الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

الخميس، 5 أبريل 2018

الإحياء في القُرآن والحديث وفهم الصحابة والسلف


اللوحة للفنان الإنجليزي المعروف جون كونستبل John Constable رسمها بتاريخ 1816 وهي بعنوان Wivenhoe Park, Essex آي حديقة ويڤنهو في إيسيكس بإنجلترا. والفنان كونستبل مشهور حول العالم بفنه الرومانتيكي وقد اشتهرت لوحاته في فرنسا في القرنين الثامن والتاسع عشر.
اللوحة للفنان الإنجليزي المعروف جون كونستبل John Constable رسمها بتاريخ 1816 وهي بعنوان Wivenhoe Park, Essex آي حديقة ويڤنهو في إيسيكس بإنجلترا. والفنان كونستبل ذائع الصيت حول العالم بفنه الرومانتيكي وقد اشتهرت لوحاته في فرنسا في القرنين الثامن والتاسع عشر.


يقول الله تعالى:

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} - المائدة: 33


ورد في تفسير ابن كثير للإحياء في الآية: "وقال مجاهد في رواية {ومن أحياها} أي أنجاها من غرق أو حرق أو هلكة." أهـ

أي أن الإحياء المناط بالأنبياء والبشر فيما بينهم هو الإحياء الروحاني والمعنوي ودفع الخطر لا الإحياء المادي الذي يختص به الله تعالى وحده.

كما أن الآية لا تنحصر في بني اسرائيل كما يظن البعض بل تنطبق على المسلمين من باب أولى، نقرأ في تفسير ابن كثير: "وقال الحسن وقتادة في قوله: أنه {من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً} هذا تعظيم لتعاطي القتل. قال قتادة عظيم واللّه وزرها، وعظيم واللّه أجرها. وقال ابن المبارك عن سليمان الربعي قال، قلت للحسن: هذه الآية لنا يا أبا سعيد كما كانت لبني إسرائيل؟ فقال: أي والذي لا إله غيره كما كانت لبني إسرائيل، وما جعل دماء بني إسرائيل أكرم على اللّه من دمائنا." أهـ

فيتبين مما سلف أن الآية شاملة وكان فهم الصحابة لها أن المعنى هو منع الهلكة عن العباد وهو أمر معنوي وليس الإحياء من الموت المادي. مما يدعم ذلك المعنى تفسير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نفسه للإحياء بأنه إحياء الذات:  

"وقال ألإمام أحمد: جاء حمزة بن عبد المطلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: يا رسول اللّه اجعلني على شيء أعيش به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا حمزة نفس تُحييها أحب إليك أم نفس تميتها" قال: بل نفس أُحييها، قال: "عليك بنفسك"." (من تفسير ابن كثير)

و يقول تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} - الأنفال:25

ولنفهم الإحياء هنا أيضا نقرأ من نفس التفسير ما يلي:

"قال البخاري: {استجيبوا} أجيبوا {لما يحييكم} لما يصلحكم" (ابن كثير للآية من الأنفال) 

ويدعم المفسر ما ذهب إليه بحديث للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كما يأتي:

"عن أبي سعيد بن المعلى رضي اللّه عنه قال: كنت أصلي فمر بي النبي صلى اللّه عليه وسلم فدعاني، فلم آته حتى صليت، ثم أتيته فقال: "ما منعك أن تأتيني؟ ألم يقل اللّه: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}، ثم قال: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج"، فذهب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليخرج فذكرت له. فقال: {الحمد لله رب العالمين} هي السبع المثاني." أهـ

أي أن الإحياء من الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم هنا هو الإحياء الروحاني كما فسره بنفسه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام. 

ويسوق صاحب التفسير أقوال الصحابة كذلك حول فهم الإحياء الذي يأتي به الرسل للناس :

"وقال مجاهد {لما يحييكم} قال: للحق، وقال قتادة {لما يحييكم} هذا هو القرآن فيه النجاة والبقاء والحياة؛ وقال السدي: {لما يحييكم} ففي الإسلام إحياؤهم بعد موتهم بالكفر، وقوله تعالى: {واعلموا أن اللّه يحول بين المرء وقلبه}، قال ابن عباس: يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإيمان (وهو قول مجاهد وعكرمة والضحاك وعطية ومقاتل وفي رواية عن مجاهد (يحول بين المرء وقلبه) أي حتى يتركه لا يعقل)" (نفس المصدر)

يقول تعالى:

{أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} -الأنعام: 123)

وهذا هو الإحياء الروحاني أي أنه مثل ضربه الله تعالى لمن يحييه بعد موته في الضلال. لنقرأ من تفسير ابن كثير أيضا:

"هذا مثل ضربه اللّه تعالى للمؤمن الذي كان ميتاً أي في الضلالة هالكاً حائراً، فأحياه اللّه، أي أحيا قلبه بالإيمان وهداه ووفقه لاتباع رسله، {وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس} أي يهتدي كيف يسلك وكيف يتصرف به، والنور هو القرآن، كما روي عن ابن عباس، وقال السدي: الإسلام، والكل صحيح، {كمن مثله في الظلمات} أي الجهالات والأهواء والضلالات المتفرقة {ليس بخارج منها} أي لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص مما هو فيه.

وفي الحديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "إن اللّه خلق خلقة في ظلمة، ثم رش عليهم من نوره، فمن أصابه ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل" (رواه أحمد في المسند)، كما قال تعالى: {اللّه ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}، وقال تعالى: {أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أم يمشي سوياً على صراط مستقيم}؟ وقال تعالى: {مثل الفريقين كالأعمى والأصمّ والبصير والسميع هل يستويان مثلاً أفلا تذكرون}، وقال تعالى: {وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن اللّه يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور * إن أنت إلا نذير}، والآيات في هذه كثيرة، ووجه المناسبة في ضرب المثلين ههنا بالنور والظلمات ما تقدم في أول السورة {وجعل الظلمات والنور}، وزعم بعضهم: أن المراد بهذا المثل رجلان معينان، فقيل عمر بن الخطاب هو الذي كان ميتاً فأحياه اللّه وجعل له نوراً يمشي به في الناس، وقيل: عمار بن ياسر، وأما الذي في الظلمات ليس بخارج منها أبو جهل (عمرو بن هشام) لعنه اللّه. والصحيح أن الآية عامة يدخل فيها كل مؤمن وكافر، وقوله تعالى: {كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون} أي حسنَّا لهم ما كانوا فيه من الجهالة والضلالة قدراً من اللّه وحكمة بالغة، لا إله إلا هو وحده لا شريك له." أهـ

كذلك ورد في أناجيل النصارى عبارة على لسان المسيح عَلَيهِ السَلام تبيّن أن الاحياء الذي كان يقوم به المسيح إنما هو الإحياء الروحاني:

"اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ." (يوحنا 5: 25)

أي أن الإحياء هو للموتى الروحانيين الذين يحيون بسماع كلام النبي فحسب.

