هل يحق لغير المسلمين استخدام المصطلحات القرآنية
يعمد المشايخ في بعض الدول الإسلامية إلى تصرفات شاذة عن تعاليم الإسلام الحنيف، ومن هذه التصرفات منعهم غير المسلمين من استخدام مصطلحات وعبارات وتحايا المسلمين ويطالبون حكومات بلدانهم بمعاقبة كل من يستخدمها من غير المسلمين لإنها حكر للمسلم حصرا. في ما يلي بعض الأدلة من القرآن الكريم لتفنيد هذه المزاعم الشريرة التي يطلقها مشايخ آخر الزمان.
ترى هل يُسمح للنصارى واليهود وغيرهم على الأقل استخدام العبارات التالية:
١- الله
يقول تعالى :
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
[الجزء: ٢١ لقمان (٣١) الآية: ٢٦]
ومنه قوله تعالى :
وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
[الجزء: ٩ الأنفال (٨) الآية: ٣٣]
فها أن الكافرين يستخدمون لفظ الجلالة الله واللّهُمّ !
فماذا كان موقف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم من استخدامهم لفظ اسم الجلالة ؟ كان رد فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مغايرا تماما لما يقوم به المشايخ المعاصرون، فقد حَمَدَ الله تعالى على قولهم هذا شاكراً لله تعالى على استخدامهم لفظ حمد الله ﷻ. ذلك يدل على أن مشايخ الفتن اليوم الذين يمنعون غير المسلمين من استخدام لفظ الجلالة إنما هم يسيرون ويسلكون عكس القرآن الكريم وبيانه ويخالفونه كل المخالفة.
٢- إنْ شاءَ الله
يقول تعالى :
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ
[الجزء: ١ البقرة (٢) الآية: ٧١]
فلفظ إنْ شاءَ الله ورد في القرآن الكريم على لسان اليهود بل والمنافقين منهم !
٣- ماشاء الله ... لا قوة إلا بالله
يقول تعالى :
وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ
[الجزء: ١٥ الكهف (١٨) الآية: ٤٠]
ورد عن أئمة المفسرين أن الرجلين في الآية كانا من اليهود، يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره للآية:
"كانا أخوين في بني إسرائيل، أحدهما مؤمن اسمه (تمليخا) وقيل: (يهوذا)، والآخر كافر اسمه (نطروس) وهما المذكوران في سورة الصافات {قال قائل منهم إني كان لي قرين * يقول أئنك لمن المصدقين} الآية).".
٤- مسجد
يقول تعالى :
وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا
[الجزء: ١٥ الكهف (١٨) الآية: ٢٢]
لا يختلف إثنان أن المقصودين هنا كانوا قبل الإسلام، فهل أخطأ الله والعياذ بالله عند إطلاق لفظ مسجد على معبد أو مصلّى غير المسلمين ؟
بل إن الله تعالى سمّى مصلّى المنافقين الكافرين مسجدا. يقول تعالى :
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
[الجزء: ١١ التوبة (٩) الآية: ١٠٨]
٥- آمنا بالله
يقول تعالى :
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ
[الجزء: ١ البقرة (٢) الآية: ٩]
فرغم أنهم منافقون ألا أن من حقهم ادّعاء الإيمان بالله ولم يذكر الله أي عقوبة عليهم بسبب قولهم آمنا بالله.
يقول عز من قال :
وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
[الجزء: ٢١ العنكبوت (٢٩) الآية: ٤٧]
إن الله تعالى هو رب المسلمين وغير المسلمين وهو رب العالمين تبارك وتعالى، فهل نمنع غير المسلمين من الإيمان بالله أم نشجعهم عَلَيْهِ ؟
٦- رسول الله
يقول تعالى:
إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله
يقول ابن كثير :
"أي إنما يقولون ذلك إذا جاءوك فقط لا في نفس الأمر، وليس الأمر كذلك، كما كذبهم اللّه في شهادتهم بقوله: {والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} وفي اعتقادهم بقوله: {وما هم بمؤمنين}.". أهـ
٧- السَلامُ عَلَيْكُم
يقول تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرً
[الجزء: ٥ النساء (٤) الآية: ٩٥]
فالله تعالى ينهانا عن تكفير من ألقى علينا تحية "السَلام عَلَيْكُم" مهما كانت خلفيته، بل أن سياق الآية يتحدث عن الحرب ! فما بالك بمنعه من قول ذلك ومعاقبته ؟
أما تعليم القرآن الكريم للمسلمين هو في إفشاء السَلام فيمن عرفنا ومن لم نعرف. يقول تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
[الجزء: ١٨ النور (٢٤) الآية: ٢٧]
فحسب التعليم القرآني على المسلم أن يقبل تحية السَلام من غيره وإن كان من أهل الخصام بل ويسلم على غيره عرفه أم جهله.
٨- أخي
يقول تعالى :
وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ
[الجزء: ٢٠ العنكبوت (٢٩) الآية: ٣٨-٣٧]
لقد استخدم الله تعالى وصف 'الأخ' عند الحديث عن الكافرين، فهل يجرؤ المشايخ على اعتبار المسلمين الأحمديين بل وغير المسلمين إخوتهم ؟
القائمة طويلة وقد لا تنتهي بهذه العجالة، ولكن القصد من كل ذلك هو أن تعاليم الإسلام تسمح بل تشجع الناس مهما اختلفت انتماءاتهم وأديانهم على استخدام المصطلحات الإسلامية وذلك لأن القرآن الكريم عربي ونفتخر أن غير المسلم يلجأ إلى استخدام عبارات القرآن المجيد العربية في إيمانه وفي ذلك دلالة على جمال وعظمة كتاب الله العزيز. إذا كان استخدام لفظ الجلالة وبعض العبارات الإسلامية الأساسية جائز حسب النص القرآني، فهل يُمنَع ما دون ذلك ؟
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
مسلم لله
0 comments :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.