الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

السبت، 26 سبتمبر 2015

قالو في الجماعة الإسلامية الأحمدية

قالو في الجماعة الإسلامية الأحمدية 











يقول الدكتور الحاج عبد الوهاب العسكري صاحب جريدة "السلام" البغدادية ومديرها المسؤول وعضو المؤتمر العالمي الإسلامي في كتابه "مشاهداتي تحت سماء الشرق" بحث في قضية كشمير:


"الأحمدية القاديانية هم فرقة من المسلمين على طريقة الإمام الأعظم أبي حنيفة ألا أنهم يقولون أن المهدي وعيسى واحد وان عيسى لم يمت على الصليب بل هرب من فلسطين بعدما صلبه بيلاطس الوالي الروماني بإصرار اليهود... والأمير مرزا غلام أحمد توفي ؁ ١٩٠٨ وبعده تولى الخلافة أحد أتباعه المسمى حكيم حاذق مولانا نور الدين الخليفة الأول وبعد وفاته في ؁ ١٩١٣م افترقت القاديانية الأحمدية بعد موته فقسم منهم اقتدى بولده وخليفته الأمير بشير الدين وقسم آخر اقتدى بأحد أتباعه وتلميذه محمد علي صاحب الأحمدية اللاهورية... أما نسب المؤسس للقاديانية فهو ينتمي إلى أمراء فارس الذين حكموا الشرق وهو من سمرقند وأن هذه الفرقة لها مساجد كمساجد المسلمين، وأنهم يقيمون الصَلاة ويحجون إلى بيت الله الحرام ويصومون ويجاهدون في سبيل الله ويأتون الزكاة كالمسلمين وخدماتهم لدين الإسلام من وجهة التبشير في جميع الأقطار كثيرة وأن لهم دوائر منتظمة يديرها أساتذة وعلماء ولكن وللآن بعض الناس يقولون عليهم ليسوا مسلمين ففي معتقدهم أن الدجال هو الاستعمار مهما كان نوعه وهم يجتهدون بكل الوسائل الممكنة لإعلاء كلمة الدين ومن أعمالهم الجبارة الفروع التبشيرية والمساجد التي أسسوها في مدن أمريكا وإفريقيا وأوربا فهي ألسنة ناطقة عما قاموا ويقومون به من خدمات ولا شك أن للإسلام مستقبل باهر على يدهم وأن هاتين الفرقتين تقومان بالخدمات التبشيرية للإسلام.".


(كتاب "مشاهداتي تحت سماء الشرق" بحث في قضية كشمير، للمؤلف الدكتور الحاج عبد الوهاب العسكري, الجزء الأول، الصفحة ٤٣-٤٥، طبعة ١٩٥١)


مسلم لله


السبت، 19 سبتمبر 2015

من طيور الأحمدية في الغرب ١٦

من طيور الأحمدية في الغرب ١٦






ولد الأستاذ "مايكل بيتر دينيس نوونان" وعاش في مدينة "واترفورد" بأيرلندا. ينتمي الأستاذ "مايكل بيتر نوونان" إلى أسرة من الروم الكاثوليك ملتزمة ومتشددة دينياً ولها تاريخ عريق في خدمة الكنيسة الكاثوليكية وأغلب أقاربه وأعمامه وأهل بيته من القسس والكهنة والراهبات والرهبان وخدام الكنيسة. أكمل الأستاذ "مايكل نوونان" دراسته الابتدائية ثم الإعدادية في "مدرسة الرسول بولس" وتَخَرَّجَ من "جامعة القديس ديفيد للثالوث" قسم اللاهوت والفلسفة في "ويلز". تعرَّف الأستاذ "مايكل نوونان" على الإسلام أثناء زيارة صيفية له إلى "تونس" مع بعض الأصدقاء. رغم معلوماته الأولية عن الإسلام ألا أن كل شيء بدا له جديداً على أرض الواقع وأعجبه ونال احترامه فصل الرجال عن النساء في المساجد والأماكن المختلطة فيما كان أصدقاؤه وصديقاته في الرحلة يرون ذلك ظلماً للمرأة خصوصاً وأن النساء التونسيات على الشاطئ يرتدين الزي الساتر للجسد بشكل كامل على عكس الغربيات تماما. أثار ذلك احترام "مايكل بيتر نوونان" بشدة وخاصة بعد سماع الأذان يرفع لأول مرة من أحد المساجد فبادر على الفور إلى سؤال أحد العرب الذين يتحدثون الإنكليزية عن معنى هذا الأذان وماذا يقول، فشرح له التونسي الموضوع كاملاً مما جعل الأستاذ "مايكل بيتر نوونان" يزداد إعجاباً وانبهاراً بالإسلام وقرر أن يبحث في الإسلام فور عودته إلى المملكة المتحدة.


عندما عاد "مايكل" إلى بريطانيا التقى بأحد أصدقاءه المسيحيين أثناء احتفال في الكنيسة الرسولية العالمية فأخبره برحلته إلى تونس فرد عَلَيهِ صديقه بأن المسلمين هم أكثر الناس عناداً بالنسبة للتحول إلى المسيحية وترك الإسلام والسبب هو أن المسلمين يمارسون اعتقادهم ويؤمنون به بصدق. كان لهذا الرد أثره الكبير على "مايكل" وخصوصاً أن ما سمعه كان قد شاهده بأم عينه خلال زيارته لتونس.


انطلق "مايكل بيتر نوونان" في إحدى رحلاته التبشيرية بالمسيحية إلى "هايد بارك" بالعاصمة "لندن" حيث مختلف الديانات والنقاشات تدور بين المحاورين، ولكن أكثر ما لفت انتباهه هو الحوار مع المسلمين إذ كان المسلمون يمطرون القسس بوابل من الأسئلة بدون إجابات شافية مع أن "مايكل نوونان" كان قد درس اللاهوت بالإضافة لدراسته للكتاب المقدس وتفاسيره وتحليله في "كنيسة العنصرة العالمية" والفروق بين الكاثوليكية والإنجيلية. قابل الأستاذ "مايكل" العديد من المسلمين السنة الصوفية والوهابية والشيعة وغيرهم مما زاد تعلقه بالإسلام وصار يزور "هايد بارك" و"ساحة بيكاديلي" أسبوعياً للاستزادة من المعلومات حول الإسلام. بعد فترة من البحث والتحقيق تعرّف "مايكل" على بعض مدارس الفكر في الإسلام وأكثر الذي أثار اهتمامه في البداية كان التصوف وخصوصاً الطريقة "النقشبندية" خاصة وأن الكثير من الأيرلنديين اعتنقوها، ولكن التصوف لم يرق لمايكل ولم يمل إليه فقرر زيارة المساجد الكبرى التابعة للوهابية والسلفية في لندن لأنه كان معجباً بتنظيمهم وصرامتهم، ولكنه اكتشف فيما بعد مبادئهم المتطرفة. دُعي "مايكل بيتر نوونان" إلى حفل زواج في مسجد سلفي لأول مرة في حياته فأعجب بإجراءات الزواج التي يقيمونها وكان الجميع يرتدي الجلابيب المنسدلة ويتميزون باللحى الطويلة ويعانق بعضهم بعضاً بعبارات "السَلامُ عَلَيْكُم" بالإضافة للمصافحة وغيرها.


