وفاة عيسى بن مريم عليه السلام |
"دعوا عيسى عليه السلام يَمُتْ ليحيا الإسلام" |
"أَلِرسولِنا الموتُ والحياةُ لِعيسى؟" |
بعض الأدلة على وفاة عيسى عليه السلام من القرآن الكريم |
بعض الأدلة على وفاة عيسى عليه السلام من الحديث الشريف |
وما قتلوه وما صلبوه وما رفع حيا بجسده إلى السماء.. بل هاجر كما هي سنة الأنبياء |
أقوال السلف من العلماء |
أقوال بعض العلماء المعاصرين |
المراد من نـزول عيسى ابن مريم عليه السلام |
انتظروا.. إنا معكم منتظرون |
"دعوا عيسى عليه السلام يَمُتْ ليحيا الإسلام" |
من أغرب العقائد التي راجت بين عامة المسلمين، وأكثرها إساءة للإسلام ولرسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي عقيدة حياة عيسى بن مريم عليه السلام في السماء. فلقد تسربت هذه العقيدة من المسيحية إلى الإسلام ولاقت رواجا، بسبب خطأ استنتاجي آخر وقع فيه بعض العلماء.
إن ثبوت نـزول عيسى في آخر الزمان من الأحاديث الشريفة سوغ هذه العقيدة وبررها. فكان تصورهم صعودَه إلى السماء وحياته فيها فرعًا لتصورهم معنى خاطئًا للنـزول. وبخلاف ثبوت مسألة النـزول، فإن الصعود واستمرار الحياة في السماء لا دليل عليهما لا من القرآن الكريم ولا من الحديث الشريف مطلقا. وقد ظن بعض العلماء أنهم بتمسكهم بحياة المسيح عليه السلام في السماء يدافعون عن الإسلام وعن الحديث الشريف ومصداقيته، ويفتحون المجال لنـزول المسيح عليه السلام في آخر الزمان. ولكنهم في حقيقة الأمر قد نحتوا هذا الفهم من عند أنفسهم، وأدى هذا الفهم إلى نتيجة عكسية أصبحت خطرا على الإسلام. ولقد بقي تأثير هذا الخطأ على المسلمين محدودا، حتى جاء وقت غلبة النصارى وانتشار المسيحية تحت ظل الاستعمار الغربي. فكانت حياة عيسى عليه السلام ورفعه إلى السماء هما السلاح الأقوى بيد هؤلاء القساوسة الذين بدأوا بنشر المسيحية. وقد نجحوا في بداية الأمر في استقطاب عدد كبير من الجهلة من المسلمين في الهند خاصة وفي غيرها من البلاد، بإثارة شبهات بالادعاء بأفضلية عيسى عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وكونه إلها حيًّا في السماء، لأنه ليس للبشر أن يعيش في السماء أو أن يخلق أو أن يحيي الموتى! وعندها تحول هذا الخطأ إلى أفعى تريد التهام الإسلام. يقول حضرة المؤسس عليه السلام في هذا الأمر ما تعريبه: "إن قضية حياة عيسى كانت في الأوائل بمثابة خطأ فحسب، أما اليوم فقد تحول هذا الخطأ إلى أفعى تريد ابتلاع الإسلام... فمنذ أن تمَّ خروج المسيحية واعتبرالمسيحيون حياة المسيح دليلاً كبيرًا وقويًّا على ألوهيته، قد أصبح الأمر خطيرا. إنهم يقدمون هذا الأمر بكل شدة وتكرار محتجين بأنه لو لم يكن المسيح إلهًا فكيف صعد وجلس على العرش، وإذا كان بإمكان بشر أن يصعد إلى السماء حيًّا فلماذا لم يصعد إلى السماء أحد من البشر منذ آدم إلى اليوم... إن الإسلام اليوم في ضعف وانحطاط،، وإن قضية حياة المسيح هي السلاح الذي حملته المسيحية للهجوم على الإسلام، وبسببها أصبحت ذرية المسلمين صيدًا للمسيحية ... فأراد الله تعالى الآن تنبيه المسلمين لذلك."
