الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

الجمعة، 31 يناير 2014

وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ

ولـو  تـقـوّل  عـلـيـنـا  بـعـض  الأقـاويـل



﴿إنَّـه لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ * وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * تَنـزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنـه بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنـه الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنـه حَاجِزِينَ﴾ سورة الحاقة


هذه الآية العظيمة هي من أهم المعايير على صِدق أو كذب المدّعين والتي يستدل بها المسلمون الأحمديون على صِدق حضرة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام).


 

جاء في شرح العقيدة الطحاوية حول هذه الآية الكريمة :


" وهذا مما يقتضي أنه لا يجوز أن يؤيد كذابا عليه بالمعجزات التي أيد بها الصادقين ، فإن هذا شر عام للناس ، يضلهم ، فيفسد عليهم دينهم ودنياهم وأخراهم ... وأما المتنبئون الكذابون فلا يطيل تمكينهم ، بل لا بد أن يهلكهم ، لأن فسادهم عام في الدين والدنيا والآخرة ، قال تعالى : ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين [ الحاقة : 44 - 46 ] .


كتاب شرح العقيدة الطحاوية

علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي الحنفي المتوفى سنة 792 هـ ( من المدرسة السلفية )

مؤسسة الرسالة

سنة النشر: 1417هـ / 1997م 

عدد الأجزاء: جزءان


⍎⍎⍎⍎⍎⍎⍎⍎⍎⍎⍎⍎⍎⍎⍎⍎⍎


ملاحظة / يُعَد كتاب العقيدة الطحاوية المسماة بـ "بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة" أحد أهم الكتب في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة كما وردت في منبعيها الكتاب والسنة بعيداً عن الآراء والمذاهب. كتبها أبو جعفر الطحاوي المتوفى سنة 321هـ وقد شرحها كثير من العلماء من أشهرهم علي بن أبي العز. 


لقي كتاب (العقيدة الطحاوية) القبول عند كل مدارس أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية والسلفية وكل منهم يعتبره مفصحاً عن عقيدته. لذا وجدت شروحات عليه من كلا المدرستين الأشعرية والسلفية. يقول تاج الدين السبكي في معرض الحديث عن اعتقاد أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة: «وهذه المذاهب الأربعة ولله الحمد والمنة في العقائد يدٌ واحدة، إلا مَـن لحق منها بأهل الاعتزال والتجسيم، وإلا فجمهورها على الحق يقرّون عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها العلماء سلفاً وخلفاً بالقبول ويدينون الله برأي شيخ السنة أبي الحسن الأشعري الذي لم يعارضه إلا مبتدع»[معيد النعم ومبيد النقم، تأليف: تاج الدين السبكي، ص25].

 


فمن هو الأقرب لأقوال السلف؛ المسلم الأحمدي أَم المسلم السلفي ؟

الثلاثاء، 28 يناير 2014

اعتراف الأنتي أحمدية بتفوق الجماعة الإسلامية الأحمدية في حسن تمثيل الإسلام وانضمام الناس إليهم لأسوتهم الحسنة


اعتراف الأنتي أحمدية بتفوق الجماعة الإسلامية الأحمدية في حسن تمثيل الإسلام وانضمام الناس إليهم لأسوتهم الحسنة


المولوي 'منظور شينيوتي' الشهير بمعاداة الأحمدية يعترف بأن المسلمين غير الأحمديين ينضمون إلى الأحمدية لأنها تمثل الإسلام بصورة أفضل. كما اعترف أيضا أن الأحمديين يرددون الشهادتين ويصلّون خمس مرات في اليوم ويقومون بالأعمال الصالحة وهذا ما يدفع الناس إلى الإنضمام إليهم معتبرين إنهم انتقلوا من الإسلام التقليدي إلى الإسلام الأفضل.


والسؤال هنا ؛ إذا كانت الأحمدية تمثل الصورة الأفضل للإسلام وأن عقائدها ممتدة من القرآن الكريم والحديث الشريف، فلماذا تحاربونها ؟


الخميس، 23 يناير 2014

المسيح الناصري في الهند من النصوص الهندوسية القديمة

المسيح الناصري في الهند من النصوص الهندوسية القديمة


بورانا 'بهافيشيا ماها' :

تعتبر نصوص الـ 'بورانا' الهندوسية من المصادر التاريخية الهامة، وعددها 18 بورانا (أو نصاً مقدساً). وهذه الـ'بهافيشيا ماها' التي كتبها 'ڤياس جي' هي البورانا التاسعة من بين النصوص، وقد تم تدوينها باللغة السنسكريتية، ويقال بأنها كتبت في عام 115 للميلاد وتم طبعها لأول مرة في العام 1910 للميلاد بناء على أوامر المهراجا السير 'بارتاب سينغ' حاكم كشمير.

تقول النصوص ما يلي :

"جاء الـ'ساكا' (الأجانب الذين استقروا في كشمير) إلى 'أرياديش' (الإسم القديم للهند) بعد عبورهم نهر السند، وجاء بعضهم أيضا من خلال ممرات أخرى عبر جبال الهيمالايا، محملين بالغنائم. في وقت لاحق صعد المهراجا 'شالواهن' إلى العرش، وفي زمن قصير جداً تمكن (الملك الجديد) من هزيمة الـ'ساكا' و 'الصين' و 'التتار' و 'الواهكيين' (البخاريين) و 'الكامروبيين' (البارثيين) و'الخراسانيين' وعاقبهم بشدة. ثم قام بوضع 'الماليك' (الكفار) و 'الآريين' وتوزيعهم على البلدان المختلفة. فأبقى 'الماليك' ما وراء نهر السند والآريين على هذا الجانب من النهر. وذات يوم قام بزيارة لإحدى البلدان الواقعة في جبال الهيمالايا. وأثناء وجوده في تلك البلدة التقى بشخص جليل يبدو من هيئته أنه زعيم الـ ساكا (الأجانب) في 'ڤيين' (منطقة تبعد 18 كم من سريناجار)، وكان ذو بشرة بيضاء ويرتدي ملابس بيضاء أيضا، فسأله من يكون، فكانت إجابته بأنه يدعى 'يوساشافاط' (يوز آساف)، وبأنه قد وُلِدَ من امرأة فقط. أصيب 'شالاواهن' بالدهشة عند سماع ذلك. ثم أردف الشخص القول مبيّناً بأنه لا يتكلم إلا الحق وأن مجيئه كان لتجديد الدين، فسأله الراجا 'شالاواهن' ماهو دينه، فأجاب: "أيها الراجا، عندما ارتفعت الحقيقة واستطار الشر في بلاد الـ'ماليك' حان موعد ظهوري، وبقدومي ومن خلال أعمالي التي قمت بها عانى المذنبون والأشرار، كما أنني عانيت كثيرا جدا على أيديهم". فسأله الراجا مرة أخرى ماذا كان دينه، فأجاب:" إنه المحبة والحقيقة وتنقية القلب، ولهذا السبب إسمي هو عيسى المسيح". وبعد إظهار الاحترام والتبجيل لذلك الشخص الجليل عاد الراجا 'شالاواهن' إلى الديار...".

(بورانا 'بهافيشيا ماها'، ص 282، الفصل الثالث، اللوح الثاني، الشالوك 9-31؛. ترجمة الدكتور 'شيف ناث شاستري')

(الصورة) نص بورانا 'بهافيشيا ماها' يوثق الحديث الذي جرى بين الراجا 'شالاواهن' و "عيسى المسيح" (يسوع المسيح)


ملاحظة / يذكر الدكتور 'محمد ياسين' بأن كلمة "يوساشافاط" (يوز آساف) قد أستعيض عنها في النص أيضا بـ "إيشابوترام" (ابن الله)، والذي هو في حد ذاته دليل قاطع على كون هذا الشخص هو  يسوع المسيح. (أسرار كشمير للدكتور محمد ياسين، ص 4)



( المصدر : كتاب 'المسيح في كشمير' تأليف 'عزيز كشميري' ، الصفحة 86-87 )


الأربعاء، 22 يناير 2014

الفتن الست و الإمام المهدي .. قراءة في حديث




الفتن الست و الإمام المهدي .. قراءة في حديث


جاء في كتاب فتح الباري ما يلي : 
 

{وَقَعَ فِي رِوَايَة لِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيق الشَّعْبِيّ عَنْ عَوْف بْن مَالِك فِي هَذَا الْحَدِيث " أَنَّ عَوْف بْن مَالِك قَالَ لِمُعَاذٍ فِي طَاعُون عِمَوَاسٍ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي : اُعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَة , فَقَدْ وَقَعَ مِنْهُنَّ ثَلَاث , يَعْنِي مَوْته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَتْح بَيْت الْمَقْدِس وَالطَّاعُون , قَالَ وَبَقِيَ ثَلَاث فَقَالَ لَهُ مُعَاذ : أَنَّ لِهَذَا أَهْلًا " . وَوَقَعَ فِي الْفِتَن لِنُعَيْمِ بْن حَمَّاد أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّة تَكُون فِي زَمَن الْمَهْدِيّ عَلَى يَد مَلِك مِنْ آلِ هِرَقْل .} (فتح الباري بشرح صحيح البخاري, كتاب الجزية)