كان في المبنى قاعة مخصصة للرجال وبسبب بشرة "مايكل" البيضاء ولونه الأوروبي المختلف عن الآسيويين أثار انتباه الحاضرين من حوله فبدأوا يقومون بدعوته إلى الإسلام، وكان هنالك أيضاً نقاش حاد بين مسلمَين يتجمهر حولهما جمع غفير وكان الموضوع هو "نزول المسيح" حيث كان يقول أحدهما بأن المسيح المقصود هو عيسى بن مريم عَلَيهِ السَلام نبي بني إسرائيل فيما يصر الآخر على أن المقصود هو شخص آخر مثل المسيح. كان محور الحديث هو عودة المسيح عَلَيهِ السَلام ومهمة قتل الخنازير وكسر الصلبان وإلغاء الجزية. كان المسلم (أ) يرى بأن الحديث يجب أن يُفهم حرفياً فيما يرى المسلم (ب) بأن الحديث له تأويل ومعان. فتقدم الأخ "مايكل بيتر نوونان" إلى المسلم (أ) -وهو عضو برلمان شهير في الوقت الحالي عن حزب العمال وأصوله آسيوية-  وسأله الأخ "مايكل" إذا كان يسمح له بتعليق بسيط حول الموضوع فوافق الإثنان أي المسلم (أ) و المسلم (ب) على طلب الأستاذ "مايكل" وسمحا له. أخذ الأستاذ "مايكل" يشرح الأمر مبيناً أن المسلم (ب) كان أقرب للمنطق وأن تأويله للحديث كان قوياً مقنعاً ويدعمه الواقع. وبعد أن انتهى الإثنان من النقاش سأل المسلم (أ) لأستاذ "مايكل بيتر" هل هو مسلم فردَّ عَلَيهِ بأنه يؤمن بأن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نبي صادق وأن القرآن الكريم كتاب إلهي ولكنه لم يعلن عن إسلامه بعد، فقال له المسلم: "ما دمتَ لستَ مسلماًً فلا تعلمني ما هو الإسلام !" ، ثم قال: "هذا الشخص -أي المسلم (ب)- ليس مسلماً بل هو كافر!". فقال له الأستاذ "مايكل": "هل هو شيعي فالشيعة وحدهم يُطلَق عليهم بالكفرة !" فأجابه: "بل أسوأ، هذا الرجل قادياني!"، ثم مضى الرجل غاضباً وتركه، فاقترب الأستاذ "مايكل بيتر نوونان" من الرجل الذي قيل عنه قادياني وسأله: "ما معنى قادياني؟" فأجابه ببساطة وهدوء: "لست قاديانياً بل أحمدي!". فسأله ثانية: "ما معنى أحمدي؟" فقال له بأنه مسلم وينتمي لجماعة إسمها الجماعة الإسلامية الأحمدية وشرح له بإيجاز تفاصيل العقيدة التي تؤمن بها الأحمدية وخصوصاً عدم موت المسيح عَلَيهِ السَلام على الصليب وبعثة مثيل له وليس هو بنفسه. في قرارة نفس السيد "مايكل نوونان" كان موضوع بعثة مثيل للمسيح أمراً مرفوضاً بسبب علمه بأن الموعود هو المسيح نفسه لا شخصاً آخر، وهذا الذي درسه في المسيحية والإسلام. لقد جذبت شخصية النبي ﷺ الأستاذ "مايكل بيتر نوونان" لجلالها وعظمتها ووضوحها وكان يعرف بأن الإسلام يذكر أيضاً بعثة المسيح عَلَيهِ السَلام في آخر الزمان، ولكن أن يكون المسيح شخصاً آخر غير عيسى نفسه عَلَيهِ السَلام فهو أمر جديد وغريب عَلَيهِ بل ومرفوض كل الرفض بالنسبة له! فسأل الأخ الأحمدي السيد "مايكل نوونان" إذا كان يرغب بقراءة كتاب فأجابه بالإيجاب.


كان كتيباً بعنوان "قبر المسيح" وفيه تحليل لعدم موت المسيح عَلَيهِ السَلام على الصليب والأدلة من الكتاب المقدس، فعاد السيد "مايكل نوونان" إلى لندن وبدأ يقرأ الكتيب بإعجاب شديد وتعجب بسبب المراجع الكتابية الكثيرة التي فيه والتي تدعم نجاة المسيح عَلَيهِ السَلام من الصليب ولم يستطع أن يترك الكتاب حتى أنهاه عند الساعة الثانية صباحاً! عند انتهاءه من القراءة خرَّ على ركبتيه في دعاء حار متوسلاً إلى الله ﷻ: "هل يمكن أن أكون قد قضيت عمري في عبادة إنسان بدل الله تعالى وأن هذا الإنسان لم يمت على الصليب بل هاجر بحثاً عن خراف بيت إسرائيل؟". كان الأمر أشبه بالصاعقة أو حافلة نقل صدمته، فقرر في اليوم التالي الاتصال بالأحمدي والاستفسار حول الكتاب فكان الأحمدي مسروراً لهذا الأمر ولكنه قال بأنه ليس ذو معرفة واسعة ولكن لديه كتاباً آخر سوف يجيب عن جميع أسئلته المتعلقة بالكتيب الأول.


كان الكتاب الثاني بعنوان "المسيح الناصري في الهند". تطلب إنهاء الكتاب من السيد "مايكل" شهراً كاملاً لكي يهضم أغلب النقاط المذكورة فيه، وكان الكتاب بالفعل عجيباً وغريباً ومقنعاً ولم يقرأ مثله طوال حياته. لقد شكَّل الكتاب مصدراً للإزعاج بالنسبة للسيد "مايكل" خصوصاً وأن الكتاب يحيط بالموضوع من جميع الجهات التاريخية والعقلية والعلمية والدينية وبدا وكأن دراسة اللاهوت والمسيحية والفلسفة انهارت وسجدت أمام هذا الكتاب! كان السيد "مايكل نوونان" في غاية الحيرة والذهول والانزعاج وأراد الاتصال بأصدقائه المسيحيين الكثر والمسلمين لأخذ النصيحة والمشورة والمساعدة حول هذا الكتاب الرهيب، ولكنه لم يفعل ويرى اليوم بأن ذلك كان جيداً إذ كان الرد سيكون "هذه الجماعة مجرد كفرة" لا غير.


أخذ السيد "مايكل نوونان" يزور الـ "هايد بارك" باستمرار ويستمع إلى الحوارات بين المسلمين والمسيحيين وغيرهم وكانت أغلب نقاط الهجوم المسيحية هي الطعن في النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وتعرّف السيد "مايكل" إلى القس الشهير "جاي سميث" وصاروا أصدقاء وهو اليوم أي "سميث" من ألد أعداء الإسلام والجماعة الإسلامية الأحمدية بالذات. كان المسلمون يبشرون بأن النبي محمد ﷺ هو الخلاص للبشرية فكان القس "سميث" يسأل المسلمين: "أين هو محمد؟" فيردّون ببساطة: "ميت" فيرد عليهم: "يعني هو ميت في قبره! تبارك الرب يسوع الذي قام من الموت وهزم الصليب فهو الحي في السماء! لقد مات المسيح من أجل التكفير عن خطاياكم جميعا وتحمل الموت ولكنه هزم الموت وقام منه ليحيا في السماء وهو حي اليوم كما كان في السابق بينما محمد رجل عادي مات ودُفِن وهو اليوم ميت في القبر وليس بيديه الخلاص ولا أي شيء".


عند سماع ذلك القول من القس تذكّر "مايكل نوونان" الكتب التي قرأها والتي تؤكد وجود اعتقاد عند المسلمين بأن المسيح مجرد نبي نجا من الصليب ثم توفي وفاة طبيعية كباقي الناس مما دفع "مايكل" إلى الاتصال بالمسلم الأحمدي ثانية.


