الــرد على شـبـــهة غــراس الإنجليـــز
حضرة مرزا غلام أحمد عليه السلام هو المسيح الموعود وهذه رسالة من حضرته الى ملكة بريطانيا يدعوها الى الإسلام |
.خلفية تاريخية
.موقف مؤسس الجماعة من الإنجليز
.العلماء المسلمون يمدحون الإنجليز
.الإنجليز هم الدجّال المعهود
.معارضوه عليه السلام يتهمونه بكونه خطرا على الإنجليز!
.الإنجليز كانوا يعتبرون مؤسس الجماعة عدوا لهم
.الانتقام الإلهي
.مؤسس الجماعة يدعو الملكة فيكتوريا إلى الإسلام
.سؤال إلى معارضي الجماعة
.غراس مالك الملك العزيز الحميد
خلفية تاريخية
في الأيام التي ولد فيها مؤسس الجماعة الأحمدية عليه السلام كان المسلمون في البنجاب يلقون العذاب والإيذاء من قِبَل السيخ الحاكمين هناك (الذين يُدعَون أيضًا "الخالصة") حيث كانوا يمنعونهم من القيام بشعائرهم الدينية، مثل الأذان والصلاة وما إلى ذلك، وكانت الحرية الدينية بالنسبة للمسلمين مفقودة تماما. نقدم فيما يلي قولين اثنين، أحدهما من شخص غير مسلم، والآخر لأحد المسلمين غير الأحمديين؛ وكلاهما يوضح الحالة التعيسة للمسلمين التي كانوا يعيشونها في ظل حكم السيخ.
يقول السيد "تُلسي رام" أحد علماء الهندوس:
"في بداية حكم السيخ كان شغلهم الشاغل قطعَ الطرق والقتلَ والنهبَ وتقسيمَ "الغنائم" فيما بينهم. وكانوا يبغضون المسلمين بغضاً شديداً حتى إنهم كانوا لا يسمحون لهم برفع الأذان للصلاة. لقد استولَوا على مساجدهم، وقرؤوا فيها "جرنث" كتابهم المقدس." (كتاب "شير فنجاب" طبعة 1872م).
ويذكر السيد محمد جعفر الثانيسري في كتابه "سوانح أحمدي" حكاية بلسان سيد أحمد البريلوي رحمه الله تعالى يقول: "أثناء سفرنا في منطقة البنجاب وردنا على بئر لشرب الماء، فوجدنا عندها بعض نساء السيخ يستسقين. ولما كنا لا نعرف لغة تلك المنطقة أشرنا إليهن بأيدينا أننا عطاشى، ونريد الماء. فنظرن فيما حولهن، وقلن لنا باللغة الأفغانية: إننا مسلمات ومن أولاد المسلمين الأفغان القاطنين في المنطقة الفلانية والقرية الفلانية، وهؤلاء السيخ قد اختطفونا من هناك.
" هذا، وقد ذكر ت دائرة المعارف: (Encyclopedia of Sikh Literature) تفاصيلَ الاضطهادات المروعة التي وقعت من السيخ على المسلمين..
كتعرض المسلمات للاختطاف والاغتصاب بكثرة، وهدم ِالمساجد وتحويلِها إلى مرابط للحمير والأبقار، والقتلِ العام للمسلمين، وخاصة قتلِهم بسبب رفع الأذان للصلاة وغيرها من الأمور الدينية، حتى إنهم حرموا المسلمين من كل حق إنساني. أثناء تلك الظروف الفظيعة التي كانت سائدة في بلاد البنجاب، دخل الإنجليز تلك البلاد فيما بين 1846م و 1849م، ونزعوا الحكم من أيدي السيخ، فاستتب الأمن في بلاد البنجاب بعد استيلاء الإنجليز عليها، وتمتع المسلمون بالحرية الدينية. وكان مؤسس الجماعة إذ ذاك بين الحادية عشرة والرابعة عشرة من عمره.
موقف مؤسس الجماعة من الإنجليز
يصف سيدنا أحمد عليه السلام تلك الفترة العصيبة التي عانى فيها المسلمون في البنجاب ما تعريبه:
"يعلم المعمَّرون إلى الستين والسبعين جيدا أنه قد مرّ علينا عهد السيخ الحافل بأنواع الآفات التي ترتعد لذكرها الفرائص، وتنخلع لهولها القلوب. فقد حُرِّم على المسلمين يومذاك القيام بالعبادات والشعائر الدينية التي كانت أحب وأعز شيء إلى نفوسهم، وكان من المحظور أن يرفع أحد صوته بالأذان الذي نستهل به صلاتنا، ولو جهر المؤذن بالتكبير سهوًا قُتل فورا. كما أنهم تدخَّلوا في أمور المسلمين المتعلقة بالحلال والحرام، وحدث مرة أن قُتل خمسة آلاف من المسلمين في قضية ذبح بقرة". (تقرير حول الاجتماع للدعاء، الخزائن الروحانية ج 5 ص 605).