إذا تدبّرنا قول الصحابي عَوْف بْن مَالِك (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) عن الفتن الست التي أنبأ عنها النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) سيتضح لنا بأن الصحابة كانوا يفهمون بأن موت النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) كان من أعظم البلايا التي حدثت في الأمة الإسلامية حيث بدأت الفتن بالبروز وتسبب رحيله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) في ظهور الانقسامات وضعف شديد في صفوف المسلمين فلم تكن غير الخلافة سداً و مصداً آمنا منها قاضية على أوارها. ثم من كلام الصحابي أيضا نفهم أن ثاني الفتن كانت فتح بيت المقدس (أي قضية فلسطين) حيث فتح عمر بن الخطاب (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه) القدس كما هو معروف وأستمر حكم الإسلام 400 سنة متتالية للقدس حتى الحملة الصليبية الأولى في 1099 حيث تعد هذه الحملة نقطة تحول رئيسية في توسع القوى الغربية، ومؤشراً على فتور التفوق في العالم الإسلامي نتيجة انقساماته، كما لعبت هذه الحملة وما تلتها من الحملات دوراً كبيراً في نقل جين الحضارة والمدنية من العالم الإسلامي إلى أوربا، وبالتالي كانت إحدى المراحل الأساسية لبداية النهضة فيها. ولا بد أن فهم الصحابة (رَضِيَ اللهُ عَنْهُم) لم يكن عن فراغ بل وفق نبوءات فهموا منها حظا خلال مسيرتهم مع رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم). وبالمحصلة فالعلامة أو النبوءة الثانية أي فتح بيت المقدس كانت انعطافة تاريخية ومؤشر على فتنة عظيمة نخرت في جسد الأمة. العلامة الثالثة حسب نص الحديث هي الطاعون، يقول ابن حجر: "إن هذه الآية (حديث ابن عوف رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) ظهرت في طاعون عمواس في خلافة عمر وكان ذلك بعد فتح بيت المقدس" أهـ (رواه البخاري حديث رقم 3005.) . وكان ذلك عام 18هـ وبلغ عدد من مات فيه خمسة وعشرين ألفاً من المسلمين. انتهت هذه الفتن الثلاث وبقيت من الست ثلاث أخرى وصفت في الحديث كما قال مُعَاذ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) : " أَنَّ لِهَذَا أَهْلًا " أي أن زمنه لم يكن قد حان بعد، كما أن الشارح أضاف بأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّة إنما تَكُون فِي زَمَن الإمام الْمَهْدِيّ عَلَى يَد مَلِك مِنْ آلِ هِرَقْل، ولو تأملنا في هذه العبارات والربط بين معطيات النبوءة من كلام صاحب فتح الباري لاستبان لنا بأن هذه الفتن ما هي إلا صورة للفتن الثلاث الأولى، حيث يتمثل موت النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) من جديد كناية عن ضعف و ارتفاع الإيمان من صفوف المسملين وصولا إلى نقطة الانهيار التام وكأن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) قد مات للتو، وكما كانت الخلافة الراشدة هي المأمن من شرور الفتن كان لابد من عودة الخلافة على منهاج النبوة كما في الحديث الشهير، والمعروف أن الانحطاط الإسلامي وصل لذروته ومنتهاه في القرن التاسع عشر، ولنقتبس ما كتبته مجلة العربي حول فترة التدهور والانحطاط في الأمة الإسلامية في عددها الصادر بتاريخ العدد 605 - 2009/4  "بدأت طلائعها منذ القرن السادس - الثاني عشر للميلاد تقريباً - واستمرت بالنسبة إلى المشرق العربي الإسلامي حتى أواسط القرن الثالث عشر للهجرة (التاسع عشر للميلاد)." أهـ.

ثانيا، الصورة المماثلة لفتح بيت المقدس، فنقرأ من الموسوعة الحرة : " وكانت الحكومات الأوروبية تشجع بشكل ما الهجرة اليهودية إلى فلسطين التي بدأت تتكثف منذ ثمانيات القرن ال19 إثر دعوة الحركة الصهيونية، والتي أدت إلى تأسيس تجمعات يهودية جديدة في فلسطين " أهـ. فكما ضاعت القدس في الحملة الصليبية الإولى فقد ضاعت أو بدأت بوادر ضياعها بالبروز من جديد في تلك الفترة أي على رأس القرن التاسع عشر. ويذكر القرآن المجيد ملامح هذه الحادثة والنبوءات المتعلقة بها في سورة الإسراء.

بقي أن نذكر نظير مرض الطاعون في الزمن الأخير، فمن المعروف أن الطاعون اجتاح الديار الهندية في القرن التاسع عشر، وتذكر الموسوعة البريطانية بأن أثره برز بشكل واضح جدا وفعال في السنوات التالية وكانت الهند على رأس الدول الأكثر ضررا كما يلي : "Among the many points infected were Bombay in 1896, Calcutta in 1898" أي " من بين المناطق المتأثرة بومباي عام 1896 و كلكوتا عام 1889 " ثم أردفت بقولها "but, of all the areas affected, India suffered the most.." أي " ولكن من بين الدول المتأثرة كانت الهند هي الأشد تأثرا ".


لوحة للرسام الشهير بوسين يجسد من خلالها مأساة الطاعون (ليس في الهند) واللوحة معروضة في متحف اللوڤر


بعد أن استعرضنا سريعا تحقق هذه الفتن الثلاث من جديد بقي أن نعرف من هو المهدي ومن هو الملك من آل هرقل الذين ذكرت الأحاديث بأن هذه الأحداث ستجري في زمنهم. ولأننا أوفينا النبوئتين حقها فيبقى أن نوضح علاقة النبوءة الثالثة أي الطاعون بالمهدي وملك الروم.

يقول حضرة مرزا غلام أحمد (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) الذي ادعى بأنه المسيح الموعود والإمام المهدي مع نهاية القرن التاسع عشر : “هناك أمر هام آخر أجدني مندفعًا لذكره هنا بدافع الشفقة على الإنسانية. وبرغم أني أعلم جيدًا بأن المحرومين من الروحانية سيضحكون علي بسببه ويستهزئون، إلا أني أرى كشفه للناس واجبًا عليّ شفقةً على الإنسانية، وهذا الأمر هو: أني رأيت في المنام اليوم 6-2-1898م يوم الأحد أن ملائكة الله يغرسون في شتى مناطق البنجاب أشجارًا سوداء كريهة الشكل مخيفة المظهر وقصيرة الطول، فسألت بعض هؤلاء الزارعين: ما هذه الأشجار؟ فقالوا: إنها أشجار الطاعون الذي سيتفشى في البلاد عن قريب….. وما رأيته كان منظرًا مخيفًا جدًا. وقد تلقيتُ قبله إلهامًا عن الطاعون وهو: “إن الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم، إنه آوى القرية”.. أي لن يزول هذا الوباء الظاهر ما لم يزُلْ وباء المعصية من القلوب.” (أيام الصلح، الخزائن الروحانية المجلد 14 ص 360-361)

وهذه النبوءة لها إشارة في القرآن الكريم، وذلك في قوله تعالى {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} (النمل 83).. أي أن هذه الدابة تجرحهم، وهذا ينطبق على عدوى الطاعون، وهذا الجرح علامة على عدم إيمانهم. كما أنها تكلِّمهم كلاما بلسان حالها.. أي تقول لمن تهلكه ولمن ينجو منها بلسان حالها إنني علامة واضحة على صدق المسيح الموعود عليه السلام.

لقد أظهر الله تعالى لصدق الإمام المهدي عليه السلام آية عظيمة بصورة الطاعون. لقد أخبره الله تعالى بتفشي الطاعون قبل الأوان بشهور كثيرة حيث رأى في الرؤيا أن الملائكة تزرع أشجارًا دميمة الشكل مخيفة، وأخبرته أنها الطاعون الذي هو على وشك الانتشار. كما ظهر له الطاعون في رؤيا بصورة الفيل الذي يعيث في الأرض بالهلاك والتدمير، لكنه لما وصل إلى حضرته جلس أمامه خاضعا طائعاً، ومعنى هذه الرؤيا أن ملائكة الطاعون قد أُمرت بتأييد حضرته. ولقد صدق هذا المعنى ما تلقى حضرته مما أوحى الله تعالى إليه بهذا الشأن فقال: "إنّي أُحافِظ كلَّ مَن في الدّار"، وأيضًا ما قال تعالى: "لولا الإكرام لهلك المقام".

فنشر حضرته وحي الله تعالى قبل ظهور الطاعون، وأعلن أن أتباعه سيكونون في مأمن من الطاعون أكثر من غيرهم بفضل الله تعالى. كذلك أعلن حضرته أن قاديان ستكون أمنع للطاعون من سائر القرى والمدن الأخرى، ولا تكون هدفا للطاعون المبيد كمناطق أخرى، وستكون دار حضرته محروسة ومصونة كلها على الإطلاق، ولن تحدث فيها أية إصابة من الطاعون.