كان السيد "مايكل" يزور الـ "هايد بارك" و "ليستر سكوير" باستمرار حيث تقام المناظرات والحوارات بين المسلمين والمسيحيين وكان لديه أصدقاء كثر من الصوفية والشيعة والسلفية وغيرهم وكان في كل مرة يجتمع بهم يطلبون منه أن يعلن شهادة أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأَّن مُّحَمَّداً رَّسُولُ اللَّهِ، ومع أنه قريب جداً من الإسلام ويكاد يعلنها ألا أن شيئا ما كان يمنعه وكان متمسكاً بيسوع الذي تقدمه الأناجيل. كان في قلبه أسئلة كثيرة يود أن يجيب عنها الأحمدي فهو فقط من يمتلك الأجوبة.


التقى الأستاذ "مايكل نوونان" بالأحمدي فطلب منه الأخير أن يحضر الجلسة السنوية التي تقام غداً ففيها كل الأجوبة، وبعد إلحاح من الأحمدي وافق السيد "مايكل بيتر نوونان" على الحضور ليوم واحد فقط. عند حضور الجلسة كان المنظر جديداً عَلَيهِ، فهنالك أعداد هائلة من البشر والكثير منهم من الآسيويين سواء من باكستان أو الهند وكان يجلس السيد "مايكل" في قسم اللغة الإنكليزية، وعندما شاهد الناس تقوم وتصيح رافعين قبضاتهم يهتفون "نعره تكبير" أي "كبِّروا!" فكان "مايكل نوونان" يظن بأنهم مجانين أو شيئا من هذا ولكنه شاهد رجلاً جليلاً يرتدي عمامة بيضاء كبيرة يتقدم ويجلس أمامهم ويحدثهم حول تعاليم الإسلام والجماعة. أعجب السيد "مايكل" به لكونه أول زعيم ديني يحاسب جماعته على الأخطاء والتقصير الروحي ويقودهم إلى الله تعالى. عندما انتهى الشيخ من الخطاب وغادر جرى السيد "مايكل" مسرعاً ليلتقي به حتى إنه اصطدم برجل فسقط ولما ساعده على القيام وسأله هل انت بخير قال له نعم ولكن أين كان ذاهباً بهذه السرعة فقال له بأنه يريد أن يقابل الشيخ الخطيب فلم يسمع مثله في حياته، فقال له الرجل ليس هكذا تتم مقابلة حضرته فهو الخليفة ولا يجوز مقابلته بهذه الطريقة وأن عَلَيهِ إذا أراد الحضور غداً في جلسة الأسئلة والأجوبة وليسأل كما يشاء. كان هذا الرجل هو الإمام "عطاء المجيب راشد" إمام مسجد لندن.


في اليوم التالي حضر السيد "مايكل بيتر نوونان" جلسة الأسئلة والأجوبة حيث أُجلِس في المقدمة وسط حضور حاشد من الأوربيين كالإنكليز والألمان وغيرهم، ولما حضر الخليفة الرابع رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان حسب وصف السيد "مايكل" جميلاً ومنيراً كالبدر في السماء. بدأ الخليفة يرد على الأسئلة بطريقة مدهشة وهادئة لا نظير لها وكانت عينا السيد "مايكل" متسمرة على الخليفة طيلة الوقت لا تفارقه من شدة الإعجاب. عندما انتهت الجلسة اتجه السيد "مايكل نوونان" إلى شخص بريطاني من سكوتلندا معتنق للأحمدية وسأله عن كيفية الانضمام للجماعة الإسلامية الأحمدية فقال له الرجل بأن عَلَيهِ أن يملأ استمارة البيعة وبعد شرح سريع قيل له بأن عَلَيهِ أن يقابل الإمام السيد "عطاء المجيب راشد". 


عند مقابلة الإمام "راشد" قال له الإمام بأن عَلَيهِ أن يقرأ المزيد من الكتب حتى يعرف حقيقة من هو المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. فاخذ مجموعة من الكتب وسافر عائداً إلى أيرلندا. 


كان السيد "مايكل" مصمماً على التبشير بالإسلام لأهله، ولكن العودة بعد أربع سنين من دراسة اللاهوت في الكنيسة الكاثوليكية للتبشير بالإسلام كان أمراً صعباً للوهلة الأولى، فقرر "مايكل نوونان" أن يترك الموضوع للقدر.


صباح يوم الأحد ذات يوم كان وقت الفطور حيث تُقَدَّم حسب التقاليد البريطانية وجبة طعام صباحية مكونة من لحم الخنزير المقلي والبيض والبودينغ وهي المفضلة عند أغلب البريطانيين، ولكن "مايكل" رفض وطلب البيض فقط فانفجر والده غضباً وسأله: "هل أصبحت مسلماً؟" فأجاب "مايكل" وسط ذهول وصدمة: "نعم!". فازداد والده غضباً وأخذ يجري مسرعاً على السلالم ليخبر والدته التي نزلت بعد قليل وهي تردد صلاة العذراء والصلاة الربانية. قالت له بأنها شاهدت كتباً غريبة في مكتبته (تقصد القرآن الكريم) وراقبته يقوم بحركات غير مفهومة في غرفته (تقصد الصَلاة). بعد ساعة تقريباً كان جميع الأخوة والأخوات قد اجتمعوا في المنزل ليناقشوه ويقنعوه بأن اختياره هذا خطأ جسيم لا بد من التوبة عنه وأن "مايكل" قد فقد صوابه وما إلى ذلك. عند مساء ذلك اليوم استدعى والد "مايكل نوونان" قسيس البلدة إلى البيت، فجاء القسيس المحترم وأخذ يعظ الأخ "مايكل" مطولاً حول عدم وجود أي سبيل للخلاص إلا عن طريق الرب يسوع، فأجابه "مايكل" بعد أن انتهى بأن سعادة القسيس يضيع وقته الثمين لأنه -أي "مايكل"- قد اختار طريقه ولن يثنيه شيء عن اختياره. 


بعد هذه التجربة ولوقت طويل أخذ الأهل يضغطون على ابنهم "مايكل" ويسيئون معاملته بغية التأثير عَلَيهِ، فقرر الأخ "مايكل نوونان" أن ينتقل إلى مدينة أخرى حيث كان والده يزوره وبعض الأصدقاء ويحاولون أن يقنعوه بأنه ارتكب خطأ فادحاً بدخوله الإسلام. كانت لحظات الضعف تراود الأخ "مايكل" أحيانا خصوصاً عندما يتذكر أهله وأصدقاءه الذين خسرهم وبالأخص صديقته التي كان يحبها كثيراً ويهتم بها وكان الجميع يحاصرونه بالثقافة الأيرلندية (التي تتمحور حول الحانات والمراقص الليلية والاختلاط بالنساء). فكان "مايكل" يتساءل في نفسه "هل أنا أحمق؟ هل الإسلام ليس خياراً صحيحاً؟"، كانت هذه الأفكار تؤثر على عقله وقلبه. 


تذَكَّرَ الأخ "مايكل نوونان" كلمات أحد الأحمديين الإنكليز الذين التقى بهم وهو مولانا "أورتشارد" الذي قال له بأن أمامه طريقين أحدهما طويل وهو قراءة كل الكتب التي أخذها من الإمام "راشد" والآخر سريع وهو عبارة عن استخارة الله تعالى حول صدق المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، فقرر الأخ "مايكل نوونان" أن يستخير الله تعالى نظراً لظروفه العصيبة. لم يكن الأخ "مايكل نوونان" يجيد العربية في ذلك الوقت ولكنه وضع نسخة من القرآن الكريم ونسخة من الكتاب المقدس أمامه على الرف وأخذ يدعو الله تعالى باللغة الإنكليزية دعاء حاراً تتفطر له القلوب أن يريه الحق. فأراه الله تعالى في تلك الليلة رؤيا بأنه -أي مايكل- يصلي داخل كنيسة ويشير إلى جهة الشرق ويهتف "الله أكبر" ثم تبعه سبعة من المصلين في الكنيسة وأخذوا يشيرون إلى الشرق أيضاً ويهتفون "الله أكبر"!


