الَّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا ( المريمية )
{ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ * وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا في الْجَنَّةِ وَنَجِّني مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّني مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِطِينَ}
في هذه الآيات الكريمة شبه الله سبحانه وتعالى الكافرين بامرأتين هما امرأة نوح وامرأة لوط، وشبه المؤمنين أيضا بامرأتين هما امرأة فرعون ومريم بنت عمران. فإذا قام أحد أعداء الإسلام وزعم أن الكافرين قد تحولوا إلى نساء مثل امرأة نوح وامرأة لوط، وأن جميع المؤمنين أيضا قد تحولوا إلى نساء مثل امرأة فرعون ومريم بنت عمران، فلا يسعنا إلاّ أن نعجب لغباوته وسفاهة عقله.
لقد ذكر مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية تعليقا على هذه الآيات الكريمة فقال:" ... إن الآية المشار إليها لترمي إلى أنه سيكون في هذه الأمة رجل يُعطَى أولا درجة مريم الصدّيقة، ثم يُنفَخُ فيه روح عيسى، فإذا مريم ينبثق منها عيسى، أي أنه ينتقل الرجل من صفاته المريمية إلى صفاته العيسوية ... لقد سمّاني الله بروح الصدق في خطابه، وهو معنى مترادف لمفهوم الآية: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا}، فكان نفخ الروح العيسوي في بطن مريم من قبيل الاستعارة ... " (الخزائن الروحانية: ج19 - كتاب: سفينة نوح "التعليم" ص63)
والرجاء من القارئ الكريم أن يأخذ بعين الاعتبار الكلمات التي وردت في العبارة آنفة الذكر، قوله: رجل يُعطَى أولا درجة مريم الصدّيقة، وقوله: ينتقل الرجل من صفاته المريمية إلى صفاته العيسوية، ولعله يدرك أن هذه الكلمات ليست إلاّ من قبيل الاستعارة. وليس المقصود بها بتاتا أن رجلا سوف يتحول ويصبح امرأة مثل مريم وينال درجتها ثم يتحول من الحالة النسائية إلى حالة الرجولة ويصير عيسى بشخصه ودمه ولحمه. والغريب في الأمر أن الكثيرين من معارضي الأحمدية يُصرون على هذا الفهم السقيم مهما شرحنا وأوضحنا لهم، فيبدو أن هذه هي قدراتهم على فهم الأساليب المجازية فكان الله في عونهم وعون من يستمع لهم.ولقد قال تعالى في سورة الأحزاب:
{النَّبي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتِهِمْ} (الأحزاب33: 7)
ومن المعروف أن لفظ "الأم" يُطلق على المرأة التي تُنجب إبنا أو إبنة، وهي بعد الولادة تصبح أُمّا، فهل من المعقول أن يُصرّ بعض أعداء الإسلام على التفسير الحرفي الظاهري لهذه الآية الكريمة ويرفض التفسير المجازي، اللهم إلاّ إذا كان من الجهلاء والسفهاء؟وماذا يمكن أن نقول عن معارضي الجماعة الإسلامية الأحمدية الذين يُصرّون على التفسير الحرفي الظاهري لما كتب سيدنا أحمد عليه السلام في كتابه "التعليم" عن الحصول على الصفات المريمية والعيسوية؟ إن الإنسان العاقل الذي لم يضع التعصب المقيب عماية على بصيرته .. يرى بكل وضوح أن زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكنّ في حقيقة الأمر أمّهات للمؤمنين بالمعنى الحرفي ولكنهن كن في مقام ومنزلة أمهاتهم، وهن في حقيقة الأمر أمهات من الناحية الروحانية. فالأم الروحانية تختلف عن الأم الجسمانية، والإبن الروحاني يختلف عن الإبن الجسماني، وكذلك النفخ الروحاني يختلف عن النفخ في بالونة، والحمل الروحاني يختلف عن حمل الجنين أو حمل الأشياء المادية.
والغريب في الأمر أن هناك الكثير من التعبيرات المشابهة، وكلها يفهما الناس على أنها تعبيرات مجازية، ولكن حين يتعلق الأمر بتعبيرات مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية .. يُصر الناس على فهمها حرفيا. هناك مثلا حديث لسيدنا محمد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قال فيه:
"من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (صحيح البخاري: كتاب الحج)
ولا يفهم أحد هذا الحديث بالمعنى الحرفي بتاتا، ولا يُطالب أحد المسلمين بأن يبرهنوا على صدق رسولهم ويُقدموا للعالم رجلا أدى فريضة الحج ولم يرفث ولم يفسق ثم رجع طفلا رضيعا كيوم ولدته أمه. وإنما يفهم الجميع .. حتى أعداء الإسلام .. أن هذه الولادة هي ولادة روحانية، وأن الحاج الذي لم يرفث ولم يفسق كأنه يولد من جديد، فلا تُذكر كل خطاياه التي ارتكبها منذ ولادته الجسمانية. فما بال أعداء الإسلام يفهمون ومعارضو الأحمدية لا يفهمون؟ إن هذا لشيء عُجاب!
{أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا} النفخ هو الاستنتساخ لأن جميع عمليات الاستنساخ الذي حدثت كلها مشابهة.. الطفل مشابه لأمه.
0 comments :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.