ألا يقرأون القرآن
التسجيل مع الترجمةالإنكليزية
يقول تعالى:
﴿وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَـٰهُمْ شُعَيْباً﴾ الأعراف
أي أن الله تعالى أرسل إلى مدين نبيه شعيباً عَلَيهِ السَلام ووصفه بأنه أخوهم وفي هذا اللفظ المبارك درس للمسلمين جميعاً وهو أن لا يتكبروا على غيرهم مهما طغى الكفر فيهم والضلال، فهم جميعاً إخوة عند الله ﷻ.
بعد أن نصح شعيب عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام الناس ووصاهم بالعدل والاستقامة بمحبة وأخوة كذّبوه للأسف وحاربوه بل وأخذوا يصدون عنه صدودا. يقول السيوطي رحمه الله في تفسيره:
"قوله (أي شعيب ينصح قومه) {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} .. كانت بلادهم بلاد ميرة يمتار الناس منهم، فكانوا يقعدون على الطريق فيصدون الناس عن شعيب يقولون: لا تسمعوا منه فإنه كذاب يفتنكم. فذلك قوله {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} الناس أن اتبعتم شعيباً فتنكم. .. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} قال: كانوا يجلسون في الطريق فيخبرون من أتى عليهم أن شعيباً كذاب، فلا يفتننَّكم عن دينكم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا تقعدوا بكل صراط} قال: طريق {توعدون} قال: تخوّفون الناس أن يأتوا شعيباً. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} قال: بكل سبيل حق {وتصدون عن سبيل الله} قال: تصدون أهلها {وتبغونها عوجا} قال: تلتمسون لها الزيغ." تفسير الدر المنثور
اجتمع القوم أخيراً وقرروا طرد شعيب عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام ومن أمن معه ما لم يتوبوا عن عقيدتهم ويتراجعوا عن الإيمان الجديد الذي خالف الإجماع والآباء حتى لو كانت عودتهم كرها وجبرا، يقول تعالى:
﴿قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ . قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ﴾
في الآية أعلاه وصفَ الله تعالى الذين يقومون بإكراه الناس في معتقداتهم بالمستكبرين وأن الله تعالى سوف يمحق الباطل بدعاء المتوكلين المستضعفين. إن صفة الاستكبار عند الله دميمة للغاية حيث أطلقت في القرآن الكريم على إبليس وكانت هي العقدة التي تهوي بالكافرين إلى الحضيض. يقول ﷻ:
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ البقرة : ٣٥
كما ورد الاستكبار أيضاً في القرآن المجيد لمكذبي الرسل حيث يقول تعالى:
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ۖ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ البقرة : ٨٨
كذلك ورد وصف الاستكبار عند الله تعالى صنواً للكفر بالنبيين. يقول تعالى في قوم صالح عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُم بِهِ كَافِرُونَ﴾ الأعراف : ٧٧
لقد بيّنَ الله ﷻ أيضا بأنه سبحانه يبغض صفة الاستكبار:
﴿لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ﴾ النحل : ٢٤
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ﴾ المنافقون : ٦
وغيرها من آيات تدل بمجموعها على أن الله تعالى لا يرتضي هذه الصفة لعباده الصالحين !
يقول القرطبي في تفسيره للآية من سورة الأعراف:
".. أي لتعودُنّ إلينا كما كنتم من قبل. .. فقال لهم شعيب؛ {أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} أي ولو كنا كارهين تجبروننا عليه، أي على الخروج من الوطن أو العود في مِلتكم. أي إن فعلتم هذا أتيتم عظيماً.
{قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا} إياس من العود إلى مِلتهم.
.. «وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا» أي في القرية بعد أن كرهتم مجاورتنا، بل نخرج من قريتكم مهاجرين إلى غيرها. «إلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ» ردّنا إليها." أهـ
يقول السيوطي في تفسيره:
"قال ابن عباس: كان (أي شعيب عَلَيهِ السَلام) حليماً صادقاً وقوراً، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا ذكر شعيباً يقول "ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه فيما دعاهم إليه، وفيما ردوا عليه وكذبوه وتواعدوه بالرجم والنفي من بلادهم."." الدر المنثور
يقول القرطبي:
".. قوله تعالى: {عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا} أي ٱعتمدنا. .. {رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ}.. قال ٱبن عباس: وكان شعيب كثير الصلاة، فلما طال تمادي قومه في كفرهم وغيهم، ويئس من صلاحهم، دعا عليهم فقال: {رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ} . ! فٱستجاب الله دعاءه فأهلكهم بالرجفة." أهـ
لقد حارب مشايخ باكستان المسلمين الأحمديين وقعدوا لهم كل مرصد بخيلهم ورجلهم وفتاواهم التي منعت المسلمين الأحمديين من الانتساب إلى الإسلام وادعاء ذلك بل وإلقاء تحية الإسلام والدفن في مقابر المسلمين ونشر كتبهم وعمدوا إلى طمس كل عبارة فيها (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) من على المساجد والمقابر والمرافق العامة ووضعوا شروطاً لنيل جواز السفر على كل مواطن ينتسب للإسلام أن يلعن مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية ويكفّره وعدا ذلك لا جواز رسمي لمن لا يفعل ذلك بالحرف. توالت الفتاوى بحق المسلمين الأحمديين وكان آخرها استحلال دمائهم ووصفهم في مؤتمر ختم النبوة الأخير سيء الصيت بأنهم ((واجب القتل)) !
جاء قرارهم هذا ولن يمنعهم من قتل الأحمديين إلا عودة الأحمديين إلى ملّة المشايخ ولو كان ذلك بالإكراه أي بدون اقتناع منهم وهو ما يبغضه الله تعالى في نصوص القرآن الكريم!
لنقف عند هذا الحديث الذي رواه السيوطي في الدر المنثور:
"أخرج ابن جرير عن أبي العالية عن أبي هريرة أو غيره شك أبو عالية قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسريَ به على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته. قال "ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا مثل أقوام من أمتك يعقدون على الطريق فيقطعونه، ثم تلا {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون}"". أهـ
أي أن من هذه الأمة مَن سيكون نسخة عن قوم شعيب المستكبرين وصدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عندما قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع". وما أشبه حال شعيب وحال المسيح الموعود عَلَيْهِمْ السَلام مع قومهم!
إن إكراه الناس في دينهم فتنة كبرى والفتنة عند الله أشد من القتل ! فليستيقظ خصوم الجماعة الإسلامية الأحمدية فالرجفة مصير المستكبرين!
مسلم لله
0 comments :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.