الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

السبت، 29 مارس 2014

وقفة مع رواية

وقفة مع رواية


قال نوف البكالي: رأيت علي بن أبي طالب خرج فنظر إلى النجوم فقال: يا نوف، أراقد أنت أم رامق؟ قلت: بل رامق يا أمير المؤمنين، قال: طوبى للزاهدين في الدنيا والراغبين في الآخرة، أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، والقرآن والدعاء دثارا وشعارا، فرفضوا الدنيا على منهاج المسيح عليه السلام.

(الجامع لأحكام القرآن، للإمام القرطبي، الجزء الأول، سورة البقرة، الآية: ٢٢ {الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون})


...............................


* الزهد (منهج المتصوفة) : لاشك أن الجماعة الإسلامية الأحمدية تتهم بأنها من فرق المتصوفة والإجماع على طردها وتكفيرها

* القرآن و الدعاء : هذا هو جوهر رسالة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) تنزيه القرآن الكريم من التفاسير الخاطئة والمواظبة على الدعاء وأن الدعاء يحل محل السيف في هذا الزمان

* منهاج المسيح (عَلَيهِ السَلام) : الزهد هو ميزة الانبياء جميعا وقد ضرب الله تعالى مثل عيسى عَلَيْهِ السلام مراراً كنبي ورسول وعبد ومثل آدم من تراب ولا يعلم الغيب ولا يستنكف عن عبادة الله ولن يعجز الله أن يهلكه وأنه كان يأكل الطعام وما الى ذلك.. كل هذه الصفات مشتركة بين الأنبياء بل والصالحين من الناس، فلماذا المسيح بالذات هو المقصود بكل ذلك ؟ لأن المسيح بالغ فيه الناس وغلوا من قبل ومن بعد، ولذلك ورد قول علي (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه) أن القرآن هو منهجه أي أن المسيح القادم لن يكون هو صاحب الإنجيل بل سوف يكون من أتباع النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) وأمته الغرّاء. وهذا يذكرنا بحديث 'لا مهدي إلا عيسى' أي أن المنهج الذي سيتبعه الناس هو منهج عيسى (مثيله كما كان النبي ﷺ مثيل موسى) وهو ما قاله النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) حول عودة الخلافة 'ثم تكون خلافة على منهاج النبوة' أي منهاج نبي الله المسيح (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) المهدي الذي يتبع الناس منهجه لا منهج غيره وهو الذي يعيد الخلافة.


أفهموا أيها الناس يرحمكم الله ، جاء المسيح .. جاء المهدي ، فآمنوا ولا تكونوا من الغافلين ولا تكونوا من المكذبين.


وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 
الخميس، 27 مارس 2014

معنى الإحياء في القرآن الكريم وفهم الصحابة وسلف الأمة

معنى الإحياء في القرآن الكريم وفهم الصحابة وسلف الأمة




معنى الإحياء في القرآن الكريم وفهم الصحابة وسلف الأمة


يقول تعالى :

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}

 [٥ - المائدة | الآية: ٣٣]

ورد في تفسير ابن كثير للإحياء في الآية : "وقال مجاهد في رواية {ومن أحياها} أي أنجاها من غرق أو حرق أو هلكة." أ.هـ

أي أن الإحياء المناط بالأنبياء والبشر فيما بينهم هو الإحياء الروحاني والمعنوي ودفع الخطر لا الإحياء المادي الذي يختص به الله تعالى وحده.

كما أن الآية لا تنحصر في بني اسرائيل كما يظن البعض بل تنطبق على المسلمين من باب أولى، نقرأ في تفسير ابن كثير : "وقال الحسن وقتادة في قوله: أنه {من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً} هذا تعظيم لتعاطي القتل. قال قتادة عظيم واللّه وزرها، وعظيم واللّه أجرها. وقال ابن المبارك عن سليمان الربعي قال، قلت للحسن: هذه الآية لنا يا أبا سعيد كما كانت لبني إسرائيل؟ فقال: أي والذي لا إله غيره كما كانت لبني إسرائيل، وما جعل دماء بني إسرائيل أكرم على اللّه من دمائنا." أ.هـ

فيتبين مما سلف أن الآية شاملة وكان فهم الصحابة لها أن المعنى هو منع الهلكة عن العباد وهو أمر معنوي وليس الإحياء من الموت المادي. مما يدعم ذلك المعنى تفسير النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) نفسه للإحياء بأنه إحياء الذات :  

"وقال ألإمام أحمد: جاء حمزة بن عبد المطلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: يا رسول اللّه اجعلني على شيء أعيش به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا حمزة نفس تحييها أحب إليك أم نفس تميتها" قال: بل نفس أحييها، قال: "عليك بنفسك"." (من تفسير ابن كثير)


و يقول تعالى :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}

 [٨ - الأنفال | الآية: ٢٥]


ولنفهم الإحياء هنا أيضا نقرأ من نفس التفسير ما يلي :

"قال البخاري: {استجيبوا} أجيبوا {لما يحييكم} لما يصلحكم" (ابن كثير للآية من الأنفال) 


ويدعم المفسر ما ذهب إليه بحديث للنبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) كما يأتي :

"عن أبي سعيد بن المعلى رضي اللّه عنه قال: كنت أصلي فمر بي النبي صلى اللّه عليه وسلم فدعاني، فلم آته حتى صليت، ثم أتيته فقال: "ما منعك أن تأتيني؟ ألم يقل اللّه: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}، ثم قال: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج"، فذهب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليخرج فذكرت له. فقال: {الحمد لله رب العالمين} هي السبع المثاني." أ.هـ

أي أن الإحياء من الرسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) هنا هو الإحياء الروحاني كما فسره بنفسه (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام). 