يتضح مما تقدم أنَّ الإحياء المقصود بين البشر إنما هو الإحياء الروحاني وليس المادي الذي هو من صفات الله تعالى وحده. وهذا هو دور الرسل جميعا عليهم السلام وعلى رأسهم خاتمهم محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) الذي فسر بنفسه معنى الإحياء بين البشر، فلماذا يصر الحَرفيون على أن خلق وإحياء عيسى عَلَيْهِ السلام للناس والطيور كان خارج هذا الإحياء والخلق الروحاني؟

يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حول مسألة الخلق والإحياء النبوي في القرآن الكريم: 

"وقالوا إن المسيح منفرد ببعض صفاته، وما وُجد فيه من كمال وجلال وعظمة فهو لا يوجد في غيره. إنه كان على أعلى مراتب العصمة، ما مسَّه الشيطان عند تولُّده، ومسَّ غيرَه من الأنبياء كلّهم، ولا شريك له في هذه الصفة حتى خاتم النبيين. وقالوا إنه كان خالق الطيور كخلق الله تعالى، وجعله الله شريكه بإذنه، والطيور التي توجد في هذا العالم تنحصر في القسمين: خَلْق الله وخَلْق المسيح. فانظر كيف جعلوا ابن مريم من الخالقين. ويُشيعون في الناس هذه العقائد ولا يدرون ما فيها من البلايا والمنايا، ويؤيدون المتنصرين. وهلك بها إلى الآن ألوف من الناس ودخلوا في الملّة النصرانية بعدما كانوا مسلمين. وما كان في القرآن ذكرُ خَلْقه على الوجه الحقيقي، وما قال الله تعالى عند ذكر هذه القصة: فيصير حيًّا بإذن الله، بل قال: {فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ}، فانظروا لفظ {فيَكُونُ} ولفظ {طَيْرًا}، لِمَ اختارهما العليم الحكيم وترك لفظ "يصير" و "حيًّا"؟ فثبت من ههنا أن الله ما أراد ههنا خلقًا حقيقيا كخلقه -عز وجل-. ويؤيده ما جاء في كتب التفسير من بعض الصحابة أن طير عيسى ما كان يطير إلا أمام أعين الناس، فإذا غاب سقط على الأرض ورجع إلى أصله كعصا موسى، وكذلك كان إحياء عيسى، فأين الحياة الحقيقي؟ فلأجل ذلك اختار الله تعالى في هذا المقام ألفاظًا تناسب الاستعارات ليشير إلى الإعجاز الذي بلغ إلى حدّ المجاز، وذكر مجازًا ليُبيّن إعجازًا، فحمله الجاهلون المستعجلون على الحقيقة، وسلكوه مسلكَ خَلْق الله مِن غير تفاوت، مع أنه كان مِن نفخ المسيح وتأثير روحه مِن غير مقارنته دعاء، فهلكوا وأهلكوا كثيرا من الجاهلين. ... والعجب منهم ومن عقلهم أنهم يرون بأعينهم أن كلماتهم الباطلة المضلّة قد أضرّت الإسلام إضرارًا عظيما، والناس باستماعها يخرجون من دين الله أفواجا ويلتحقون بالنصارى بما سمعوا من صفات المسيح وعصمته الخاصة وخلوده إلى هذا الوقت، وقدرته الكاملة في الخَلق والإحياء على قدرٍ ما وُجِدَ مثله في أحد من النبيين. ويشاهدون -هذه العلماء- هذه المفاسد كلها ثم لا يتنبهون، ولا يرتجف فؤادهم، ولا تذوب أكبادهم، ولا يأخذهم رحم ورقّة على أمّة النبي. ونبكي عليهم ونصرخ صرخة متموّجة، فلا يسمع أحد بكاءنا ولا صراخنا، بل يُكفّروننا مغتاظين. وإنما مثلنا في هذه الأيام .. أيامِ غربة الإسلام .. كمثل خابط في واد في الليلة المظلمة، أو صارخ في اللظى المضرمة، فلا نجد مُغيثًا من قومنا إلا الواحد الذي هو رب العالمين. وإنا يئسنا منهم غاية اليأس كأنّا وضعناهم في قبورهم. قلنا مرارًا فما سمعوا، وأيقظنا إنذارًا فما استيقظوا، وخضعنا أطوارًا فما خضعوا، فقلنا اخسأوا خسئًا .. إن الله غني عنكم ولا يعبأ بكم، وسيأتي بقوم ينصرون دينه ويحبّون الصادقين." (نور الحق)

ويقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:

"ومن اعتراضاتهم أنهم قالوا إن هذا الرجل لا يؤمن بأن المسيح كان خالق الطيور وكان محيي الأموات وكان في العصمة مخصوصا متفردا محفوظا من مسّ الشيطان لا يُشابهه في هذه الصفة أحد من النبيين. أما الجواب فاعلم أنّا نؤمن بإحياء إعجازي وخلق إعجازي، ولا نؤمن بإحياء حقيقي وخلق حقيقي كإحياء الله وخلق الله، ولو كان كذلك لتشابهَ الخلق والإحياء، وقال الله سبحانه: {فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ} وما قال فيكون حيًا بإذن الله، وما قال فيصير طيرا بإذن الله. وإنّ مثل طير عيسى كمثل عصا موسى، ظهرت كحية تسعى ولكن ما تركتْ للدوام سيرتها الأولى. وكذلك قال المحققون إنَّ طير عيسى كان يطير أمام أعين الناس وإذا غاب فكان يسقط ويرجع إلى سيرته الأولى. فأين حصل له الحياة الحقيقية؟ وكذلك كان حقيقةُ الإحياء.. أعني أنه ما ردّ إلى ميّت قط لوازمَ الحياة كلها، بل كان يُري جلوةً من حياة الميّت بتأثير روحه الطيب، وكان الميّت حيًّا ما دام عيسى قائما عليه أو قاعدا، فإذا ذهب فعاد الميّت إلى حاله الأول ومات. فكان هذا إحياءً إعجازيًّا لا حقيقيًّا، والله يعلم أنَّ هذا هو الحقيقة" (حمامة البشرى صفحة 188)

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 

مُسْلِم لله

#الإسلام

#الجماعةالإسلاميةالأحمدية
الاثنين، 2 أبريل 2018

دليل الموهومين


دليل الموهومين


لوحة للفنان الفنلندي الشهير Berndt Lindholm رسمها سنة 1870 وهي لساحل تضربه الأمواج.
 لوحة للفنان الفنلندي الشهير Berndt Lindholm رسمها سنة 1870 وهي لساحل تضربه الأمواج.




فرح بعض الموهومين هداهم الله كل الفرح بالحديث التالي، وأخذوا ينشروه ليُضلوا البسطاء من المسلمين الاحمديين:

"خبر عجيب ونبأ غريب

قال نعيم بن حماد في كتاب الفتن: حدثنا أبو عمرو، عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الوهاب بن حسين، عن محمد بن ثابت، عن أبيه، عن الحارث، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين أذني الدجال أربعون ذراعاً، وخطوة حماره مسيرة ثلاثة أيام، يخوض البحر كما يخوض أحدكم الساقية، ويقول: أنا رب العالمين وهذه الشمس تجري بإذني أفتريدون أن أحبسها؟ فيقولون: نعم فيحبسها حتى يجعل اليوم كالشهر واليوم كالجمعة ويقول: أتريدون أن أسيرها؟ فيقولون: نعم، فيجعل اليوم كالساعة؟ وتأتيه المرأة فتقول: يا رب أخي وابني وأخي وزوجي، حتى إنها تعانق شيطاناً وبيوتهم مملوءة شياطين ويأتيه الأعراب فيقولون: يا رب إحي لنا إبلنا وغنمنا؟ فيعطيهم شياطين أمثال إبلهم وغنمهم سواء بالسن فيقولن: لو لم يكن هذا ربنا لم يحي لنا موتانا ومعه جبل من برق وعراق وجبل من لحم حار ولا يبرد ونهر جار، وجبل من جنان وخضرة وجبل من نار ودخان يقول: هذه جنتي وهذه ناري وهذا طعامي وهذا شرابي، واليسع عليه السلام معه، ينذر الناس فيقول: هذا المسيح الكذاب فاحذوره لعنه الله ويعطيه الله من السرعة والخفة ما لا يلحقه الدجال فإذا قال: أنا رب العالمين قال له الناس كذبت، ويقول اليسع: صدق الناس فيمر بمكة فإذا هو بخلق عظيم فيقول من أنت؟ فيقول: أنا جبريل. وبعثني الله لأمنعك من حرم رسوله فيمر الدجال بمكة فإذا رأى ميكائيل ولّى هارباً ويصبح فيخرج إليه من مكة منافقوها ومن المدينة كذلك ويأتي النذير إلى الذين فتحوا قسطنطينية ومن تآلف من المسلمين ببيت المقدس قال: فيتناول ..."