بعد أن استيقظ الأخ "مايكل" من المنام أحس بشعور قوي جداً يدفعه لاعتناق الإسلام بأسرع وقت. حزم الأخ "مايكل نوونان" حقائبه وقرر السفر إلى "لندن" ليكون قريباً من المسلمين. كان وداعاً عاطفياً مؤثراً، فقد جاءت والدته تتوسل به للبقاء وعدم الرحيل وكان والده يبكي أيضا، ولكن الأخ "مايكل" كان مصمماً على الذهاب. عند وصوله إلى "لندن" انطلق الأخ "مايكل" مباشرة إلى "مسجد الفضل" حيث قابل الإمام "عطاء المجيب راشد" وأعلن بحضوره شهادة أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأنَّ مُّحَمَّداً رَّسُولُ اللَّهِ ومضى وثيقة البيعة. بعد هذه التطورات التقى الأخ "مايكل" ببعض الأصدقاء المسلمين غير الأحمديين الذين كان له معهم ذكريات سابقة فسألوه عن حاله وأين يقضي الوقت فأخبرهم بأنه عاد إلى لندن وأعلن الإسلام وشهادة لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ففرح الأصدقاء المسلمون فرحاً كبيراً وسألوه عن المسجد الذي يصلي فيه فهم لم يروه يصلي في المسجد الذي كانوا يلتقون به، فأجابهم بأنه "مسجد لندن"، فقالوا: "هل تقصد مسجد ريجنت الكبير؟"، فقال: "بل هو مسجد لندن في ساوثفيلدز".


عند سماع ذلك قال أحدهم: "هل تقصد مسجد القاديانية؟ هؤلاء ليسوا مسلمين." فقال لهم: "ليسوا قاديانيين بل أحمديين." فأعطوه كتاباً بعنوان [القاديانية دراسة تحليلية]، فعلم بأنه من كتب أعداء الأحمدية ولكنه أخذه منهم ليتأكد من الأمر، فلعلهم على حق. لم يكد الأخ "مايكل نوونان" يقرأ بعض الصفحات حتى أغلق الكتاب حيث وجده مليئاً بسب ولعن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ! عند ذلك فرش الأخ "مايكل نوونان" سجادة الصَلاة وجثا على ركبتيه في دعاء وبكاء وصرخ قائلاً: "إلهي، إذا كان حضرة مرزا غلام أحمد هو المسيح الموعود بحق فأرني إياه!". 


في تلك الليلة بعد أن خلد الأخ "مايكل نوونان" إلى النوم شاهد حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام يقف أمامه ويقول له: "الأحمدية هي الإسلام والإسلام هو الأحمدية". ثم قال له: "إذا كنت في ريب ثانية فادع وأنت بهذا الوضع." ثم شاهد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يسجد أمامه. عندما استيقظ الأخ "مايكل" كان يتصبب عرقاً وأدرك بأن الأحمدية هي الإسلام الصحيح !


بعد ذلك ارتقى الأخ "مايكل نوونان" أو "إِبْرَاهِيمَ نوونان" فيما بعد في سلّم الروحانية وهو من أكثر الخدام إخلاصاً ونشاطاً وهو يشغل في الوقت الحالي منصب مسؤول التبشير في أيرلندا كما أنه هو إمام "مسجد مريم" الجديد في أيرلندا. فالحمد لله من قبل ومن بعد.


مسلم لله 



الأربعاء، 16 سبتمبر 2015

ألا يقرأون القرآن

ألا يقرأون القرآن 






التسجيل مع الترجمةالإنكليزية 





يقول تعالى:

﴿وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَـٰهُمْ شُعَيْباً﴾ الأعراف

أي أن الله تعالى أرسل إلى مدين نبيه شعيباً عَلَيهِ السَلام ووصفه بأنه أخوهم وفي هذا اللفظ المبارك درس للمسلمين جميعاً وهو أن لا يتكبروا على غيرهم مهما طغى الكفر فيهم والضلال، فهم جميعاً إخوة عند الله ﷻ.   

بعد أن نصح شعيب عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام الناس ووصاهم بالعدل والاستقامة بمحبة وأخوة كذّبوه للأسف وحاربوه بل وأخذوا يصدون عنه صدودا. يقول السيوطي رحمه الله في تفسيره:

"قوله (أي شعيب ينصح قومه) {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} .. كانت بلادهم بلاد ميرة يمتار الناس منهم، فكانوا يقعدون على الطريق فيصدون الناس عن شعيب يقولون: لا تسمعوا منه فإنه كذاب يفتنكم. فذلك قوله {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} الناس أن اتبعتم شعيباً فتنكم. .. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} قال: كانوا يجلسون في الطريق فيخبرون من أتى عليهم أن شعيباً كذاب، فلا يفتننَّكم عن دينكم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا تقعدوا بكل صراط} قال: طريق {توعدون} قال: تخوّفون الناس أن يأتوا شعيباً. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} قال: بكل سبيل حق {وتصدون عن سبيل الله} قال: تصدون أهلها {وتبغونها عوجا} قال: تلتمسون لها الزيغ." تفسير الدر المنثور

اجتمع القوم أخيراً وقرروا طرد شعيب عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام ومن أمن معه ما لم يتوبوا عن عقيدتهم ويتراجعوا عن الإيمان الجديد الذي خالف الإجماع والآباء حتى لو كانت عودتهم كرها وجبرا، يقول تعالى: 

﴿قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ . قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ﴾

في الآية أعلاه وصفَ الله تعالى الذين يقومون بإكراه الناس في معتقداتهم بالمستكبرين وأن الله تعالى سوف يمحق الباطل بدعاء المتوكلين المستضعفين. إن صفة الاستكبار عند الله دميمة للغاية حيث أطلقت في القرآن الكريم على إبليس وكانت هي العقدة التي تهوي بالكافرين إلى الحضيض. يقول ﷻ:

﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ البقرة : ٣٥

كما ورد الاستكبار أيضاً في القرآن المجيد لمكذبي الرسل حيث يقول تعالى:

﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ۖ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ البقرة : ٨٨

كذلك ورد وصف الاستكبار عند الله تعالى صنواً للكفر بالنبيين. يقول تعالى في قوم صالح عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:

﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُم بِهِ كَافِرُونَ﴾ الأعراف : ٧٧

لقد بيّنَ الله ﷻ أيضا بأنه سبحانه يبغض صفة الاستكبار:

﴿لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ﴾ النحل : ٢٤

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ﴾ المنافقون : ٦

وغيرها من آيات تدل بمجموعها على أن الله تعالى لا يرتضي هذه الصفة لعباده الصالحين !

يقول القرطبي في تفسيره للآية من سورة الأعراف:

".. أي لتعودُنّ إلينا كما كنتم من قبل. .. فقال لهم شعيب؛ {أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} أي ولو كنا كارهين تجبروننا عليه، أي على الخروج من الوطن أو العود في مِلتكم. أي إن فعلتم هذا أتيتم عظيماً.

{قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا} إياس من العود إلى مِلتهم.