ويسوق صاحب التفسير أقوال الصحابة كذلك حول فهم الإحياء الذي يأتي به الرسل للناس :

"وقال مجاهد {لما يحييكم} قال: للحق، وقال قتادة {لما يحييكم} هذا هو القرآن فيه النجاة والبقاء والحياة؛ وقال السدي: {لما يحييكم} ففي الإسلام إحياؤهم بعد موتهم بالكفر، وقوله تعالى: {واعلموا أن اللّه يحول بين المرء وقلبه}، قال ابن عباس: يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإيمان (وهو قول مجاهد وعكرمة والضحاك وعطية ومقاتل وفي رواية عن مجاهد (يحول بين المرء وقلبه) أي حتى يتركه لا يعقل)" (نفس المصدر)

يتضح مما تقدم أن الإحياء المقصود بين البشر إنما هو الإحياء الروحاني لا المادي الذي هو من صفات الله تعالى وحده. وهذا هو دور الرسل جميعا عليهم السلام وعلى رأسهم خاتمهم محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) الذي فسر بنفسه معنى الإحياء بين البشر، فلماذا يصر الحَرفيون على أن خلق وإحياء عيسى عَلَيْهِ السلام للناس والطيور كان خارج هذا الإحياء والخلق الروحاني ؟
   

يقول المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) حول مسألة الخلق والإحياء النبوي في القرآن الكريم : 

"وقالوا إن المسيح منفرد ببعض صفاته، وما وُجد فيه من كمال وجلال وعظمة فهو لا يوجد في غيره. إنه كان على أعلى مراتب العصمة، ما مسَّه الشيطان عند تولُّده، ومسَّ غيرَه من الأنبياء كلّهم، ولا شريك له في هذه الصفة حتى خاتم النبيين.

وقالوا إنه كان خالق الطيور كخلق الله تعالى، وجعله الله شريكه بإذنه، والطيور التي توجد في هذا العالم تنحصر في القسمين: خَلْق الله وخَلْق المسيح. فانظر كيف جعلوا ابن مريم من الخالقين. ويُشيعون في الناس هذه العقائد ولا يدرون ما فيها من البلايا والمنايا، ويؤيدون المتنصرين. وهلك بها إلى الآن ألوف من الناس ودخلوا في الملّة النصرانية بعدما كانوا مسلمين.

وما كان في القرآن ذكرُ خَلْقه على الوجه الحقيقي، وما قال الله تعالى عند ذكر هذه القصة: فيصير حيًّا بإذن الله، بل قال: {فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ}، فانظروا لفظ {فيَكُونُ} ولفظ {طَيْرًا}، لِمَ اختارهما العليم الحكيم وترك لفظ "يصير" و "حيًّا"؟ فثبت من ههنا أن الله ما أراد ههنا خلقًا حقيقيا كخلقه - عز وجل -. ويؤيده ما جاء في كتب التفسير من بعض الصحابة أن طير عيسى ما كان يطير إلا أمام أعين الناس، فإذا غاب سقط على الأرض ورجع إلى أصله كعصا موسى، وكذلك كان إحياء عيسى، فأين الحياة الحقيقي؟ فلأجل ذلك اختار الله تعالى في هذا المقام ألفاظًا تناسب الاستعارات ليشير إلى الإعجاز الذي بلغ إلى حدّ المجاز، وذكر مجازًا ليُبيّن إعجازًا، فحمله الجاهلون المستعجلون على الحقيقة، وسلكوه مسلكَ خَلْق الله مِن غير تفاوت، مع أنه كان مِن نفخ المسيح وتأثير روحه مِن غير مقارنته دعاء، فهلكوا وأهلكوا كثيرا من الجاهلين.

... والعجب منهم ومن عقلهم أنهم يرون بأعينهم أن كلماتهم الباطلة المضلّة قد أضرّت الإسلام إضرارًا عظيما، والناس باستماعها يخرجون من دين الله أفواجا ويلتحقون بالنصارى بما سمعوا من صفات المسيح وعصمته الخاصة وخلوده إلى هذا الوقت، وقدرته الكاملة في الخَلق والإحياء على قدرٍ ما وُجِدَ مثله في أحد من النبيين. ويشاهدون - هذه العلماء - هذه المفاسد كلها ثم لا يتنبهون، ولا يرتجف فؤادهم، ولا تذوب أكبادهم، ولا يأخذهم رحم ورقّة على أمّة النبي. ونبكي عليهم ونصرخ صرخة متموّجة، فلا يسمع أحد بكاءنا ولا صراخنا، بل يُكفّروننا مغتاظين.

وإنما مثلنا في هذه الأيام .. أيامِ غربة الإسلام .. كمثل خابط في واد في الليلة المظلمة، أو صارخ في اللظى المضرمة، فلا نجد مُغيثًا من قومنا إلا الواحد الذي هو رب العالمين. وإنا يئسنا منهم غاية اليأس كأنّا وضعناهم في قبورهم. قلنا مرارًا فما سمعوا، وأيقظنا إنذارًا فما استيقظوا، وخضعنا أطوارًا فما خضعوا، فقلنا اخسأوا خسئًا .. إن الله غني عنكم ولا يعبأ بكم، وسيأتي بقوم ينصرون دينه ويحبّون الصادقين." انتهى (من كتاب نور الحق)

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 


الثلاثاء، 25 مارس 2014

شبهة عمر المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام)

شبهة عمر المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) 



الاعتراض :

كتاب التذكرة ص5 تنبئ ان يعيش الامام المهدي 80 حول او اقرب من ذلك او تزيد على ذلك او سنتين و ترى نسلا بعيدا .مع العلم انه عاش 73 عام .