وبعد هذه الإعلانات التي استهزأ بها المعارضون كالمعتاد، فتك الطاعون بأهل الهند أشد الفتك، وكان يقضي على مئات الألوف منهم كل سنة، لكن رغم ذلك فقد حظر حضرته على جماعته التطعيمَ ضد الطاعون العلاج الوحيد الذي كان يوثَق به للاحتماء من هذا المرض الوبيل، وقد فعل ذلك بناءًا على وحي الله تعالى الذي أراد بذلك التأكيد على تأييده للمسيح الموعود عليه السلام وجماعته. 

وإنها لأعجب آية تدعو أولي الألباب إلى طمأنينة واقتناع: فإن كبار الأطباء الذين كانوا يفرطون في الحيطة والحمية، لم ينجوا من هذا الوباء، كما أن القاطنين في قصور شاهقة منعزلة عن العمران أيضا أصيبوا به ولم يتخلصوا من بطشه. والمطعمون ضد الطاعون أيضا لم يكونوا من الناجين. لكن الساكنين بدار حضرته كانوا بمنجاة منه مع انعدام الأسباب الظاهرية ومع فقدان الأدوية الواقية والوسائل الصحية المواتية، ورغم لزومهم الدار غير هاربين عنها، ورغم أن عدد السكان كان كبيرا وفي زيادة مستمرة، بسبب تقاطر اللاجئين إليها كل يوم.

فلو لم يدخل الطاعون قاديان بتاتا، أو دخله ولم يحدث حول دار حضرته إصابات، فكان من الممكن أن يعزى ذلك إلى المصادفة، لكن تفشي الطاعون بقاديان، وحلوله بالبيوت المتجاورة، ونجاة سكان داره، بل الدواب اللاجئة إليها، بعد أن سبق أن نشر حضرته أن الملائكة تحفظه وتؤيده، لأقوى دليل على أن الملائكة كانت مأمورة بالانقياد لحضرته عليه السلام ومكلفة بحفظه وصيانته ونصرته.

كما أن نجاة أفراد جماعته عمومًا من موت الطاعون كانت آية أخرى من عند الله تعالى. فدخل الناس في هذه الجماعة في أيام الطاعون أفواجًا.

ولتفصيل الحديث عن آية الطاعون هذه يمكن مراجعة كتاب "مواهب الرحمن" و"الهدى والتبصرة لمن يرى" للإمام المهدي عليه السلام وهي متوفرة على موقع الجماعة الإسلامية الأحمدية.

وكما هو معروف فالهند في تلك الفترة كانت تحت الإحتلال البريطاني متمثلا بالملكة فيكتوريا وهي سليلة ملوك الروم والممثلة للقوة والحضارة الغربية والكنيسة، وذلك الذي يقابل ما ورد في الحديث "تَكُون (أي الفتنة) فِي زَمَن الْمَهْدِيّ عَلَى يَد مَلِك مِنْ آلِ هِرَقْل". ومعناه أن ذلك سوف يحدث في زمن الإمام المهدي أثناء فترة الإحتلال الغربي بقيادة ملكة بريطانيا سليلة ملوك الروم كريتشارد قلب الأسد وغيره من ملوك أوروبا. كما أن الإمام المهدي أسس الخلافة على منهاج النبوة والتي ننعم اليوم في ظلالها الوارفة تحت قيادة الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي حضرة مرزا مسرور أحمد ايّده الله تعالى بنصره العزيز.

نسأل الله تعالى السداد وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 


مسلم لله
الاثنين، 20 يناير 2014

المسيح ينزل شرقي دمشق


المسيح ينزل شرقي دمشق



جاء في الحديث الصحيح للنواس بن سمعان (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) عن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) :

".. ثمَّ ينزِلُ عيسَى بنُ مريمَ ، عند المنارةِ البيضاءِ شرقِيَّ دمشقَ فيُدرِكُه عند بابِ لُدٍّ فيقتُلُه.."

(رواه أبو داود برقم 4321 و صحّحه الألباني)
 

وقد وُلِدَ حضرة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) في مدينة "قاديان" التي تقع إلى الشرق كما ترون (في الصورة) من مدينة دمشق ! و يمكن متابعة ذلك في الخريطة من "غووغل مابس" [أدق الخرائط] حيث توضّح الاتجاه بالخط المستقيم بين مدينتي "قاديان" و "دمشق" وأنها إلى الشرق منها بشكل يكاد يقاس بالمسطرة.



بقي أن نذكر أن حضرة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) هزم القسس المنصّرين وأخذ البيعة لأول مرة في مدينة يقال لها "باب لد" !

ونقتبس مما كتبه المولوي نور محمد النقشبندي الجشتي (غير أحمدي) ما يلي: 

"في تلك الأيام قدِم إلى الهند القسيس ليفراي من إنجلترا، مصطحبًا مجموعة كبيرة من القساوسة، وحالفًا بتنصير الهند كلها في أيام قليلة. وبفضل أموال طائلة ووعود متكررة مؤكدة من الإنجليز بالمساعدة المالية أحدثَ زلزالا في كل أنحاء الهند. لقد وجد القسيس في عقيدة حياة المسيح عيسى عليه السلام في السماء بجسده المادي وفي كون غيره من الأنبياء الكرام أمواتًا مدفونين تحت الأرض، سلاحًا ماضيًا على عامة الناس. فقام الشيخ غلام أحمد القادياني للتصدي لهذه الجماعة، وقال: إن عيسى الذي تتكلمون عنه قد مات ودُفن كغيره من البشر، أما عيسى الذي وُعد بمجيئه فهو أنا؛ فصدِّقوني إن كنتم من السعداء. وبهذه الحيلة ضيّق الخناق على القسيس ليفراي وجماعته حتى صعب عليه التخلص من يده، وأنـزل بهذه الحجة هزيمة نكراء بكل القساوسة من الهند إلى إنجلترا."

(مقدمة النقشبندي للترجمة الأردية لمعاني القرآن الكريم للمولوي محمد أشرف التهانوي، مطبعة أصح المطابع دلهي الهند ص 30)

وتلك شهادة من غير الأحمديين على هزيمة القسس وكسر صليبهم بيد حضرة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام)

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

مسلم لله 
الأحد، 19 يناير 2014

شبهة قول المسيح الموعود بأن آدم (عَلَيهِم الصَلاة وَالسَلام) هو أول البشر


شبهة قول المسيح الموعود بأن آدم (عَلَيهِم الصَلاة وَالسَلام) هو أول البشر


يحاول الخصوم جهدهم إيهام الناس بأن عقيدة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) لا تختلف عن عقيدتهم حول كون آدم (عَلَيهِ السَلام) هو أول البشر على الأرض مستدلين باقتباس من الخطبة الإلهامية :

"الحاشية: ألم تر أن آدم - عليه السلام - ما كان له أبوانِ، فكونُ هذا الأمر من عادة الله ثابت من ابتداء الزمان"

وهذا تدليس بيّن حيث أن سياق كلام حضرته كان على سبيل الجدل إذ يحاجج المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) المعتقدين بعظمة المسيح الناصري (عَلَيهِ السَلام) وتفوقه وللقائلين بألوهيته بسبب ولادته العذرية مبيّناً بأن ولادة المسيح ليست ولم تكن أمراً يميزه عن باقي الانبياء إذ أنه حدث ممكن على ندرته وأن آدم حسب اعتقادهم وُلِدَ بلا أب ولا أم فهو بذلك أعجب من المسيح فهو أولى بالتعظيم والتأليه في هذا السياق ولم يتحدث حضرته عن ما يعتقده هو بل ما يعتقده الخصوم أنفسهم وهذا دارج في المحاججات والنقاش ويسمى في أدب الحوار بـ (المحاجة) وليس في سياق ما يعتقد هو لأن عقيدة حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) واضحة في هذا الشأن كما يلي :

"حوار جرى بين مؤسس الجماعة الأحمدية (وبين مُنجّم أسترالي حول مسألة خلق آدم. وقد زار هذا المنجّم عدة مدن في الهند والتقى معه (في لاهور حيث دار بينهما هذا الحوار:

سؤال المنجّم: ورد في التوراة أن آدم أو الإنسان الأول ظهر في أرض جيحون وسيحون، وقطن هناك، فهل هؤلاء المقيمون في أمريكا وأستراليا وغيرها هم أيضًا من أبنائه؟

جواب المسيح الموعود : "لسنا نقول بذلك، ولا نتبع التوراة في هذه القضية حتى نقول بما تدعيه من أن الدنيا بدأت بخلق آدم منذ ستة آلاف عام أو سبعة، ولم يكن قبل ذلك شيء، وكأن الله (كان من قبل متعطلا! كما لا ندّعي أن بني نوع الإنسان الذين يقطنون اليوم في مختلف أنحاء الأرض هم أولاد آدم هذا الأخير، بل إننا نعتقد بأن بني الإنسان كانوا موجودين قبله .. كما يتبين من كلمات القرآن الحكيم .. (إني جاعل في الأرض خليفة (. فلا يمكن لنا الجزم بأن سكان أستراليا وأمريكا من أولاد آدم هذا، ومن الجائز أن يكون هناك أوادم آخرون".  (الخزائن الدفينة) وكذلك (التفسير الكبير، المجلد الأول، قوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة )

ولنقرأ الان السياق الكامل للجملة المعترض عليها :

"الحاشية: إنْ قيل إنّ المسيح قد خُلق من غير أب من يد القدرة، وهذا أمر فوق العادة، فلا يتم هنالك شأن المماثلة، وقد وجب المضاهاةُ كما لا يخفى على القريحة الوقّادة، قلنا إنّ خَلْق إنسانٍ مِن غير أب داخلٌ في عادة الله القدير الحكيم، ولا نسلِّم أنه خارج من العادة ولا هو حريٌّ بالتسليم (فإن الإنسان قد يتولّد من نطفة الامرأة وحدها ولو على سبيل الندرة، وليس هو بخارج مِن قانون القدرة، بل له نظائر وقصص في كل قوم وقد ذكرها الأطبّاء من أهل التجربة. نعمْ، نقبل أن هذه الواقعة قليلة نسبةً إلى ما خالفها من قانون التوليد، وكذلك كان خَلْقي من الله الوحيد (، وكان كمِثله في الندرة، وكفى هذا القدر للسعيد، فإني وُلِدتُ تَوءَمًا وكانت صبيّةٌ تولّدتْ معي في هذه القرية، فماتت وبقيتُ حيًّا من أمر الله ذي العزة. ولا شك أن هذه الواقعة نادرة نسبة إلى الطريق المتعارف المشهور. ويكفي للمضاهاة الاشتراكُ في الندرة بهذا القدر عند أهل العقل والشعور، فإن المشابهة لا توجب إلا لونًا من المناسبة، ولا تقتضي إلا رائحة من المماثلة .. وإنّا إذا قلنا مثلا إن هذا الرجل أسد بطريق المجاز والاستعارة، فليس علينا من الواجب أن نثبت له كلَّ ما يوجد في الأسد من الذنب والزأر وهيئة الجلد وجميع لوازم السبُعية. ثم اعلم أن تولُّدَ عيسى ابن مريم مِن غير أب من بني إسرائيل بهذا الطريق تنبيهٌ لليهود وعِلمٌ لساعتهم وإشارة إلى أن النبوّة منتزَعٌ منهم بالتحقيق. وأمّا مسيح هذه الأمّة فوُلِد توءَمًا مِن ذَكر وأنثى وفُرّق بينه وبين مادّة النساء، وفي ذلك إشارة إلى أن الله يبثّ به كثيرا في هذه الفئة رجالَ الصدق والصفاء. فالأغراض مختلفة في هذا وفي ذلك، فلذلك اختلف طريق التوليد من حضرة الكبرياء. منه

----------------------
(الحاشية: ألم تر أن آدم - عليه السلام - ما كان له أبوانِ، فكونُ هذا الأمر من عادة الله ثابت من ابتداء الزمان. منه

(الحاشية على الحاشية: ومع ذلك إني أُرسلتُ في المهزودتين وأعيش في المرضَين .. مرض في الشق الأسفل ومرض في الأعلى، فحياتي أعجبُ مِن تولُّد المسيح وإعجاز لمن يرى. منه)
الخطبة الالهامية" إنتهى

فهذا هو الموضوع ببساطة شديدة

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ


مسلم لله
الأربعاء، 15 يناير 2014

الحجر الأسود


الحجر الأسود 






يقول حضرة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) حول موضوع الحجر الأسود وأهميته عند المسلمين :

"وُضع حجر الكعبة (الحجر الأسود) رمزًا لأمر روحاني. ولو شاء الله ما بنى الكعبة ولا وضع فيها الحجر الأسود، ولكن من سنة الله الجارية أنه عز وجل يجعل إزاء الأمور الروحانية رموزا مادية تمثِّلها، وتكون شاهدا ودليلا على تلك الأمور الروحانية. وقد شيدت الكعبة بحسب هذه السنة الربانية.

الحق أن الإنسان مخلوق لعبادة الله. والعبادة نوعان؛ الأول: التذلل والتواضع، والثاني: الحب والفداء. ولإظهار التذلل والتواضع أمرنا اللهُ بالصلاة .. حيث يشترك الجسد مع الروح في التعبير عن التذلل والتواضع، ويكون كل عضو من أعضاء الجسد البشري في حالة من الخشوع والخضوع البدني ...

وبالنسبة للحب والفداء؛ حيث يؤثِّر الجسد في الروح وتؤثر الروح في الجسد، فكما أن روح المحب تطوف حول المحبوب كل حين، وتضع القبلات عند عتبة داره، كذلك جُعلت الكعبة المشرفة رمزا ماديًّا للمحبين الصادقين، وكأن الله تعالى يقول لهم: انظروا، هذا البيت بيتي، وهذا الحجر الأسود حجر عتبتي.

ولقد أراد الله تعالى بذلك أن يتمكن الإنسان من التعبير عن مشاعر حبّه الجياشة تعبيرًا ماديا، فالحُجاج يطوفون بهذا البيت طوافًا جسمانيا، بهيئة تشبه هيئة من أصابهم الجنون من فرط اشتياقهم ومحبتهم لله تعالى، فيتركون الزينة، ويحلقون الرؤوس، ويطوفون ببيت الله في هيئة المجذوبين الوالهين، ويقبلون هذا الحجر متمثلين أنه عتبة بيت الله تعالى. هذا الوَله الجسماني يولد حبًا ولوعة روحانية. فالجسم يطوف بالبيت ويقبل حجر العتبة، بينما تطوف الروح حول الحبيب الحقيقي، وتطبع القبلات على عتبته.

وليس في ذلك أي أثر للشرك بالله تعالى. إذ أن الصديق يُقبِّل رسالة صديقه الحميم عندما يتسلمها. فالمسلم لا يعبد الكعبة المشرفة، ولا يستغيث بالحجر الأسود، وإنما يتخذه رمزًا ماديا أقامه الله تعالى. وكما أننا نسجد على الأرض، ولا يُعتبر هذا السجود لأجلها؛ كذلك نقبّل الحجر الأسود، ولا يكون هذا التقبيل من أجله، وإنما هو حجر لا ينفع ولا يضر، ولكنا نقبّله لأنه من ذلك الحبيب الذي جعله رمزا لعتبة بيته سبحانه وتعالى".

(چشمه معرفت (ينبوع المعرفة)، الخزائن الروحانية مجلد 23 ص 99 - 101)


ويقول حضرة المُصْلِحُ المَوْعود (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه) حول نفس الموضوع : 

"فلو قبّلنا الحجر الأسود مدركين بأن الله تعالى قد أمرنا بتقبيله مع أنه ليس أكثر من حجر، لَكُنّا متمسكين بالتوحيد، ولو أهملنا هذا الأمر وظننّا أن فيه ميزةً خاصة لأصبح تقبيلنا له عملاً وثنيا. لقد قبّل عمر - رضي الله عنه - الحجر الأسود، لكنه لم يكن مشركا، إذ كان يدرك أن ليس له أية أهمية ذاتيه، وإنما قبَّله بأمر الله تعالى، ولكن لو قبّل أحد الحجر الأسود ظنًّا منه أن فيه ميزة خاصة لصار مشركا. وإذا طاف المرء بالكعبة لأن الله تعالى أمر بذلك فهو موحّد عظيم، ولكن لو طاف بها ظنًّا منه أن في هذا البيت ميزة ذاتية وقدرة خاصة فهو مشرك."

(التفسير الكبير قريش)


الحديث :

روى الترمذي في سننه حديث رقم 877 عن عبدالله بن عباس (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) عن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) أنه قال : 

" نزل الحجرُ الأسودُ مِن الجنةِ وهو أشدُّ بياضًا مِن اللبنِ، فسوَّدَتْه خطايا بني آدمَ. "

صححه الألباني


فبالنسبة لحديث النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) بأن الحجر الأسود كان أبيضاً ثم اسودّ من ذنوب الناس فقد أوّله حضرة الخليفة الرابع (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه) بأن هذا الحديث صحيح ومعناه أنه عندما تطوف الأحجار في السماء كما يعلم الجميع وتتجه أحيانا نحو الأرض فهي تصطدم بالغلاف الجوي مما يؤدي إلى احتراقها وبالتالي لا ينزل منها شيء عادة إلا ماندر وهكذا يقول النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) بأن هذا الحجر الأسود كان أبيضا واسودّ من ذنوب الناس وهذه استعارة جميلة من النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) أي أن هذا الحجر لم يكن أسوداً بل كان ابيضاً في أصله ولكنه بسبب الإحتراق بالغلاف الجوي تفحّم وتغير لونه الى السواد وهو يشبه الدنيا والقلب الذي يكون في أصله أبيضاً أي نقياً من الذنوب - وليس كما تروج النصرانية بأن الإنسان يولد في الخطيئة- فكما أن الذنوب تسوّد القلب والدنيا فيستحيل القلب البريء والجَنان النقي إلى حجارة أو أشد قسوة ويحل السواد والظلمة بدل البياض والنور فهكذا تشابه الصورة والمعاصي الغلاف الجوي للأرض الذي يسوّد الحجر العتيد الذي يأتي إلى الدنيا أبيض من اللبن وإلا فالذنوب لم توجد في ذلك الوقت لأن الذنوب تقتضي وجود الشرائع التي تُخرق فتنتج الذنوب وحيث أن البشر قبل التشريع لم يكونوا يذنبون لأنهم لم يكونوا يعلمون ماهي الذنوب وماهو الحق والباطل كي يطلق على أعمالهم بالذنوب فهو إذاً تدرج روحاني تأهل له الإنسان الأول اي آدم (عليه السلام) ليحمل الرسالة ويكون أول نبي للعالم، وإلا فكيف يقبّل النبي (صلى الله عليه وسلم) حجراً اسودّ من الذنوب؟ هل يقبّل النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) حجراً مليئا بالذنوب؟ هل يعقل ؟