.. «وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا» أي في القرية بعد أن كرهتم مجاورتنا، بل نخرج من قريتكم مهاجرين إلى غيرها. «إلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ» ردّنا إليها." أهـ 

يقول السيوطي في تفسيره:

"قال ابن عباس: كان (أي شعيب عَلَيهِ السَلام) حليماً صادقاً وقوراً، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا ذكر شعيباً يقول "ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه فيما دعاهم إليه، وفيما ردوا عليه وكذبوه وتواعدوه بالرجم والنفي من بلادهم."." الدر المنثور

يقول القرطبي:

".. قوله تعالى: {عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا} أي ٱعتمدنا. .. {رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ}.. قال ٱبن عباس: وكان شعيب كثير الصلاة، فلما طال تمادي قومه في كفرهم وغيهم، ويئس من صلاحهم، دعا عليهم فقال: {رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ} . ! فٱستجاب الله دعاءه فأهلكهم بالرجفة." أهـ 

لقد حارب مشايخ باكستان المسلمين الأحمديين وقعدوا لهم كل مرصد بخيلهم ورجلهم وفتاواهم التي منعت المسلمين الأحمديين من الانتساب إلى الإسلام وادعاء ذلك بل وإلقاء تحية الإسلام والدفن في مقابر المسلمين ونشر كتبهم وعمدوا إلى طمس كل عبارة فيها (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) من على المساجد والمقابر والمرافق العامة ووضعوا شروطاً لنيل جواز السفر على كل مواطن ينتسب للإسلام أن يلعن مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية ويكفّره وعدا ذلك لا جواز رسمي لمن لا يفعل ذلك بالحرف. توالت الفتاوى بحق المسلمين الأحمديين وكان آخرها استحلال دمائهم ووصفهم في مؤتمر ختم النبوة الأخير سيء الصيت بأنهم ((واجب القتل)) !

جاء قرارهم هذا ولن يمنعهم من قتل الأحمديين إلا عودة الأحمديين إلى ملّة المشايخ ولو كان ذلك بالإكراه أي بدون اقتناع منهم وهو ما يبغضه الله تعالى في نصوص القرآن الكريم!

لنقف عند هذا الحديث الذي رواه السيوطي في الدر المنثور:

"أخرج ابن جرير عن أبي العالية عن أبي هريرة أو غيره شك أبو عالية قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسريَ به على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته. قال "ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا مثل أقوام من أمتك يعقدون على الطريق فيقطعونه، ثم تلا {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون}"". أهـ 

أي أن من هذه الأمة مَن سيكون نسخة عن قوم شعيب المستكبرين وصدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عندما قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع". وما أشبه حال شعيب وحال المسيح الموعود عَلَيْهِمْ السَلام مع قومهم! 

إن إكراه الناس في دينهم فتنة كبرى والفتنة عند الله أشد من القتل ! فليستيقظ خصوم الجماعة الإسلامية الأحمدية فالرجفة مصير المستكبرين!

مسلم لله

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يتنبأ بالثورة الإيرانية

المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يتنبأ بالثورة الإيرانية   





من بين نبوءات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام التي لا تكاد تحصى نبوءة تتعلق بالثورة الإيرانية (وتُعرف أيضًا بثورة إيران الدستورية) حيث تلقى عَلَيهِ السَلام حولها وحياً بتاريخ 15 كانون الثاني 1906، ونص النبوءة:


"تزلزل در ايوان كسرى فتاد." (بالفارسية) أي: أن زلزالاً وقع في بلاط مَلِك إيران. (١)


تم نشر هذا الوحي في الصحف الناطقة بالأردية والإنجليزية وبعض المجلات والمنشورات الأخرى الخاصة بالجماعة الإسلامية الأحمدية في الوقت الذي كان فيه حاكم إيران متربعاً بكل قوة وهيمنة على عرشه فارضاً سلطانه بقوة وثقة ورخاء. كان الملك الفارسي مظفر مسعود الدين شاه قبل ذلك بعام أي في 1905 قد وافق على مقترحات لتشكيل حكومة تمثيل شعبية عن طريق البرلمان ووعد بتحقيقها بل والإعلان عنها بصورة رسمية. كان موقف الملك هذا قد أدى إلى إسعاد البلاد حكومة وشعبا ونشر البهجة والفرحة وحصل الملك بسبب موقفه هذا على شعبية وامتنان عظيم في الأمة. ساد الارتياح الكبير في البلاد نظراً لأن الثورة السياسية تمت دون إراقة دماء. وكان العالم يتطلع بأمل إلى إيران بسبب تجربتها الديمقراطية الجديدة والأولى في آسيا بشكل عام باستثناء اليابان. لكنهم لم يكونوا على علم بالصعوبات التي ينطوي عليها ذلك ولم يكن لدى الناس التعليم اللازم ولا الخبرة الكافية للحكم الديمقراطي. في تلك الأثناء نشر حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام وحيه الذي يقول "زلزال وقع في بلاط مَلِك إيران". لقد بدا هذا الوحي غريباً في تلك الفترة، ولم يكترث أحد إلى ما يحمله نص الوحي من عواقب، لقد كانت إيران سعيدة بالحرية الجديدة التي وجدتها بعد غياب طويل، وكان الملك مظفر مسعود الدين شاه فرحاً متمتعاً بالشعبية التي حصل عليها بسبب ذلك.


في عام 1907 توفي الملك عن عمر يناهز خمسة وخمسين عاما فخلفه ابنه مرزا محمد علي على العرش. أثبتَ الملك الجديد التغييرات الدستورية التي قبلها والده من قبل وواصل البرلمان الإيراني (المجلس) عمله السابق وقد تأكد بقاء الحكومة الممثلة التي سعى لها الشعب بقوة وحصل عليها أخيراً تحت حكم الملك السابق وأكدها أيضاً الملك اللاحق. ولكن بعد بضعة أيام فقط على الحكم بدأت نذر الشؤم تظهر كما تنبأ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. 


بعد مرور عام فقط على نشر الوحي المذكور بدأت بوادر التمرد والفوضى تبرز وتظهر بشكل واضح. لقد بدأ الصراع يحتدم بين الملك والبرلمان، بين الشاه والمجلس. لقد طرح المجلس مطالب لا يمكن للشاه قبولها. وفي نهاية المطاف وتحت ضغط وإصرار المجلس وافق الملك على فصل بعض الشخصيات والقادة الكبار الذين وجَّهَ لهم المجلس تهماً بالفساد، وفي الوقت نفسه قرر الملك مغادرة العاصمة طهران. نشأ إثر ذلك توتر خطير بين القوميين والقوزاق الذين شكلوا هيئة لحراسة الملك وتبع ذلك بوقت قصير مناوشات دامية عندما قتل القوزاق 22 محتجًا وجرح 100 اخرين (٢). وتم إغلاق الأسواق مرة أخرى ودخل العمال في إضراب، واتخذ عدد كبير منهم ملاذًا لهم في مدينة قم. إلى هنا تحقق جزء فقط من نبوءة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. تم في هذه الأثناء قصف مبنى النواب الإيراني وتدميره، ثم قام الملك بحل البرلمان وإلغاءه. تلا ذلك تمرد عام في أجزاء كثيرة من إيران. لارستان، لابجان، أكراباد، بوشهر وشيراز، وانتشرت الفوضى في جنوب ايران بشكل عام. تم فصل الحكام والمحافظين والضباط التابعين للنظام القديم وقام القوميون والديمقراطيون بفرض إدارتهم على البلاد. وكانت إيران غارقة في قبضة الحروب والفوضى العارمة. ولما شاهد الملك هذا الحال الحرج الذي عصف بالبلاد بدأ بنقل خزانة الدولة وممتلكاته الشخصية إلى روسيا، فيما بقي شخصياً في إيران ليبذل كل ما بوسعه من اللباقة والحنكة لإخماد التمرد. ولكن التمرد بدل أن ينحسر اتسع وتطور إلى ثورة كبرى، ومع إطلالة العام 1909 كان التمرد أو الثورة قد انتشرت إلى أصفهان، وسرعان ما انضم زعيم البختيار أيضاً إلى القوميين. عانت القوات الملكية هزيمة نكراء اضطر الملك على أثرها إلى إعلان قبوله للحكومة البرلمانية وخَطَبَ الشعب مرة تلو الأخرى مؤكِّداً أن النظام الاستبدادي القديم لن يعود. ولكن شاءَ الله تعالى خلاف ذلك، ففي قصر الملك كان القلق يتزايد يوماً بعد يوم. وأخيراً حتى القوزاق (هيئة الحرس الشخصي للشاه) انضموا إلى الثوار. بسبب هذا التطور الخطير غادر الشاه وأسرته القصر إلى غير رجعة ولجأوا إلى السفارة الروسية في إيران. حدث هذا في 15 يوليو 1909، أي بعد عامين ونصف فقط من نشر الوحي "زلزال وقع في بلاط مَلِك إيران". لقد تحقق الوحي بالحرف فاختفت الرجعية والاستبداد من إيران، وحَلَّتْ الديمقراطية محلها. مر شهرا حزيران وتموز بقلق ورهبة كبيرين. وحدهم الذين عاشوا مثل هذه الظروف يمكن أن يتخيلوا حجم القلق والأرق واليأس الذي كان سائداً في قصر إيران في هذين الشهرين. أما نحن فنحتاج إلى التصور والتدبر بالذي حدث. لقد تحققت بشكل واضح نبوءة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وسُجلت في التاريخ، واللافت أيضاً أن التاريخ أطلق على هذه الحادثة بـ "التغيير المزلزل في فارس" (٣)، رغم أن القلة فقط انتبهوا لهذه الآيات المنذرة." (٤)