الرد: 

لقد أوحى الله تعالى إلى المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) الوحي التالي: "ثمانين حولا أو قريبا من ذلك." ثم تلقى إلهاما نصفه باللغة العربية وهو: "أطال الله بقاءك." ونصفه الآخر بالأردية وتعريبه: "ثمانين عاما، أو أكثر من ذلك بخمس أو أربع سنوات أو أقل منه بخمس أو أربع سنوات." (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج22 ص100) لقد وضح حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) هذا بنفسه في كتابه براهين أحمدية ج5 ما تعريبه: "ليس في وعد الله تعالى أن عمري سيتجاوز الثمانين حتمًا. بل الله تعالى أعطى أملاً خفيا في وحيه هذا بأن العمر يمكن أن يزداد حتى الثمانين لو شاء الله ذلك. أما الكلمات الظاهرة للوحي والمعبرة عن الوعد الإلهي فهي تحدد العمر ما بين 74 إلى 86 عاما." (الخزائن الروحانية ج21 ص 259) وطبقًا لهذه النبوءة توفي المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) عن عمر يناهز خمسًا وسبعين عاما والنصف. أما باللغة العربية فقد تلقى إلهامات عديدة تشير إلى أن عمره عليه السلام سيصل قريبا من الثمانين، ومنها: "ثمانين حولا أو قريبا من ذلك، أو تزيد عليه سنينا، وترى نسلا بعيدا" (الأربعين، رقم3، ص394، وضميمة التحفة الغولروية، الخزائن الروحانية، ج17، ص66). وكذلك "ثمانين حولا أو قريبا من ذلك، أو نزيد عليه سنينا" (الأربعين، رقم2، الخزائن الروحانية، ج17، ص380)، وكذلك "لنحيينك حياة طيبة، ثمانين حولا أو قريبا من ذلك، وترى نسلا بعيدا" (الأربعين، رقم3، الخزائن الروحانية، ج17، ص422).

طريق التحقيق للوصول إلى تحديد عمر أي إنسان لا بد من معرفة أمرين اثنين هما: 1_ تاريخ ميلاده. 2_ تاريخ وفاته. إن تاريخ وفاة حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) معروف وهو 24 ربيع الثاني 1326هـ الموافق لـ 26 أيار 1908م. أما تاريخ ميلاده فلم يكن معلوما ولم يكن مسجلا في أي مكان، وذلك لأن عادة تسجيل الأسماء في السجلات الحكومية لم تكن قد بدأت بعد في تلك المناطق. كما لم يذكر حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) بنفسه في كتبه تاريخًا معينًا لولادته. لم يكن الناس في زمنه (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) يهتمون بتاريخ ميلادهم ولا يتذكرونه بل كانوا يذكرونه مقرونا بالأحداث الهامة التي حصلت في ذلك الزمن، فعلى سبيل المثال كان أحدهم يقول: ولدتُ في الفترة التي تفشى فيها الطاعون في منطقة كذا أو حدث زلزال في مكان كذا أو عند اندلاع حرب كذا وما إلى ذلك. ولهذا السبب نجد في كتب المسيح الموعود (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) عدة أقوال عن تاريخ ولادته. ولما كان كل ذلك مبنيا على مجرد التخمين لذلك نجد فيه اختلافًا. يقول حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) بهذا الصدد ما تعريبه: "إن عمري الحقيقي يعلمه الله تعالى وحده، أما ما أعرفه فهو أنني الآن في سنة 1323 الهجرية أقارب السبعين من العمر، والله أعلم بالصواب." (ضميمة براهين أحمدية الجزء الخامس، الخزائن الروحانية ج 21 ص 365) لقد اتضح مما سلف أن تاريخ ميلاد حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) لم يكن مسجلا ولا مذكورا بالتحديد في أي مكان. وإذا تحرينا في الأمر أكثر وجدنا عدة قرائن ذكرها حضرته في بعض كتبه أو أمام صحابته (الذين كتبوا كل ذلك ونُشر فيما بعد باسم "الملفوظات" في عشرة مجلدات) مما يساعد الباحث في تحديد يوم ميلاده بشكل صحيح. وبيان ذلك كالتالي: 1_ يقول سيدنا المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) ما تعريبه: "لقد وُلد هذا العبد المتواضح يوم الجمعة في الرابع عشر من الشهر القمري." (تحفة غولروية، الخزائن الروحانية ج 17 ص 281 الهامش) 2_ ورد في رواية أحد صحابة المسيح الموعود (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) أنه قال: لقد وُلدتُ في شهر (فاغن) (اسم لشهر من شهور التقويم البكرمي المعروف في القارة الهندية ويقابله في السنة الميلادية فبراير)، وفي اليوم الرابع عشر للشهر القمري، وكان الوقت هو الهزيع الأخير من الليل. (ذكر حبيب ص238- 239) نستخلص مما سبق أن هناك ثلاثة أمور لا بد من اجتماعها لتحديد يوم ميلاد الإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) وهي: 1_ يوم الجمعة. 2_ الرابع عشر من شهر من الشهور القمرية.

3_ شهر (فاغن) من التقويم البكرمي الهندي (ويقابله فبراير من السنة الميلادية). تعالوا معنا نستعرض التقويم الهجري والميلادي والبكرمي لعدة سنوات حتى نصل إلى النتيجة. التاريخ الميلادي التاريخ الهجري اليوم التاريخ الهندي البكرمي 4 

فبراير1831م20شعبان 1246هـالجمعة7 فاغن 1887 البكرمي 17 فبراير1832م14رمضان 1247هـ الجمعة1فاغن 1888البكرمي 18 فبراير1833م17رمضان 1248هـالجمعة4 فاغن 1889 البكرمي 28 فبراير1834م18شوال 1249هـالجمعة5 فاغن 1890 البكرمي 13 فبراير1835م14شوال 1250هـالجمعة1فاغن 1891البكرمي 25 فبراير1836م17شوال 1251هـالجمعة3 فاغن 1892 البكرمي 24 فبراير1837م 18ذي قعدة 1252هـالجمعة4 فاغن 1893 البكرمي 9 فبراير1838م20ذي قعدة 1253هـالجمعة7 فاغن 1894 البكرمي 1 فبراير1839م15ذي قعدة 1254هـالجمعة3 فاغن 1895 البكرمي 21 فبراير1840م16ذي الحجة 1255هـالجمعة4 فاغن 1896 البكرمي