انتهى

________


الرد:

وجدتُ لفظاً اخر عند تخريجي للحديث من نفس طريق ابن مسعود وفي الفتن لنعيم بن حماد أيضا وبرقم 1639/ 1651، فلم يكن في الحديث أي ذكر لليسع بل المسيح:

"حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ حُسَيْنٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِذَا قَتَلَ عِيسَى الدَّجَّالَ وَمَنْ مَعَهُ مَكَثَ النَّاسُ حَتَّى يُكْسَرُ سَدُّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، فَيَمُوجُونَ فِي الأَرْضِ وَيُفْسِدُونَ ، لا يَمُرُّونَ بِشَيْءٍ إِلا أَفْسَدُوهُ وَأَهْلَكُوهُ ، وَلا يَمُرُّونَ بِمَاءٍ وَلا عَيْنٍ وَلا نَهَرٍ إِلا نَزَفُوهُ ، وَيَمُرُّونَ بِالدِّجْلَةِ وَالْفُرَاتِ ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ أَسْفَلَ الدِّجْلَةِ أَوْ أَسْفَلَ الْفُرَاتِ قَالَ : قَدْ كَانَ هَاهُنَا مَرَّةً مَاءٌ ، فَمَنْ بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيثُ فَلا يَهْدِمَنَّ حِصْنًا ، وَلا مَدِينَةً بِالشَّامِ ، وَلا بِالْجَزِيرَةِ ، فَإِنَّ حِصْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ طُورُ سَيْنَاءَ ، فَيَسْتَغِيثُ النَّاسُ بِرَبِّهِمْ بِهَلاكِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، فَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ ، وَأَهْلُ طُورِ سَيْنَاءَ وَهُمُ الَّذِينَ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى أَيْدِيهِمُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فَيَدْعُونَ رَبَّهُمْ فَيَبْعَثُ اللَّهُ لَهُمْ دَابَّةً ذَاتَ قَوَائِمَ أَرْبَعِينَ ، فَتَدْخُلُ فِي آذَانِهِمْ ، فَيُصْبِحُوا مَوْتَى أَجْمَعِينَ ، فَتَنْتُنُ الأَرْضُ مِنْهُمْ ، فَيُؤْذِي النَّاسَ نَتْنُهُمْ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْهُ إِذْ كَانُوا أَحْيَاءً ، فَيَسْتَغِيثُونَ بِاللَّهِ ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا يَمَانِيَةً غَبْرَاءَ ، فَتَصِيرُ عَلَى النَّاسِ عَمَاءً وَدُخَانًا شَدِيدًا ، وَتَقَعُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الزَّكْمَةُ فَيَسْتَغِيثُونَ بِرَبِّهِمْ ، وَيَدْعُو أَهْلُ طُورِ سَيْنَاءَ فَيَكْشِفُ اللَّهُ مَا بِهِمْ بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ، وَقَدْ قَذَفَتْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فِي الْبَحْرِ." الحديث

ولم يرد الإسم إلا في الحديث رقم 1511 من الفتن !

كما لم يرد اسم اليسع في شواهد الحديث الكثيرة من البخاري ومسلم وابن شيبة وغيرها من المصنفات المشهود لها بالقبول.

أما أحوال الرواة فهي كما يلي:


أَبُو عُمَرَ: ثقة.

ابْنِ لَهِيعَةَ: ضعيف الحديث.

عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ حُسَيْنٍ: مجهول.

مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ: ضعيف الحديث.

أَبِيهِ (ثابت البناني): ثقة.

الْحَارِثِ: متهم بالكذب.

إذن الخلاصة هي أن الحديث شديد الضعف فيه ضعفاء ومجهول وكذاب.

وهكذا لا تبنى العقائد على حديث يتيم ساقط السند. 

أما من ناحية المتن فهو يتعارض مع المتواتر من الأحاديث الثابتة حول خروج الدجال وقتله على يد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام والتحريز الى الطور من ياجوج ومأجوج الذين لا يدان لاحد بقتالهم وأن كل أولئك إنما يتم على يد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لا اليسع كما في الرواية الشاذة.

أما من ناحية تطابق الحديث مع زعيم زمرة الموهومين فلا يسع عاقل إلا أن يلحظ التعلق الطفيف باسم ورد في حديث بالغ الضعف واستغلاله في دعوى ظهور نبي لم يأت ذكره إلا في رواية يتيمة ساقطة السند مضطربة المتن ومخالفتها من جهة أخرى لمعايير بعثة الانبياء، وخلو صاحب الدعوى فوق ذلك من أي رسالة داعية لظهوره في جماعة المؤمنين ودعوتهم ترك بيعة خليفة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وبيعته هو وغير ذلك من مخالفات واضحة.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 

مُسْلِم للّه  

#الإسلام   

#الجماعةالإسلاميةالأحمدية
الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

التهنئة لغير المسلمين

التهنئة لغير المسلمين







التهنئة هو دعاء وتمني الخير للآخرين، وهذا الأمر طيب من هذا الوجه. فقول عيد ميلاد سعيد في أعياد الميلاد مثلاً هو مجرد دعاء أن يكون الحدث سعيداً طيباً فقط، ولا يقصد المسلم مثلاً "عيد ميلاد الرب الذي نراه صحيحاً في هذا التاريخ" البتة، فلا يوجد مُسْلِم يعتقد برب غير الله تعالى، وكذلك نؤمن في الجماعة الإسلامية الأحمدية بأن عيسى عَلَيهِ السَلام لم يولد بين الثلوج. فمن البداهة ان لا يقصد المسلم ذلك بقوله "عيد سعيد" أو أتمنى لك ذلك. كما أن المسيح عَلَيهِ السَلام عندنا نحن المسلمين نبيٌّ واجب التبجيل، وحين نقول "ميلاد سعيد" فنحن نقصد ولادة النبي الذي نؤمن به أي سيدنا عيسى عَلَيهِ السَلام وليس يسوع الرب بطبيعة الحال. يقول تعالى:

﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾

ويقول تعالى: 

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَان﴾

ويقول ﷻ:

﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾

وقد ثبت أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يستقبل بالترحاب الوفود النصرانية وغيرها في المسجد النبوي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ويسمح لهم بالصلاة فى مسجده، وقد كان ﷺ يقول: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ .. لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ» (صحيح البخاري)، كما كان ﷺ يزور جيرانه النصارى واليهود ويعودهم عندما يمرض أحدهم، وكان يقوم لجنائزهم حينما تمر عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.