المراجع:


١- "بدر"، مجلد ٢، عدد ٣، يوم ١٩٠٦/١/١٩، ص ٢، و"الحكم"، مجلد ١٠، عدد ٣، يوم ١٩٠٦/١/٢٤، ص ١

٢- Abrahamian, Ervand, Iran Between Two Revolutions by Ervand Abrahamian, Princeton University Press, 1982, p.84

٣- الموسوعة الحرة http://bit.ly/1iMrFlP

٤- بتصرف من كتاب "دعوة إلى الأحمدية" للمُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، النبوءة رقم ٢


مسلم لله

السبت، 5 سبتمبر 2015

من طيور الأحمدية في الغرب ١٤


من طيور الأحمدية في الغرب ١٤






نشأ الأخ "دانيال دوغلا" في أسرة كاثوليكية ملتزمة من مدينة "غلاسكو" بإسكتلندا وكان يعتاد الذهاب إلى الكنيسة في أوقات منتظمة. تعرّف الأخ "دانيال" على الإسلام التقليدي من خلال بعض الأصدقاء ولكنه كان يتحاشى قراءة الكتب الكبيرة عن الإسلام مع رغبته الدفينة في معرفة الدين الإسلامي دائماً ذلك بسبب غرابة تردده على المسجد الكبير للمسلمين التقليديين وهو شاب أبيض اللون وسط مسلمين جُلّهم من الأفارقة الأمر الذي كان يعرّضه أحياناً للمسائلة من قبل بعض المتعصبين بسبب غرابته عنهم من الناحية الشكلية. وحدث أن تعرف على صديق أحمدي فأعطاه كتاباً للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فاستوقفته عبارة صديقه بأن هذا الرجل هو المسيح في مجيئه الثاني حيث أن المسيح الذي في الإنجيل قد توفي بعد نجاته من الصليب. علم "دانيال" على الفور بأن ذلك الأمر مهم جداً ويفسر الكثير من عقيدته كمسيحي كاثوليكي واقتنع مباشرة بأن هذا الرجل أي حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام صادق في دعواه حتى قبل أن يقرأ الكتاب بعد أن تأمل في صورة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام المطبوعة على الغلاف، وكان قلبه يحدثه بأن صاحب الصورة لا يمكن إلا أن يكون من الله ﷻ. أصبح الأمر واضحاً جداً بالنسبة لدانيال وفيه حل للعديد من المسائل التي كانت تدور في ذهنه حول المسيح وتفاسير الكتاب المقدس فلم تساعده من قبل الرؤية الإسلامية التقليدية للمسيح عَلَيهِ السَلام بسبب ضبابيتها وعدم وضوحها كما صار يرى الآن. قرر الأخ "دانيال" بعد بحث سريع أن ينضم للجماعة الإسلامية الأحمدية وبالفعل بايع في المسجد المركزي للجماعة في "غلاسكو". في تلك الليلية وبعد البيعة مباشرة التقى "دانيال" بصديقته التي كان يحبها فسألته عن الموضوع فقال لها مباشرة: لقد دخلتُ الإسلام! فصاحت: يا إلهي! فرد عليها: نعم، حقاً، يا إلهي! ولكن صديقته بعد ثلاثة أشهر فقط وبعد أن شاهدت التغير الإيجابي على خطيبها وبعد شرح مفصل لعقيدة الجماعة الإسلامية الأحمدية قررت هي الأخرى أن تبايع وتصبح مسلمة أحمدية، وهكذا تزوج الأثنان بعد الدخول في الإسلام ولم يتعرضا لأي مضايقة من الأهل بل كان أهلهما منفتحين ومثقفين ويعلمون أن أولادهم عرفوا الحق. اليوم أصبح للأخ "دانيال" وزوجته ولدان جميلان كلاهما مخصصان لخدمة الجماعة الإسلامية الأحمدية كـ"وقف نو" والذي يعني "وقف الحياة من أجل التبشير". يشعر الأخ "دانيال" بسعادة غامرة في كل يوم جديد مع الجماعة الإسلامية الأحمدية بسبب النمو الروحي الذي يشعر به وأهل بيته. فالحمد لله رب العالمين.


مسلم للّه 

من طيور الأحمدية في الغرب ١٣

من طيور الأحمدية في الغرب ١٣





السيد "ريتشارد رينو" من مدينة "بورتلاند" بولاية "أوريغون" الأمريكية. ولد الأخ "ريتشارد" رينو لأُم مسيحية وأب ملحد. كان الأخ "رينو" يعتبر نفسه ملحدا حتى تعرّف في صباه على دين الإسلام، وذلك عندما زار مسجداً للجماعة الإسلامية الأحمدية حين كان لا يزال في السابعة عشر من عمره. يقول الأخ "ريتشارد" رينو بأنه وجد في تعاليم الإسلام الذي تقدمه الجماعة الإسلامية الأحمدية عمقاً وعقلانية ومنطقاً خصوصاً فيما يتعلق بيسوع المسيح.

درس الأخ "ريتشارد رينو" اللغة العربية حتى تمكن من تلاوة القرآن الكريم ثم عكف على قراءة كتب ومقالات مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية حيث ذُهل لأسلوبه الفريد وقدرته العجيبة في شرح تعاليم الإسلام في سياق عصري. درس الأخ "ريتشارد" وتخرج مهندساً في تكنولوجيا المعلومات ويعيش حالياً في مدينة "بورتلاند".