يجب أن نفهم أن كلام النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) كان باستعارات ومجاز لتقريب الصورة وهو نفس أسلوب القرآن المجيد الذي يتكلم بأمثال وكنايات لإيصال المعنى بأقصر وأبلغ طريق حسب لسان المخاطَب وعرفه وذلك أيضا أسلوب الخطاب في الكتب المقدسة الأخرى.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الأحد، 12 يناير 2014

السير ظفر الله خان رضي الله عنه

السير ظفر الله خان رضي الله عنه







السير ظفر الله خان رضي الله عنه


ولد الحاج السيد شودري محمد ظفر الله خان لأبوين كريمين هما السيد شودري نصر الله خان والسيدة حسينة بيبي في السادس من شهر فبراير/شباط سنة 1893م في مدينة "سيالكوت" في ولاية "البنجاب" بالهند.

بدأ تعليمه في مدينة "لاهور"، وأكمل المراحل العليا في جامعة "لنفر" بلندن، وحصل على شهادة المحاماة. فعاد إلى وطنه الهند، واشتغل فترة في القضاء، ثم رئيسا لتحرير جريدة "قضايا الهند" لسنوات طويلة.

عُيِّن عضوا في المجلس التشريعي الإقليمي في "البنجاب".

اُختير في عام 1931م رئيسا للرابطة الإسلامية الهندية، وهي التي طالبت باستقلال الهند وتأسيس باكستان كدولة مستقلة للمسلمين.

في سنة 1935م عُين وزيرا للتجارة في مجلس الحاكم العام للهند، ثم وزيرا للعدل، ثم وزيرا للتموين. 

في سنة 1941م عين قاضيا في المحكمة العليا الفدرالية في الهند.

في سنة 1942م رأس وكالة حكومة الهند بالصين.

في سنة 1947م تقبل دعوة مؤسس باكستان محمد علي جناح للتعاون معه كوزير الخارجية الباكستانية، وبقي يشغل هذا المنصب عدة سنوات.

ثم عين ممثلا لبلاده في الأمم المتحدة.

ثم انتخب رئيسا للدورة السابعة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبرز كأبلغ خطيب عرفته هيئة الأمم المتحدة. وقد استغرقت بعض خطاباته سبع ساعات تقريبا منها ثلاث ساعات متواصلة بلا انقطاع أثناء مناقشة قضيتي فلسطين وكشمير. ويشهد له معارفه وأقرانه بأنه صاحب حجة ومنطق سليم وهدف واضح، متعمق في العلوم الإسلامية، ويقتبس كثيرا من الآيات القرآنية في خطبه. وشهد له بعض رجالات مصر بأنه المسلم الوحيد الذي كان يصلي الفرائض الخمس في أوقاتها بقاعات وأروقة هيئة الأمم المتحدة حتى لو اضطر أحيانا إلى ترك الجلسة أثناء انعقادها.

انتخبته الأمم المتحدة قاضيا دوليا في محكمة العدل الدولية في "لاهاي" في السادس من فبراير/شباط سنة 1964م (يوم ولادته) ‍‍.

بتاريخ 18/ 2/1970م انتخبه زملاؤه القضاةُ الدوليون السبعة عشر رئيسا لمحكمة العدل الدولية.

بتاريخ 10/ 3/1967م قام بأداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة وزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة المنورة. وكان أثناء الحج ضيفا على الملك السعودي الراحل فيصل، وفتح له الملك فيصل أبواب الكعبة المشرفة.

قام بأعمال جليلة يحتاج لتفصيلها لمجلدات خدمةً للإسلام والإنسانية، وأختصر بذكر القليل منها لتكوّن للقارئ الكريم فكرة عن السبيل الذي سلكه لإظهار الإسلام خدمة لبني البشر وهداية لهم. ومن تلك الأعمال ترجمة القرآن المجيد إلى اللغة الإنجليزية، وترجمة ما يزيد عن ألف وتسعمائة حديث مجموعة في كتاب "رياض الصالحين"، وترجمة كتب عديدة لسيدنا أحمد المسيح الموعود والمهدي المعهود - عليه السلام -. وألف كتبا شتى من أبرزها كتابه الشهير " محمد خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - " و"دعوة الإسلام" و"الإسلام وحقوق الإنسان" و"حقوق المرأة في الإسلام" و"سيرة الخليفة الأول"و"سيرة الخليفة الثاني" لسيدنا المهدي والمسيح - عليه السلام -، وكتابه "النجاة من الصليب" وغيرها من الكتب التي انتشرت في مختلف البلاد، ويُعَدّ بعضها مرجعا للدارسين والباحثين في العديد من المعاهد والجامعات.

كان يغتنم أوقات فراغه لإشاعة الإسلام ومبادئه السمحة بالمحاضرات في أماكن عديدة، من واشنطن إلى الجامعة الأمريكية في بيروت. وقد نقلت الجرائد المحلية بأنه ألقى خطابًا في 1/ 11/1954م بواشنطن أمام جمع من اليهود والنصارى، وكان موضوعه: "علاقة الإنسان بأخيه الإنسان والأخوة الإسلامية. "

كان عمره عند وفاة سيدنا أحمد عليه السلام خمسة عشر عاما، ولذلك يعد من أصحابه. ولقد وافاه الأجل في 1/ 9/1985م في "لاهور"، باكستان، رضي الله عنه وأرضاه.


وإليكم بعض الشهادات التي صدرت بحقه رضي الله عنه.

كتبت جريدة الأهرام القاهرية بتاريخ 27/ 6/1952م ما يلي:

مواقف يفخر بها الشرق

1. "تحدث أحد ممثلي مصر في الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة عن موقف يفخر به الشرق كله وَقَفَه السيد محمد ظفر الله خان وزير خارجية الباكستان. ففي الجمعية العمومية للأمم المتحدة ألقى عن فلسطين الشهيدةِ خطبةً استغرقت ثلاث ساعات كاملة لم يتناول خلالها جرعة ماء واحدة .. وأثبت قوةَ إيمانه بالدين الإسلامي وبالوطن العربي. ولقد بكى واستبكى .. وشهد له الجميع بأنه رجل عظيم، مسلم كريم، وطني صميم، سياسي حكيم، ومتمكن من اللغة الإنجليزية كأحد أبنائها من العلماء الأفذاذ".

وأضافت الجريدة قولها استنادا إلى المعلومات التي تلقتها من مصادر موثوقة الاطلاع: "ولعل صاحبنا السيد محمد ظفر الله خان هو الشخص الوحيد من الشخصيات السياسية البارزة في الوقت الحاضر في العالم الذي لا يفارقه القرآن المجيد أبدا. ويصلي خمس صلوات مستقبلا القبلة الشريفة تحت كل سماء وفوق كل أرض وفي جو السماء حيث تحمله الطائرات من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب. ولا يتأخر عن بيان فضائل الإسلام ومحاسنه بالقلم واللسان، والعمل بأحكامه حتى في قاعات الأمم المتحدة".

2. قال عنه سعادة عبد الرحمن عزام باشا الأمين العام للجامعة العربية:

"ظفر الله خان رجل مسلم لم نشهد عليه إلا قولا حسنا وعملا حسنا. وقد أوتي حظا كبيرا في الدفاع عن الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها. وله مواقف دولية مشهورة دفاعا عن الإسلام قدرها الناس، وشكره عليها المسلمون. وهو كذلك من أكفأ رجال الإسلام لتولي الشؤون العامة". (جريدة الأخبار القاهرية عدد 23/ 6/1952م).

3. كتبت جريدة "المصري" في عددها الصادر يوم 27/ 6/1952م ما يلي:

"إن ظفر الله خان أحد رجال الدول الإسلامية القلائل في العصر الحديث بل هو في الصدارة منهم. فهو الرجل الذي درس السياسة، ولم يسلك سبيله فيها على قواعد سياسية نظرية، وإنما أخضع ثقافته السياسية لفكرة القرآن ولنظرة الإسلام في تكوين الدولة، وسار بمنهاجه العصري الفريد الذي يجمع بين آراء العصر ونظرة الإسلام.