(الملفوظات ج 8 ص 337 و345)
لقد أوحى الله تعالى إلى حضرة المؤسس عليه السلام أن عيسى عليه السلام ليس بحيّ، بل مات كغيره من الرسل. فألف عددا من الكتب تناول فيها هذا الموضوع بشكل مفصّل، وساق عشرات الأدلة على وفاة المسيح من القرآن الكريم والحديث الشريف. كما دعا الأمة إلى التخلي عن هذه العقيدة الباطلة دفاعا عن الإسلام ومقام النبي صلى الله عليه وسلم ولكي لا يجعلوا للنصارى عليهم سبيلا. وكثيرا ما كان يقول حضرته مخاطبا المسلمين: "دعوا المسيح عليه السلام يمت ليحيا الإسلام"، كما كان يقول أيضا "والله لا يجتمع حياة هذا الدين وحياة المسيح بن مريم عليه السلام". حيث لخص بهاتين الجملتين الخطر المحدق بالإسلام من جراء تلك العقيدة الفاسدة. |
"أَلِرسولِنا الموتُ والحياةُ لِعيسى؟" |
وكما قلنا، فإن مبعث هذه العقيدة ومردَّها هو الفهم الخاطئ لمسألة نـزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان. فتمسَّك البعض بعقيدة الصعود والحياة لأنه يظن أنها السبيل الوحيدة التي من خلالها سيصبح النـزول ممكنا. وكثيرا ما بين حضرته عليه السلام بطلان هذا التصور، كما بيّن المقصودمن هذا النـزول وكيفية تحققه. يقول حضرته عليه السلام في هذا الشأن ما نصّه:
"أيها الناسُ! اذْكُروا شأنَ المصطفى.. عليه سلامُ ربِّ السماواتِ العُلى.. واقرأوا كُتبَ المتنصّرين، وانظُروا صَولتَهم على عِرْضِ سيدِ الوَرى. فلا تُطرُوا ابنَ مريمَ، ولا تُعينوا النصارى يا وُلْدَ المسلمين. أَلِرسولِنا الموتُ والحياةُ لِعيسى؟ تلك إذًا قِسمةٌ ضِيزَى! ما لكم لا تَرجُون وَقارًا لسيّدِ السيّـدِين؟ أتجادِلونني بأحاديثَ ورَد فيها أن المسيحَ سينـزل، وتنسَون أحاديثَ أُخرى، وتأخُذون شِقًّا وتترُكون شِقًّا آخَر، وتـذَرون طريقَ المحقِّقين؟ ولا يغُـرَّنّكم اسمُ "ابن مريم" في أقوالِ خيرِ الوَرى، إنْ هو إلا فتنةٌ من الله ليعلَمَ المصيبين منكم وليعلَمَ المخطِئين، ولِيجزِيَ اللهُ الصابرين الظانّين بأنفسهم ظنَّ الخيرِ، ويجعَلَ الرجسَ على المعتدين. وقد خَلَتْ سُنَـنُه كمثلِ هذا، فَلْيتفتَّشْ مَن كان من المتفتشين. لقد كان في إيليا وقصةِ نـزولِه نظيرٌ شافٍ للطالبين. فاقْرَؤوا الإنجيلَ وتَدبَّروا في آياته بنظرٍ عميقٍ أمينٍ. إذ قالت اليهودُ: يا عيسى.. كيف تزعُـم أنك أنت المسيحُ.. وقد وجَب أن يأتيَ إيليا قبلَه كما ورد في صُحُفِ النبيّين؟ قال: قد جاءكم إيليا فلم تَعرِفوه، وأشارَ إلى يحيى وقال: هذا هو إيليا إن كنتم موقِنين. قالوا: إنك أنت مفتَرٍ.. أَتَنحِتُ معنىً منكَرًا؟ ما سمِعنا بهذا في آبائنا الأولين. قال: يا قوم.. ما افْترَيتُ على الله، لكنكم لا تفقَهون أسرارَ كُتُبِ المرسَلين. تلك قضيةٌ قضاها عيسى نبيُّ الله، وفي ذلك عبرةٌ للمسلمين. ما كان نـزولُ بَشَرٍ من السماء مِن سُـنَنِ الله، وإنْ كان فَأْتُوا بنظيرٍ مِن قرونٍ خالية إن كنتم من المهتدين."
(مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج5 ص379- 381)
ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ومن الملفت للنظر أن تشكل وفاة المسيح عيسى بن مريم عليه السلام أول إجماع للصحابة رضوان الله عليهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. فإن حادثة وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم تبين أن الصحابة قد ذهلوا لوفاته صلى الله عليه وسلم واضطربوا اضطرابًا شديدًا، فوقف سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وخطب فيهم معلنا وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مستدلا بالآية الكريمة:
(آل عمران 145)
فأقر جميع الصحابة بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كما أقروا بوفاة كل من كان قبله من الأنبياء دون استثناء. وليس هذا فحسب، بل إنهم من خلال هذا الإعلان قد أقروا ضمنيًّا بوفاة المسيح عليه السلام خاصة. فقد فسّروا الآية السابقة على أنها إعلان وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، والحق أن لا فرق بينها وبين الآية الكريمة التالية في الألفاظ والكلمات، حيث يقول تعالى:
(المائدة 76)
فأنّى لأحد أن يفهم الآية بشكل مخالف! فهل هنالك ما هو أكثر بيانا من هذا؟ ولم يقتصر إعلان وفاة عيسى عليه السلام على هاتين الآيتين، بل كرره الله تعالى في عدة مواضع. إن القرآن الكريم لم يتكلم عن وفاة نبي أكثر مما تكلم عن وفاة عيسى عليه السلام درءًا للمخاطر التي سيتعرض لها المسلمون جراء عقيدة استمرار حياته في السماء حتى نـزوله آخر الزمان. |
بعض الأدلة على وفاة عيسى عليه السلام من القرآن الكريم |
(المائدة 118)
أي لا علم لـه بما حصل بعد موته منْ تأليههم لـه. ولو فرضنا أن عيسى عليه السلام سيُبعث من جديد فستكون إجابتـه غير صحيحة؛ إذ إنـه سيعلم لدى عودته إلى الدنيا ما أحدث قومه بعده، وسيكون عليهم رقيبًا فترة من الزمن. فكيف يمكن أن يجيب ربه عز وجل بهذا الجواب يوم القيامة؟ وقد استدل رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بـهذه الآية على الموضوع نفسه، في سياق أخبار يوم القيامة، فقال: "... يؤخذ بـرجال منْ أصحابي ذات اليمين وذات الشمال، فأقول أصحابي؟ فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابـهم منذ فارقتـهم، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى ابن مريم: ( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.. إلى قوله: العزيز الحكيم). قال محمد بن يوسف: ذُكر عن أبي عبد الله عن قبيصة قال: هم المرتدون الذين ارتدوا على عهد أبي بكر فقاتلـهم أبو بكر رضي الله عنه."
(صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذتْ من أهلها)
كذلك فإن التوفي إذا كان من باب التفعل وكان المتوفِّي هو الله تعالى أو ملائكته، والمتوفَّى هو من ذوي الأرواح، ولم يكن هنالك من قرينة تصرف المعنى من الحقيقة إلى المجاز-كالليل والنوم مثلا، حيث يشبه خلالهما النوم بالموت على وجه المجاز- فلا يكون المعنى سوى الموت وقبض الروح. ونجد هذا هو المعنى الوارد في قواميس اللغة بكل وضوح. علاوة على ذلك فقد ورد التوفي بهذه الصورة في القرآن الكريم كثيرا، ولم يكن معناه إلا الموت. ومن العجيب أن التوفي أيضا دارج على ألسنة العامة في وصف الموت، بحيث إن العامة لا يفهمون من التوفي غير الموت مطلقا.
(آل عمران 55-56)
إن هذه الآية الكريمة تبين الخطة التي قرر الله تعالى بها أن ينصر نبيه عيسى عليه السلام ويمنع عنه الأذى في حياته وبعد مماته. فقد توعّد اليهودُ المسيح بالقتل والصلب، ومكروا من أجل ذلك، وذهبوا إلى الحاكم الروماني يحضّونه على أن يحاكمه بتهمة التمرد والعصيان على الدولة. وأرادوا أيضا من هذه الخطة أن يصموه بالكذب واللعنة لأن التوراة تصف من يُصلب على خشبة بأنه ملعون.