وبعد قدوم الإنجليز وبسط سلطانهم على الهند، فقد تغيرت هذه الظروف القاسية التي فرضها السيخ في البنجاب، وأصبح المسلمون يتمتعون بالحرية الدينية بفضل هذه الحكومة، فيقول حضرته عليه السلام ما نصه:
"ألم تروا كيف نعيش أحرارًا تحت ظل هذه السلطنة، وكيف خُيّرنا في ديننا وأوتينا حريّة في مباحث المِلّة الإسلامية.... وكنّا، في زمن دولة "الخالصة"، أوذينا بالسيوف والأسنّة، وما كان لنا أن نقيم الصلاة على طريق السُنّة، ونؤذّن بالجهر كما نُدب عليه في المِلّة. ولم يكن بدٌّ من الصمتِ على إيذائهم، ولم يكن سبيل لدفع جفائهم، فرُددنا إلى الأمن والأمان عند مجيء هذه السلطنة... ولا ننسى إحسان هذه الحكومة، فإنها عصمت أموالنا وأعراضنا ودماءنا من أيدي الفئة الظالمة، فالآن تحت ظلها نعيش بخفض وراحة، ولا نَرِدُ مورد غرامة من غير جريمة، ولا نحلّ دار ذلّة من غير معصية، بل نأمن كل تهمة وآفة، ونُكفَى غوائلَ فَجَرةٍ وكَفَرة، فكيف نكفر نعم المنعمين؟
وكنا نمشي كأقزل قبل هذه الأيام، وما كان لنا أن نتكلم بشيء في دعوة دين خير الأنام، وكان زمان "الخالصة" وزمان الذلة والمصيبة، صُغّر فيه الشرفاء، وأسادت الإماء، وصُبّت علينا مصائب ينشق القلم بذكرها، وخرجنا من أوطاننا باكين. فقُلّب أمرنا بهذه الدولة من بؤسٍ إلى رَخاء، ومن زعزع إلى رُخاء، وفُتح لنا بعناياتها الفَرج، وأوتينا الحريّة بعد الأسر والعَرج، وصرنا متنعمين مرموق الرخاء، بعد ما كنّا في أنواع البلاء. ورأينا لنا هذه الدولة كريف بعد الإمحال، أو كصحّة بعد الاعتلال، فلأجل تلك المنن والآلاء والإحسانات، وجب شكرها بصدق طويّة وإخلاص النيّات". (البلاغ، الخزائن الروحانية ج13 ص442، 450-453).
ويذكر حضرته أمثلة على ما أصبح يتمتع به المسلمون من حرية بعد اضطهاد الهندوس والسيخ لهم، فيقول عليه السلام أيضًا ما تعريبه:
"سمعت أن الإنجليز لما احتلوا هذه البلاد في أول الأمر أذّن مؤذن بصوت عال في مدينة هوشياربور. وبما أن الهندوس والسيخ كانوا حديثي العهد بالإنجليز وكانوا يظنون أنهم هم الآخرون أيضًا سيمنعون المسلمين من الأذان... فأمسكوا المؤذنَ الذي جهر بالأذان، وذهبوا به إلى المتصرف البريطاني في حشد كبير من الناس، بينهم رؤساء الهندوس وكبار تجارهم، وشكوا إليه أن عجينهم وأوانيهم قد تنجست بسبب أذانه. فاستغرب الإنجليزي غاية الاستغراب أن يكون للأذان هذا التأثير الغريب في المأكولات، وقال لمساعده يجب أن لا نفصل في الأمر حتى نجرب تأثير الأذان هذا.
فأمر المؤذنَ أن يعيد الأذان بصوت عال كما فعل من قبل، فخاف المسكين على نفسه من عقاب الجرم المتكرر، وأحجم عن الأذان. ولما طمأنه الحاكم وسكّن روعه.. رفع صوته بالأذان، فقال الحاكم حينذاك: لم يصبني شيء من الدنس بأذانه. ثم سأل مساعده: هل أصابه شيء من الدنس؟ فنفى ذلك بالطبع، فأطلق سراح المؤذن وسمح له بالأذان كما يشاء...
وفي قريتنا هذه.. حيث مسجدنا الجامع.. كان هناك مكتب للحكومة، وكنت صغيرا آنذاك، فسمعت من أناس ثقات أن القانون السابق ظل معمولا به أياما عدة بعد دخول الإنجليز. وفي تلك الأيام قدم هنا مأمور جديد، بصحبة أحد رجال الشرطة من المسلمين. فدخل الشرطي المسلم المسجدَ وأمر المؤذن أن يؤذن، فأذن المؤذن خائفا وبصوت خافت. ولما استفسره الشرطي المسلم أجابه بأننا نؤذن على هذه الصورة، فأمره الشرطي بالصعود إلى سطح المسجد ورفع الأذان بصوت جهوري قدر الإمكان. فخاف المؤذن من سوء العاقبة، ولكنه أذّن بصوت عال بعد إصرار الشرطي. فإذا بالمسجد يزدحم بالهندوس الذين أمسكوا المؤذن، فذعر المسكين ذعرا شديدا، وظن أن المأمور سوف يشنقه، ولكن الشرطي المسلم سكّن جزعه بقولـه: لا تخف إني معك. وساقه البراهمة القساة السفاكون إلى مأمور الحكومة، وشكوا إليه أن المؤذن دنّسهم جميعا. وكان المأمور يعلم أن الحكومة قد تغيرت، ولم يبق ثمة مجال للاستبداد السيخي. ومع ذلك سأل المؤذنَ بصوت خافت: لماذا رفعت الصوت بالأذان؟ فتقدم الشرطي المسلم وقال: أنا الذي أذّنت وليس هو. فقال المأمور للبراهمة: ويلكم.. لماذا هذا الضجيج كله؟ إن الأبقار تُذبح علانية في مدينة لاهور، وأنتم ترفعون العقيرة على الأذان! اذهبوا وألزموا دُوركم صامتين". (تقرير حول الاجتماع للدعاء، الخزائن الروحانية ج15 ص608-610).