يتضح جليا من خلال هذا العرض أن الأمور الثلاثة المذكورة ما اجتمعت إلا مرتين فحسب. وهما: الأول: 17 فبراير 1832م، والثاني: 13 فبراير 1835م الموافق لـ 14 شوال 1250هـ. لقد تبنت الجماعة اليوم الأخير كتاريخ ميلاد الإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) بناء على ما ورد في بعض كتاباته منها ما تعريبه: "لقد تشرفت بالمكالمة والمخاطبة الإلهية في1290هـ بالضبط." (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج 22 ص 207) أي أن الوحي بدأ ينـزل على الإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) في السنة 1290هـ. وكم كان عمره في تلك السنة؟ يقول حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) بهذا الصدد ما تعريبه: "ولما بلغ عمري الأربعين عامًا، شرفني الله تعالى بإلهامه وكلامه." (ترياق القلوب، الخزائن الروحانية ج 15 ص 283) ثم يقول في مكان آخر في بيت شعر له بالأردية ما تعريبه: "كان عمري أربعين عاما إذ تشرفت بالوحي الإلهي." (براهين أحمدية الجزء الخامس، الخزائن الروحانية ج 21 ص 135) فإذا كان عمر حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) 40 عامًا في السنة 1290 الهجرية، فهذا يعني أنه ولد في 1250هـ. (1290- 40 = 1250) ولا يجتمع يوم الجمعة واليوم الرابع عشر من الشهر القمري وشهر فاغن من التقويم البكرمي إلا في 14 شوال 1250هـ. فقد ثبت قطعًا، بناء على ما أسلفنا، أن المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) قد ولد في 14 شوال 1250 هـ الموافق لـ 13 فبراير 1835م، وتوفي في 24 ربيع الثاني 1326 هـ الموافق لـ 26 أيار 1908م. وإذا طرحنا سنة ميلاده من سنة وفاته تحددت مدة عمره وذلك كالتالي: 1326- 1250 = 76 عاما. وإذا التزمنا بالدقة أكثر وعددنا الشهور والأيام أيضًا فيكون عمره 75 عاما وستة أشهر وعشرة أيام. وهذا يوافق تماما لما ورد في النبوءة.

ولكن المعارضين المغرضين يقدمون بعض كتابات الإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) التي أخبر فيها عن عمره بالتخمين، ويخفون عباراته الأخرى كتمانًا للحق وتحقيقًا لمآربهم السيئة. لذا نقدم فيما يلي بعض كتابات المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) التي تبين أنه عاش عمرًا يتراوح بين 74 و 76 عاما. 1. كتب حضرته في كتابه "حقيقة الوحي" (وهو يتحدث عن القسيس الأمريكي الشهير "الكسندر دوئي" الذي هلك بعد أن دخل في المباهلة مع المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام)) ما تعريبه: "لقد نشرتُ ضد "دوئي" إعلانًا باللغة الإنجليزية في 23 أغسطس 1903م، تضمَّن جملة: أبلغ من العمر قرابة سبعين عاما، أما "دوئي" فهو شاب في الخمسين كما يقول. ولكنني لم أكترث بكبر سني، لأن الأمر لن يُحسَم في هذه المباهلة بحكم الأعمار، وإنما يحكم فيها الله الذي هو أحكم الحاكمين." (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج22 ص 506 الهامش) فثبت أن عمر حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) كان قرابة السبعين في 23 أغسطس 1903. وتوفي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) بعد هذا بخمس سنين أي في عام 1908م. وبهذا قد صار عمره قرابة 75 عامًا بحسب التقويم الميلادي و77 عامًا بحسب التقويم الهجري.

2. أ: يقول حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) ما تعريبه: "أَرُوني أين صار آتهم­؟ لقد كان عمره يقارب عمري أي 64 عامًا تقريبا. فإذا كنتم في ريب من ذلك فتأكدوه من خلال أوراق تقاعده في الدوائر الرسمية." (إعجاز أحمدي، الخزائن الروحانية ج 19 ص109) ب: "كان سن آتهم مثل سني أنا تقريبًا." (أنجام آتهم، الخزائن الروحانية ج 11ص 7 الهامش) ج: "لقد مات عبد الله آتهم بمدينة فيروز بور في 27 يوليو 1896م." (أنجام آتهم، الخزائن الروحانية ج 11 ص1) إذًا كان حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) يبلغ 64 عاما في سنة 1896م، وتوفي في 1908، مما يعني أنه عاش 12 سنة أخرى. وعليه فقد صار عمره: 64+ 12= 76 عاما.

يقول البعض إن مؤسس الجماعة عندما كتب أن آتهم كان في مثل سنه فإنما أخبر عن سنه لدى تأليفه كتاب "إعجاز أحمدي"، وليس أنه كان في مثل سنّ آتهم لما كان آتهم حيًّا.. أي أنه يقدم مقارنة بين عمره الحالي وبين عمر عبد الله آتهم عندما كان حيًّا. ولكن هذا خطأ، وسرعان ما يزول لدى قراءة العبارة التالية مما كتبه حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) مخاطبًا آتهم في حياته، وتعريبُه: "إذا كان عمرك 64 أو 68 عاما... فإنني أيضًا أقارب الستين." (مجموعة الإعلانات، ج 2 ص 105 الإعلان بتاريخ27 أكتوبر 1894) أي أن عمر المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) كان حوالي ستين عاما في 1894م، وتوفي حضرته بعد ذلك بأربعة عشر عاما في 1908م، وهكذا صار عمره: 60+14= 74 عاما بحسب التقويم الميلادي و76 عاما بحسب التقويم الهجري.