(التثنيه 23:21)
فتضمنت هذه الآية البشارة من الله تعالى للمسيح عليه السلام بأنهم لن يقتلوك ولن يصلبوك، وإنما أعدك بأني سأتوفاك وفاة طبيعية كسائر البشر، وأنني من خلال ذلك سأبطل كيدهم، وسأرفعك وأُبعد عنك اللعنة التي تصوروها والتي أرادوا أن يصموك بها. كما أنني سأجعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة. ومَن أوفى بعهده من الله تعالى؟ لقد تحقق هذا النبأ، وبيّن القرآن الكريم ذلك، حيث قال الله تعالى:
(النساء: 158-159)
أي أن اليهود يدّعون بأنهم قد قتلوا المسيح صلبا، ولكن ما قتلوه وما صلبوه وإنما خُيّل لهم ذلك. وهذا لأن الظروف التي حصل فيها تعليقه على الصليب لم يتسنَّ لهم فيها أن يعلموا إن كان قد قُتل حقيقة على الصليب أم لا. والذي حدث أنه لم يقتل ولم يمت مصلوبا في ذلك الوقت، ولكن الله تعالى قد هيأله الخطة التي تضمنتها الآية السابقة. وأنه بعد ذلك بوقت طويل قد تُوفي وتَحققَ رفعه مكانة أو قربا من الله على عكس ما أراد اليهود، وتحققت باقي الأنباء المتعلقة بغلبة أتباعه على اليهود.
(النحل 21-22)
ولا شك أن أكثر مَن دُعي إلها من دون الله كان المسيح عليه السلام. كما أن هذه الدعوى هي التي ما زالت حية وما زال من يحملونها يحاولون نشرها ونشر الشرك من خلالها. فهذه الآية تعلن إعلانا صريحا عن موت المسيح وغيره ممن دُعوا آلهة من دون الله دون استثناء، فكيف بأهمهم وأكثرهم شهرة؟
(مريم: 34)
فلو كان هنالك حدث آخر، كالرفع إلى السماء مثلا، لكان أولى أن يذكر هنا بكل وضوح لأنه يوم سلام خاص تفرّد به المسيح عن غيره من الأنبياء، بل عن البشر أجمعين. علاوة على ذلك يذكر القرآن الكريم في نفس السورة كلاما مماثلا عن يحيى عليه السلام، حيث يقول الله تعالى:
(مريم: 16)
فلو كان هنالك فرق في المفاصل الرئيسة لحياتهما عليهما السلام، فهل يذكرهما القرآن الكريم بنفس الصيغة؟ |
بعض الأدلة على وفاة عيسى عليه السلام من الحديث الشريف |
من الأدلة على وفاة عيسى عليه السلام من الحديث الشريف نورد ما يلي:
|
وما قتلوه وما صلبوه وما رفع حيا بجسده إلى السماء.. بل هاجر كما هي سنة الأنبياء |
وأما القول بأن عيسى عليه السلام رُفع إلى السماء حيًّا، وسينـزل من السماء بجسده المادي في آخر الزمان مع الملائكة بكل قوة، ويغلب الناس، فهو في الحقيقة تصور باطل مأخوذ من عقيدة النصارى وليس بثابت من القرآن المجيد. فما رُفع عيسى ابن مريم إلى السماء حيًّا بجسده، وماأُلقِيَ شَبَهُه على أحد. بل علِّق على الصليب ولكنه لم يمت عليه، وأُوذِي كما أُوذي جميع الأنبياء. وقد تحمَّل عيسى ابن مريم عليه السلام الأذى لبضع ساعات لما عُلق على الصليب، ولما أُنـزل عنه كان في حالة الإغماء الشديد حتى خُيّل لهم أنه مات كما جاء في القرآن المجيد:
... ولكن شُبّه لهم...(النساء 158).. أي شُبِّه الأمر بالقتل والصلب أو شُبِّه المسيح المغمى عليه بالقتيل، ولكنه في الحقيقة كان في حالة إغماء كما أقر سبحانه وتعالى ذلك في قوله: (... وما قتلوه وما صلبوه...) لقد رُفِع عيسى ابن مريم عليه السلام بنفس الطريقة التي رُفع بها الأنبياء الآخرون. فقد قال الله عز وجل في شأن إدريس عليه السلام (ورفعناه مكانًا عليا )(مريم: 58) ونفس المعنى لرفع عيسى عليه السلام في الآية الكريمة: ... إني متوفيك ورافعك إلي...(آل عمران: 56) إذ لا يمكن أن يكون الله محدودًا في السماء حتى يُعتقد بأنه رَفَعَ عيسى إليه في السماء. فليس هنالك ذكر للفظ السماء في الآية. وما تدل عليه هذه العبارة هو أن الله سوف يُفشل خطة اليهود بقتل عيسى عليه السلام على الصليب ليثبتوا أنه (والعياذ بالله) ملعون من الله، وسوف يَرفع درجته ويجعله من المقربين. وقد رُفعت روحه كما رُفعت أرواح الأنبياء الآخرين. وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج في الموتى مع يحيى عليه السلام.