بعد فهم الخلفية التاريخية لهذه الحقبة من الزمن وتقدير الظروف المروعة التي كان يعيشها المسلمون في ظل حكم السيخ.. فإننا نسأل أولئك الذين يوجهون انتقاداتهم إلينا.. هل كان على مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية أن يذم الإنجليز على إعطائهم المسلمين الحرية الدينية، أم يشكرهم على ذلك كما فعل غيره من علماء الدين والقادة والرؤساء المسلمين آنذاك؟ إن ذمهم كان يعني الموافقة على سياسة السيخ وتأييدهم في منع المسلمين من الأذان والصلاة، وهدم المساجد أو تحويلها إلى اصطبلات للخيل والأبقار، ومنع دراسة الدين، وهتك أعراض النساء، وقطع الأيدي والقتل والنهب ومصادرة الأملاك لأتفه الأسباب. لعل مؤسس الجماعة لو كان قد فعل هذا لأثلج صدر أعداء الجماعة، ولكنه لم يفعل، بل مدح أولئك الذين رفعوا تلك المظالم عن المسلمين في ذلك الماضي المظلم الحالك.
فالحق أن وقف الاضطهاد السيخي الغاشم الذي كان يُعاني منه المسلمون، وإعادة الأمن إلى البلاد، ومنح الحرية الدينية للمسلمين هو الذي حدا بمؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عليه السلام أن يشكر الإنجليز. وقد شكرهم اعترافًا بالحقيقة وإيماناً منه بأن شكر صانع الجميل أدب إسلامي. يقول حضرته ما تعريبه:
"إنني لا أداهن هذه الحكومة أبداً، وإنما الأمر الواقع بأن أية حكومة لا تعتدي على دين الإسلام، ولا تمنعنا من أداء الشعائر الإسلامية، ولا تشهِّر السيف في وجوهنا لنشر دينها.. فإن القرآن الشريف يحرّم علينا أن نحاربها حرباً دينية، لأنها أيضا لا تحاربنا حرباً دينية." (سفينة نوح، الخزائن الروحانية ج 19 ص 75).
العلماء المسلمون يمدحون الإنجليز
هذا، وإن كان مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عليه السلام قد شكر الإنجليز على إحسانهم إلى المسلمين دون مداهنة ودون إفراط ولا تفريط، فهناك غيره من كبار زعماء المسلمين وعلمائهم الذين شكروا الإنجليز ومدحوهم بسبب عدلهم وإنصافهم للرعية وإعطائهم للناس الحرية الدينية، بل منهم من بالغ في مدحه وإطرائه لهم، وإليكم بعض ما قالوا:
أولا: يقول الشيخ محمد عبده:
"إن الأمة الإنجليزية هي وحدها الأمة المسيحية التي تُقدّر التسامح حق قدره. فلنا أن نقول ولا نخشى لائما إن هذه الخصلة من أجَلِّ الخصال التي ورثها غير المسلمين عن المسلمين. ألا ترون أن نظامهم في ذلك يقرب من نظام المسلمين يوم كانوا مسلمين لا يُفرّقون بين دين ودين". (الإسلام والنصرانية ص165).
ثانيا: ويقول أبو الأعلى المودودي ما تعريبه:
"كانت الهند بلا شك "دارَ حرب" حين كان الإنجليز يسعون لمحو السلطنة الإسلامية منها، وكان من واجب المسلمين وقتئذ أن يُقاتلوهم ليحفظوا سلطنتهم الإسلامية أو أن يُهاجروا من الدولة بعد أن خُذلوا في سعيهم ذاك. أمّا الآن وقد غُلبوا على أمرهم وقامت الحكومة الإنجليزية ورضي المسلمون بالبقاء في ظلها مع ما لهم من حرية العمل بقوانينهم الشخصية، فلم يعد هذا القطر "دارَ حرب"، بل صار "دار الكفر" الذي يعيش فيه المسلمون رعايا عند الآخرين، ويتمتعون بحرية العمل بدينهم، ضمن حدود قانون هذا البلد. واعتبار مثل هذا البلد دارَ حربٍ وتطبيق الرخص الخاصة بدار الحرب بسبب الاضطرار هو مخالف تماما لمبادئ القانون الإسلامي وخطير جدا أيضا. (المودودي، الربا، إسلامك ببليكيشنز، لاهور، طبعة 2000، ص249).