شهادة المعارضين 1- يكتب المولوي ثناء الله الأمرتسري وهو ألدّ أعداء حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام): "لقد قال الميرزا (أي المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام)) أنه سيموت عن عمر يناهز الثمانين. وأرى أنه الآن قد انتهى إلى هذا الحد." (جريدة "أهل الحديث" عدد 3 مايو 1907م) والمعلوم أن حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) قد توفي بعد هذا بسنة واحدة فحسب. 2- ثم جاء في الجريدة نفسها: "إن الميرزا عُمّر، بحسب قوله، 75 عاما." (عدد 31 يوليو 1908 ص3 عمود2) 3- ثم جاء في مجلته "مرقّع قادياني" عدد فبراير 1908 ص12 ما تعريبه: "يسجل الميرزا في كتيب "إعجاز أحمدي" عن عبد الله آتهم المسيحي: كانت سِنّه بمثل سِنّي أنا أي حوالي 64 عاما. ويتضح من هذه العبارة أن عمر الميزرا عند وفاة عبد الله آتهم كان 64 عاما. تعالوا الآن نحقق في الأمر لنعرف متى هلك آتهم؟ وشكرًا لله أن تاريخ وفاة آتهم هو الآخر مذكور في كتابات الميرزا حيث يكتب الميرزا في كتابه "أنجام آتهم" ص1 كما يلي: "مات عبد الله آتهم بمدينة فيروز بور في 3 (هكذا!) يوليو 1896." فتبين من هذه العبارة أن عمر الميرزا في سنة 1896 كان قرابة 64 عامًا. تعالوا الآن نر كم سنة مضت من عام 1896 إلى 1908م؟ فهي وفق حسابنا نحن (إن لم يخطئنا في ذلك أحد أتباع الميرزا) 11 عامًا. فإذا أضفنا 11 إلى 64 فيصير المجموع 75 عاما. فثبت أن عمر الميرزا في الوقت الحالي هو 75 عامًا". فثبت من خلال التحقيق الذي نشره أحد ألد خصوم مؤسس الجماعة في فبراير 1908م أن عمر المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) في ذلك الوقت كان 75 عاما. وتوفي حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) بعد هذا الكلام بثلاثة أشهر فقط. مما يدل على أن عمره كان أكثر من 75 عاما ولا يمكن أن يكون أقل من ذلك.

4- ورد في "تفسير ثنائي" للأمرتساري في طبعة 1899 ص 104 الهامش وفي الطبعة الثانية ص 90 كما يلي: إن الذي عمره فوق السبعين مثل الميرزا نفسه..." أي أن عمر المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) في عام 1899 كان فوق السبعين، وتوفي بعد 9 سنين في عام 1908م، فوِفق هذا التقدير كان عمره عند وفاته أكثر من 79 عاما.

5- كتب المولوي محمد حسين البطالوي غاضبًا في مجلته إشاعة السنة عام 1893م ما تعريبه: "إنه (أي المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام)) قد بلغ الآن 63 عاما من العمر." وعاش حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) بعد هذا أربعة عشر عاما. ووفق ذلك صار عمره 77 عاما (63+14= 77). والجدير بالذكر أن هذه الشهادة التي قدمها المولوي محمد حسين البطالوي عن عمر المسيح الموعود والإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) لهي أوثق شهادة أدلى بها المعارضون. وذلك لأنه كان صديق حضرته في صباه، وزميله في الدراسة الابتدائية. حيث يقول البطالوي في مكان آخر: "هناك قلة قليلة من معاصرينا الذين يعرفون أحوال وأفكار مؤلف "براهين أحمدية" بقدر ما نعرفها نحن. فإنه مواطن لنا، وزميلنا منذ أيام الطفولة (حيث كنا سويا ندرس "القطبي" و"شرح ملا جامي"). (مجلة إشاعة السنة ج 7 رقم 6) ويعترض البعض على عبارة قالها المسيح الموعود عليه السلام في كتابه مواهب الرحمن: "وأرادوا ذلّتنا، فأصبنا رفعةً وذكرًا حسنًا، وأرادوا موتنا وأشاعوا فيه خبرا، فبشّرَنا ربنا بثمانين سنة من العمر أو هو أكثر عددا، وأعطانا حزبًا ووُلْدًا وسكنا، وجعَل لنا سهولةً في كلِّ أمرٍ، ونجّانا مِن كل غَمْر." فقالوا: إنه (عليه السلام ) يقول إن عمره سيزيد عن الثمانين. فالجواب أوّلا أن هذه كلماتُ المسيح الموعود عليه السلام ، وليست كلماتِ الوحي. أما كلمات الوحي فها هي: 

"ثمانين حولا أو قريبا من ذلك، أو تزيد عليه سنينا، وترى نسلا بعيدا" (الأربعين، رقم3، ص394، وضميمة التحفة الغولروية، الخزائن الروحانية، ج17، ص66). "ثمانين حولا أو قريبا من ذلك، أو نزيد عليه سنينا" (الأربعين، رقم2، الخزائن الروحانية، ج17، ص380)، "لنحيينك حياة طيبة، ثمانين حولا أو قريبا من ذلك، وترى نسلا بعيدا" (الأربعين، رقم3، الخزائن الروحانية، ج17، ص422). وهناك وحي نصفه بالعربية ونصفه بالأردو، وهو: "أطال الله بقاءك." وبعدها مباشرة بالأردية: "ثمانين عاما، أو أكثر من ذلك بخمس أو أربع سنوات أو أقل منه بخمس أو أربع سنوات." (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج22 ص100)..

وقد وضح حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) هذا الوحي بنفسه في كتابه براهين أحمدية ج5 ما تعريبه: "ليس في وعد الله تعالى أن عمري سيتجاوز الثمانين حتمًا، بل الله تعالى أعطى أملاً خفيا في وحيه هذا بأن العمر يمكن أن يزداد حتى الثمانين لو شاء الله ذلك. أما الكلمات الظاهرة للوحي والمعبرة عن الوعد الإلهي فهي تحدد العمر ما بين 74 إلى 86 عاما." (الخزائن الروحانية ج21 ص 259).
السبت، 22 مارس 2014

تفسير عبس وتولى

تفسير عبس وتولى





يقول حضرة الخليفة الثاني للمسيح الموعود عليه السلام في تفسير آية (عبس وتولى): 


"إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يلتفت إلى عبد الله بن أم مكتوم ولم يجب على سؤاله، فقد قام بما هو عين الصواب، فما الاعتراض على ذلك؟ كان النبي صلى الله عليه وسلم يحاور كبار الزعماء مبينًا لهم حقيقة الإسلام، وداعيا إياهم إلى الله ورسوله، فجاءه شخص وأراد مقاطعة حديثه، وتكلم بما يتنافى مع الأدب واللباقة ومع ما يقتضيه الحال، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجبه بشيء فقد أصاب. ليس في القرآن الكريم آية تمنع مما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، بل لو تصرّف أحد اليوم في مجلسنا كما تصرف ابن أم مكتوم فسوف نعامله بنفس ما عامل به النبي صلى الله عليه وسلم ابنَ أم مكتوم رغم نـزول قوله تعالى في القرآن: (عَبَسَ وَتَوَلَّى).


