الرد على مقال : مغربي يفضح أسرار وهويات وعلاقات قاديانيين مع الخارج
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد رئيس التحرير المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلعت على مقال منشور في جريدتكم تحت عنوان: مغربي يفضح أسرار وهويات وعلاقات قاديانيين مع الخارج ، وهو منشور يوم الجمعة 01 مارس 2013.. تحت هذا الرابط.
فوجدتُ فيه عددا من الافتراءات، فكتبتُ لكم الردّ عليها، آملا أن تقوموا بنشره مشكورين:
1: شبهة أن الجماعة الإسلامية الأحمدية قد ظهرت بإيعاز من الاستعمار البريطاني في الهند
الردّ: هذا كذب مجرّد، والبيّنة على من ادّعى، والجماعة التي أنشأها الاستعمار تزول بزواله، لكن هذه الجماعة ما فتئت تزداد قوةً وصلابةً وانتشارا في العالم كله.
2: شبهة التنابز بالألقاب: جاء في المقال أن الأحمديين: "يسمون المنشقين عنهم بـ"اللاهوريين"، فينسبونهم إلى مدينة لاهور، وأسماء أخرى من قبيل أهل بيغام، ويطلقون عليهم أيضا "غير المبايعين" لأنهم لم يبايعوا الخليفة الثاني ومن جاء بعده".
الردّ: هذا ليس من باب التنابز بالألقاب، بل من باب وصف المذكور وتعيينه وتسميته. ثم إننا نسميهم أحمديين، لكنهم أحمديون لم يبايعوا الخلفاء؛ فما دام هناك أحمديون بايعوا الخليفة، وأحمديون لم يبايعوه فلا بد من التمييز في التسمية، لذا يمكن تسمية الفريق الأول أحمديين مبايعين، والفريق الثاني أحمديين غير مبايعين، أو أحمديين أصحاب جريدة بيغام، أو الذين انتقلوا الى لاهور.
3: شبهة أنّ طاعة الحكومة الإنجليزية الركن الثاني للدين: الردّ: الاعتراض: لقد قال مؤسس جماعتكم إن طاعة الحكومة الإنجليزية هي الركن الثاني للدين، فكيف تفسرون ذلك؟
الردّ: هذا الكلام منزوع من سياقه ومشوّه. فهل يُعقل أن يقول أحد بهذا القول على عمومه وبهذه الصورة؟! القضية هي أن طاعة الحكومة الإنجليزية، في الهند وفي ذلك الوقت حصرا، كانت واجبة وفقا لما اتفق عليه الغالبية العظمى من المسلمين، بما فيهم حضرته، وهو ما أفتى به علماؤهم، وذلك لأنها أنقذتهم من ظلم السيخ في البنجاب ولأنها أقامت العدل بين المواطنين. وقد اتُّهم حضرته بأنه يُظهر هذا الرأي المتفق عليه ويُبطن العداوة والرغبة في التمرد، فقال حضرته هذا الكلام في سياق تبيان موقفه، مؤكدا أن الإسلام يقوم على شقين؛ وهما العبودية لله تعالى والإحسان للخلق، ومن باب أولى أن نرد الإحسان لمن أحسن إلينا، ولهذا فإن رد الإحسان إلى الحكومة المحسنة هو شطر الدين في هذه الحالة. وتفصيل ذلك كما يلي: فتحت عنوان: "جدير بانتباه الحكومة" يوجّه المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام خطابه إلى الحكومة البريطانية قائلا إن "الشيخ محمد حسين، يشي إلى الحكومة أمورا غير صائبة لتسيء بي الحكومةُ الظن. ويكذب عند الحكومة ....