وظفر الله خان هو الرجل الذي درس الاقتصاد ووازنَ ماليةَ أمةٍ كبيرة العدد، كبيرة الغايات والأغراض، قريبة عهد الانسلاخ من دواليب الاستعمار الاقتصادي. ولم يقم لتطبيقه للنظام الاقتصادي على علوم الاقتصاد المجردة، وإنما أخضع ثقافته الاقتصادية لثقافة الإسلام، ونظرته الشاملة لبناء الدولة الإسلامية من حيث حقوق الأفراد وواجباتهم نحو الدولة وموازنة ذلك بحقوق الدولة وواجباتها نحو الأفراد".

4. قال سعادة أحمد خشبة باشا:

"إن الخدمات التي أداها السيد ظفر الله خان للإسلام والمسلمين والتي لا تحصى، لا يمكن إلا أن تكون محل تقدير وإعجاب من الجميع. " (جريدة "الزمان" عدد 25/ 6/1952م)

لقد كانت عزة الإسلام وكرامته أغلى وأرفع هدف يتمناه في قلبه وعقله وذهنه، ويعمل من أجله طيلة أيام حياته. وفي كل مناسبة كان يواجه فيها أي انتقاد عن الإسلام، كان باستطاعته إفحام المنتقد بما وهبه الله تعالى من علم ومعرفة بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وبأسلحة البراهين الساطعة والدلائل النيرة التي زودنا بها حضرة أحمد المسيح الموعود والمهدي المعهود - عليه السلام - على صدق الإسلام وطهارة تعاليم القرآن المجيد.

وقد آلمتْهُ الانتقادات التي كان يواجهها من أتباع مختلف الديانات والملل ضد المسلمين ورؤسائهم وملوكهم بسبب سلوكهم المنافي لتعاليم القرآن، والذي وصل في بعض الحالات إلى الفسق والفجور السافر بلا خجل ولا حياء ولا تأنيب من ضمير، ناهيك عن خشية الله التي لم يبقَ منها شيء في قلوبهم، وكانت وسائل الإعلام في العالم تنشر مثل هذه الأخبار، ولم يكن بوسعه إلا إسداء النصيحة والموعظة لمن أتيحت له فرصة الاجتماع بهم ومحادثتهم والدعاء إلى الله تعالى لهدايتهم.

هذه لمحة وجيزة خاطفة ونبذة من حياة ذلك الإنسان المؤمن البار الذي تحلى بتقوى الله، وكان من عباده المخلصين. خدم الإسلام وأهله وقومه والإنسانية جمعاء بأمانة وإخلاص ووفاء. وأثبت بمواهبه وجرأته وتواضعه وبلاغته، صدق الإسلام وأفضليته وصلاحيته المثلى كسبيل وحيد يحتذى به لخير وسعادة البشرية جمعاء وكقانون إلهي كامل متكامل منفرد بكماله، يؤدي تطبيقه الحقيقي عمليا بمعانيه "الأصلية السليمة"، إلى ما تنشده البشرية جمعاء، على اختلاف معتقداتها ونحلها وأقوامها وشعوبها من حرية وإخاء وأمن وسعادة ورخاء وعدل حازم وسلام ثابت دائم.

*******



(من كتاب صدق أحمد لشودري محمد ظفر الله خان رضي الله عنه)

قصيدة لطيفة لحضرة المسيح الموعود عليه السلام في بيان مفاسد الزمان وضرورة رجل يهدي إلى طرق الرحمن ونعتِ سيد الأنبياء وفخر الإنس والجانّ - صلى الله عليه وسلم -

قصيدة لطيفة
لحضرة المسيح الموعود عليه السلام في بيان مفاسد الزمان
وضرورة رجل يهدي إلى طرق الرحمن
ونعتِ سيد الأنبياء وفخر الإنس والجانّ - صلى الله عليه وسلم -