(انظر صحيح البخاري، كتاب الأنبياء)
وبعد واقعة الصليب هاجر عيسى ابن مريم عليه السلام من فلسطين إلى البلاد الشرقية (في العراق، إيران، أفغانستان، وكشمير) حيث كانت تسكن معظم القبائل الإسرائيلية المشرّدة التي قال عنها المسيح: "ولي خِرافٌ أُخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضًا، فتسمع صوتي، وتكون رعيةٌ واحدة وراعٍ واحد."
(يوحنا 10: 16)
وبما أنه كان رسولاً إلى بني إسرائيل حسب نص القرآن الكريم فقد صدَّقه قومه حين وصل إليهم مهاجرًا، وأعطاه الله العزة في الدنيا أيضًا طِبق وعده في القرآن المجيد:
(آل عمران: 46)
وعاش وِفق القانون العام لجميع بني آدم كما قال الله تعالى:
(البقرة: 37)
(المؤمنون:51)
وقد ذكر لنا سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم عمر عيسى ابن مريم عليه السلام فقال: "إن عيسى ابن مريم عاش عشرين ومائة، وإني لا أراني إلا ذاهباً على رأس الستين."
(كنـز العمال للمتقي الهندي رقم الحديث 32262)
كذلك فإن القرآن المجيد لا يسمح لأحد أن يصعد إلى السماوات بجسده ثم ينـزل منها. فمن المعلوم أن الكفار طالبوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يرقى في السماء وينـزل عليهم كتاباً يقرؤونه دليلا على أنه صعد إلى السماء. ورد قولهم في القرآن:
(الإسراء: 94)
فلو كان الصعود إلى السماء بالجسد ممكناً لبشر، لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى وأجدر بأن يصعد إليها أمام أعين الكفار ليؤمنوا به. فالأمر الذي لم يُعتبر جائزًا لأفضل الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، كيف جاز لعيسى ابن مريم عليه السلام الذي كان رسولا إلى بني إسرائيل فقط؟ فسيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام أيضاً بَشَر ورسول، وقال الله تعالى مخاطباً سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم:
(الأنبياء: 35)
فكيف يستثني الله عيسى ويخلده دون سيد الخلق أجمعين؟! |
أقوال السلف من العلماء |
نستعرض فيما يلي أقوال عدد من العلماء في وفاة المسيح عيسى عليه السلام:
|
أقوال بعض العلماء المعاصرين |
|
المراد من نـزول عيسى ابن مريم عليه السلام |
ما دام القرآن الكريم والحديث يؤكدان أن المسيح الناصري عيسى بن مريم عليه السلام قد مات كما مات جميع الأنبياء وأن الموتى لا
يرجعون إلى هذه الدنيا أبدًا، فلا يجوز أن يُفسر لفظ النـزول الذي قد ورد في الأحاديث عن عيسى ابن مريم بمعنى نـزوله بجسده المادي من السماء. ذلك أن أكثر الأحاديث الواردة في شأن الدجال ونـزول المسيح ابن مريم وعلامات ظهوره إنما هي من قبيل الاستعارة والمجاز، ولا يمكن أن تُحمَل على ظاهرها وأكثرها تتطلب التأويل. وإنما المراد من نـزول عيسى ابن مريم هو بعثة رجل آخر من أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم يُشبِه عيسى ابن مريم في صفاته وأعماله وحالاته. وقد ظهر هذا الموعود في قاديان في الهند باسم ميرزا غلام أحمد عليه السلام. فكان هو المسيح الموعود والإمام المهدي للأمة المحمدية الذي وَعَدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعثته قائلاً: "لا المهدي إلا عيسى".
