بعد سرد المقدمة المعهودة في تكفير وتخوين ولمز الجماعة الإسلامية الأحمدية ومؤسسها حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام أصدر الشيخ الجزائري فركوس فتوى(١) بتكفير الجماعة الإسلامية الأحمدية، وفيما يلي موجبات تكفير الجماعة الإسلامية الأحمدية عند الشيخ يليها الرد تباعا:
١- الأحمديون كفرة بسبب: "إنكارُهم ختم نُبوَّةَ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وادعاؤهم لنبوة غلام أحمد.".
الرد: الجماعة الإسلامية الأحمدية لا تنكر ختم النبوة على الإطلاق بل تؤمن بأن سيدنا مُّحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم هو خاتم النبيين كما قال تعالى في القرآن الكريم. الفرق الوحيد بينكم وبين المسلمين الأحمديين هو أنكم تؤمنون من جهة بأن النبي ﷺ هو خاتم النبيين وفي نفس الوقت تؤمنون بنبي ينزل بعده وهو عيسى عَلَيهِ السَلام نبي بني إسرائيل وبذلك تقعون في تناقض عقدي خطير، بينما يؤمن المسلمون الأحمديون أن المسيح عَلَيهِ السَلام قد توفي كما ورد في صريح القرآن الكريم وأن الذي ينزل بعد سيدنا مُحَمَّد ﷺ هو رجل مسلم من أمته ﷺ -لا من الأمة الإسرائيلية- ويكون تابعاً له ﷺ، وبذلك لا يُكسر ختم النبوة بخلاف الحال عندكم حضرات المشايخ حيث ينزل عندكم نبي من الأمة الإسرائيلية بعد خاتم النبيين مما يكسر ختم النبوة بكل وضوح. يقول المسيح الموعود عليه السلام حضرة ميرزا غلام أحمد:
"إن ملخَّص ديننا ولُبَّه هو "لا إله إلا الله محمد رسول الله". إن اعتقادنا الذي نتمسك به في هذه الحياة الدنيا، وسوف نرحل من عالم الفناء بفضل الله وتوفيقه هو: أن سيدنا ومولانا محمدا المصطفى صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين وخير المرسلين الذي على يده قد اكتمل الدينُ، وتمت النعمة التي بواسطتها يستطيع الإنسان أن يصل إلى الله سبحانه وتعالى سالكًا الصراط المستقيم."(٤)
٢- الأحمديون كفرة بسبب: "تفسيرهم للقرآن والسُّنَّة بتفسيراتٍ باطنيةٍ.".
الرد: لا يوجد في القرآن الكريم ولا في السنة حكم بتكفير من يفسر القرآن الكريم تفسيراً باطنياً على فرض أن الأحمدية تفعل ذلك وهي لا تفعل بل تأخذ بما صح من تفاسير المفسرين بعرضه على القرآن الكريم وتفسر ما اتفق مع القرآن الكريم والسنة واللغة والتاريخ والأهم من ذلك السياق القرآني. لا يوجد حكم في الإسلام يقضي باعتبار من يفسر بهذه الطريقة كافر خارج من ملة الإسلام كما تحكمون على ملايين الأحمديين ممن يشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأن مُّحَمَّداً رَّسُولُ اللَّهِ ويؤمن بأركان الإسلام والإيمان كافة. لا وجود لتفسير معتمد وإنما يختلف المفسرون حول العديد من آي القرآن الكريم ولم يدّعي أحد منهم العصمة أو الوحي المباشر رحمة الله عليهم أجمعين.
٣- الأحمديون كفرة بسبب: "إلغاؤهم الحجَّ إلى «مكةَ»، وتحويل المناسك إلى «قاديان»، حيث يعتقدون أنَّ «قاديان» أفضلُ من مكة والمدينة، وأرضُها حَرَمٌ، وهي قِبلتهم وإليها حَجُّهم.".