فمثلاً هأنذا أُلقي الآن درسًا في القرآن الكريم، فيأتي شخص ويقول لي: اترك الدرسَ وأجِبْ على سؤالي، فهل يليق بي أن أتوجه إليه تاركًا الدرس، أم ينبغي الإعراض عنه إذ حاول مقاطعة حديثي غاضًّا الطرف عما يقتضيه الحال؟! الجميع يعلم أن إعراضي عنه هو الأولى والأنسب؛ لأن مثل هذا التصرف المخالف للأدب يقطع تسلسل الحديث ويزيل تأثيره في الطبائع، ويُنسي المتكلم دليله، ويترك تأثيرا ضارًّا على الحضور، فلا بد من الإعراض عن مثل هذا الإنسان. هل من المقبول مثلاً أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم يبين الأدلة على وجود البارئ سبحانه وتعالى أمام هؤلاء الزعماء، فيتدخل ابن أم مكتوم ويطالبه أن يعلّمه سورة النازعات وتفسيرها، ثم بعد الانتهاء من الحديث معه يتوجه صلى الله عليه وسلم إلى القوم ثانية ويقول تعالوا نكمل كلامنا؟ إن هذا التصرف مستبعَد حتى من أشد الناس جهلا وأكثرهم غباء، ومع ذلك يقول هؤلاء: كان من واجب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوجه إلى ابن أم مكتوم ويترك دعوة هؤلاء الزعماء، ضاربًا بمبادئ التهذيب والتمدن عرض الحائط. وكأنهم يريدون أن يرسموا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم رسمًا لن تعدّه الدنيا معقولا أبدًا. 


الثالث: إن عبوس النبي صلى الله عليه وسلم وإعراضه عن هذا الأعمى دليل على دماثة أخلاقه، ويجب أن يُثنى عليه بسببه، لا أن يُزجر. ذلك أن شخصًا أعمى يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويكلّمه كلاما غير معقول، فلا يقوم صلى الله عليه وسلم بزجره ولا تعنيفه جبرًا لخاطره.. وحينما يقاطعه مرارًا فيكتفي بالعبوس دون أن يقول له بلسانه شيئًا. كان النبي صلى الله عليه وسلم في حيرة من أمره لأن الرجل يقاطعه مرة بعد أخرى، في حين لم يكن بوسعه صلى الله عليه وسلم ترك الحديث مع ضيوفه من ناحية، ومن ناحية أخرى لم يُرِد أن يزجر الأعمى كي لا يكسر خاطره، فماذا يفعل في هذه الحالة يا ترى؟ إن أفضل ما يمكنه أن يفعل عندها هو الإعراض عن هذا الضرير تحقيقًا لهدفين؛ أولهما أن لا ينقطع عن حديثه مع الضيوف وثانيهما أن لا يكسر قلب الضرير. وهذا ما حصل، فعبس النبي صلى الله عليه وسلم وأعرض عن الضرير. وكانت الحكمة في إعراضه أن لا يغضب، لأنه لو ظل متوجهًا إليه فربما يتفوه بكلمة قاسية في غضب، فاكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بالعبوس والإعراض عن الأعمى، دون أن يكلّمه بشيء حتى لا يصيب قلبه بصدمة. وهذا عملٌ يستحق من رب العرش ثناءً عليه صلى الله عليه وسلم بدلاً من الزجر. فإذا كان المفسرون يقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحسن التصرف، فليخبروا ما هو الطريق الأنسب الذي كان عليه صلى الله عليه وسلم أن يتبعه وفقًا للمُثل والأخلاق؟ ولكنهم لن يستطيعوا أن يقترحوا أسلوبا آخر، مما يدل أن هذا هو الطريق الوحيد الأفضل الذي كان يمكن أن يتبعه النبي صلى الله عليه وسلم في تلك المناسبة. كل ما في الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم عبس استياءً من تصرف ابن أم مكتوم دون أن يقول له شيئا، وعندما رأى صلى الله عليه وسلم أنه لا يمتنع عن فعله أعرض عنه صلى الله عليه وسلم حتى لا يغضب عليه ويتفوّه بكلمة قاسية لو ظلّ الأعمى أمام عينيه. وكلا الأمرين يدلان على سمو أخلاقه صلى الله عليه وسلم.............


لو كانت هذه الآيات عتابًا وتوبيخًا للنبي -والعياذ بالله- فكان لا بد أن يغيّر صلى الله عليه وسلم سلوكه في مثل هذه المواقف بعد هذا الحادث؛ وكلما قاطع أحد كلامه توجّهَ إليه من فوره تاركًا الحديث الذي كان فيه. ولكننا نجد في التاريخ وقائع تؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغير سلوكه بعد ذلك، فقد ورد أن شخصًا حضر مرة مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكلّم الناس، فسأله سؤالا مقاطعًا كلامه، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يلتفت إليه بل استمر في حديثه حتى ظن الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم ربما سخط على السائل، ولما انتهى صلى الله عليه وسلم من كلامه، قال: أين السائل؟ ثم أجاب على سؤاله (البخاري، كتاب العلم، باب من سئل علمًا وهو مشتغل في حديثه).


لقد ثبت من هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ظلَّ يسلك نفس المسلك الذي اختاره مع ابن أم مكتوم، وكلما حاول أحد أن يسأله مقاطعا كلامه لم يجبه بشيء، بل استمر في حديثه حتى انتهى منه. ولم يسلك النبي صلى الله عليه وسلم هذا المسلك في مكة فحسب، بل ظل متمسكًا به في المدينة المنورة أيضا. بل يتضح من الروايات الأخرى أن هذا كان دأبه دائما.. أعني أنه كان لا يرد على سائل يحاول مقاطعة كلامه. وإن هذا ما يفعله الشرفاء دومًا. فلو كانت هذه الآيات توبيخا للنبي صلى الله عليه وسلم لغيَّر سلوكه بعد نزولها، وكلما سئل عن شيء أخذ في إجابته فورا أيًّا كان الموقف، مخافة أن يقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه من قبل. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسلك هذا الطريق البتة، بل ظل متمسكًا بسلوكه الذي سلكه مع ابن أم مكتوم.


