الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

الأربعاء، 27 مارس 2013

الحب للجميع ولا كراهية لأحد


الحب للجميع ولا كراهية لأحد


حضرة مرزا ناصر أحمد الخليفة الثالث للمسيح الموعود عليه السلام



شعـار أطـلـقـه الخليـفة الثـالث للمسيـح الموعود u عند إرساء حجر الأساس لمسجد "البشارة" في إسبانيا عام 1980.. ومعنى هذا الشعار: أننا نحـب جميع الـنـاس مهما كان ديـنـهم ولـونهم ولغتهم، ولا نكره أحـدا لأي خلاف معنا في أي شيء كان.

لكن هذا لا يعني أننا لا نكره فعل الحرام أو قول الكفر أو اعتقاد الباطل.. بل نـبـغض ذلـك أشـد البغض.

أما فاعل الحرام وقائل الكفر ومعتقد الباطل، فهذا ندعو له بالهداية ونتمناها له، ولا نَكرهه، بل نَكره ما فيه من باطل وحرام.

عدمُ كراهية الشخص لا تتضمن وجوب التواصل معه، بل لا بد من مقاطعة بعض الناس اجتماعيًّا، كمَن يستهزئ بالمقدَّس أو يشتمه، أو مَن كانت أخلاقه فاسدة، أو مَن ارتكب خطأ كبيرا وكان في مقاطعته تأديب له وتربية تنفعه وتنفع الآخرين المعتبِرين.

كما أنه لا بدّ من نهر مَن بالغ في كفره وشتمِه اللهَ والنبيين، ولا بد من زجره وتوبيخه لعله يرتدع ويتوب وينتفع. وهذا لا يعني أننا نَكرهه.. بل نحبّه ونحب له  الخير، ونأمل أن يكون زجرنا له ووصفه بما يستحق عونًا له لعله يفيق.. من هنا يمكن فهم الحكمة من وصفِ الله I بعضَ الكفرة بقوله (عُتُلّ بعد ذلك زنيم) و (كأنهم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَة) و (كَمَثَل الحمار يَحْمِل أسفارا)، وغير ذلك من أوصاف. ومن هنا نفهم الحكمة من وصف المسيح الموعود u لغلاة المكفِّرين والمحرّفين والشاتمين، كما في وصفه لأحدهم:

منهم خبيث مفسد متفــاحـش           أُخبِرتُ عنه وليتني لم أُخبَرِ
غُولٌ يسبّ نبيَّنا خيرَ الورى           لُكَعٌ وليـس بعــالـم مـتـبـحّـرِ

فهذه كلها أوصاف وليست بشتائم، كما أنها لا تتنافى مع حبنا للجميع وعدم كراهيتنا لأحد.

يقول المسيح الموعود u : "والقرآن لا يقول لك كالإنجيل أن أحِبوا أعداءكم، وإنما يقول من الأحرى أن لا يكون لك عدو من أحد فيما يخص نفسك، ولتكن مؤاساتك تعمّ الجميع، غير أن الذي هو عدوّ لإلهك وعدوّ لرسولك وعدوّ لكتاب الله فهذا الذي هو عدو لك؛ وحتى هؤلاء لا تحْرِم أمثالهم أيضًا من دعوتك ودعائك، ويَحسن بك أن تُبغض أعمالهم لا أن تُبغض شخصهم، وأن تسعى جاهدًا ليكونوا صالحين. ويقول الله تعالى في هذا الشأن {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}.. أي ماذا يريد الله منك؟ ليس إلاّ أن تعامل جميع البشر بالعدل، وفوق ذلك أن تشمل بمعروفك من لم يسبق إليك بمعروف، أضف إلى ذلك كله أنْ تعامِل خلق الله بمؤاساة كأنما أنت لهم من ذوات الرحم، وكما تعامل الأمّهات أولادَهُنَّ. وذلك لأنّ الإحسان يشوبه شيء من الزهو، ولأن المحسن قد يمنّ بإحسانه في بعض الأحيان، ولكن الذي يأتي بالخير كما تأتي به الأم بدافع طبيعي، فلا يمكن أن يزدهي أبدًا. لذلك فإن منتهى الدرجات للخيرات هو دافع طبيعي على غرار ما يصدر من الأم". (سفينة نوح)

لكن، تعالوا ننظر في فكر غيرنا من ناشري الكراهية في العالم. أولئك الذين يؤمنون بعقيدة الولاء والبراء التي تنصّ وجوبَ كراهية كل مَن هو مخالف لك في الدين، سواء عاداك أم صافاك. وأولئك الذين يوجبون محاربة أهل البدع، ويعنون بهم كلَّ مَن خالفهم حتى لو في مسألة واحدة، كتقصير الثوب.. هؤلاء الذين يزعزعون استقرار أي مجتمع دخلوه.. هؤلاء الذين بمجرد أن يدخل أحدهم قرية أفسدها بسمومه وحقده وعُنفه وحنقه وتكشيره.

كما أن حبنا للجميع لا يعني أن نسالم مَن قاتلنا وأن ندير له خدنا الأيسر، بل إن حبَّنا للمعتدي يعني أن نقاتله لنردعه عن عدوانه، ونريح الآمنين من شرّه، فهذا حبّ للآمنين أولا، ثم حبّ له، فلعل قتاله يجعله يفيق من سكرته وغفلته وعدوانه. أما لو انتصر فسيزداد فتكًا، فيزداد عند الله جرمًا.. فبقتالنا له نسعى لأن نعيده إلى رشده، وفي هذا خير له ومحبة.

فالحب للجميع دومًا؛ في المعركة، وفي زجر الكذابين المحرفين، وفي توصيف القتلة الكارهين بما يستحقون؛ فالطبيب يُعمل مبضعه المؤلم في جسد المريض حبًّا به وشفقة عليه وليس انتقامًا منه ولا حقدًا عليه ولا كراهية له.

منقول

0 comments :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

عربي باي