ثالثا: أما ندوة العلماء- التي هي أكبر مؤسسة إسلامية في الهند، والتي من علمائها المشهورين في عدائهم للأحمدية الشيخ سليمان الندوي - فقد أعلنت عن هدفها يوم تأسيسها فيما نصه:
"ومع أن مدرستنا لا تقدر على إحداث طائفة يصلحون للتوظف في أعمال الدولة، ولكن نحن على ثقة أن مدرستنا تنشئ رجالا يقدرون على إطفاء الثورات الحالية... رجالاً يكون من شيمتهم الاستكانة للأكابر والمواساة للجار والتواضع للعامة، وفوق كل ذلك الانقياد للحكومة والخضوع لها. ... ونحن على يقين أن المسلمين كما يسلم إذعانهم لحكومتهم يزيدون من هؤلاء العلماء الناشئين طاعة وانقيادًا للحكومة. والآن نقدم إلى جنابكم أزكى التشكرات حيث تفضلتم علينا بقطيعة من الأرض لنرفع عليها قواعد مدرستنا." (مجلة "الندوة" عدد ديسمبر 1908م، ص 7).
وقالت أيضا ما تعريبه:
"صحيح أن الندوة في معزل عن السياسة، ولكن لما كان هدفها الأساسي تخريج علماء مستنيرين، فمن واجب هؤلاء العلماء إطلاع القوم على بركات هذه الحكومة "الإنجليزية" ونشرِ أفكارٍ تساعد أهل البلاد على الوفاء لها." (مجلة الندوة، عدد يوليو 1908م ص1).
رابعا: عند وفاة الملكة فكتوريا رثاها الشاعر محمد إقبال - الذي يقال اليوم إنه صاحب فكرة تأسيس باكستان - بمرثية طويلة قال فيها ما تعريبه:
لقد رفعوا نعش الملكة.. قُمْ تعظيما لها يا إقبال، وكُنْ ترابًا في طريق نعشها.
أيها الشهر، شكلك مثل شكل شهر محرَّم. ولا بأس لو سميناك أنت الآخر محرَّماً. (يعني: لا عجب لو أطلقنا على هذا الشهر الذي توفيت فيه الملكة اسم "محرم"، إذ أن حادث وفاة الملكة لا يختلف كثيراً عن حادث الاستشهاد المروع لسيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه حفيد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي وقع في شهر محرَّم) ثم يقول:
يقولون: اليوم يوم العيد. فهنيئاً لكم العيد. أما نحن فالموت خير لنا من هذا العيد. يا بلاد الهند قد زال عنكِ ظل الله. حُرمتِ من التي كانت تواسي وتعطف على أهلك. هذا البكاء الذي يهتز له عرش الرحمن هو بكاء الناس إياها. وهذه الجنازة هي جنازة التي كانت زينة لك، يا بلاد الهند. (باقيات إقبال لعبد الواحد المعيني ص73، 76، 81، 90).
خامسا: أما شمس العلماء بالهند المولوي نذير أحمد الدهلوي، فقال عن الإنجليز ما تعريبه:
"من مصلحة الهند كلها أن يحكمها حاكم أجنبي، لا هو هندوسي، ولا مسلم، وإنما يجب أن يكون من أحد سلاطين الغرب، ومِن عناية الله العظمى أن الإنجليز تولَّوا الحكم.... هل هذه الحكومة قاسية ومتشددة؟ كلا، ثم كلا، بل هي أكثر عطفاً وحناناً من الوالدين... كنت أنظر، بمنظار معلوماتي، إلى ولاة الهند عندئذ. كما كنت أجول بفكري إلى بورما، ونيبال، وأفغانستان، بل إلى فارس ومصر والعرب، فلم أجد في كل هذه البلاد من أقصاها إلى أقصاها أحداً أسلِّم إليه حكم الهند، وما رأيت فيمن يريدون السيطرة على الحكم أحداً أحق من هؤلاء. فقررت عندئذ أن الإنجليز هم أحق وأولى بحكم الهند، ويجب أن يستمر الحكم فيهم." (مجموعة محاضرات مولوي نذير أحمد الدهلوي، ص 4 و5 و19 و26).
سادسا: والآن إليكم ما قاله أعدى أعداء سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام وهو المولوي محمد حسين البطالوي. يقول ما تعريبه:
"لا شك أن سلطان الروم (يعني السلطان التركي) ملِكٌ مسلم، ولكننا، نحن المسلمين، لسنا أقل منهم اعتزازاً وافتخاراً بالحكومة البريطانية نظرًا لحسن نظامها.. بصرف النظر عن الدين.. وإن فرقة "أهل الحديث" على الأخص، لما تتمتع به من أمن وحرية من قبل هذه الحكومة، لتفتخر أمام جميع الدول الإسلامية الحالية، سواء في الروم أو في إيران أو خراسان. فنظراً للأمن والاستقرار والحرية العامة وحسن النظام الذي تتحلى به الحكومة البريطانية، فإن فرقة أهل الحديث بالهند تعتبرها غنيمة عظيمة، وتُفضّل أن تكون من رعاياها بدل أن تكون من رعايا الدول الإسلامية." (مجلة إشاعة السنة، مجلد 10 ص 292- 293).
سابعا: يقول المولوي ظفر علي خان محرر جريدة "زميندار":
"إن المسلمين.. لا يمكن أن يسيئوا الظن بهذه الحكومة (أي الإنجليزية) للحظة واحدة.. ولو أن شقياً من المسلمين تجاسر على الخروج على الحكومة فإننا نقول علناً بأنه ليس مسلماً" (جريدة زميندار، لاهور 11 نوفمبر 1911م) ثم يقول نيابة عن جميع مسلمي الهند: "نحن مستعدون لإراقة دمائنا نظير كل حبة عرق تسقط من جبين ملِكنا المعظم ملجأ العالم. وهذا هو حال جميع مسلمي الهند." (نفس الجريدة، 23 نوفمبر 1911م) ثم يقول في إحدى قصائده ما معناه:
"اِنحنَى رأسي بفرط الاحترام والإجلال كلما سمعتُ ذكر الملك المعظم. الجلالة نفسها تعتز به اعتزازاً، فهو ملك البر والبحر. ليتني أحظى بنظرة واحدة من جلالته." (المرجع السابق عدد 19 أكتوبر 1911م).