 كما كان من سنة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يهنِّئ أصحابه بحلول رمضان، فعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ يَقُول: «جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ».". (رواه أحمد)

إذن التهنئة بالأعياد والشهور والأعوام الإسلامية هي أمر مشروع ومندوبٌ إليه عملاً بقوله تعالى:

﴿قُل بِفَضلِ ٱللَّهِ وَبِرَحمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَليَفرَحُواْ هُوَ خَير مِّمَّا يَجمَعُونَ﴾

فهذا كله من باب البر والقسط والقول الحُسن لغير المسلمين.

أما إذا قال أحدهم "قام الرب من الموت" أو "قيامة مجيدة" أو هنأهم بهذه الأعياد فهو حرام لأنه إعانة في الكفر كما ثبت عن الإمامين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم عليهم رحمة الله تعالى. إنما الأعمال بالنيات ويجب الانتباه إلى نوع المناسبة والعبارات التي تقال ومدى علاقتها بالكفر والإيمان.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 

مُسْلِم لله

الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017

شبهات وردود سريعة حول هجرة المسيح

شبهات وردود سريعة حول هجرة المسيح








الاعتراض:

لم تكن من مصلحة اليهود ان يبحثوا عن المسيح بعد نجاته من الصليب ويطاردوه ويقبضوا عليه ايضاً، بل كان من مصلحتهم ان ينشروا خبر موته تأكيداً على كذبه. الحقيقة أن اليهود كان من مصلحتهم إخفاء أمر نجاة المسيح، بل كان من مصلحتهم الاستهزاء من كل من يقول بنجاته من الصليب، وذلك لأن مجرد بحثهم عنه يكون دليلاً واعترافاً منهم على نجاته وبالتالي تحقق نبوأته وتحقق صدقه. وقد كان الجليل مكاناً آمناً لتواجد المسيح خاصة وأن الجليل كان خارج سلطة الرومان، فلا داعي ليذهب المسيح إلى مكان آخر بل قد أطلق تلاميذه ليعمدوا كل الأمم، أي كل أمم إسرائيل، وبذلك لا داعي أيضا أن يذهب بنفسه إلى كل تلك الأمم وإنما يكفي أن يرسل تلاميذه إليهم كما فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي هو للناس كافة.



الرد:

لم يكن المسيح عَلَيهِ السَلام ليقيم في الجليل البتة، ذلك لأنه عَلَيهِ السَلام كان سابقاً قد طاف الجليل كله يكرز ويعلن بأنه المسيح، ولم يترك موضعاً في الجليل لم يسلكه حتى عرفه الجميع. فكيف يلجأ ويعيش في الجليل حيث يعرفه فيه الصغير قبل الكبير ! بل كان يعرفه حتى أهل المناطق المجاورة للجليل كسوريا ! لنقرأ التالي من إنجيل متى:

"وبَدَأَ يسوعُ مِن ذلك الحِين يُنادي فيَقول: «تُوبوا، قدِ اقتَربَ مَلكوتُ السَّمَوات». وكانَ يَسيرُ في الجَليلِ كُلِّه، يُعَلِّمُ في مَجامِعِهم ويُعلِنُ بِشارَةَ المَلَكوت، ويَشْفي الشَّعبَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وعِلَّة. فشاعَ ذِكْرُه في سورِيةَ كُلِّها." (إنجيل متّى)

كما أن القول بعدم وجود سلطة للرومان على الجليل غير صحيح مطلقاً إذ كانت الجليل مثل غيرها تحت حكم الرومان وسلطتهم وكان حاكم الجليل هو "هيرودس أنتيباس"، وهو الابن الأصغر لهيرودس من زوجته السامرية، وكان يحكم على الجليل وبيرية (انظر: لوقا 19:3)، وهو الذي أنشأ مدينة طبرية على الشاطئ الغربي لبحر الجليل وأطلق عليها الاسم تكريماً لطيباريوس، حتى أن المسيح عَلَيهِ السَلام وصفه بالثعلب (انظر: لوقا 32:13).

إذن إنْ كان الجليل غير آمن فلا داعي أن يهاجر المسيح عَلَيهِ السَلام إلى هناك ويتخفى لبقية حياته في هذا الخطر المحدق، بل يبقى في بلدته ويعيش متخفياً لباقي حياته، فلا فرق بين الجليل وغيرها من الناحية الأمنية فهو معروف هنا ومعروف هناك، وهنا يسكن اليهود وهناك، وهنا يحكم الرومان ويحكمون هناك.

أما الأمم فنحن متفقون لأن هذا هو الذي نقوله في أدبياتنا؛ أنَّ الأمم المقصودة هي أمم أو أسباط بني إسرائيل، وذلك لأن القرآن الكريم يشهد أنَّ المسيح عَلَيهِ السَلام أُرسل لبني إسرائيل فقط، وهو الأمر الذي قاله المسيح عَلَيهِ السَلام نفسُه في الإنجيل: 

"فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ»." (إنجيل متى 15: 24)

أما عن هذه الخراف فقال عَلَيهِ السَلام:

"وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ." (إنجيل يوحنا 10: 16)

أي توجد خراف أو أسباط أخرى ضائعة من بني إسرائيل ليست في هذه الأرض، وأن عليه أن يذهب إليها ويجمع شملها.

فهل يذهب هو أو غيره ؟ يجيب المسيح عَلَيهِ السَلام:

"وَمَتَى أَخْرَجَ خِرَافَهُ الْخَاصَّةَ يَذْهَبُ أَمَامَهَا، وَالْخِرَافُ تَتْبَعُهُ، لأَنَّهَا تَعْرِفُ صَوْتَهُ." (إنجيل يوحنا 10: 4)

فمن هو راعي هذه الخراف الذي يجب أن يذهب إليها فتتبعه ؟

يقول المسيح عَلَيهِ السَلام:

"أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ." (إنجيل يوحنا 10: 11)

إذن الراعي هو بنفسه عَلَيهِ السَلام، وهو أي الراعي الذي يجب أن يذهب إلى الخراف. 

هذا في الحقيقة هو الفرق بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وبين المسيح عَلَيهِ السَلام، فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يقل أن مهمته لقوم مُحدّدين ضائعين كالخراف وعليه أن يذهب إليهم بنفسه، بل هو للناس كافة، كما إنَّ رسالته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم باقية إلى انقضاء الزمان، أي لا تتحدَّد مهمته في حياته فقط بل تبقى إلى الأبد تنتشر في المعمورة، بينما المسيح عَلَيهِ السَلام كان مُرسلاً إلى أسباط إسرائيل الضائعة وهو الراعي لها الذي يجب أن يذهب بنفسه ويجمعها، وهذه المهمة تنتهي في حياته حتى ينزل الدين الأخير للبشرية ببعثة سيدنا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. فالفرق هائل بين الإثنين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. 

وقد ذكر المؤرخ الموسوعي خبير الكتاب المقدس والمختص بهجرة اليهود بعد السبي "ستيفن مكولينز" في كتابه: "The Lost Ten Tribes Of Israel Found" ذَكَرَ بأن المؤرخ اليهودي الفرّيسي "فلافيوس يوسيفوس" الذي عاصَرَ المسيحَ عَلَيهِ السَلام يؤكد بأن سبطَين فقط من الأسباط الإثني عشر لبني إسرائيل عادا إلى فلسطين وما حولها تحت سلطة الرومان، بينما بقي الأسباط العشر في شرق نهر الفرات:

"There ae but two tribes in Asia and Europe subject to the Romans, while the ten tribes are beyond Euphrates till now, and are an immense multitude, and not to be estimated by numbers.” (The Lost Ten Tribes Of Israel Found. Chapter 4 Excerpt The Scythian “Sacae” The Asian “Sons of Isaac”.)