الرد: يكفي للرد على هذا ما صرح به المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في كتبه ومقالاته المختلفة عَلَيهِ السَلام أن الحج إنما هو لبيت الله الحرام وليس إلى أي مكان آخر وأن الجماعة الإسلامية الأحمدية ومنهم الخليفة الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأعلام الجماعة الإسلامية الأحمدية قد أدوا فريضة الحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة ولا زال الأحمديون يحجون إلى بيت الله تعالى رغم المنع الذي أصدرته باكستان بحقهم لثنيهم عن أداء هذه الفريضة المقدسة. ولنقرأ ما قاله مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام:
"وهنالك نوع آخر من العبادة وهو الحج. ولكن يجب ألا يكون الحج حجًّا ظاهريا فقط؛ بأن يأخذ الإنسان ما جمع من حلال وحرام من المال، ويتجه إلى بيت الله الحرام بالباخرة أو غيرها، ويردد بلسانه فقط ما يردد الناس هنالك، ثم يرجع ويفتخر بأنه الحاج. كلا، فليس الغرض الذي من أجله وضع الله الحج أن يحصل هكذا، والحق أنه من آخر مراحل العبادة والسلوك أن ينقطع الإنسان عن نفسه، ويعشق ربه، ويغرق في بحر حبه. فالمحب الصادق يضحى بقلبه ومهجته. والطواف ببيت الله الحرام رمز لهذه التضحية وهذا الفداء. وكما أن هناك بيتا لله تعالى على الأرض فكذلك هنالك بيت لله في السماء، وما لم يطف به الإنسان لا يصح طوافه".(٦)
٤- الأحمديون كفرة بسبب: "إيمانهم بعقيدة التناسخ والحلول، ونسبتهم الولد إلى الله تعالى.".
الرد: لقد ألَّفَ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام العديد من الكتب ونسف فيها عقيدة التناسخ والحلول التي اخترعها الهندوس وبيّنََ من جهة أخرى أن المسيح الموعود إنما هي صفة خلعها الله تعالى عَلَيهِ ليكون مثيلاً للمسيح وليست روح المسيح نفسه والعياذ بالله. ونقتبس من أقواله عَلَيهِ السَلام ما يلي:
"أما الفكرة أن المسيح ابن مريم سيأتي إلى الدنيا بصورة التناسخ، فلا فكرة أردأ وأسخف وأخجل منها."(٧)
أما عن فرية نسبة الولد لله تعالى والعياذ بالله فلنقرأ قول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
٥- الأحمديون كفرة بسبب: "تكفيرُهم لكلِّ المسلمين إلاَّ من دخل في القاديانية.".
الرد: الكافر عرفاً هو الذي ينكر عقيدة ما وهذا ينطبق على الناس جميعاً ومنهم خصوم الجماعة الإسلامية الأحمدية أنفسم، فكلا الفريقين يدعي بأنه كافر بعقيدة الآخر حيث يقر المخالف بأنه ينكر حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام كما أن الأحمدي ينكر عقيدة حياة المسيح في السماء من دون الأنبياء والبشر وقتل المرتد والنسخ في القرآن الكريم وغير ذلك. على هذا الأساس فكل شخص هو كافر بعقيدة يراها مخالفة لما عنده، وهذا أمر طبيعي، ولكن الخطأ والظلم العظيم هو ما يعتقده خصوم الجماعة الإسلامية الأحمدية عند تكفير الأحمديين وهو إصدارهم عقوبة الردة وهي القتل باعتقادهم ضد الأحمديين ولذلك يقوم المتطرفون بقتل وذبح الأحمديين وتفجير مساجدهم في باكستان وغيرها بسبب هذا التكفير الدموي. أما الأحمديون فهم لا يخرجون أحداً من مسمى الإسلام بل تجد كل كتب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام تخاطب المسلمين شيعة وسنة بـ يا أيها المسلمون أو بـ يا أخي المسلم، فهل يجرؤ المشايخ على مخاطبة الأحمديين بـ يا أيها المسلم أو يا أيها المسلم الأحمدي ؟ للأسف فهذا عند المشايخ من أكبر الكبائر. ولذلك لا معنى لهذه التهمة الباطلة لأنها بضاعتهم ردت إليهم.
