اقتلوا أنفسكم
يقول تعالى:
{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }
يقول صاحب تفسير روح البيان حول تفسير الآية أعلاه من سورة البقرة:
[[ { فاقتلوا انفسكم } بقمع الهوى لان الهوى هو حياة النفس وبالهوى ادعى فرعون الربوبية وعبد بنوا اسرائيل العجل وبالهوى أبى واستكبر ابليس اوارجعوا بالاستنصار على قتل النفس بنهيها عن هواها فاقتلوا انفسكم بنصر الله وعونه فان قتل النفس في الظاهر ييسر للمؤمن والكافر فاما قتل النفس فى الباطن وقهرها فامر صعب لا يتيسر الا لخواص الحق بسيف الصدق وبنصر الحق ولهذا جعل مرتبة الصديقين فوق مرتبة الشهداء وكان النبى صلى الله عليه وسلم اذا رجع من غزو يقول " رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر ".
وذلك لان المجاهد اذا قتل بسيف الكفار يستريح من التعب بمرة واحدة واذا قتل بسيف الصدق فى يوم الف مرة تحيى كل مرة نفس على بصيرة اخرى وتزداد فى مكرها فلا يستريح المجاهد طرفة عين من جهادها ولا يأمن مكرها وبالحقيقة النفس هى صورة مكرالحق ولا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون { ذلكم خير لكم عند بارئكم } يعنى قتل النفس بسيف الصدق خير لكم لان بكل قتلة رفعة ودرجة لكم عند بارئكم فانتم تتقربون الى الله بقتل النفس وقمع الهوى وهو يتقرب اليكم بالتوفيق للتوبة والرحمة عليكم كما قال " من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا " وذلك قوله { فتاب عليكم انه هو التواب الرحيم }. ]] انتهى
( تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي، الآية ٥٤ من سورة البقرة )
ويقول الإمام القشيري في تفسيره للآية :
[[ وقتل النفس في الحقيقة التبري عن حوْلِها وقوتها أو شهود شيءٍ منها، ورد دعواها إليها، وتشويش تدبيرها عليها، وتسليم الأمور إلى الحق - سبحانه - بجملتها، وانسلاخها من اختِيارها وإرادتها، وانمحاء آثار البشرية عنها، فأمَّا بقاء الرسوم والهياكل فلا خطرَ له ولا عبرةَ به. ]] انتهى
( تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) )
الخلاصة مما سلف أن الأمر بقتل النفس في الآية إنما هو قتل النفس الأمّارة بقمع الشهوات الجامحة ونهي النفس عن الهوى ليتوب الله تعالى عليهم لا كما يروّج دعاة قتل المرتد كالمودودي وأظلاله ممن يشوهون تعاليم الإسلام بأن قتل المرتد من أصول الدين ويجعلون آرائهم وما يستنبطوه ناسخاً لكلام العزة تبارك وتعالى وكفى بالقرآن المجيد الذي ينسف هذه الدعوى ناسخاً لما دونه من تعليم.
(استقراء من درس للخليفة الرابع مرزا طاهر احمد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ)
0 comments :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.