فشرق الفرات هي إيران والهند والصين !

ويؤكد المؤرخ يوسيفوس بأن القليل فقط من بني إسرائيل كَانُوا في فلسطين، بينما القبائل العشر الباقية ظلّت في آسيا:

"Josephus affirmed that while contingents of Jews lived in Palestine, the ten tribes of Israel stayed in Asia. This is important because it refutes the misconception that the ten tribes migrated back to Palestine and were included with the Jews at the time of Christ." (نفس المصدر)

ثم يعود الكاتب ليشدد على أن يوسيفوس يؤمن صميماً بأن القبائل العشر لبني إسرائيل كانوا في آسيا في القرن الأول، وأنهم من الكثرة بمكان بحيث لا يمكن إحصائهم، وليس كالقلة الموجودين في فلسطين:

"Josephus asserts that the ten tribes ofIsrael were still in Asia in the first century A.D. His comment that the ten tribes were an “immense multitude” indicates we should expect to find very large masses of Israelites in Asia in the first century A.D., not isolated little remnants." (نفس المصدر)

أما إذا كانت مصلحة اليهود هي أن ينجح التلاميذ بإشاعة أن المسيح نجا ويسخروا منهم لما شددوا على الحاكم الروماني أن يضع حجراً كبيراً وحراساً على القبر ! لقد فعلوا ذلك وأكدوا على الحاكم بيلاطس أن يفعل ذلك كي لا يسرق تلاميذ المسيح جثته ويشيعوا أن نبوءته قد تحققت وأنه قام من الموت ! ولنقرأ من إنجيل متى:

"وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلاَطُسَ قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ. فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، لِئَلاَّ يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى!» فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ». فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ." (إنجيل متى 27: 62-66) 

إذن كان اليهود قلقين مِن تحقق نبوءة المسيح عَلَيهِ السَلام إذا اختفت جثته، فطالبوا الحاكم أن يضع حُراساً وصخرة كبيرة. أما العكس أي أن يرتاح اليهود لاختفاء جثة المسيح، فهذا ينسف الموضوع برمته، إذ لو كان الحال كذلك فلماذا يرحل المسيح إلى الجليل من الأصل !

ما قاله القس حلمي القمص يعقوب حول موضوع سرقة التلاميذ لجسد المسيح:

"هذا كان مجرد إشاعة أشاعها رؤساء الكهنة، وانتشرت بين اليهود في القرون الأولى، ففي محاورة يوستين مع تريفو رقم 108 في القرن الثاني الميلادي نجد قول اليهود 'عن واحد اسمه يسوع جليلي مخادع صُلِب، ولكن تلاميذه سرقوا جسده ليلًا من القبر الذي وضعوه فيه بعد إنزاله من على الصليب وأعلن التلاميذ أنه قام ثم صعد إلى السماء'. وفي دفاع ترتليان رقم 21 يقول 'وُجِد القبر فارغًا إلاَّ من الأكفان، ولكن شيوخ اليهود الذين أرادوا إخضاع الناس لأفكارهم، نشروا الكذبة التي تقول أن تلاميذه سرقوه.'" (كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها. العهد القديم من الكتاب المقدس- أ. حلمي القمص يعقوب)
 
من الطبيعي إذن أن لا يهنأ لليهود بال بعد اختفاء جثة المسيح، وأن من مصلحتهم العثور على (تلك الجثة) مهما كلّف الأمر لكي ينتهي أمره. الواقع إن اليهود يريدون للمسيح الناصري عَلَيهِ السَلام أن يموت ليثبتوا كذبه، ولذلك شددوا على حراسة قبره. وعندما اختفى المسيح عَلَيهِ السَلام من القبر أشاعوا أن التلاميذ سرقوا جثته، وهذا يعني أن المسيح إذا عاش بين ظهرانيهم سواء في القدس أو الجليل، فإن أي ربع معلومة سوف تقود إلى حملة شرسة للقبض عليه وإعادة صلبه بكل تأكيد. لذا، فإن القول ببقاءه في الجليل متخفياً لاكثر من 90 عام (حسب الحديث الشريف) ليس مستبعداً فحسب بل يطعن بالمسيح عَلَيهِ السَلام الذي سيبقى في عيش اللصوصية والخوف والتردي بدل الازدهار لكل هذا الوقت، بالإضافة لعدم إتمام المهمة التي بُعث من أجلها وهي الذهاب إلى خراف بيت إسرائيل الضالة.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 

مُسْلِم لله

الرد على وإسم أبيه اسم أبي

الرد على وإسم أبيه اسم أبي 




نقل بعض أهل الحديث عن ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن النبيّ ﷺ أنّه قال: 

"المهدي يواطئ اسمُه اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي."

وفي بعضها "لا تذهب الدنيا -أو لا تقوم الساعةـ حتّى يبعث الله رجلاً وفي بعضها "حتّى يملك الناسَ رجلا"- من أهل بيتي يواطئ اسمُه اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي." ولكنها زيادة معلولة كما سنرى.

● روى هذا الحديثَ بعض محدّثي أهل السنّة عن ابن مسعود  ؓنفسه، كما في مسند الإمام أحمد كالتالي:

"حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا سفيان بن عيينة، ثنا عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي ﷺ: «لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»." (مسند أحمد، ج 1، ص 377)

"واسمه اسمي"

فقط !

كما ورد في عدّة مواضع أيضا من المسند مثل: مسند أحمد بن حنبل، ج 1، ص 377. وكذلك ج 1، ص 376 – 377. 

● روى البعض الآخر من محدّثي أهل السنّة كالترمذي في سُننه هذا الحديث عن ابن مسعود، وفيه (واسمه اسمي) فقط، ثمّ قال الترمذي: "وفي الباب: عن عليّ، وأبي سعيد، وأم سلمة، وأبي هريرة، وهذا حديث حسن صحيح." وهو كالتالي:

"حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي، أخبرنا أبى أخبرنا سفيان الثوري، عن عصام بن بهدلة، عن زر، عن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»." (سنن الترمذي، ج 3، ص 343)

وفي سنن الترمذي أيضا:

"حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطار، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي ﷺ قال: «يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»." (سنن الترمذي، ج 3، ص 343. قال عاصم: هذا حديث حسن صحيح.)

● توجد لهذا الحديث بهذا اللفظ أسانيد أخرى ترجع إلى كلّ هؤلاء الصحابة -غير ابن مسعودـ تتفّق في خلوّها من زيادة (واسم أبيه اسم أبي).

● لقد حذا أكثر الحفّاظ حذو الترمذي، فقد أخرج الطَّبرانيُّ الحديثَ في معجمه الكبير عن ابن مسعود  ؓمن طرق كثيرة أخرى بلفظ «إسمه اسمي». والحديث:

"حدثنا موسى بن زكريا، نا محمد بن يحيى الأزدي، نا داود بن المحبر، نا المحبر بن قحذم عن معاوية بن قرة عن أبيه قال قال رسول الله ﷺ: «لتملأن الأرض جورا وظلما، فإذا ملئت جورا وظلما بعث الله رجلا اسمه اسمي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما»." (المعجم الأوسط للطبراني، ج 8، ص 178)

● أخرج الحاكم في "المستدرك على الصحيحين" الحديث المذكور عن ابن مسعود بلفظ (يواطى اسمه اسمي) فقط، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يُخرجاه. كما تابعه على ذلك الذهبي في تلخيص المستدرك، ورواه البَغَوي في "مصابيح السنّة" عن ابن مسعود دون الزيادة، وصرّح بحُسن الحديث.