دموعي تفيض بذكرِ فتن أنظُرُ ... وإني أرى فتنًا كقطرٍ يمطُرُ
تهبّ رياح عاصفات مبيدةٌ ... وقلَّ صلاحُ الناس والغيُّ يكثرُ
وقد زُلزلت أرضُ الهدى زلزالها ... وقد كُدّرتْ عين التقى وتُكدَّرُ
وما كان صَرْخٌ يَصْعَدَنّ إلى العُلى ... وما مِن دعاء يُسمَعنَّ ويُنصَرُ
فلما طغى الفسق المبيد بسيله ... تمنّيتُ لو كان الوباءُ المُتَبِّرُ
فإن هلاك الناس عند أولي النهى ... أحبُّ وأولى من ضلال يُخسِّرُ
على أجدُرِ الإسلام نزلت حوادثٌ ... وذاك بسيئات تُذاع وتُنشرُ
وفي كل طرف نارُ فتن تأجّجت ... وفي كل ذنب قد تراءى التقعُّرُ
ومن كل جهة كلُّ ذئب ونمرة ... يعيث بوثب والعقارب تأبُرُ
وعينُ هدايات الكتاب تكدرتْ ... بها العِيْنُ والآرام يمشي ويعبُرُ
تراءت غواياتٌ كريح عاصفٍ ... وأرخى سدولَ الغيِّ ليلٌ مُكدِّرُ
وللدين أطلالٌ أراها كلاهف ... ودمعي بذكر قصوره يتحدّرُ
أرى العصر من نوم البطالة نائما ... وكل جَهول في الهوى يتبخترُ
وليلا كعين الظبي غابت نجومه ... وداءً لَشِدَّتُه عن الموت تُخبِرُ
نسوا نَهْجَ دين الله خبثًا وغفلة ... وأفعالهم بغيٌ وفسق ومَيسِرُ
وما همُّهم إلا لحظِّ نفوسهم ... وما جهدهم إلا لعيشٍ يوفَّرُ
وقد ضيّعوا بالجهل لبنًا سائغا ... ولم يبق في الأقداح إلا ماضِرُ
وركب المنايا قد دناهم بسيفهم ... وهم خيلُ شحٍّ ما دناهم تحسّرُ
تصيدُهم الدنيا بعظمة مكرها ... فيا عجبًا منها ومما تمكُرُ
تذكِّر إفلاسا وجوعا وفاقة ... فتدعو إلى الآثام مما تذكِّرُ
تريد لتُهلِك في التغافل أهلها ... وقد عقرتْ هممَ اللئام وتعقِرُ
وألهتْ عن الدين القويم قلوبَهم ... فمالوا إلى لمعاتها وتخيّروا
تقود إلى نار اللظى وجناتُها ... ولمعاتُها تصبي القلوب وتختِرُ
وتدعو إليها كلَّ من كان هالكا ... فكلٌّ من الأحداث يدنو ويخطِرُ
تميس كبِكرٍ في نقاب المكائدِ ... وتُبدي وميضًا كاذبا وتزوِّرُ
ودقّتْ مكائدها فلم يُدْرَ سرُّها ... لما نسجتْها من فنون تكوِّرُ
وتبدو كتُرْسٍ في زمان بكيدها ... وفي ساعة أخرى حُسامٌ مشهَّرُ
وعين لها تصبي الورى فتّانة ... ولقتلِ أهل الفسق كَشْح مُخصَّرُ
عجبتُ لمنظرِ ذاتِ شيبٍ عجوزةٍ ... أنيقٍ لعين الناظرين وأزهَرُ
لزِمتُ اصطبارًا إذ رأيتُ جمالها ... فقلتُ إلهي أنت كهفي ومأْزَرُ
فصَيَّرَها ربي لنفسي سَرِيَّةً ... كجاريةٍ تُلقَى بطَوْعٍ وتُهجَرُ
وذلك فضلٌ من كريم ومحسن ... ويعطي المهيمن من يشاء ويحجُرُ
وقد ضاقت الدنيا على عشّاقها ... ويبغونها عشقًا وحبًّا فتُدْبِرُ
تزاحمت الطلاب حول لحومها ... كمثل كلاب والمنايا تسخرُ
وإنّ هواها رأسُ كلّ خطيئةٍ ... فخَفْ حُبَّها يا أيها المتبصّرُ
وقد مضغتْ أنيابُها كلًّ طالبٍ ... وأنت أَثارتُهم فسوف تُكسَّرُ
على كل قلب قد أحاط ظلامها ... سوى قلب مسعودٍ حماه الميسِّرُ
إذا ما رأيتُ المسلمين كلابَها ... ففاضتْ دموع العين والقلبُ يضجَرُ
على فسقِهم لما اطّلعتُ وكسلِهم ... بكيتُ ولم أصبِرْ ولا أتصبّرُ
أكبّوا على الدنيا ومالوا إلى الهوى ... وقد حلَّ بيتَ الدين ذئبٌ مدمِّرُ
أرى ظلماتٍ ليتَني مِتُّ قبلها ... وذقتُ كؤوس الموت لولا أُنوَّرُ
فساد كطوفان مبيد وإنني ... أراه كموج البحر أو هو أكثَرُ
أرى كلَّ مفتون على الموت مُشرِفًا ... وكل ضعيف لا محالة يعثُرُ
فأنقضَ ظهري ضعفُهم ووبالهم ... ومِن دون ربي مَن يداوي وينصرُ؟
فيا ربِّ أَصْلِحْ حالَ أُمّةَ سيدي ... وعندك هَيِّنٌ عندنا متعسِّرُ
وليس بِراقٍ قبل أن تأخُذَنْ يدًا ... وليس بِساقٍ قبل كأسٍ تُقدِّرُ
وقد نُشِرتْ ذرّاتُنا من مصائبٍ ... ومِتْنا فلا تذكُرْ ذُنوبًا تنظُرُ
ولا تُخرِجَنْ سيفًا طويلا لقتلِنا ... وتُبْ وَاعْفُوَنْ يا ربِّ قوم صُغِّرُوا
وإنْ تُهلِكْنا يا ربَّنا بذنوبنا ... فنفنى بموت الخزي والخصمُ يَبطَرُ
ولا أبرَحُ المضمارَ حتى تعينني ... ولا بُدَّ لي أن أُهْلَكَنْ أو أُظفَّرُ
وإني أرى أن الذنوب كبيرة ... وأعرف معه أن فضلك أكبَرُ
إلهي أَغِثْنا واسْقِنا واحْمِ عِرْضَنا ... بسلطانك الأجلى وإنك أقدَرُ
يئِسنا من المخلوق وانقطع الرجا ... وجئناك يا مَن يعلَمَنْ ما يُضمَرُ
تعاليتَ يا مَن لا تُحاطُ كمالُهُ ... لك الحمد حمدًا ليس يُحصى ويُحصَرُ
تَصدَّقْ بألطاف كما أنت أهلُها ... وأَدْرِكْ عبادًا لك كما أنت أقدَرُ
فخُذْ بيدي يا ربِّ في كل موطنٍ ... وأَيِّدْ غريبًا يُلْعَنَنْ ويُكفَّرُ
أتيتُك مسكينًا وعونُك أعظَمُ ... وجئتُك عطشانًا وبحرُك أَزخَرُ
قد اندرستْ آثارُ دينِ محمدٍ ... فأشكو إليك وأنتَ تبني وتَعمُرُ
أرى كل يوم فتنةًّ قد مُدِّدتْ ... ومِتْنا وأمواتُ الأعادي بُعْثِروا
وقد أزمعوا أن يزعجوا سبلَ الهدى ... وكم من أراذلَ من شقاهم تنَصَّرُوا
أرى كل محجوب لدنياه باكيا ... فمن ذا الذي يبكي لدينٍ يُحقَّرُ
فيا ناصِرَ الإسلام يا ربَّ أحمدا ... أَغِثْني بتأييد فإني مُدْخَرُ
أيا ربّ مَن أعطيتَه كل درجةٍ ... وشأنًا برؤيته الورى تتحيرُ
وما زلتَ ذا لطف وعطف ورحمةٍ ... وما كنتُ محروما وكنتُ أُوقَّرُ
فلا تجعَلَنِّي مضغةً لمحاربي ... وأنتَ وحيدي كلّ خطأ تَغفِرُ
وأنت المهيمنُ مرجعُ الخَلق كلِّهم ... وأنتَ الحفيظ تعينني وتُعزِّرُ
وما غيرُ بابِ الرب إلا مذلّة ... وما غيرُ نورِ الرب إلا تكَدُّرُ
وعُلِّمتُ منك حقائق الدين والهدى ... وتهدي بفضلك من ترى وتُنوِّرُ
إذا ما بدا لي أن علميَ غامضٌ ... فأيقنتُ أني عن قريب سأُكفَرُ
فسلَّمتُ بعد الاهتداء بفضله ... سلامَ الوداع على الذي يستنكِرُ
وإن الهداية يرجِعَنْ نحو طالبٍ ... ومَن غضَّ عينيْ رؤيةٍ أين يُبصِرُ؟
ووالله لا يشقى الذي هو يطلب ... ومَن جدَّ في تحصيل هديٍ سيُنصَرُ
ومن كان أكبر همّه جلب لذّةٍ ... وحظٍّ من الدنيا فكيف يُطهَّرُ
أَمُكْفِرِ! مهلاً بعضَ هذا التحكم ... وخَفْ قَهْرَ ربٍّ قال {لا تقفُ} فاحذروا
وإن ضياء الدين قد حان وقته ... فتعرف شجرتنا بما هي تُثمرُ
ويا حسراتٍ موبقاتٍ على الذي ... يكذّبني مِن غير علم ويُكْفِرُ
وما جئتُ قومي من ديار بعيدة ... وقد عرفوني قبله ثم أنكروا
وأعرضَ عني كلُّ من كان صاحبي ... وأُفرِدتُ إفرادَ الذي هو يُقبَرُ
تمنَّيتُ أن يخفى تطاوُلُ قولهم ... وهل يختفي ما في المجالس يُذكَرُ؟
ويعوي عدوي مثل ذئب مِن طوًى ... وليس له علم بما هو أذكرُ
وما رُزِقتْ عيناه مِن نيِّر العُلى ... فأخلَدَ نحو الأرض جهلا ويُنكِرُ
أولئك قوم ضيّعوا أَمْرَ دينهم ... وخانوا العهود وزيّنوا ما زوَّروا
ويعلم ربي سرَّ قلبي وسرَّهم ... وكلّ خفيّ عنده متحضِّرُ
ولو كنتُ مردودَ المليك لضَرَّني ... عداوةُ قومٍ كذّبوني وكفّروا
وهمّوا بتكفيري وقاموا للعنتي ... ولم يعلموا أن المهيمن ينظُرُ
إذا قيل إنك مرسَلٌ خِلْتُ أنني ... دُعِيتُ إلى أمر على الخَلْق يَعسِرُ
وكنتُ على نور فزاغوا من العَمى ... وهل يستوي الأعمى ورجلٌ يَبصُرُ
وما ديننا إلا هدايةُ أحمدا ... فياليتَ شعري ما يظن المكفِّرُ
وقد كنتُ أنسى كلَّ جَوْرِ مُعيِّري ... ولكنه جور كبير مكوَّرُ
وكم من دلائلَ قد كتبتُ لطالبٍ ... يفكّر فيها لَوْذَعِيٌّ مُدبِّرُ
ألا أيها المتكبر المتشدّدُ ... تريد هواني والكريمُ يُعزِّرُ
وإذ قلتُ إني مسلم قلتَ كافر ... فأين التُّقى يا أيها المتهوِّرُ
وبعد بياني أين تذهب منكرًا ... أتعلم يا مسكين ما هو مُضْمَرُ
فلا تتجرعْ أيها الضال في الهوى ... بأيديك كأس الموت ما لك تُخطِرُ