مسلم لله

من طيور الأحمدية في الغرب ١٥

من طيور الأحمدية في الغرب ١٥






تروي السيدة "سارة": "وُلد أبي السيد "وورد" -"ناصر وورد" فيما بعد- في مدينة "ليدز" الإنكليزية عام ١٩٤٤ لعائلة مسيحية عريقة من الطبقة المتوسطة. درس والدي التاريخ وعمل مُدرِّساً لهذه المادة التي كان يعشقها منذ صغره وكان واسع الإطلاع ومارس مهنة التدريس في مدارس وكلّيات عديدة في أوروبا والشرق الأوسط. قاده حب التاريخ للتعرف على الإسلام، ومن خلال مهنته تعرّف على زميل يعمل في التدريس أيضاً وكان مسلماً أحمدياً، فدارت بينهما حوارات حول المسيحية والإسلام حيث قدّم لوالدي عدداً من الكتب حول موضوع الصليب وتفسير الجماعة الإسلامية الأحمدية المستند على القرآن الكريم ومنها كتباً للمسلم الأحمدي السير "ظفر الله خان" وزير خارجية باكستان ورئيس المحكمة الدولية، وبعد قراءة مركزة اقتنع والداي بذلك كل الاقتناع. لم يكن موضوع وفاة المسيح عَلَيهِ السَلام هو الأمر الوحيد أو الأهم الذي جذب والديّ نحو الجماعة الإسلامية الأحمدية بل  كانت النظرة المتكاملة لفلسفة التعاليم وصلاحها بما لا مثيل لها في الأديان والفلسفات الأخرى هي العامل الأهم في القضية. قرر والداي دخول الإسلام وبيعة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وذلك عن طريق زيارة مسجد الفضل في العاصمة "لندن". ما أن اقترب والدِي ووالدتي من بوابة المسجد شعرا بنوع من التردد والرهبة من المبنى الذي يزوراه لأول مرة، ولكن السيد "عطاء المجيب راشد" إمام المسجد خرج لاستقبالهما وطمأنهما إلى الدخول بابتسامته المعهودة وكلماته الجميلة فدخلوا وزالت المخاوف على الفور. تمت البيعة بفضل الله تعالى وعاش والداي حياة جديدة بعد ذلك في رحاب الإسلام الجميل وكنا أحيانا نزور جدي وجدتي في ريف مدينة "كورنوول"، فكانا متفهمَين للتغير الإيجابي الذي طرأ على أولادهم بل كانا يبديان كل مظاهر الإحترام الواجبة ولم يكونا يقدمان الخمر ولا لحم الخنزير بحضورنا، الشي الوحيد هو أن جدتي لم تكن تحب رؤية الحجاب على رأسي وذلك لكونه كما كانت تقول يجذب أنظار الناس في البلدة الصغيرة. قرأ والدي الكثير من كتب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وارتقى سلّم المعرفة التي كان يتوق لها كثيراً وصار لديه كَمَّاً عظيماً من المعلومات والتجارب فزار باكستان في جلسة ربوة وعمل بعد ذلك في مجال التبليغ ثم شغل منصب رئيس الجماعة عن مدينة "ليدز" وغيرها من مناصب في خدمة الإسلام بين الإنكليز ومطبوعات الجماعة باللغة الإنكليزية وغيرها من مهام. كان لا يمل من قراءة القرآن الكريم ولم أفطن إلا وهو مسلم حريص على الدين يحب القراءة والزراعة والاهتمام بالنباتات والورود. وصلني ببالغ الأسى خبر وفاة والدي وهو يعمل مدرّساً في فرنسا عام ٢٠١٢ بعد حياة حافلة بالبحث والتجارب." الحمد لله من قبل ومن بعد.



مسلم لله

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015

نزول المسيح من السماء في الكتاب المقدس

نزول المسيح من السماء في الكتاب المقدس




%u064A%u0633%u0648%u0639%20%u0646%u0632%u0644%20%u0645%u0646%20%u0627%u0644%u0633%u0645%u0627%u0621%20jesus%20from%20heaven



ورد لفظ النزول في الكتاب المقدس ٣٠٠ مرة تقريبا وفي العشرات منها كان المعنى "الإقامة" و "المجيء" و "البعثة" وليس النزول المادي من جهة علوية إلى جهة أخرى أسفل منها. هذا ما درجت عَلَيهِ لسان العرب وتعارفوا عَلَيهِ، ولم يكن عندهم ما عند ناطقي العربية اليوم من تمسك بالمعنى المادي الصرف للـ"نزول"، بل كان المعنى المتبادر عند ذكر نزول أحد هو الإقامة والمجيء وللنبيين البعثة. أحد هذه النصوص كان بلسان المسيح الناصري عَلَيهِ السَلام نفسه حين خاطب الجموع قائلاً:


فَقَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَا لأُتِمَّ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. [يوحنا 6:38]


وفي مكان آخر يقول:


أنا هو الخبز الذي نزل من السماء. [يوحنا 6:41]


ويبين لتلميذه نيقوديموس معنى ذلك أنه جاء بأمر الله تعالى وبأمر الله تعالى يرحل وأن لا أحد يأتي من السماء إلا بإذن الله وهكذا هو حال المسيح أو ابن الإنسان فيقول:


ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء. [يوحنا 3:13]


أي أن النزول من السماء حسب فهم المسيح عَلَيهِ السَلام نفسه هو البعثة الإلهية وليس النزول المادي من الفضاء أو السماء المادية التي يتشبث بها الحرفيون اليوم. وللتأكيد على أن المسيح عَلَيهِ السَلام لم ينزل نزولاً مادياً بل ولد من امرأة نقرأ من إنجيل متى:    


هَذَا سِجِلُّ نَسَبِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ.. فَقَدْ تَمَّتْ وِلادَتُهُ هكَذَا: كَانَتْ أُمُّهُ مَرْيَمُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ؛ وَقَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا مَعاً، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.. وَلَمَّا نَهَضَ يُوسُفُ مِنْ نَوْمِهِ، فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مَلاكُ الرَّبِّ؛ فَأَتَى بِعَرُوسِهِ إِلَى بَيْتِهِ. وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْناً، فَسَمَّاهُ يَسُوعَ. [متى 1:1-24]



ورد لفظ النزول في الكتاب المقدس ٣٠٠ مرة ولم يعني في أي منها غير المجيء والإقامة والبعثة أو النزول المادي بمعنى العقاب كالمرض والكوارث وغيرها، ومنه النصوص التالية :




وَقَالَ: «يَا سَيِّدَيَّ، انْزِلاَ فِي بَيْتِ عَبْدِكُمَا لِتَقْضِيَا لَيْلَتَكُمَا، وَاغْسِلاَ أَرْجُلَكُمَا، وَفِي الصَّبَاحِ الْبَاكِرِ تَمْضِيَانِ فِي طَرِيقِكُمَا». لَكِنَّهُمَا قَالاَ: «لاَ، بَلْ نَمْكُثُ اللَّيْلَةَ فِي السَّاحَةِ». (التكوين 19:2)




وَلَكِنَّنَا حِينَ نَزَلْنَا فِي الْخَانِ وَفَتَحْنَا أَكْيَاسَنَا عَثَرَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا عَلَى فِضَّتِهِ بِكَامِلِ وَزْنِهَا فِي فَمِ كِيسِهِ، فَأَحْضَرْنَاهَا مَعَنَا لِنَرُدَّهَا. (التكوين 43:21)




وَهُمُ الَّذِينَ يُنْزِلُونَ الْمَسْكَنَ عِنْدَ ارْتِحَالِهِ وَيَنْصِبُونَهُ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَأَيُّ وَاحِدٍ آخَرَ غَيْرَهُمْ يَقْتَرِبُ مِنْهُ يُقْتَلُ. (العدد 1:51)




ثُمَّ تَرْتَحِلُ خَيْمَةُ الاجْتِمَاعِ وَسِبْطُ اللاَّوِيِّينَ فِي وَسَطِ الْمُخَيَّمِ. كَمَا يَنْزِلُونَ كَذَلِكَ يَرْتَحِلُونَ. كُلٌّ يَنْزِلُ فِي مَوْضِعِهِ مَعَ رَايَاتِهِ. (العدد 2:17)




وَبَعْدَ ذَلِكَ ارْتَحَلَ الشَّعْبُ مِنْ حَضَيْرُوتَ وَنَزَلُوا فِي صَحْرَاءِ فَارَانَ. (العدد 12:16)




بَعْدَ أَنْ نَزَلَ يَعْقُوبُ دِيَارَ مِصْرَ، وَاضْطَهَدَ الْمِصْرِيُّونَ ذُرِّيَّتَهُ، اسْتَغَاثَ آبَاؤُكُمْ بِالرَّبِّ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مُوسَى وَهروُنَ فَأَخْرَجَاهُمْ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ وَقَادَاهُمْ لِلإِقَامَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. (صموئيل الأول 12:8)