● صرّح المقدسي الشافعي بأنّ أئمّة الحديث لم يرووا تلك الزيادة، فقال  ـبعد أن أورد الحديث عن ابن مسعود بدون الزيادة- : "أخرجه جماعة من أئمّة الحديث في كتبهم، منهم الإمام أبو عيسى الترمذي في جامعه، والإمام أبو داود في سننه، والحافظ أبو بكر البيهقي، والشيخ أبو عمرو الداني، كلّهم هكذا أي بدون زيادة (واسم أبيه اسم أبي).".

ثمّ أخرج المقدسي الشافعي جملة من الأحاديث المؤيّدة له، مُشيراً إلى من أخرجها من الأئمة الحفّاظ كالطبراني، وأحمد بن حنبل، والترمذي، وأبي داود، والبيهقي، عن عبد الله بن مسعود، وعبدالله بن عمر، وحذيفة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم. 

● استقصى الحافظ أبو نعيم الاصفهاني (ت 430 هـ) في كتابه «مناقب المهدي» طُرق هذا الحديث عن عاصم بن أبي النجود، عن ابن مسعود، حتّى أوصلها إلى 31 طريقاً، ولم يُرْوَ في واحد منها عبارة (واسم أبيه اسم أبي)، بل اتفّقت كلّها على رواية (اسمه اسمي)، وقد نقل نصّ كلامه الكنجي الشافعي (ت638هـ) في كتابه «البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السّلام» ثمّ عقّب على ذلك بقوله: "ورواه غير عاصم، عن زَرّ ـوهو عمرو بن حرّة ـ عن ابن مسعود، كلّ هؤلاء روَوا (اسمه اسمي)، إلاّ ما كان من عُبيد الله بن موسى، عن زائدة عن عاصم عن ابن مسعود، فإنّه قال فيه «واسم أبيه اسم أبي». 

إذن الحديث من دون الزيادة المزعومة مرويٌ عن خمسة من الصحابة، أو ستة مع حديث أم سلمة الذي عرض له الترمذي، ناهيك عن كونه مروي عن زر عن ابن مسعود من طريقين، هما: عاصم عن زر، والثاني: عمرو بن مرة عن زر خالٍ من هذه الزيادة.

لا يمكن إهمال اتفاق هؤلاء الائمة الحفاظ على إسقاط الزيادة (واسم أبيه اسم أبي) لو كانت مروية حقا عن ابن مسعود  ؓ! 

إذن فهذه الزيادة المعلولة لا اعتبار لها مع اجتماع هؤلاء الأئمّة على خلافها، ومن ثم فالحديث الحق هو: 

"يواطئ اسمه اسمي." 

كما أن الزيادة على فرض صحتها لا تخالف إذ تُحمَل على تطابق الصفات لا الإسم، وفي هذا يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:

"وأمّا توارد اسم الأبوين كما جاء في حديث نبيّ الثقلَين، فاعلم أنه إشارة لطيفة إلى تطابُق السرَّين من خاتم النبيين. فإن أبا نبينا صلى الله عليه وسلم كان مستعدّا للأنوار فما اتفق حتى مضى من هذه الدار، وكان نورُ نبيّنا موّاجًا في فطرته، ولكن ما ظهر في صورته، والله أعلم بسرّ حقيقته، وقد مضى كالمستورين. وكذلك تشابهَ أبُ المهدي أبَ الرسول المقبول." (سر الخلافة)

ويقول عليه السلام:

 واعلم أن المراد من مواطأة الاسمين مواطأة روحانية لا جسمانية فانية، فإن لكل رجل اسم في حضرة الكبرياء، ولا يموت حتى ينكشف سرّ اسمه سعيدًا كان أو من الأشقياء والضالين. وقد يتفق توارُدُ أسماء الظاهر كما في "أحمد" و"أحمد"، ولكن الأمر الذي وجَدْنا أحقّ وأنشد، فهو أن الاتحاد اتحاد روحاني في حقيقة الاسمين، كما لا يخفى على عارفٍ ذي العينين." (سر الخلافة) 

وقد كان كان اسم المسيح الموعود عليه السلام بالفعل أحمد. أما غلام فهو جزء من اسم العائلة؛ فقد كان اسم أبيه ميرزا غلام مرتضى، واسم أخيه ميرزا غلام قادر. ومع أن "غلام" هي جزء من اسم العائلة، فهي تعني الخادم والعبد، وتشير أيضا إلى حقيقة مواطأة اسم الإمام المهدي لاسم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث إن المواطأة لا تعني المطابقة، وإلا لقال صلى الله عليه وسلم: اسمه اسمي. ومن المواطأة تعني أيضا التقديم والتهيئة والتمهيد، وأيضا اتباع الخطوات؛ أي كأنه يضع أقدامه حيث وضع النبي صلى الله عليه وسلم أقدامه، وتبعه في كل صفة من صفاته. وهذا ما تحقق فعليا في الإمام المهدي عليه السلام، وما يشير إليه اسم "غلام أحمد"؛ أي خادم أحمد حيث مرزا تعني من بيت النبي ﷺ، وغلام أي خادم، أحمد أي اسم النبب ﷺ. ففي الحقيقة لا يواطئ مُحَمَّد ﷺ إلا مرزا غلام أحمد.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

مُسْلِم لله


الأحمدية في إندونيسيا

الأحمدية في إندونيسيا .. نُبذة موجزة وعِبرة عظيمة






تعود بداية تاسيس الجماعة الإسلامية الأحمدية في إندونيسيا إلى العام 1925 في عهد الخليفة الثاني للمسيح حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الذي أرسل الداعية والمبشر الأحمدي حضرة "رحمة علي" رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (1958-1893) والذي كان أحد صحابة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أرسله إلى إندونيسيا حيث حطَّ الرِحال في جزيرة سومطرة، وقد انضمَّ للجماعة الإسلامية الأحمدية 13 مواطن إندونيسي فقط في الأيام الأولى. ثم ازداد العدد بشكل لافت حين دخل جميع مصلّي أحد المساجد إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية فتحول المسجد تلقائياً إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية وسُمّي بمسجد "بيت الرحيم" الذي يظهر في الصورة. (من هنا)

أما اليوم فيُقدَّرُ عدد المسلمين الأحمديين في إندونيسيا بأكثر من 400,000 (أربعمائة ألف) مواطن إندونيسي وفق إحصائيات 2014 (1)،

ووفق إحصاء المؤرخ الأمريكي "بروس ڤون" فإن عدد الأحمديين في إندونيسيا يُقدَّرُ بـ 500,000 (خمسمائة ألف) مواطن إندونيسي في العام 2014 (2).

قام حضرة رحمة علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ببناء أول مسجد للجماعة الإسلامية الأحمدية في إندونيسيا في عام 1937، وكان خليفة المسيح الرابع  ؒ هو أول خلفاء المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي يزور إندونيسيا حين زار البلاد في يوليو من عام 2000 حيث وضع حجر الأساس لمسجد ومدرسة ثانوية جديدتين، والتقى حضرته بالرئيس الإندونيسي لقاء ودّياً للغاية ثم وجَّهَ حضرته خطاباً إلى الحشود الغفيرة من الشعب الإندونيسي عبر التلفاز، ونقلته الصحافة ومحطات الإذاعة الإندونيسية، وبعدها عقد حضرته مؤتمراً صحفياً حضره شخصيات مرموقة من ساسة وأطباء ومفكرين إندونيسيين. (من هنا)

يقول المؤرخ "أحمد نجيب برهاني" أنَّه ومنذ بداية تأسيس الجماعة الإسلامية الأحمدية في إندونيسيا بدأت شوكة المسلمين تشهد قوة ولأول مرة أمام موجات التنصير التي كانت مسيطرة قبل ذلك في البلاد حينما كان التنصير يبتلع المسلمين بسبب ضعف الفكر الديني في البلاد، فاستطاع المسملون بعد مناظرات الجماعة الإسلامية الأحمدية مع المُنصِّرين وهزيمتها لهم استطاع باقي المسلمين مواجهة حملات التنصير بحجة الاحمدية القوية المُفحِمة للمُنصّرين (3). 