هذا ما قاله العلماء المسلمون أنفسهم، وكلهم كانوا ممن عارض أو عادى مؤسس الجماعة عليه السلام؛ واليوم يأتي أتباعهم ويقولون إن الميرزا كان عميلا للإنجليز ولأجل ذلك مدحهم. فلم لا يقولون نفس الكلام عن مشايخهم هؤلاء لأنهم أيضًا مدحوا الإنجليز؟ لِمَ سياسة المكيالين هذه؟
الإنجليز هم الدجّال المعهود
من المؤسف حقا أن المعارضين للجماعة الإسلامية الأحمدية يملأون الدنيا صخبا وضجيجا لأن مؤسس الجماعة قد شكر الإنجليز بسبب عدلهم وإنصافهم في حكم رعيتهم وتوفير الحرية الدينية لكل المواطنين بدون تمييز، ولكنهم يزمّون شفاههم ويصمتون صمت الصخر والحجر الأصم عن ذكر أنه هو الوحيد بين جميع الزعماء الدينين في عصره الذي أثبت بالأدلة الواضحة أن الإنجليز هم "المسيح الدجّال المعهود"، وقد أعلن ذلك على الملأ غير خائف لومة لائم.
يقول عليه السلام في تعيين الدجال ويأجوج ومأجوج ما نصه:
"فاعلموا.. أرشدكم الله تعالى.. إن هذان الاسمان لقوم تفرّق شعبهم في زماننا هذا آخرِ الزمان وهم في وصف متشاركون. وهم قوم الروس وقوم البراطنة وإخوانهم، والدجال فيهم فَيجُ قسيسين ودعاةُ الإنجيل الذين يخلطون الباطل بالحق ويدجلون." (مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج5 ص 459-460).
وصرّح عليه السلام قائلا ما تعريبه:
"مَنْ ذا الذي لا يُقدّر مبلغ الأضرار التي لحقت بالإسلام على يد هؤلاء الناس، ومقدار ما قتلوا الحق والإنصاف، ومدى ما أفسدوه وأتوه من المنكرات؟ ألا لم يكن لهذه الفتن جميعها من أثر يُذكر قبل القرن الثالث عشر الهجري، ولكن ما أن انتصف هذا القرن ونيف إلا وخرجت هذه الطغمة الدجّالة، وأخذت تتقدم حتى بلغ عدد المتنصرين في أواخر هذا القرن في الهند وحدها ما ينوف عن النصف مليون نسمة على حد قول القسيس (هيكر) الذي قدر دخول مائة ألف نسمة في المسيحية كل اثني عشر عاما يُنادون العبد العاجز (المسيح): "أيها الرب إلهنا".
ومما لا يخفى على العارفين أن فئة كبيرة من المسلمين، أو بتعبير آخر من صعاليك الإسلام، الخُمْص البطون وعراة الأجسام، قد استحوذ عليهم القساوسة بما لوّحوا لهم بالرغيف والثوب، ومن لم يطمع منهم في رغيفهم افتتنوه بنسائهم، ومن نجا من شَرَكِهم هذا أتوا عليه عن طريق الفلسفة الملحدة والمضلة، فوقع فريسةً لها ألوفٌ مؤلفة من الناشئة الأحداث من أبناء المسلمين، ممن يضحكون على الصلاة، يسخرون من الصوم، ويرون الوحي والإلهام من أضغاث الأحلام.
وألّفوا ونشروا لمن قصر باعه عن دراسة الفلسفة، القصص الكثيرة الملفقة التي كانت من ترّهات القساوسة، هجوا فيها الإسلام بأسلوب روائي، وألّفوا ما لا يُحصى من الكتب في الطعن بالإسلام وتكذيب سيد الأنام سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، ووزعوها بين الناس مجانا، ونقلوا أكثرها إلى اللغات العديدة ونشروها في الدنيا كلها... لقد وزّعوا خلال إحدى وعشرين سنة ما ينوف عن سبعين مليون كتاب لنشر أفكارهم المليئة بالمهاترات والتلبيسات. كل ذلك لكي يُقلع عن الإسلام أهله، وليؤمنوا بألوهية المسيح. فالله أكبر! إن لم يكن هؤلاء الدجّال المعهود من الدرجة الأولى في نظر قومنا، وإن كانوا لا يرون أية حاجة للمسيح الحق لإفحامهم فماذا عسى أن تكون حال هذا القوم؟" (إزالة أوهام، الخزائن الروحانية ج 3 ص 364-365).
فهل من المعقول أن يقوم رجل غرسه الإنجليز، كما يزعم أعداء الجماعة، بانتقاد الإنجليز وقساوستهم ومبشريهم بهذا الأسلوب الذي يليق بأعمالهم المتدنية، بينما الفريق الثاني يسمع ويسكت؟
معارضوه عليه السلام يتهمونه بكونه خطرا على الإنجليز!