(ابن ماجه، كتاب الفتن)
لقد انتظر اليهود أيضًا نـزول إيلياء (إلياس) عليه السلام من السماء ثانية، ليكون نـزوله علامة على اقتراب مجيء المسيح عليه السلام فيهم. ولما جاء المسيح دون أن ينـزل إيليا من السماء، أنكروه محتجين بعدم مجيء إيلياء ثانية من السماء، فقال لهم مشيرا إلى يوحنا (يحيى عليه السلام): هذا هو إيلياء الموعود لكم قبل نـزول المسيح، لأنه يشبه إيلياء في صفاته وحالاته وأعماله. وتكرر ذلك مع المسيح الموعود والإمام المهدي الذي جاء مثيلا لعيسى ابن مريم عليه السلام.وقد ظن كثير من المسلمين أن المسيح نفسه لا بدّ أن ينـزل من السماء، فقد وقعوا في الخطأ ذاته. |
انتظروا.. إنا معكم منتظرون |
لقد ألّف حضرة المؤسس عليه السلام كتابا أسماه "المسيح الناصري في الهند" بيّن فيه كل ما يتعلق بعيسى بن مريم عليه السلام ودلائل نجاته من الموت على الصليب وهجرته إلى بلاد المشرق وإلقائه عصا التسيار في كشمير وموته ودفنه هناك. وقد قدم دلائل على هذا الأمر من القرآن الكريم، والحديث الشريف، والكتاب المقدس بعهديه، وكتب التاريخ والطب وغيرها من الكتب والآثار.
كما أن وفاة المسيح عليه السلام ودلائلها كانت من المواضيع الهامة التي ناقشها حضرته في العديد من كتبه. وبعد أن قدم كل هذه الجهود في سبيل القضاء على عقيدة حياة المسيح في السماء، بين بأن من ينتظرون المسيح عليه السلام لينـزل من السماء سيطول انتظارهم، فقال حضرته عليه السلام ما تعريبه: "إن فكرة نـزول المسيح الموعود من السماء لفكرة باطلة تماما. اعلموا جيدًا أنه لن ينـزل من السماء أحدٌ. إن جميع معارضينا الموجودين اليوم سوف يموتون، ولكن لن يرى أحد منهم عيسى بن مريم نازلاً من السماء أبدًا، ثم يموت أولادهم الذين يخلفونهم، ولكن لن يرى أحد منهم أيضًا عيسى بن مريم نازلاً من السماء، ثم يموت أولاد أولادهم، ولكنهم أيضًا لن يروا ابن مريم نازلاً من السماء. وعندئذ سوف يُلقي الله في قلوبهم القلقَ، فيفكرون أن أيام غلبة الصليب قد انقضت، وأن العالم قد تغيَّر تمامًا، ولكن عيسى بن مريم لم ينـزل بعد؛ فحينئذ سوف يتنفّر العقلاء من هذه العقيدة دفعةً واحدة، ولن ينتهي القرن الثالث من هذا اليوم إلا ويستولي اليأسُ والقنوط الشديدان على كل من ينتظر عيسى، سواء كان مسلمًا أو مسيحيًّا، فيرفضون هذه العقيدة الباطلة؛ وسيكون في العالم دين واحد وسيد واحد. وإنني ما جئت إلا لزرع البذرة، وقد زُرعتْ هذه البذرة بيدي، والآن سوف تنمو وتزدهر، ولن يقدر أحد على أن يعرقل طريقها".
