معنى الشفاعة
فيما يلي عدد من أقوال المسيح الموعود عليه السلام حول الشفاعة:
"لا يمكن الشفاعة إلا بإذن الله. ومعنى الشفاعة حسب القرآن الكريم هو أن يدعو الإنسان لأخيه حتى تتحقق بُغيته أو تزول مشكلته. فالقرآنُ الكريم يأمر أن الذي يكون خاضعا لله تعالى أكثر يجب أن يدعو لأخيه الضعيف حتى ينال هو الآخر أيضا المنـزلةَ نفسها. هذه هي حقيقة الشفاعة". (نسيم الدعوة، الخزائن الروحانية،ج19، ص463)
"لا يمكن أن يكون أحد شفيع الآخرة إلا الذي يكون قد أرى نموذجا للشفاعة في الدنيا أيضا. فكان من المفروض لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يقدم أسوة للشفاعة في الدنيا أيضا حتى لا يأخذها الناس مأخذ الوعود الفارغة فحسب، فيظنوا أنهم يوعدون وعودا معسولة فقط. وعندما ننظر إلى موسى عليه السلام من هذا المنطلق يتبيَّن أنه أيضا شفيع، إذ أزال بدعائه العذابَ مرارًا، والتوراة شاهدة على هذا. وكذلك عندما ننظر إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يتأكد كونه شفيعًا كأجلى البديهات؟ ونرى نماذج استجابة دعوات النبي صلى الله عليه وسلم بأم أعيننا في هذه الدنيا. كان من تأثير شفاعته وحدها أنه جعل الصحابة البسطاء يعتلون العرش. والذي يستطيع أن يجعل الناس في الدنيا يجلسون على العرش ويهيّئ لهم الكرسي بدعائه، هل يبقى من شك في استجابة دعائه يوم القيامة؟ الأمر الذي وعده الله تعالى إياه.....
وكان من تأثير شفاعته صلى الله عليه وسلم وحدها أن هؤلاء القوم - رغم عيشهم في الوثنية والشرك - أصبحوا موحِّدين لم يسبق لهم نظير في زمن من الأزمنة. كذلك من تأثير شفاعته صلى الله عليه وسلم وحدها أن أتباعه لا يزالون يتلقون وحيًا صادقا من الله تعالى حتى الآن. ولكن أنَّى وأين تتحقق كل هذه الأمور في المسيح ابن مريم". (جريدة الحَكَم، مجلد 5، عدد 2، بتاريخ 17 يناير/ كانون الثاني 1901، ص 3)
"إن زوال المصيبة أو قلة المعاصي والذنوب من جراء دعاء الإنسان وعنايته، كل هذا يندرج تحت الشفاعة. إن عناية المأمور تؤثّر في الجميع، وإن كان لا يتذكر حتى أسماء المنتمين إليه وعناوينهم". (جريدة "الحَكَم" مجلد6 عدد 11 بتاريخ 24 مارس 1902 ص 6)
"كيف تحُثُّ الشفاعة على الأعمال الحسنة؟ جوابه يوجد في القرآن الكريم حيث يؤكد أنها لا تحمل صبغة الفداء والكَفَّارة التي يعتقد بها المسيحيون - إذ لم يتم الحصر على الشفاعة، لأن هذا الحصر يؤدي إلى التكاسل والفتور". (جريدة "الحَكَم" مجلد7، عدد 9، بتاريخ 10 مارس 1903، ص2)
فيما يلي بعض ما جاء في التفسير الكبير من أقوال حول الشفاعة:
(وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون) (الأنعام: 52). وكذلك قال في موضع آخر (وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت، ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل ولا يؤخذ منها) (الأنعام: 71).