والأمر الأكثر غرابة هو أن المشايخ المعارضين كانوا من ناحية يثيرون مشاعر المسلمين ضد سيدنا المسيح الموعود عليه السلام قائلين بأنه يمدح الإنجليز، ومن ناحية أخرى كانوا لا يبرحون يمدحون الإنجليز بالكلمات التي أوردنا بعضها، ومن ناحية ثالثة وَشَوا بحضرته إلى الحكومة الإنجليزية، سرًّا وعلانية، بأن هذا الرجل يشكل خطراً كبيراً على حكمهم، فعليهم ألا ينخدعوا بأقواله، إذ يدَّعي بكونه مهديًّا. إنه مهدي دموي قام لإبادة مملكتهم! نورد فيما يلي مقتبسين في هذا الصدد:
الأول: كتب الشيخ محمد حسين البطالوي في مجلته "إشاعة السُنّة"، محذّرا الحكومة الإنجليزية من مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية:
"ومما يدل على خداعه أنه يؤمن في قلبه بإبادة كل حكومة غير إسلامية، واستباحة أموالها. لذا ينبغي ألا تنخدع الحكومة منه، بل عليها بالحذر منه، وإلا نخشى أن يُلحق هذا المهديُ القادياني بالحكومة من الأضرار ما لم يستطع المهدي السُوداني إلحاقَه." (مجلة إشاعة السنة، ج 16، ص 4 عام 1893م).
الثاني: حذر المنشي محمد عبد الله الإنجليزَ من حضرته عليه السلام قائلا لهم:
"إنه يحض أتباعه على محاربة الحكومة مستشهدًا بالآيات القرآنية." (شهادت قرآني، ص 20).
وبالفعل تأثر الناس جداً من هذه الدعاية المسعورة الباطلة، وكان من بين المتأثرين محرر جريدة (Civil and Military Gazette)، الصادرة في لاهور - وكانت من كبريات الجرائد اليومية الصادرة باللغة الإنجليزية، كانت تُعتبر لسان حال الإنجليز وترجمانهم السياسي في البنجاب - فنُشر ي إحدى افتتاحياتها مقالٌ أثار الحكام الإنجليز ضد سيدنا أحمد عليه السلام، محذراً إياهم بأنه رجل خطير جداً، ويجب ألا يغتروا ببياناته وأقواله الداعية إلى الصلح والوئام، وإلا سوف يقضي على حكومتهم.
الحق أن كل هذه الافتراءات والوشايات والشكايات هي التي دفعت مؤسس الجماعة عليه السلام للكتابة من حين لحين في هذا الموضوع، ليشرح موقفه للحكومة، ويبين مبادئه ومعتقداته في هذا الشأن.
فعندما مدح مؤسس الجماعة عليه السلام الإنجليزَ على جميلهم الذي أسدوه إلى جميع المسلمين اتهمه المشايخ بأنه غراس الإنجليز على الرغم من أنه كان يؤدي واجبه الديني عملا بالحديث النبوي الشريف: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله." وعندما ذمّ مؤسس الجماعة عليه السلام الإنجليز بسبب معتقداتهم الخاطئة وجراء الحملة التنصيرية التي قام بها القساوسة في الهند في ظل هذه الحكومة الإنجليزية، فإن المشايخ وشوا به إلى الحكومة قائلين: إنه أكبر عدو للحكومة ويريد إبادتها.
والسؤال المطروح الآن: أي العملَين صواب؟ هل ما فعله المشايخ أم ما قام به مؤسس الجماعة عليه السلام؟
الإنجليز كانوا يعتبرون مؤسس الجماعة عدوا لهم
لقد كان الإنجليز يكرهون مؤسس الجماعة عليه السلام بسبب دعواه بالمهدوية، ثم بسبب دفاعه المجيد عن الإسلام، ولهجومه الشديد على العقائد المسيحية الباطلة، وردّه على المبشرين والقساوسة المسيحيين، وبالتالي إيقافه المد الجارف للمسيحية في الهند في حين كانوا يحلمون بتنصير الهند كلها وإخضاع أهلها لحكمهم للأبد. وكانت الشرطة الإنجليزية تراقبه وتتبع أنشطته هو وجماعته بعد المناظرة التي جرت بينه وبين المتنصر عبد الله آتهم أحد الزعماء المسيحيين. وقد اعترفت بذلك جريدة Civil And Military Gazette، في مقال طويل ضد مؤسس الجماعة عليه السلام تحت عنوان: "مجنون ديني مخيف" حيث قالت:
"إن في البنجاب مجنونا دينيا مخيفا ومشهورا، يقيم الآن في مقاطعة غورداسبور، وهو يعتبر نفسه مسلما ويزعم أنه هو المسيح الموعود .... وإن هذا المجنون المخبوط بدينه تحت رقابة الشرطة اليوم .... إن الشيخ القادياني لم يزل تحت مراقبتنا منذ أعوام، وإنا لنؤيد الرأي المذكور أعلاه استنادا لمعلوماتنا الذاتية عن شخصيته وأعماله. إنه كما نرى يزداد قوة وتمكنا يوما بعد يوم، وقد يضطرنا في المستقبل القريب إلى الالتفات إليه بأكثر اهتمام". (العدد الصادر في 24 أكتوبر 1894م). وهذا كله يدل على أن الحكومة قد رابها أمره عليه السلام، وتوجست منه خوفًا، وتوقعت منه خطرا كالخطر الذي كابدته من المهدي السوداني.