يقول المؤرخ B.J. Boland بأن قوة حجج الجماعة الإسلامية الأحمدية أثّرت كثيراً على التراث الديني الإندونيسي لدرجة أن أفكار وبراهين الجماعة الإسلامية الأحمدية خاصة في مواجهة التنصير بالحجج الدامغة أصبحت هي الأساس والمورد للفكر الديني العام في البلاد الذي أخذت تنهل منه جميع الفِرَق والجماعات الإسلامية بلا استثناء لتكوين منهجها في نشر رسالة الإسلام ومواجهة التنصير (4).

لهذا الموقف الشجاع كانت الجماعة الإسلامية الأحمدية تحظى بالإعجاب عند مسلمي إندونيسيا حتى أن الرئيس الأول للبلاد بعد الاستقلال السيد "سوكارنو" امتدح فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية وعملها وطريقتها المثلى في إشاعة الإسلام ودحر الهجمات التنصيرية ضد الإسلام (4).

من بين الشخصيات الإندونيسية المهمة في التاريخ والتابعة للجماعة الإسلامية الأحمدية الموسيقار الإندونيسي الشهير "رودولف سوبراتمان" المولود في 1903، وكان دارساً للتراث الإندونيسي والتاريخ الأوربي بشكل خاص. كان "سوبراتمان" قد ألّفَ العديد من المقطوعات الموسيقية المعروفة في تاريخ إندونيسيا ولعب دوراً سياسياً ناجحاً في الثقافة الإندونيسية حتى أصبحت صوره رمزاً وطنياً تُنشَر في الطوابع الحكومية والأوراق النقدية، كما أنه هو مؤلف النشيد الوطني الإندونيسي الذي أقرَّته الدولة عام 1944 في عهد الرئيس "سوكارنو"، ولا زال إلى اليوم هو النشيد الوطني الرسمي للبلاد. وقد منحت الحكومة الإندونيسية لقب "البطل القومي" للموسيقار "رودولف سوبراتمان" نظراً لخدماته للبلد وهو اليوم أشهر شخصية في تاريخ إندونيسيا. توفي السيد "سوبراتمان" عام 1938 فتمت مراسم الدفن بموكب حكومي فخم وتم تخصيص مبنى رسمي ليضم جثمان الرمز الوطني الكبير وأطلق عَلَيهِ "مقام سوبراتمان البطل الوطني" حيث يزوره الإندونيسيون اليوم لتقديم الاحترام والتبجيل لأهم شخصيات بلدهم، وكذلك خصص له تمثال في حديقة العاصمة للتعريف بفنه ومواقفه الوطنية. (5).

يمكن الاستماع إلى النشيد الوطني الإندونيسي الذي ألَّفه وقام بتلحينه المسلمُ الأحمديُّ الراحل سوبراتمان رحمه الله.

منشورنا حول المرحوم سوبراتمان ضمن سلسلة شخصيات أحمدية.





بعد تعافي موقف الفرق الإسلامية في إندونيسيا بسبب مواجهة الجماعة الإسلامية الأحمدية للتنصير والتسبب في انحسار تأثيره عزف مشايخ الفرق والجماعات التي كانت تحتمي بالأحمدية بالامس عزفوا عن الاهتمام بالجماعة الإسلامية الأحمدية بل وبدأت سلسلة الاضطهاد ضدها تتصاعد يوماً بعد يوم وتصدر فتاوى التكفير والإخراج من الإسلام منذ ثلاثينيات القرن الماضي لغاية يومنا هذا وبدأت معها سلسلة حرق مساجد الجماعة الإسلامية الأحمدية ومنع الناس من الانضمام إليها ومعاقبتها وطرد الأحمديين من مساكنهم لدرجة أن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ووزارة الخارجية أصدرت بياناً قانونياً يمنع بموجبه نشر فكر الأحمدية في البلاد، والمخالف مُعرَّض لعقوبة السجن لمدة لا تقل عن 5 سنوات ! (6).

كان من أبرز الاعتداءات التي تعرّض لها المسملون الأحمديون هو الاعتداء الذي حصل يوم 6 فبراير عام 2011 حين هاجم حشدٌ  يبلغ تعداده 1500 من المسلمين المتشددين حيّاً يسكنه بعض الأحمديين وقاموا بضرب الأحمديين وتخريب ممتلكاتهم قُتِل على أثرها ثلاثة أحمديين وجُرح خمسة آخرون فيما ترك الباقون منازلهم خوفاً من العنف عليهم وَعَلَى أطفالهم والحشد المسلح بالهراوات والحجارة وقناني النار يطاردهم ويهتف "اقتلهم اقتلهم !" ! (7).

يمكن مشاهدة هذا التقرير السريع حول الحادث.

لقد تعرّض المسملون الأحمديون ولا زالوا يتعرضون لأعمال عنف شبه يومية في عموم إندونيسيا ويُمنَعون من ممارسة حياتهم اليومية ويُطردون من منازلهم بأوامر من شيوخ المساجد المتشددين، وقد سجّلَ أحد الخبراء الغربيين لافتة على أحد الطرق في العاصمة جاكارتا تقول "ممنوع على الأحمديين سلوك هذا الطريق" في خطوة غير مسبوقة للعنف والكراهية والتفرقة الدينية (8).

كذلك قامت السلطات الإندونيسية بإغلاق "مسجد النور" التابع للجماعة الإسلامية الأحمدية في العاصمة "جاكرتا" صباح يوم الأربعاء من شهر يوليو 2015 (من هنا) وذلك بعد خروج حشود من الأهالي والمشايخ قبل ذلك بأسبوعين في مظاهرة بالهراوات لمنع الأحمديين من إقامة صلاة الجمعة في المسجد المذكور مما حدا بالأحمدين إلى الصَلاة في ناصية الشارع. وأعرب مجلس العلماء والفتوى في إندونسيا عن ارتياحه وسعادته لقرار الحكومة بغلق المسجد بعد جهود طويلة لتحقيق هذا الهدف مبينين أن الجماعة الإسلامية الأحمدية غير مرحب بها في إندونيسيا.

ومن بين هذه الاضطهادات إغلاق المشايخ لمساجد الجماعة الإسلامية الأحمدية حيث حاول الأحمديون مناشدة الحكومة لإعادة فتح مساجدهم لأداء صلاة الجمعة على الأقل ولكن الحكومة كانت تحت تأثير الجو الديني السائد والمعادي للجماعة الإسلامية الأحمدية. وبدأ الأمر عندما حاول المشايخ وأتباعهم وبعض المتأثرين بهم من السكان المحليين في "جاكرتا" العاصمة حاولوا التصدي للمصلين الأحمديين والوقوف أمام أي محاولة منهم لفتح المسجد للصلاة وخاصة أيام الجمعة مدججين بالهراوات والعصي لضرب كل من تسول له نفسه أداء الصَلاة داخل حرم "مسجد النور" التابع للجماعة الإسلامية الأحمدية مما أجبر المصلين من الرجال والنساء والصغار إلى الصَلاة في العراء في أكثر الحوادث تناقضاً مع روح الإسلام الحنيف.