ويركز على أنني لست مخلصا أمينا للحكومة والعياذ بالله". ثم ذكر المسيح الموعود عليه السلام أن البطالوي يقول للحكومة إن ميرزا غلام أحمد منافق وكاتم الحق وذو وجهين، مشيرا إلى أن حضرته يؤمن بالجهاد العدواني ولكنه يعلن غير ذلك، ويؤمن بالمهدي السفّاك، ويعلن عكس ذلك. وحتى لا تنخدع الحكومة بذلك أخذ حضرته يوضح الأمر تأصيلا، فقال: "إن عواطف الشكر تجاه الحكومة الإنجليزية المحسنة مترسخة في كل جزء من كياني.... ليس تكلُّفا مني بل بناء على مننها التي غمرت أسرتنا منذ عهد والدي المرحوم الميرزا غلام مرتضى إلى يومنا هذا.... وبعد أن ذكر شيئا عن والده وأخيه ووفائهما للحكومة يقول حضرته: "أما أنا، فقد صرف الله تعالى قلبي عن الدنيا بعد وفاة هؤلاء الأعزة والصلحاء، ووددتُ أن تكون علاقتي مع الله تعالى مبنية على الصدق والإخلاص والحب الكامل. فملأ سبحانه وتعالى قلبي بحبه..... واستعنتُ بالله فكَشف لي وأطلعني عز وجل بإلهامه المقدس بأنه تعالى هو الذات الكامل في جميع صفاته"... ثم ينتقد حضرته الثالوث قائلا: "إن هذا التصور أسوأ من إنكار وجوده عز وجل وفكرةٌ شنيعة إلى أقصى الحدود وأسوأ من جميع سيئات الإنسان". ثم يؤصِّل حضرته لطاعة هذه الحكومة فيقول: "ما دام الله تعالى قد أقام في هذا القوم حكومةً من أجل إدارة نظامنا المادي وأمورنا الدينية، وقد عهدنا منهم مِنَنًا لا يسهل أداء الشكر عليها، لذا نؤكد لحكومتنا الكريمة بأننا مخلصون وناصحون أمناء لها كما كان آباؤنا. ليس في أيدينا إلا الدعاء، فندعو الله تعالى أن ينقذ هذه الحكومة من كل شرٍّ، ويهزم أعداءها بالخزي والذلة. لقد أوجب الله تعالى علينا شكر هذه الحكومة المحسنة كشكره هو عز وجل. فإن لم نشكر هذه الحكومة المحسنة أو أسْرَرنا في نياتنا شرا فلم نشكر الله أيضا، لأن شكر الله وشكر حكومةٍ محسنة يعطيها الله عباده نعمةً من عنده شيء واحد ومرتبط ببعضه، وإنّ ترْكَ أحدِهما يستلزم ترك الثاني". ثم يضيف حضرته قائلا: "يسأل بعض الحمقى وقليلو الفهم: هل يجوز الجهاد ضد هذه الحكومة أم لا؟ فليكن واضحا أن سؤالهم هذا ينمّ عن حمق شديد، وإلا ما معنى الجهاد ضدّ مَن يجب شكره على مننه؟ أقول صدقا وحقا بأن خيانة المحسن وقاحةٌ وسوء باطن. فمذهبي الذي أؤكد عليه مرارا وتكرارا هو أن الإسلام جزءان. أولا: طاعة الله وثانيا طاعة السلطنة التي أقامت الأمن وهيّأت لنا تحت ظلها ملاذا من أيدي الظالمين، وتلك السلطنة هي الحكومة البريطانية. صحيح أننا نختلف مع الأقوام الأوروبية في الدين، ولا نبيح بحق الله تعالى أمورا يبيحونها، ولكن لا علاقة لتلك الأمور الدينية مع أمور الرعية والعلاقة مع الحكومة. إن الله تعالى يعلّمنا بصراحة تامة أن تشكروا وتطيعوا الملك الذي تعيشون في ظله بأمن وسلام. فلو تمرّدنا على الحكومة البريطانية فكأننا نتمرد على الإسلام وعلى الله وعلى الرسول. ففي هذه الحالة مَن يكون أسوأ منا خيانة لأننا نبذنا قانون الله والشريعةَ وراء ظهورنا. (شهادة القرآن) فهذا هو السياق.. إنه التأكيد على الحديث النبوي الشريف: "مَن لم يشكُرِ الناسَ لم يشكُرِ اللهَ"، وأحقُّ الناس بالشكر هو الحاكمُ العادل. وحيث إن الحكومة البريطانية في ذلك الوقت قد قضت على حكم السيخ الظلمة وأقامت العدل وساوت بين الرعية، فقد وجب شكرها. والذي يؤمن بهذا لا يمكن أن يُضمر الشرّ لها، ولا يمكن أن يتحدث بلسانين. أما استخدام المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام لتعبير إن للإسلام جزأين، فهو مؤسَّس على قوله تعالى {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة 113).. أي أن مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ للناس فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ؛ فالدين له ركنان، الاستسلام لله، والإحسان لخلق الله. ومع أنّ الآية عامة في ذِكرها لخلق اللهِ، إلا أن المرء يتحدث أحيانا عن فئة من خلق الله، فيطبّق عليها الآية، فالمسيح الموعود عليه السلام ينقض هنا فكرة وجوب قتال الإنجليز، ويطبق عليهم آية (وَهُوَ مُحْسِنٌ)، ويقول: إن الإحسان لهؤلاء هو الركن الثاني للدين. ومعنى هذا أن هؤلاء الإنجليز إنْ حاربوا المسلمين وظلموهم فيصبح الإحسان للمسلمين المظلومين هو الركن الثاني للدين، فيصبح قتال هؤلاء الإنجليز هو الركن الثاني للدين. لذا لا بد أن يُنظر في السياق. 3: شبهة أنّ انضمام الناس إلى الأحمدية عائد إلى الجهل والخواء الروحي والطمع في مكاسب دنيوية. الردّ: منذ نشأة جماعتنا فإنّ أطهار القلب هم أسرع الناس انضماما لها، وكذلك كبار المثقفين والعلماء، ويكفي أن نذكر أن أول من حصل على جائزة نوبل هو الأحمدي د. عبد السلام الذي نال هذه الجائزة في الفيزياء. وأما سيرة الأحمديين فهي ناصعة ومشرِّفة، وهذا معلوم للقاصي والداني، ومجرّد مشاهدة بعض برامج الحوار تُظهر حديث الآخرين عن الأحمديين في كل مكان. وأما المكاسب الدنيوية فمعلوم أن الأحمديين يتبرعون بنسبة كبيرة من دخلهم، فأين هذه المكاسب الدنيوية؟ فالتهمة كاذبة من كل الوجوه.
4: شبهة العلاقة مع اليهود: استدل المقال بأن للأحمديين مناطق في فلسطين المحتلة، وزعيم الكبابير محمد شريف سبق له أن أفطر مع شمعون بيريز.
الردّ: أما مناطق الأحمديين في فلسطين المحتلة فكل ما في الأمر هو مركز لها في قرية "الكبابير" (بحيفا) التي كانت قد دخلت كلها الأحمدية في وسط العشرينيات، وقد أقيم هذا المركز عام 1928م؛ أي قبل قيام كيان (دولة) إسرائيل بعشرين سنة! وعندما نشبت الحرب بين العرب والحركة الصهيونية سنة 1948م استسلمت الكبابير مع مدينة حيفا والمدن العربية الأخرى، ورأى أهلُها- الذين لم يتجاوز عددهم آنذاك بضع مئات- أن يظلوا في بيوتهم وعلى أرضهم، وأن لا يتركوا وطنهم ليصبحوا لاجئين في بلاد الغُربة. وهكذا فعل كثيرون غيرهم من أهل القرى والمدن العربية، وبقي داخلَ حدود كيان دولة إسرائيل حوالي مائتي ألف مسلم، واليوم يتجاوز عددهم المليون. ولكن اتخذ هؤلاء الظالمون من تمسك المسلمين الأحمديين بأرضهم وديارهم حجةً، فراحوا يتهموننا بالتآمر مع الصهيونية ضد الإسلام والمسلمين. فإذا كان التمسك بأرض الوطن جريمةً ومؤامرةً مع الصهاينة، فلماذا لا يعتبرون المسلمين العرب الآخرين المتمسكين هنالك بأرضهم وديارهم خونةً للإسلام وعملاءَ للصهاينة؟ أما القول إن زعيم الكبابير محمد شريف سبق له أن أفطر مع شمعون بيريز، فهذا ليس أكثر من زيارة روتينية شكلية لرئيس الدولة هناك، حيث يقوم بمثل هذه الزيارة لمختلف المناطق والمؤسسات بين الفينة والفينة. وأفراد الجماعة هناك شأنهم شأن أي مواطن في أي بلد في العالم؛ حيث إن المواطن ملزم باستقبال أي مسؤول. كما أن شمعون بيرز قد التقى عددا من الرؤساء العرب، ووقّع معاهدة مع الفلسطينيين، وظلّ يجتمع به الرئيس الفلسطيني الراحل والحالي، وغيره من المسؤولين، فلماذا تكيلون بمكيالين؟
والسلام عليكم
هاني طاهر، المكتب العربي في الجماعة الإسلامية الأحمدية لندن، 15-3-2013
0 comments :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.