فهل هذا هو شأن الرجل الذي يزعم أعداء الجماعة أن الحكومة الإنجليزية هي التي أقامته لتحقيق مصالحهم البغيضة؟ هل من المعقول أن من كان "غرسة الإنجليز"، كما يزعم أعداء الجماعة، يكون تحت مراقبة الشرطة لرصد حركاته وسكناته، ويكرهه القساوسة الإنجليز إلى الحد الذي يتهمونه في المحاكم بأنه تآمر لارتكاب جناية قتل، تمهيدا للتخلص منه وإلقائه في غياهب السجون؟ يا قوم! أليس منكم رجل رشيد؟
الانتقام الإلهي
ومن عجائب القدر أن الله تعالى انتقم للأحمدية وأظهر الحقَّ بلسان أعدائها، حيث تبادلتْ هذه الفرق الإسلامية نفس التهمة فيما بينها، وسمَّتْ بعضها بعضا بأنها "غراس الإنجليز". فقد ورد في مجلة "جتان" الأردية عن البريلويين ما تعريبه:
"إنهم أَفتَوا بأن الإنجليز هم أولو الأمر، وأن الهند دار الإسلام. ثم تحَوَّل هذا الغراس الذي غرسه الإنجليز بعد أيام إلى حركة دينية." (مجلة "جتان" لاهور 15أكتوبر 1963م).
وكتبت جريدة "طوفان" الأردية عن الوهابيين ما تعريبه: "بكل مكرٍ ودهاءٍ غَرَسَ الإنجليز غراس الحركة النجدية (أي الوهابية) في الهند أيضا، وتولَّوا رعايتها بأنفسهم إلى أن اكتمل نماؤها وازدهارها." (مجلة "طُوفان" الباكستانية 7 نوفمبر 1962م).
مؤسس الجماعة يدعو الملكة فيكتوريا إلى الإسلام
فالحق أن مؤسس الجماعة عليه السلام قد سلك السبيل الحق، وقال للحق بكل شجاعة إنه الحق، كما قال للباطل إنه الباطل، غير خائف من لومة لائم. والدليل على ذلك أنه قال للملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا العظمى عام 1893، إنها على الخطأ فيما يتعلق بالدين، وأن عليها أن تتوب وتدخل في الإسلام. فقال في رسالة طويلة ما نصه:
"أيتها المليكة الكريمة الجليلة، أعجبني (أي أثار عجبي) أنك مع كمال فضلك، وعلمك وفراستك، تنكرين لدين الإسلام، ولا تُمعِنين فيه بعيون التي تمعنين بها في الأمور العظام. قد رأيت في ليلٍ دجى، والآن لاحت الشمس.. فما لك لا تَرَينَ في الضحى؟....
أيتها الملكة الكريمة، لقد كان عليك فضل الله في آلاء الدنيا فضلا كبيرا، فارغبي الآن في مُلك الآخرة، وتوبي واقنتي لرب وحيد لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك وكبّريه تكبيرا. أتتخذون من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يُخلقون؟ وإن كنتِ في شك من الإسلام فها أنا قائم لإراءة آيات صدقه...يا قيصـرة، توبي توبي، واسمعي اسمعي!... يا مليكة الأرض، أسلمي تسلمين". (مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج5 ص530- 534).
هذا هو الفرق بين مؤسس الجماعة عليه السلام والمشايخ الآخرين. فإنه عليه السلام أعطى كل شيء حقه؛ لقد شكر الإنجليز على ما يستحقون عليه الشكر، وذمهم على ما يستحقون عليه الذم. أما المشايخ فلم يسعهم ذلك، حتى لم يخطر ببالهم، لأنهم ما كانوا يتحلون بهذه الشجاعة الإيمانية والغيرة الصادقة على الإسلام، أما الذي أدى هذا الواجب الديني فرموه بالتهم الشنيعة.
سؤال إلى معارضي الجماعة
إن الجهاد العظيم الذي قام به مؤسس الجماعة عليه السلام ضد القسس قد اعترف به المنصفون من المسلمين وأشادوا به أيما إشادة. فعندما توفي سيدنا أحمد عليه السلام قال أبو الكلام آزاد، العالم الهندي الشهير في جريدة "وكيل"، في رثائه عليه السلام ما تعريبه:
"إن عظمة السيد الميرزا - رغم وجود الخلافات الشديدة حول بعض معتقداته ودعاويه - جعلت المسلمين، نَعَمْ! المسلمين المثقفين المتنورين، يشعرون لدى وفاته أن رجلا كبيرا منهم قد فارقهم... وهذا الدفاع المجيد حطم تأثيرَ الغزو المسيحي الذي كان في الواقع قوة المسيحية التي كانت تحظى بها المسيحيةُ تحت ظلال الحكومة الإنجليزية. وهكذا فقد نجا آلافٌ من المسلمين، بل مئات الآلاف، من هجوم المسيحية الذي كان يشكل خطرًا وشيكًا أفدح، وهكذا جعل سحرَ المسيحية نفسها يتبخَّر في الهواء كالدخان. لقد غيّر حضرته أسلوب الدفاع وجعَل المغلوبَ غالبًا." (جريدة "وكيل" أمرتسار، يونيو 1908م)
وكتب الميرزا حيرت الدهلوي مدير جريدة "كرزن غزت" في عددها 1/6/1908م مقالاً جاء فيه:
"الخدمات الجليلة التي أداها المرحوم للإسلام في مواجهة الآريا الهندوس والمسيحيين لجديرة بالتقدير الكبير حقًّا... ليس لكوني مسلما فحسب بل بصفتي باحثا أيضا، أعترف أنه لم يكن بوسع أي من الآريا أو القساوسة أن يواجه المرحوم. والكتب الفريدة التي ألفها ردًّا على المسيحية والآريا، والأجوبة المفحمة التي وجهها إلى معارضي الإسلام، لم نر أحدًا، لحد الآن، قد استطاع أن يكتب ردا معقولا عليها."