وكلُّ سعيد يعرف الحقَّ قلبُهُ ... وأما الشقيّ فيعلَمَنْ حين يخسَرُ
وإني تركتُ النفس والخَلق والهوى ... فلا السبُّ يؤذيني ولا المدحُ يُبطِرُ
وكم من عدوٍّ بعدما أكملَ الأذى ... أتاني فلم أَصعَرْ وما كنتُ أصعَرُ
أحِنُّ إلى من لا يحِنُّ محبّةً ... وأدعو لمن يدعو عليّ ويهذَرُ
خُذِ الرفقَ إن الرفق رأس المحاسنِ ... ويكسِر ربي رأس من يتكبّرُ
عجبتُ لأعمى لا يداوي عيونَه ... ومِن كل ذي الأبصار يلوي ويسخَرُ
أتنسى نجاساتٍ رضيتَ بأكلِها ... وتذُمّ ما هو مستطاب وأطهَرُ
تُسَمِّينِ جهلاً يا ابنَ آوى ثعلبًا ... وما أنا إلا الليث لو تتفكّرُ
تفيض عيون العارفين بقولنا ... ولكن غبيٌّ يضحكَنْ ويحقِّرُ
تُعيِّرني ظلمًا وكبرًا ونخوةً ... وهيهاتَ، أهلُ الحق كيف يُعيَّرُ
صبرنا على ظلم الخلائق كلها ... وتُبْنا إلى الرب الذي هو أقدَرُ
تركْنا القِلى واللهُ كافٍ لصادقٍ ... وإن الصدوق بفضله يُتخَيَّرُ
وليس الفتى من يقتل الناسَ سيفُه ... ولكنه من يُظلَمَنّ ويصبِرُ
أرى الظلمَ يبقى في الخراطيم وَسْمُه ... وأما علامات الأذى فتَغيَّرُ
أَتُكْفِرُني يا أيها المستعجلُ ... وأيّ علاماتٍ ترى إذ تُكفِّرُ
وإن إمامي سيد الرسل أحمدُ ... رضيناه متبوعا وربّيَ ينظُرُ
ولا شك أن محمدا شمس الهدى ... إليه رغِبْنا مؤمنين فنشكُرُ
له درجات فوق كل مدارجٍ ... له لمعاتٌ لا يليها تصوُّرُ
أَبَعْدَ نبيِّ الله شيءٌ يرُوقني ... أبعدَ رسول الله وجهٌ مُنوَّرُ
عليك سلامُ الله يا مَرْجَعَ الورى ... لكل ظلامٍ نورُ وجهك نيِّرُ
ويحمدك الله الوحيد وجندُه ... ويُثني عليك الصبحُ إذ هو يَجشُرُ
مدحتُ إمامَ الأنبياء وإنه ... لأرفَعُ مِن مدحي وأعلى وأكبرُ
دَعُوا كلَّ فخر للنبي محمد ... أمامَ جلالةِ شأنه الشمسُ أحقَرُ
وصلُّوا عليه وسلِّموا أيها الورى ... وذَرُوا له طُرقَ التشاجر تُؤْجَروا
ووالله إني قد تبِعتُ محمدًا ... وفي كل آن مِن سناه أُنوَّرُ
وفَوَّضَني ربي إلى روضِ فيضه ... وإني به أجنِي الجَنى وأُنَضَّرُ
ولِدِينه في جَذْرِ قلبيَ لوعةٌ ... وإن بياني عن جنانيَ يُخبِرُ
ورثتُ علوم المصطفى فأخذتُها ... وكيف أردّ عطاء ربي وأفجُرُ
وكيف وللإسلام قمتُ صبابةً ... وأبكي له ليلا نهارا وأضجَرُ
وعندي دموع قد طلَعْنَ المآقِيا ... وعندي صراخٌ مثلُ نارٍ مُسَعَّرُ
تضوّعَ إيماني كمسكٍ خالصٍ ... وقلبي من التوحيد بيتٌ مُعطَّرُ
وفي كل آن يأتينْ مِن خالقي ... غذائي نَميرُ الماء لا يتغيَّرُ
تضيء الظلامَ معارفي عند منطقي ... وقولي بفضل الله دُرٌّ مُنوَّرُ
إلى منطقي يرنو الفهيم تعشقًا ... ويُزعِج نطقي كلَّ وهمٍ ويَجذُرُ
سنا برقِ إلهامي ينير لياليا ... وكشفي كصبح ليس فيه تكدُّرُ
وإن كلامي مثل سيف قاطع ... وإن بياني في الصخور يؤثِّرُ
حفرتُ جبال النفس من قوة العلى ... فصار فؤادي مثل نهر يُفجَّرُ
وأَدْعِيَتي عند الوَغى تقتُل العدا ... فطوبى لقلبٍ يتّقيها ويحذَرُ
وآذاني قومي بسبٍّ ولعنةٍ ... وكم من لسان لا يضاهيه خنجرُ
إذا ما تحامتْني مشاهير ملتي ... فقلتُ اخْسَأوا إن الخفايا ستَظهَرُ
فريق من الإخوان لا ينكرونني ... وحزب يكذّب كل قولي ويزجُرُ
وقد زاحموا في كل أمر أردْتُه ... وكلٌّ يخوِّفني وربي يُبشِّرُ
فأقسمتُ بالله الذي جلَّ شأنهُ ... على أنه يُخزي عدوي ويَشزِرُ
وما أنا عن عون المُعين بمُبْعَدٍ ... إذا الليل واراني فنُورٌ يُنوِّرُ
وقد قادني ربي إلى الرشد والهدى ... ووقَّرني مَن عنده فأُوَقَّرُ
وإن كريمي يُطلِق الكفَّ بالندى ... ولي مِن عطاء الرب رزقٌ يُوفَّرُ
ولا زال ممدودا عليَّ ظلالُهُ ... ونعماؤه كثرتْ عليَّ وتكثُرُ
أكان لكم عجبًا ببعثِ مجدِّدٍ ... هلمَّ انْظُروا فتنَ الزمان وفَكِّروا
أمامك يا مغرورُ فتنٌ محيطة ... وأنت تسبّ المؤمنين وتَهجُرُ
فهذا على الإسلام يوم المصائبِ ... يُكفَّرُ مثلي والرياضُ حَبَوكَرُ
وللكفر آثار وللدين مثلها ... فقُوموا لتفتيش العلامات وانظروا
أتحسب أن الله يُخلف وَعْدَهُ ... أتنسى المواعيد التي هي أظهَرُ
ويأتيك وعدُ الله من حيث لا ترى ... فتعرفه عينٌ تَحِدُّ وتُبصِرُ
وقد علِم الأعداء أني مؤيَّدٌ ... ولكنهم من حقدهم قد أنكروا
ألا أيها الإخوان بَشُّوا وأَبشِروا ... هنيًّا لكم عيدٌ جديد أكبرُ
وليس لعَضْبِ الحق في الدهر كاسرٌ ... وما يضعون من الحديد فيُكسَرُ
وهل جائز سبُّ المؤيَّد بعدما ... أتتْ آيةُ المولى وظهَر المُضمَرُ
وفي يد ربي كلُّ عزّ وسؤدَدٍ ... وعزيزه مِن كيدكم لا يُحَقَّرُ
فمن ذا يعاديني وربي يحبّني ... ومن ذا يُراديني وربي مُعزِّرُ
لنا كل يوم نصرةٌ بعد نصرة ... ويأتي الحبيب مقامَنا ويبشِّرُ
وما أنا ممن يمنع السيفُ قصدَه ... فكيف يخوِّفني بشتمٍ مُكفِّرُ
يسبّ ويعلم أنه يترك التُّقى ... على مثله الوُعَّاظِ يبكي المنبرُ
وما إنْ رأينا وَعْظَه غيرَ فتنةٍ ... وما زالت الشحناء تنمو وتكثُرُ
وكفّرَني حتى ظنَنَّا أنه ... سيصلَى بحبّ الكُفر نارًا يُسعِّرُ
عجبتُ له لا يتركنَّ شروره ... وذَكَّرَه مِن كل نصحٍ مُذكِّرُ
ومِن عجبِ الأيامِ أنيَ كافر ... بأعينِ رجلٍ حاسدٍ بل أكفَرُ
وكيف أخاف الحاسدين وسبَّهم ... ويرحمني ربي ويؤوي وينصرُ
أُحِبُّ مصائبَ سبلِ ربي وإنها ... لأطيبُ لي مِن كل عيش وأطهَرُ
أيا أيها الألْوَى كسَبُعٍ تغيُّظًا ... فستعلَمنْ في أي شكل تُحشَرُ
فلا تقفُ ما لا تعلمَنْ أسراره ... وكم من علوم الحق تخفى وتستُرُ
وجهلُك أعجبَني وطولُ امتداده ... وإن الفتى بعد الجهالة يشعُرُ
أتُقبِرُ حيًّا مثلَ ميتٍ خيانةً ... ويعلم ربي كلَّ ما أنت تستُرُ
إلامَ فسادُ القلب يا تاركَ الهدى ... إلامَ إلى سبل الشقاوة تَسفُرُ
ووالله إني مؤمن غير كافر ... وأين التُّقى لو كان مثليَ يفجُرُ
فيا سالِكِي سبلِ الشياطين اتقوا ... قديرا عليما واحذَروا وتذكَّرُوا
وطوبى لإنسان تيقّظَ وانتهى ... وخاف يد المولى وسيفًا يُثَعْجِرُ
ووالله إني جئتً منه مجدِّدًا ... بوقتٍ أضلَّ الناسَ غُولٌ مُسخِّرُ
وعلّمني ربي علومَ كتابه ... وأُعطِيتُ مما كان يُخفى ويُستَرُ
وأسرار قرآنٍ مجيدٍ تبيّنتْ ... عليّ ويسّرَ لي عليمٌ مُيسِّرُ
كأن العذارى بالوجوه المنيرةِ ... خرجنَ من الكهف الذي هو مُقعَرُ
ألا إن الأيام رجعتْ إلى الهدى ... هنيًّا لكم بعثي فبَشُّوا وأَبْشِروا
وقد اصطفاني خالقي وأعزَّني ... وأيَّدني ... واختارني ... فتدبَّروا
ووالله ما أمري عليّ بغُمّةٍ ... وإني لأعرفُ نورَه لا أُنكِرُ
إذا قلَّ دينُ المرء قلَّ اتقاؤُه ... ويسعى إلى طرق الشقا ويزوِّرُ
ومَن ظنَّ ظنَّ السَّوء بُخلاً فقد هوى ... وكلّ حَسود عند ظنٍّ يُتبَّرُ
ولا يعلمَنْ أن المنايا قريبةٌ ... إذا ما يجيء الوقت فالموت يحضُرُ
وهل نافعٌ وِرْدُ التندُّمِ بعدما ... دنا وقتُ قارعةٍ وجاء المقَدَّرُ
ألا أيها الناس اذكروا وقت موتكم ... فلا تُلْهِكم غولٌ خبيث مخسِّرُ
وقد ذابت الصَفْواء مِن بيتِ عمرِكم ... وما بقِي إلا جمرةٌ أو أصغَرُ
ومِسْحُ الحِمام سيحمِلَنْك على المطا ... وأنت بأموال وخيل تفخَرُ
ألا ليس غير الله شيء مُدَوَّمٌ ... وكلُّ جليسٍ ما خلا اللهَ يهجُرُ
تَذَكَّرْ دماءَ العارفين بسبلهِ ... ألم يأن أن تخشى، أأنت محرَّرُ؟
وإن المنايا سابحاتٌ قويّةٌ ... أثرنَ غبارًا عند حُكمٍ يصدرُ
وآخر دعوانا أن الحمد للذي ... هدانا مناهجَ دينِ حزبٍ طُهِّروا


قد تمّ بمنّه وكرمه

(من كتاب حمامة البشرى)


عربي باي