وكان مشايخ إندونيسيا في كانون الثاني من 2016 قد صرَّحَوا بالقول: "يجب على الأحمديين أن يعودوا إلى مذهب السُنَّة وإلا فسيُطرَدوا من العاصمة جاكارتا وإندونيسيا كلها، وبخلافه فسوف يتحملون العواقب.". وكانت جموع من الأهالي قد احتشدوا في جزيرة سوماطرا الإندونيسية وقاموا بحرق منازل الأحمديين في أكثر الأحداث عنفاً بإندونيسيا في محاولة لإخافة أتباع الجماعة الإسلامية الأحمدية لترك معتقدهم والعودة إلى مذهب السنة.

وقد وصل الحد باضطهاد الأحمديين وظلمهم إلى درجة أن أحد الساسة في البرلمان اقترح أن يتم ترحيل الأحمديين من إندونيسيا إلى جزيرة نائية لكي لا يحتكوا بباقي المواطنين (9).

مع كل هذا الاضطهاد الظالم فإن الجماعة الإسلامية الأحمدية لم تنسى واجبها الإنساني تجاه البشر ومنهم الإندونيسيين، فقد وقفت الجماعة الإسلامية الأحمدية عبر مؤسستها الإنسانية  "الإنسانية أولاً" التي أسستها الجماعة بأمر من خليفة المسيح الرابع رحمه الله، وأرسلت بعثات النجدة والإغاثة والمساعدات إلى الشعب الإندونيسي باستمرار. ومن بين ذلك الحملة التي أطلقتها الجماعة الإسلامية الأحمدية لنجدة وإنقاذ أهالي مدينة "آشه" بدار السَلام في إندونيسيا لليوم الرابع على التوالي بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلدة قبل أيام مخلَّفاً ضحايا وخراب في الممتلكات والمساجد والمؤسسات المختلفة. وقد أرسلت الجماعة الإسلامية الأحمدية فرع إندونيسيا 16 فريقاً طبياً لإسعاف الناجين مستقبلين لحد الآن أكثر من 550 مُصاباً يتلقون العلاج اللازم فيما يتم توزيع المساعدات الإنسانية الأساسية مع توفير غرف مدفأة للمبيت إلى جانب تقديم وجبات الطعام والشراب والمستلزمات الصحية ريثما يتم إصلاح الدور المتضررة. ولم تنس الجماعة الأطفال الذين شهدوا هذا الحال المخيف فخصصت لهم يومياً أوقاتاً للّعب والمرح مع أعضاء الفريق للتخفيف من الصدمة النفسية عن الأطفال الأبرياء. وتعمل الجماعة عبر مؤسستها "الإنسانية أولاً" لتقديم العون والمساعدات لكل المحتاجين حول العالم لوجه الله تعالى ورفع اسم نبيه رحمة العالمين مُحَمَّد المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي تشوهه العصابات الإرهابية كداعش والقاعدة والشباب وغيرها من العصائب باسم الدين. ويذكر أن مواساة الخلق هي شرط أساسي في تعاليم الإسلام الحنيف وقد ثبّته المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ضمن شروط البيعة الواجبة على كل مسلم ينضم للجماعة الإسلامية الأحمدية.

وهذا دأب الجماعة الإسلامية الأحمدية بلا توقف ولله الحمد والفضل.

من المؤسف أن سلسلة الزلازل المرعبة بدأت تعصف بإندونيسيا بكثرة مطردة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وهذا ليس بصدفة، إذ بدأت في هذه السنين تحديداً تصدر فتاوى التكفير ضد الجماعة الإسلامية الأحمدية من قِبل مشايخ الفرق الإسلامية، لتتجاوز أكثر من 64 زلزالاً في غضون أربعين إلى خمسين سنة فقط، منها أعنف زلزال مُسَجَّل في تاريخ البشرية بلغ أعلى من 9.3 على مقياس ريختر، وذلك بعد أن كان زلزال واحد يضرب كل مائة أو خمسين سنة أو ما يقارب ذلك، كما ثارت في هذه الفترة البراكين بعدد وصورة غير مسبوقة ! (10). 

فليعتبر الذي كان من المبصرين 

نسأل الله تعالى العفو والعافية لأهل إندونيسيا جميعا اللهم آمين 

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 

مُسْلِم لله 

.......................

المصادر:

1- Indonesia. The Association of Religious Data. Retrieved April 26, 2014.

2-  Bruce Vaughn. Indonesia: Domestic Politics, Strategic Dynamics, and American Interests. Diane Publishing Co. p. 20. Retrieved February 22, 2014..

3- Ahmad Najib Burhani December 18, 2013. "The Ahmadiyya and the Study of Comparative Religion in Indonesia: Controversies and Influences". Islam and Christian–Muslim Relations. 25. Taylor & Francis. p. 145.

4- Ahmad Najib Burhani December 18, 2013. "The Ahmadiyya and the Study of Comparative Religion in Indonesia: Controversies and Influences". Islam and Christian–Muslim Relations. 25. Taylor & Francis. p. 150-151 & 147.

5- scout.org/node/34000 .

6- Indonesia to ban Ahmadi activities". September 6, 2008. Archived from the original on July 24, 2009. Retrieved March 29, 2015.

7- Tom Allard 27 April 2011. "Trial begins after shocking mob violence ends in slaying". The Sydney Morning Herald. Retrieved March 29, 2015.

8- Anthony Deutsch February 18, 2011. "Religious tensions grow in Indonesia". Financial Times. Retrieved March 29, 2015.

9- Ahmadis should live on isolated island: Legislator". Jakarta Post. February 17, 2011. Archived from the original on April 2, 2015. Retrieved March 29, 2015.

10- Volcano Data Criteria". Global Volcanism Program. Smithsonian Institution. Retrieved 14 June 2015.

الأحمدية أنجح فرقة إسلامية في أمريكا

الأحمدية أنجح فرقة إسلامية في أمريكا





البروفيسور ويليام مانينغ مارابل William Manning Marable (توفي في 2011) هو أستاذ التاريخ والدراسات الأفروأمريكية في جامعة كولومبيا Columbia University ومؤسس معهد الدراسات الأمريكية الأفريقية، والحاصل على جائزة بوليتيزر للتاريخ Pulitzer Prize for History عام 2012. يقول الأستاذ مارابل في كتابه الذي ألفه حول سيرة الناشط والداعية الأمريكي الشهير مالكوم أكس Malcolm X ما يلي:

"على صعيد الفكر الديني، كانت الطائفة الأكثر نجاحا في أميركا هي الجماعة الإسلامية الأحمدية التي أسسها حضرة مرزا ​​غلام أحمد (1835-1908) في البنجاب. ... وقد كان أول إنجاز للجماعة الإسلامية الأحمدية في أمريكا بين عامَي 1921 و 1925 حينما تمكَّنَ المبشر الأحمدي الأول من قاديان 'المفتي محمد صادق' تمكَّنَ مِن إقناع أكثر من ألف أميركي بين البِيض والسود بالانضمام إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية في شيكاغو وديترويت. وفي يوليو 1921 قام المفتي محمد صادق بتأسيس أول صحيفة إسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية وهي "شروق شمس الإسلام". (كتاب: Malcolm X: A Life of Reinvention)

مُسْلِم لله
عربي باي