٦- الأحمديون كفرة بسبب: "نسخهم لفريضة الجهاد خدمة للاستعمار.".
الرد: إن من يطالع التاريخ سيجد بأن الجماعة الإسلامية الأحمدية هي أول من تحدى القسس المنصرين الغزاة ورَدَّ عليهم بكل قوة وأثبت أن ربهم قد مات وقبره في حي من أحياء الهند، وقد هرب القسس وأعداء الإسلام من أمام حضرته عَلَيهِ السَلام يجرون أذيال الخيبة والخسران. أما الجهاد فقد بيّن حضرته عَلَيهِ السَلام بأن الجهاد اليوم هو جهاد الكلمة أي الجهاد بالقرآن وأن القتال لم يعد ممكناً بسبب تفرق الأمة وضعفها وأن الجهاد القتالي لا يجب إلا لمن قاتل المسلمين واعتدى عليهم وهو يتم عند توحد الأمة ورص صفوفها عند توفر شروطه. أما مفهوم المشايخ للجهاد فهو العدوان على البلدان المسالمة من غير المسلمين كما تفعل داعش اليوم، وقد ضاق المشايخ اليوم ذرعاً بما تقوم به داعش وأخواتها وبدأ الكثير منهم يتخلى عن عقيدة الجهاد هذه لأنها ليست هي الجهاد الذي قال عنه القرآن الكريم والذي لا يجب إلا عند رد العدوان ونجدة المظلوم وتحقيق العدل. ورد في بعض الأحاديث أن الجهاد سينقطع عند نزول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ويقصد به الجهاد القتالي وانقطاعه كما هو معروف لانقطاع أسبابه وليس نسخ حكمه كما يظن المشايخ أن المسيح سيفعل بإلغاءه الجزية. أما الجماعة الإسلامية الأحمدية فتعتقد أن الجهاد لن ينقطع إلى يوم القيامة لأنه ببساطة جهاد الكلمة وفي نفس الوقت جهاد القتال إذا توفرت أسبابه واعتدي على بلاد المسلمين، وهنا يجب التوحد في مواجهته وليس كما نرى في البلدان العربية والإسلامية اليوم للأسف الشديد. إن معنى إلغاء الجزية أو وضع الحرب الوارد في الأحاديث إنما هو توقف الحرب وأسباب أخذ الجزية التي لا تتم إلا في ظروف الحرب والعدوان، ولا يوجد اليوم جيش يحارب المسلمين بسبب إسلامهم ويعلن أن هدفه هو محو الإسلام من الأرض كما كان يحدث في العصور السابقة لبعثة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام.
٧- الأحمديون كفرة بسبب: "استحلالهم للمُسكرات والأفيون والمخدِّرات ونحوها.".
الرد: لنترك حضرة المسيح الموعود ليرد بنفسه عَلَيهِ السَلام على هذه الفرية حيث يقول عَلَيهِ السَلام:
"أيها العقلاء، الدنيا ليست خالدة، فانتبهوا وعودوا إلى الصواب، واتركوا كل طريق أعوج، واتركوا كل مسكر. ليست الخمر وحدها تدمر الإنسان، بل إن الإفيون والغنجا والجرس والبنج والتاري، وكل مسكر الذي يعتاده الإنسان.. كلها تخرب العقل وتدمره في النهاية، فعليكم أن تتجنبوها. إني لا أعرف لماذا تتعاطون هذه الأشياء التي تموت بسببها آلاف الآلاف أمثالكم ممن يتعاطونها سنويا."(١١)
إلى هنا تنتهي موجبات التكفير أو ما ذكر منها الشيخ فركوس في فتواه لتكفير الجماعة الإسلامية الأحمدية والتشريع لحرمانهم من حق الإسلام الذي أكد الله تعالى بأنه له وحده "هو سماكم المسلمين" تبارك وتعالى.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
مُسْلِم للّه
___________
المصادر:
١- رابط الفتوى.