ثُمَّ نَزَلَ ضَيْفٌ عَلَى الرَّجُلِ الْغَنِيِّ، فَامْتَنَعَ أَنْ يَذْبَحَ مِنْ غَنَمِهِ وَمِنْ بَقَرِهِ لِيُعِدَّ طَعَاماً لِضَيْفِهِ، بَلْ سَطَا عَلَى نَعْجَةِ الْفَقِيرِ وَهَيَّأَهَا لَهُ». (صموئيل الثاني 12:4)




الْمَحْبُوبَةُ: نَزَلْتُ إِلَى حَدِيقَةِ الْجَوْزِ لأَرَى ثَمَرَ الْوَادِي الْجَدِيدَ، وَأَنْظُرَ هَلْ أَزْهَرَ الْكَرْمُ وَنَوَّرَ الرُّمَّانُ؟ (نشيد الأنشاد 6:11)




قَدْ نَزَلَ شَعْبِي أَوَّلاً إِلَى مِصْرَ لِيَتَغَرَّبَ هُنَاكَ، ثُمَّ جَارَ عَلَيْهِ الأَشُورِيُّونَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ. (إشعياء 52:4)




فَيَحُلُّ بِهَا الرُّعَاةُ مَعَ قُطْعَانِهِمْ، وَيَضْرِبُونَ حَوْلَهَا خِيَامَهُمْ، وَيَرْعَى كُلٌّ مِنْهُمْ حَيْثُ نَزَلَ. (إرميا 6:3)




فَلَمَّا سَمِعَ مِيخَايَا بْنُ جَمَرْيَا بْنِ شَافَانَ كُلَّ كَلاَمِ الرَّبِّ الْمُدَوَّنِ فِي الْكِتَابِ، [12] نَزَلَ إِلَى قَصْرِ الْمَلِكِ إِلَى قَاعَةِ الاجْتِمَاعِ حَيْثُ كَانَ الرُّؤَسَاءُ كُلُّهُمْ مُجْتَمِعِينَ: أَلِيشَامَاعُ الْكَاتِبُ، وَدَلاَيَا بْنُ شِمْعِيَا، وَأَلْنَاثَانُ بْنُ عَكْبُورَ، وَجَمَرْيَا بْنُ شَافَانَ، وَصِدْقِيَّا بْنُ حَنَنِيَّا، وَسَائِرُ الرُّؤَسَاءِ. (إرميا 36:11-12)




وَلَمَّا نَزَلَ يَسُوعُ إِلَى الشَّاطِئِ، رَأَى جَمْعاً كَبِيراً، فَأَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ وَشَفَى مَرْضَاهُمْ. (متى 14:14)




وَلَمَّا عَبَرُوا إِلَى الضَّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ مِنَ الْبُحَيْرَةِ، نَزَلُوا فِي بَلْدَةِ جَنِّسَارَتَ. (متى 14:34)




وَانْزِلُوا فِي ذلِكَ الْبَيْتِ تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مِمَّا عِنْدَهُمْ: لأَنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ. لَا تَنْتَقِلُوا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ. (لوقا 10:7)




فَأَلَحَّا عَلَيْهِ قَائِلَيْنِ: «انْزِلْ عِنْدَنَا، فَقَدْ مَالَ النَّهَارُ وَاقْتَرَبَ الْمَسَاءُ». فَدَخَلَ لِيَنْزِلَ عِنْدَهُمَا. (لوقا 24:29)




وَبَعْدَ هَذَا، نَزَلَ يَسُوعُ وَأُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى مَدِينَةِ كَفْرَنَاحُومَ، حَيْثُ أَقَامُوا بِضْعَةَ أَيَّامٍ. (يوحنا 2:12)




فَقَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَا لأُتِمَّ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. (يوحنا 6:38)



وهنالك نصوصاً لا حصر لها كلها تشير إلى معاني المجيء والإقامة والحلول والبعثة لا النزول المادي من الفضاء وإن ورد لفظ السماء.


من المعلوم أن إيليا النبي رفع إلى السماء عند اليهود بنص واضح صريح في الكتاب المقدس:



وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَجَاذَبَانِ أَطْرَافَ الْحَدِيثِ، فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ تَجُرُّهَا خُيُولٌ نَارِيَّةٌ، نَقَلَتْ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ. (الملوك الثاني 2:11)


ولكن اليهود والنصارى جميعا لا يقولون بأن إيليا سينزل نزولا مادياً من السماء بل يبعث ويأتي:


اذكُرُوا شَرِيعَةَ مُوسَى عَبْدِي وَسَائِرَ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي الَّتِي أَعْطَيْتُهَا فِي جَبَلِ حُورِيبَ لِجَمِيعِ شَعْبِ إسْرَائِيلَ. هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ يَوْمُ قَضَاءِ الرَّبِّ الرَّهِيبُ الْعَظِيمُ. (ملاخي 4:4-5)


فمقابل الرفع إلى السماء ورد المجيء ولو ورد النزول ما عنى غير المجيء وقد فسره المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بنفسه:


فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ: «لِمَاذَا إِذَنْ يَقُولُ الْكَتَبَةُ إِنَّ إِيلِيَّا لاَبُدَّ أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟» فَأَجَابَهُمْ قَائِلاً: «حَقّاً، إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيُصْلِحُ كُلَّ شَيْءٍ. عَلَى أَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: قَدْ جَاءَ إِيلِيَّا، وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ فَعَلُوا بِهِ كُلَّ مَا شَاءُوا. كَذَلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضاً عَلَى وَشْكِ أَنْ يَتَأَلَّمَ عَلَى أَيْدِيهِمْ». عِنْدَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ كَلَّمَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ. (متى 17:10-13)


بل إن لفظ النزول استخدمه المسيح عَلَيهِ السَلام عن نفسه والكل يعلم بأن المسيح لم ينزل بل ولد. يقول المسيح الناصري عَلَيهِ السَلام:


فَقَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَا لأُتِمَّ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. (يوحنا 6:38)


وهذا معنى الحديث المنسوب لرسول الله ﷺ:


ثم ينزل عيسى بن مريم عليه السلام من السماء فيؤم الناس. (مجمع الزوائد عن أبي هريرة  ؓ 7\ 352)


وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:


إذا نزل الرجلُ بقومٍ فلا يصومُ إلا بإذنِهم. (2865 أخرجه ابن ماجه عن عائشة  ؓ 1/560 ، رقم 1763، جامع الأحاديث، للسيوطي، 4/101)


فالمعنى إذن من النزول كما يجب أن يُفهم ببساطة النص وتلقائيته هو الإقامة أو البعثة بأمر الله تعالى والسماء إشارة لعلو وسمو المقام الإلهي لا مكان الله والعياذ بالله فالله ﷻ لا يحده مكان أو زمان تبارك وتعالى عن ذلك. والخلاصة هي أن نص الرفع أو النزول حتى إذا ورد مع لفظ "السماء" فلا يجب أن يُفهم منه إلا السمو والبعثة الإلهية لا النزول المادي من السماء التي نشاهدها فوق رؤوسنا وهي في الواقع محيط متغير بالنسبة لدوران الأرض، فما تراه الآن فوقاً يكون في المساء أسفلاً ولا يصح القول بأن فلاناً سينزل من هذه الجهة أو تلك فلا جهة عند الله تبارك وتعالى.


والخلاصة أن النزول في الكتاب المقدس لا يعني إلا المجيء والإقامة والبعثة وليس الهبوط من الفضاء الخارجي.


كتبها مسلم لله

عربي باي