(تذكرة الشهادتين الخزائن الروحانية ج 20 ص 67)
|
الأحد، 31 مارس 2013
تدوينات ذات صلة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
حياة عيسى (عليه السلام) في السماء
ردحذفالسلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
هل من جواب حول مصير عقيدة المسلمين في عيسى عليه السلام؟.
يرى كثير من علماء الأمة أن القرآن الكريم يقرر حياة عيسى في السماء. مع أن القرآن الكريم بريء من هذه العقيدة الباطلة. لأنه قرر بصريح اللغة العربية موت عيسى.
متوفيك تعني مميتك.
توفيتني تعني أمتني.
هذه عينة من كتابات مشايخ المسلمين المتعصبين، الذين يصرون على التنكر لصريح القرآن وصريح الحديث الشريف و صريح العقل.
((هلاك الدجال على يد المسيح عليه السلام للحديث: فيطلبه حتى يدركه بباب لُدّ فيقتله - رواه مسلم
مكوثه أربعين سنة: للحديث: ينزل عيسى بن مريم فيمكث في الناس أربعين سنة - رواه الطبراني وابن عساكر ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفن في الحجرة الشريفة فيكون قبره رابعا - رواه البخاري في تاريخه.
إليكم الآن الإشكال العقائدي الذي لا حل له سوى بالإعتراف الصريح بموت عيسى بن مريم عليه السلام يقينا كما قرر القرآن الكريم .و كما أخبرنا رسول الله الصادق الأمين.(( لو كان موسى و عيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي)) تفسير ابن كثير.
دعنا نفترض صحة زعمهم.أن القرآن يقرر حياة عيسى في السماء.
1-القرآن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه. و لن يطرأ عليه تغيير قط و إلى قيام الساعة.
2-لنفرض أن عيسى بن مريم -ع س- نزل . و قتل الدجال, و قتل الخنزير , و كسر الصليب.ثم مات, و صلى عليه المسلمون, و دفنوه في الحجرة الشريفة .
لتستمر الحياة بعد موته إلى ما شاء الله لها أن تستمر. إلى قيام الساعة .
في هذه الفترة بين موت عيسى و دفنه .و إلى قيام الساعة .
هل سيبقى القرآن الكريم يقول بحياة عيسى بن مريم في السماء؟؟؟؟؟ .
إلى كل علماء الأمة الذين يروجون خرافة حياة عيسى في السماء, هل يمكنكم أن ترفعوا هذا الإشكال الخطير.
و لا يسعكم إلا قبول الحق و قبول صريح القرآن .عيسى بن مريم عليه السلام مات. و لن يعود إلى الدنيا أبدا.
و عليه فحديث نزول عيسى إنما يعني قطعا مجيء شبيه له من أمة المصطفى عليه الصلاة و السلام.
لأن الوعد الرباني بالتمكين و الإستخلاف هو وعد للمسلمين و ليس لبني إسرائيل.
يقول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55.
و يقول الله تعالى : يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ{1} هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{2} وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{3} ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ{4}.سورة الجمعة.
أرجو من كل من لديه إمكانية تبليغ العلماء المسلمين , أن يفعل
كثير من كبار العلماء المسلمين قالوا بموت عيسى عليه السلام كسائر الأنبياء من قبله و كسائر البشر الذين ماتوا و يموتون.
لكن غالبية الأمة يعتقدون أن القرآن قال بحياة عيسى في السماء.
القرآن لن يتغير و إلى قيام الساعة.
عيسى عندهم سينزل و يؤدي مهمته و يموت و يصلي عليه الشيوخ و يدفنونه في الحجرة الشريفة .
السؤال :
من سيولد بعد موت المسيح آخر الزمان من أبنائكم: هل سيؤمن بحياة عيسى في السماء طبقا للقرآن حسب زعمهم ؟.لأن القرآن لن يتغير؟.
أم تنصحونه بتغيير عقيدته حسب الظرف الجديد؟. لأن عيسى سيكون ميتا .
و لا سيما حين نعرف أن العقيدة الإسلامية الصحيحة ثابتة لا يمكن أن تتغير .
شكرا لكل من سيحاول الإجابة.