مثيل المسيح .. مثيل ابن الإنسان وليس شخصه
النبي دانيال يرى مثيل المسيح عليهم السلام
لنقرأ النبوءة التالية من سفر دانيال:
"كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن الإنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام، فقربه قدامه". ( دانيال 13)
لاحظ؛ (مثل ابن الإنسان) أي مثيله وليس هو بنفسه، وابن الإنسان لقب للمسيح الناصري (عَلَيهِ السَلام) كما في النص التالي:
"فقالوا له من أنت ؟ فقال يسوع: أخبرتكم من البدء. عندي أشياء كثيرة أقولها فيكم، وأشياء كثيرة أحكم بها عليكم. لكن الذي أرسلني صادق، وما سمعته أقوله للعالم. فما فهموا أنه يحدثهم عن الأب، فقال لهم: متى عرفتم ابن الإنسان عرفتم إني أنا هو" ( يوحنا 8)
"فَقَالَ يَسُوعُ أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْن الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ". (مرقس 14 :62)
فابن الإنسان إذاً هو المسيح عيسى ابن مريم عَلَيهِ السَلام بينما مثيله هو الذي سيأتي في آخر الزمان، ولذلك جاء وصفه مختلفاً حسب الحديث الصحيح المعروف بأنه سوف يكون 'آدم سبط الشعر' حسب حديث ابن عمر في حين أن الوصف الذي ورد عن مسيح بني اسرائيل كان 'أحمر جعد' كما في حديث أبي هريرة وقول ابن عباس بأنه أحمر أو إلى الحمرة والبياض وذلك يعني بانه ليس نفس الشخص بل مثيله.
أما القديم الأيام أو قديم الأيام الذي جاء إليه مثيل المسيح ليقدم له الإحترام فهو النبي العدنان سيد الأكوان محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ولمزيد من الضوء دعونا نتأمل النبوءة التالية من نفس رؤى دانيال عَلَيهِ السَلام:
"وبينما كنت أرى، نصبت عروش، فجلس شيخ طاعن في السن وكان لباسه أبيض كالثلج، وشعر رأسه كالصوف النقي، وعرشه لهيب نار، وتخدمه ألوف ألوف، وتقف بين يديه ربوات ربوات فجلس أهل القضاء وفتحت الأسفار -إلى إن قال- ورأيت في منامي ذلك الليل فإذا بمثل ابن إنسان آتياً على سحاب السماء، فأسرع إلى الشيخ الطاعن في السن فقرب إلى أمامه وأعطي سلطاناً ومجداً وملكاً حتى تعبده الشعوب من كل أمة ولسان ويكون سلطانه سلطاناً أبدياً لا يزول وملكه لا يتعداه الزمن". ( رؤيا دانيال (6-7)
فالشيخ الطاعن بالسن ذو اللباس الأبيض (لباس التقوى والحج) صاحب العرش المتأجج باللهب (وعن يمينه نار شريعة لهم. سفر التثنية 33: 1، 2) والذي له ألوف وألوف من الخدم ويُبسَط له سلطاناً على ربوات وربوات (أراضٍ شاسعة) هو النبي الأكرم محمد المصطفى (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) ولقّب بالشيخ الطاعن في السن لأنه النبي الخاتم الذي لم تنته ولن تنته شريعته بل سوف تظل متّقدة إلى الأبد تضئ بنورها العالم وتحرق بـلهيبها من علا وظلم وهو النبي الوحيد الحي بتعاليمه فيما اندرست شرائع الآخرين وماتوا معها. تتكلم الرؤيا عن مثل ابن الانسان (الإمام المهدي والمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام) ينزل (على سحاب السماء) أي بأمر الله تعالى لا من عند نفسه كما يظن المشايخ، فيجدّ مثيل ابن مريم الخطى إلى سيده ومولاه المصطفى (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) أي لخدمة شرعه وتعاليمه ويقدم لحضرته من الاحترام والسلطان والمجد ما ينبغي لمقام خاتم النبيين (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) وذلك بالتأكيد على عظمة وتفوق شريعته الإسلام ليظهره على الدين كله وليثبت أن الإسلام هو الدين الوحيد الصالح إلى الأبد وملجأ الإنسان.
للاستزادة حول هذا النبأ الخاص بـ مثيل وشبيه ابن مريم نقرأ النص التالي الذي أورده الحر العاملي في الجزء الثالث من كتابه إثبات الهداة:
"إن القائم المهدي من ولد علي أشبه الناس بعيسى بن مريم خَلقاً وخُلقاً وسُمتاً وهيبة." ( غيبة النعماني ص149)
يقول الشيخ الأكبر بن عربي عن بعثة المسيح عَلَيهِ السَلام بشخص آخر ما يلي:
"ولما كان مرجعه إلى مقره الأصلي ولم يصل إلى الكمال الحقيقي وجب نزوله في آخر الزمان ببدن أخر". ( تفسير ابن عربي ج1 ص184)
وتنسب الرواية التالية للنبي ﷺ أنه قال:
"سيكون من أهل بيتي رجل يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ثم من بعده القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه". ( الملاحم والفتن لابن طاووس ص77)
ويعزّزه الحديث التالي:
"القحطاني بعد المهدي والذي بعثني بالحق ما هو دونه". ( الفتن لأبن حماد ص245)
فكما يتضح من هذين الحديثين إن القحطاني هو من يلي المهدي ويخلفه، وقد خلف حضرة نور الدين القرشي (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه) المسيح الموعود كأول خليفة لحضرته (عَلَيهِ السَلام) وكان ينتمي لسلالة النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) من ناحية سيدنا عمر بن الخطاب (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه) من قبيلة قريش وفيه خصال من الخليفة الفاروق (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه) (حياة نور، الفصل ١، ص٥).
وردت كذلك نبوءة بشأن خليفة مثيل المسيح في سفر أشعياء:
"ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب ولذته تكون في مخافة الرب" (سفر اشعياء إصحاح 10 / 11)
فهذه مما يتصف به القحطاني وهي من فضل الله ونعمته عليه أن من أراد الله أن يجعله ملكا (خليفة) فلا بد أن يهيئ له الأسباب ويمتن عليه بالصفات التي تؤهله للملك، والمقصود بروح الرب هنا هو الإلهام والله اعلم حيث ورد في صحيح البخاري عن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) أنه قال:
"قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم أناس محدثون فان يك في أمتي احد منهم فهو عمر بن الخطاب".
فالمراد بروح الرب هو التحديث والإلهام كما كان عمر بن الخطاب (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه) ويدخل فيه أيضا صدق الرؤيا والله اعلم ففي صحيح مسلم:
"إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ".
وكذلك:
"رؤيا المؤمن جزء من ست وأربعين جزءا من النبوة".
وقد نص على ذلك نبوءة أشعياء حيث قال:
"فيرشده بالحق يعلمه إلهه". (اشعياء إصحاح 10/11)
"هذا أيضا خرج من قبل رب الجنود عجيب الرأي عظيم الفهم". (نفس المصدر)
فالقحطاني (خليفة المهدي) شخص ملهم من قبل الله تعالى وهو الذي يختاره بعد النبي.
فحضرة مرزا غلام أحمد المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) وخليفته (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه) ورد وصفهم وذكرهم في أقدم النبوءات والحمد لله من قبل ومن بعد.
مسلم لله
0 comments :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.