فالسؤال هنا: ما هو الأمر الذي نـزل بسببه هذا النهي والتوبيخ للنبي صلى الله عليه وسلم؟ إن أسوته صلى الله عليه وسلم تؤكد أنه ظل طوال حياته متمسكًا بنفس المسلك الذي سلكه مع ابن أم مكتوم، ولم يحب أن يقاطع أحدٌ كلامَه، لأن هذا يقطع تسلسل الكلام، ويُفقِد الحديثَ تأثيرَه في الناس، ويُنسي المتكلمَ جوانب كثيرة من الموضوع، ولا يستطيع أن يكمل حديثه.


إذًا، فلو فرضنا -جدلاً- صحة ما يقول المفسرون لكان معنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرتدع عن سلوكه رغم "التوبيخ الربانيّ" -والعياذ بالله. 


لقد سبق أن بينتُ أن الثابت من الروايات أن عبد الله بن أم مكتوم لم يكن وضيعًا. لا شك أنه كان ضريرا، ولكنه كان من عائلة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان ابن خال خديجة رضي الله عنها، وكان أبواه من عائلة شريفة شهيرة؛ فلا بد أن يكون مقربا من النبي صلى الله عليه وسلم بسبب نَسَبِه الرفيع وقرابته من خديجة، وهذا ما يدل عليه الأمر الواقع أيضًا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد عيّنه أميرًا على المدينة في غيابه مرتين بعد هذا الحادث، مما يدل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكنّ له التقدير الكبير، ويقدر نسبه العالي، وهذا أيضًا دليل ساطع على خطأ موقف المفسرين. 


وعندي أن الله تعالى قد جعل في هذه الآيات نفسها حلاًّ لهذه المعضلة، ولكن المفسرين لم يولوه الاهتمامَ الكافي.


يقول الله تعالى {عَبَسَ وَتَوَلَّى - أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى - وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى - أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى - أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى - فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى - وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى - وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى - وَهُوَ يَخْشَى - فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى}. فنجد هنا جُملاً قد وردت بضمير الغائب، كقوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى - أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}. ثم نجد جُملاً انتقل فيها الكلام من الغائب إلى الحاضر، حيث قال الله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}، وقال {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى - فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ... }. وهناك أربعة احتمالات فقط لمن تعود عليه الضمائر في هذه الجُمل:


أوّلها: أن يكون ضمير الغائب والمخاطب كليهما راجعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.


ثانيها: أن يكون ضمير الغائب والمخاطب كليهما راجعًا إلى غيره - صلى الله عليه وسلم -.


ثالثها: أن يكون ضمير الغائب في {عَبَسَ وَتَوَلَّى} عائدا إلى غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وضمير المخاطب في {وَمَا يُدْرِيكَ} راجعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.


رابعها: أن يكون ضمير الغائب في {عَبَسَ وَتَوَلَّى} عائدا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وضمير المخاطب في {وَمَا يُدْرِيكَ} راجعا إلى غيره - صلى الله عليه وسلم -.


والآن، علينا أن نحدّد الصحيح من هذه الاحتمالات.


نتوجه أولاً إلى الاحتمال الثاني، وهو أن هذه الآيات لا تتحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا في ضمير الغائب ولا المخاطب، وإنما ترجع الضمائر إلى غيره - صلى الله عليه وسلم -. وبقبول هذا الاحتمال يصبح معنى الآيات غير معقول على الإطلاق، لذا فلا بد من إسقاطه، لأن قصة ابن أم مكتوم مذكورة في روايات متواترة، ومن المحال أن تكون القصة الواردة في مصادر شتى بهذا التكرار والتواتر باطلة. لا بد أن حادثًا ما قد وقع فعلاً، لذا فلو قلنا إن قوله تعالى {عَبَسَ} و {وَمَا يُدْرِيكَ} كله إشارة إلى شخص غير النبي - صلى الله عليه وسلم - اضطُررنا لتكذيب هذه القصة من جذورها، وهذا الإنكار محال، لأن كتب الحديث والتاريخ كليهما تذكرها مرارًا وتكرارًا.


أما إذا أخذنا بالاحتمال الأول وقلنا إن ضمائر الغائب والمخاطب كلها راجعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالسؤال: لماذا غيّر الله تعالى الضمائر هنا؟ ولماذا قال أولاً: {عَبَسَ وَتَوَلَّى}، ثم قال {وَمَا يُدْرِيكَ}، وهو يعني الرسول نفسه - صلى الله عليه وسلم - في الجملتين؟


يقول المفسرون في الجواب: لقد تحدّث الله تعالى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بضمائر الغائب "إجلالاً له - صلى الله عليه وسلم - ولطفًا به لما في المشافهة بتاء الخطاب ما لا يخفى" (فتح البيان)، فقال: {عَبَسَ وَتَوَلَّى - أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى} ولم يقل: (عبستَ وتوليتَ أن جاءك الأعمى). ثم خفّف العتاب قليلا وقال: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}.


ولكنا نرى أن العتاب لم يخفّف في آيات ضمير المخاطب، بل اشتدّ، أما في آيات ضمير الغائب فليس هناك أي عتاب أصلا. فقد بينتُ من قبل أن العبوس والتولي مع ضريرٍ ليس مما يجرح مشاعره أو ينزل بسببه عتاب رباني، بل إن هذا السلوك النبوي دليل على خُلقه العظيم. أفليس غريبا إذًا، أن يستعمل الله تعالى ضمائر الغائب حيث لا عتاب أصلا، ويستعمل ضمائر الخطاب حيث العتاب كله؟ انظرْ إلى شدة النبرة في قوله: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى - فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى - وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى - وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى - وَهُوَ يَخْشَى - فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى}. فمتى كانت هذه الكلمات أخفَّ من العبوس والتولي؟ بل يبدو وكأنه تعالى قد ركّز فيها على التوبيخ وأهملَ جانب المدح. فثبت أن تأويل المفسرين باطل تماما، لأنه لا يتماشى مع الضمائر المتغيرة؛ إذ لا مبرر معه لتغيير الضمائر.