يتبين من هذه الآيات أن الذين يتخذون الله في هذه الدنيا وليا وشفيعا لهم، هم الذين ينالون حق الشفاعة يوم القيامة، أما من سواهم فلن يكون لهم هذا الحق ولن يُشفع لهم أبدا. ووُصف الله هنا بالشفيع لأنه بدون إذنه لا يمكن أن يشفع أحد، فهو الشفيع الحقيقي. قال الله تعالى (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) (طه: 110). فثبت بذلك أن الشفاعة يوم القيامة من أحد لا تتم إلا بإذن من الله تعالى. والذين يتخذون الله شفيعا يُعطَون حق الشفاعة، ولكن غيرهم لا يعطون هذا الحق. وقال الله في موضع آخر (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون) (الأنبياء: 29). وقال أيضا في الآية القادمة (منذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)
صحيح أنه يتبين من الأحاديث أن النبي والأنبياء السابقين عليهم السلام، بل وبعضا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم سوف يشفعون يوم القيامة (ابن ماجة، الزهد). ولكن هذه الأحاديث تعني أن شفاعة أفراد من الأمة المحمدية تكون شفاعة ظلية لشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم .. لأن الشفاعة الحقيقية هي شفاعته. فهؤلاء يشفعون إلى محمد، وهو يشفع لأجلهم عند الله تعالى. وقد بين الإمام المهدي مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عليه السلام هذه العقيدة فقال: ليس لبني آدم الآن على وجه الأرض أي رسول ولا شفيع إلا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم . فحاولوا أنتم أن تُحِبوا هذا النبي ذا الجاه والجلال حبا صادقا، ولا تفضلوا عليه أحدا بأي نوع من الفضيلة، لكي تُكتبوا في السماء من الناجين (سفينة نوح، ص15).
فما لم يصل الإنسانُ نفسَه بالله تعالى ورسوله، وما لم يتخذهما شفيعا لن تتيسر له أية شفاعة. ثم قال (والكافرون هم الظالمون).. أي إننا لم نظلم الكفار، ولكنهم هم الظالمون لأنفسهم.
وجاء في التفسير الكبير أيضا:
فالشفاعة ليست للآثمين العصاة، بل لها قوانين وشروط. أولها أن يكون المرء مثيلاً للشافع، وإلا فلن يشفع له.
وثانيها أن يكون الله تعالى راضيًا عنه، لأنه تعالى يقول { ولا يشفَعون إلا لمن ارتضى } (الأنبياء: 29).. أي لكي يستحق المرء الشفاعة لا بد أن يكون الله تعالى راضيًا عنه.
وثالثها أن يأذن الله لشفاعته لقوله تعالى { ما من شفيع إلا من بعد إذنه } (يونس: 4).
وورد أيضا:
من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه .. أي لا شك أنه تعالى يستجيب الدعاء، ولكن لا يظنن أحد أن بوسعه أن يفرض رأيه على الله تعالى. إذا سمح الله بنفسه لأحد بالشفاعة لغيره فيمكنه أن يسأل الله تعالى شيئًا وإلا فلا.
وقوله تعالى (لا تنفعها شفاعة) لا يعني هنا أن هناك شفاعة تتم في حقهم ولكنها لا تُقبل، وإنما المراد أنه لن يتشفع أحد في حقهم بدون إذن.. لأن الشفاعة لا تكون إلا بإذن..منذا يشفع عند الله بدون إذنه؟ فما دام الله لن يأذن لأحد فيشفع لهم.. فلن تتم أي شفاعة، وإذن لن يستفيدوا من باب الرحمة هذه.
وبقوله تعالى (ولا تنفعها شفاعة) قد لام اليهود وأخجلهم قائلا: بأي وجه ترجون شفاعة أنبيائكم في حقكم؟ هل أطعتم موسى وسليمان وعيسى وغيرهم من الأنبياء؟ لقد رفضتم الجميع وخالفتم كل واحد، واليوم تقولون لمحمد إنه ليس منا ولذلك لن نصدقه. السؤال: من هو ذلك النبي الذي لم تعارضوه؟ لقد خاصمتم كل نبي، وكذبتم كل رسول؛ وما دام التكذيب دأبكم فمنذا الذي يشفع لكم؟ هل هو موسى.. الذي قلتم له (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) (المائدة:25)؟ أم سليمان.. الذي كفرتموه ونسبتم إليه الشرك؟ أم عيسى الذي اعتبرتموه ملعونا؟ منذا الذي ترجون في شفاعته؟
وللعلم، إن الشفاعة إذا تمت في حق أحد نال نجاة كاملة ودخل الجنة، ولكن الأعمال تنفع الإنسان جزئيا.. أي تنفع فقط أعماله الصالحة. فالله تعالى يقول: لن ينتفعوا نفعا قليلا.. حيث لا أعمال صالحة لهم، ولا نفعا كاملا بالشفاعة.
منقول
0 comments :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.