واعترف المولوي ظفر علي خان (أحد ألد أعداء الأحمدية) قائلا:
"لقد تصدى السيد الميرزا لهجمات الهندوسية والمسيحية بكفاءة متناهية، وألَّف ضد الآريا والمسيحيين كتبًا قيّمة مثل "سرمه جشم آريا" و"جشمه مسيحي." (جريدة "زميندار" عدد 12 سبتمبر 1923م)
وكتب المولوي نور محمد النقشبندي الجشتي ما يلي:
"في تلك الأيام قدِم إلى الهند القسيس ليفراي من إنجلترا، مصطحبًا مجموعة كبيرة من القساوسة، وحالفًا بتنصير الهند كلها في أيام قليلة. وبفضل أموال طائلة ووعود متكررة مؤكدة من الإنجليز بالمساعدة المالية أحدثَ زلزالا في كل أنحاء الهند. لقد وجد القسيس في عقيدة حياة المسيح عيسى عليه السلام في السماء بجسده المادي وفي كون غيره من الأنبياء الكرام أمواتًا مدفونين تحت الأرض، سلاحًا ماضيًا على عامة الناس. فقام الشيخ غلام أحمد القادياني للتصدي لهذه الجماعة، وقال: إن عيسى الذي تتكلمون عنه قد مات ودُفن كغيره من البشر، أما عيسى الذي وُعد بمجيئه فهو أنا؛ فصدِّقوني إن كنتم من السعداء. وبهذه الحيلة ضيّق الخناق على القسيس ليفراي وجماعته حتى صعب عليه التخلص من يده، وأنـزل بهذه الحجة هزيمة نكراء بكل القساوسة من الهند إلى إنجلترا." (مقدمة النقشبندي للترجمة الأردية لمعاني القرآن الكريم ص 30).
والآن نسأل المعارضين الذين يتهمون الجماعة الإسلامية الأحمدية بأنها غراس الإنجليز.. إذا كان مؤسس الجماعة قد أُقيم من قِبَلِ الإنجليز حسب زعمكم، فكيف تمكّن من تحطيم تلك القوة السحرية التي كانت تحظى بها المسيحية تحت ظلال الحكومة الإنجليزية؟ وكيف جعل سحر المسيحية يتبخر في الهواء؟ وكيف سكّتهم وبكّتهم؟ وكيف هزم كل القساوسة هزيمة نكراء من الهند إلى إنجلترا؟ ولماذا فشل غيره من علماء المسلمين المعاصرين في هذا الأمر؟ فهل مكّن الله عميلاً للإنجليز من الدفاع المجيد عن بيضة الإسلام ولم يهب هذه القدرة للذين يعتبرون أنفسهم أكبر المدافعين عن حياض الإسلام؟
غراس مالك الملك العزيز الحميد
فخلاصة القول، إن مؤسس الجماعة عليه السلام لم يكن غراس الإنجليز ولا غيرهم، وإنما كان غراسا سماويًا غرسه الله تعالى بيده.
يقول حضرته عليه السلام:
"الدنيا لا تعرفني، ولكن يعرفني من بعثني. إنهم بسبب خطئهم وشقاوتهم الشديدة يريدون إبادتي. إنني ذلك الغراس الذي غرسه المالك الحقيقي بيده...أيها الناس، تأكدوا أن معي يداً لن تزال وفيَّةً معي إلى آخر الأمر. ولئن اجتمع رجالكم ونساؤكم، وشبابكم وشيوخكم، وصغاركم وكباركم كلهم، وابتَهَلُوا إلى الله تعالى ودَعَوا لهلاكي في اضطرار وحرارة حتى تسقط أنوفهم وتشلّ أيديهم، فلن يستجيب الله لهم، ولن يبرح حتى يُتمَّ ما أراد... فلا تظلموا أنفسكم. إن للكاذبين وجوهاً غير وجوه الصادقين. والله تعالى لا يترك أمراً دون أن يحسمه... فكما أن الله حكم بين أنبيائه ومكذبيهم في الماضي، فإنه تعالى سوف يحكم الآن أيضًا. إن لمجيء أنبياء الله موسماً ولرحيلهم موسماً كذلك. فتأكدوا أنني لم آتِ بدون موسم، ولن أذهب بدون موسم. فلا تختصموا مع الله، فلن تستطيعوا إبادتي." (تحفة جولروية، الخزائن الروحانية ج 17 ص 12- 13).
0 comments :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.