُجُب
فهو عيسى لا يناط به
عندنا , شئ من الريب
فلقد أَعطت سجيته
رتبة تسمو على الرتب
بنعوت القدس تعرفه
فى صريح الوحي والكتب
لم ينلها غير وارثه
صفة فى سالف الحقب
فسرت فى الكون همته
فى أعاجيم وفى عرب
فبها تحيا نفوسهم
وبها إزالة النوب
توضح هذه القصيدة أن الإنسان إذا سمى فى روحانيته وإيمانه ووصل إلى درجة عيسى بن مريم يصبح هو نفسه عيسى بن مريم . وهذا ما نقوله نحن عندما نذكر أن المسيح الآتي فى آخر الزمان هو مثيل للمسيح الاسرائيلى عيسى بن مريم فكيف يصبح كلامنا بدع من القول أو لم يقل به أحد من علماء الأمة ؟
ثم يقول بن عربي تحت عنوان ( الشريعة المحمدية وعالمية وارثيها ) :
"اعلم أيدك الله أنه لما كان شرع محمد صلى الله عليه وسلم تضمن جميع الشرائع المتقدمة وانه ما بقى لها حكم , فى هذه الدنيا إلا ما قررته الشريعة المحمدية فبتقريرها ثبتت . فتعبدنا بها نفوسنا من حيث أن محمد صلى الله عليه وسلم قررها , لا من حيث أن النبي المخصوص بها , فى وقته قررها . فلهذا أوتى رسول الله صلى الله عليه وسلم
( جوامع الكلم) فإذا عمل المحمدي فلا يخلو عمل هذا العامل من هذه الأمة أن يصادف فى عمله , فيما يفتح له منه فى قلبه وطريقه , ويتحقق به طريقة من طرق نبي من الأنبياء المتقدمين , مما تتضمنه هذه الشريعة …. فإذا فتح له فى ذلك فأنه ينتسب إلى صاحب تلك الشريعة فيقال عيسوي , أو موسوي , أو إبراهيمي . وذلك لتحقيق ما تميز له من المعارف وظهر له من المقام جملة ما هو تحت حيطة شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ." انتهى
يتضح من هذا الكلام أنه قد يحصل فرد من المسلمين مرتبة نبي سابق من الأنبياء فيظهر ذلك الشخص المسلم وكأنه مسلم بصبغة موسوية أو عيسوية أو إبراهيمية . وهذا الكلام يجرنا إلى الحديث عن استمرار النبوة.
ما هي النبوة
النبوة منزلة يعينها الله سبحانه وتعالى ويحصل عليها الإنسان بأخلاقه الصالحة وأعماله الحسنة تعرفها القلوب ولا تنكرها العقول وتوافق الأغراض وتزيل الأمراض فإذا وصلوا إلى هذه المنزلة فتلك منزلة الأنباء الإلهية المطاق لكل من حصل فى تلك المنزلة من رفيع الدرجات ذي العرش وهى مستمرة إلى يوم القيامة .يقول محي الدين بن عربي فى الفتوحات المكية المجلد الثاني عشر :
" فالنبوة سارية إلى يوم القيامة فى الخلق , وإن كان التشريع قد انقطع فالتشريع جزء من أجزاء النبوة فإنه يستحيل أن ينقطع خبر الله وإخباره من العالم , إذ لو انقطع لم يبق للعالم غذاء يتغذى به فى بقاء وجوده " قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً " و " وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " وقد أخبر الله انه ما من شيء يريد إيجاده إلا ويقول له كن . فهذه كلمات الله لا تنقطع , وهى الغذاء العام لجميع الموجودات . فهذا جزء واحد من أجزاء النبوة لا ينفد . فأين أنت من باقي الأجزاء التي لها ؟ " انتهى
ويقول فى موضع آخر " فما ارتفعت النبوة بالكلية . ولهذا قلنا إنما ارتفعت نبوة التشريع فهذا معنى ( لا نبي بعدى).
ويتلوه شاهد منه
لقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الشاهد الآتي من بعده بأنه المهدي الذي خُلُقه كخُلُق النبي صلى الله عليه وسلم واسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم وقد بينا ذلك من قبل , كذلك وصفه بأنه عيسى بن مريم . وبهذا قد جمع هذا الشاهد صفات عيسى عليه السلام وصفات محمد صلى الله عليه وسلم . يقول ابن عربي فى كلامه عن عيسى عليه السلام فى المجلد الثاني عشر من الفتوحات المكية :
" وأما ختم الولاية العامة الذي لا يوجد بعده ولى فهو عيسى عليه السلام – ولقينا جماعة ممن هو على قلب عيسى عليه السلام وغيره من الرسل . بأي صفة يكون ذلك المستحق لذلك ؟ الجواب : المستحق لختم الولاية العامة يكون بصفة الأمانة . فبيده مفاتيح الأنفاس وحالة التجريد والحركة وهذا هو نعت عيسى عليه السلام كان يحي بالنفخ وكان من زهاد الرسل وكانت له السياحة وكان حافظا للأمانة مؤديا لها ولهذا عادته اليهود " انتهى
يذكرني هذا الكلام بوصف النبى صلى الله عليه وسلم للمسيح الآتي فى آخر الزمان عندما قال ( لا يحل لكافر يجد ريحه إلا مات ) فكلام ابن عربي وكلام النبي صلى الله عليه وسلم يوضحان ما هي صفة عيسى ومن يقوم مقام عيسى فى ختم الولاية العامة وهو ذلك الشاهد الآتي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم . ثم يوضح ابن عربي وصفه لذلك الشخص الذي سيكون ختم الولاية المحمدية فيقول :
" وأما الصفة التي استحق بها خاتم الولاية المحمدية أن يكون خاتما فبتمام مكارم الأخلاق مع الله . وجميع ما حصل للناس من وجهته من الأخلاق " انتهى
الشاهد الآتي
إذاً هذا هو المعنى الحقيقي لنزول المسيح وخروج المهدي , فهو رجل يجمع فى ذاته اسم النبي أي صفته ومن أهل بيته, وفى نفس الوقت قد حاز مقام عيسى بن مريم عليه السلام وورث روحانيته وصفته أيضا . فهو ذلك الشاهد الذي أخبر به القرآن الكريم " ويتلوه شاهد منه " . والشخص الوحيد الذي أعلن أنه هو الإمام المهدي وهو المسيح الموعود هو حضرة ميرزا غلام أحمد عليه السلام , وهذه ملاحظة جديرة بالاهتمام فكل أدعياء المهداوية فى السابق كانوا يدعون المهداوية فقط , ولم يقل واحد منهم أنه هو المهدي والمسيح لأنهم لم يفهموا سر كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فظنوا أن المسيح الموعود هو عيسى الذي كان على قيد الحياة منذ ألفى عام , والمهدي هو خليفة عادل أو ملك صالح يقيم الدولة الإسلامية , ولهذا وبالرغم من تحقق الكثير من الأحاديث فى شخوصهم ومع ذلك لم يكن واحد منهم هو الإمام المهدي فعلا . وبالتالي فإن إعلان حضرة ميرزا غلام أحمد عليه السلام أنه هو الإمام المهدي والمسيح الموعود يوضح أنه لم يكن ليعلن هذا من تلقاء نفسه . وإنما بعدما تلقاه من الوحي الذي يخبرنه أنه هو المسيح الموعود.
منقول