وبقي الآن عندنا احتمالان فقط: الثالث والرابع، ولو أخذنا بالاحتمال الثالث - أي أن يكون ضمير الغائب في {عَبَسَ وتَوَلَّى} عائدًا إلى غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وضمير المخاطب في {وَمَا يُدْرِيكَ} راجعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لواجهتْنا المشكلة المشار إليها من قبل، أعني أننا نضطر لإنكار هذه الواقعة الواردة في كتب الحديث والتاريخ عن ابن أم مكتوم، والتي لا يمكننا إنكارها بعد هذه الشهادات الكثيرة المتواترة الواردة في كتب التاريخ وبعض الصحاح. (الترمذي، أبواب التفسير). ومعلوم أن الشهادة التاريخية لا يمكن رفضها إلا بشهادة مخالفة أقوى منها.


إذًا فقد بقي عندنا الاحتمال الرابع فقط، وهو أن يكون ضمير الغائب في {عَبَسَ وَتَوَلَّى} عائدا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وضمير المخاطب في {وَمَا يُدْريكَ} راجعا إلى غيره - صلى الله عليه وسلم -. وأرى أن هذا هو السبيل الوحيد لحل هذه المعضلة، لأنه لا يتنافى مع هذه الواقعة التاريخية، كما لا ينال من عظمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكرامته. وعندي أن الضمير في قوله تعالى {عَبَسَ وَتَوَلَّى} راجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن واقعة ابن أم مكتوم صحيحة، إذ تكررت في مصادر شتى بتواتر، ولا يسعُنا رفضُها بغير أن يكون بيدنا دليل تاريخي قاطع يقيني.


باختصار، قد تصرَّفَ عبد الله بن أم مكتوم من فورة حماسه تصرفًا ينافي العقل والأخلاق، لأنه ما دام النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو هؤلاء الصناديد إلى الإسلام، فما كان لابن أم مكتوم أن يظن أن لا فائدة في دعوتهم، أو أن على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوجه إليه بدلاً منهم. لا شك أنهم لم يؤمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فعلاً بل صاروا حطب جهنم فيما بعد، ولكن كان من واجبه - صلى الله عليه وسلم - عندها إكرام ضيوفه والعناية بهم، أما عبد الله بن أم مكتوم فما كان ليحترم أوامر الله تعالى احترامَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لها، كما لم يكن ليدرك مسؤولية إكرام الضيف مثله - صلى الله عليه وسلم -، ولا سيما أنه كان ضريرا، والضرير ضعيف الإحساس بهذه الأمور لأنه لا يرى شيئا، فلا يتكلم بِرفق ولين. وفي بلدنا يقولون إنك لو أردت أن تسمع كلاما قاسيا فتكلَّمْ مع أعمى، وليس ذلك إلا لأنه لا يستطيع الرؤية فلا يبالي مطلقًا بردّة فِعل الناس على حديثه. ولذلك نجد أن ابن أم مكتوم لما حضر مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - ووجده يقوم بدعوة ألدّ أعداء الإسلام ثارت حميّته، ولكنه كان لا يستطيع أن ينهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن دعوتهم صراحة، أو يلوم هؤلاء الكافرين على مجيئهم هناك ويأمرهم بالخروج؛ فما كان منه إلا أن قال للرسول - صلى الله عليه وسلم -: أَقْرِئْني وعلِّمْني مما علّمك الله. ثم ظلّ يردّد قوله هذا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بإلحاح، فتضايق - صلى الله عليه وسلم - من تصرُّفه، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - لم يُرِدْ أن يجرح مشاعره، فاكتفى بأن عبَس وأعرضَ عنه. لقد خطر ببال النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هؤلاء الزعماء الكفار سيقولون ما لهؤلاء المسلمين لا يعلمون آداب المجلس، ولا يرون أنا جئناهم لسماع حديثهم.


علمًا أننا لسنا هنا بصدد أنهم جاءوا النبي - صلى الله عليه وسلم - نفاقًا وكانوا يكذّبون قوله في قلوبهم. فما داموا قد جاءوا - في الظاهر - لسماع حديثه - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام، وكان - صلى الله عليه وسلم - يرى ضرورة دعوتهم، فعبس وتولى عن ابن أم مكتوم حين تصرّفَ هذا التصرّف الخاطئ. وهذا ما أشار الله تعالى إليه بقوله {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}.


ثم إن كلمة {الأَعْمَى} نفسها التي هي معرفة باللام هنا أيضا تبين أن هذه الآيات تشير إلى واقعة معينة، وإلى أعمى معيَّن. فلو كانت هذه الآيات مدحًا لهذا الأعمى، أي لو أراد الله تعالى لَوْمَ رسوله على عدم التفاته إلى الأعمى، أو مَدْحَ تصرُّف الأعمى، فكان الأولى أن يذكر الله اسمه، ويقول إن فلانا قد جاء إلى رسولنا فعبس - صلى الله عليه وسلم - وتولى، ولكن لم يذكر الله اسم هذا القادم لأن تصرفه لم يكن محمودا، بل قال {أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}، أما لو كان تصرّفه محمودًا وأراد الله مدحه لذكر اسمه حتما، وقال: عبس وتولى أن جاءه عبد الله بن أم مكتوم؟! ولكن الله تعالى لم يقل ذلك من ناحية، ومن ناحية أخرى استعمل كلمات {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في حق رسوله - صلى الله عليه وسلم -، لأن تصرفه - صلى الله عليه وسلم - هذا دليل على سمو أخلاقه" (التفسير الكبير بتصرف طفيف)




ثم يوضح حضرة المفسر -الخليفة الثاني للمسيح الموعود عليه السلام- ذلك تفصيلا، وللمزيد يرجى مراجعة تفسير الآية في سورة عبس في المجلد الثامن من التفسير الكبير.


الاثنين، 17 مارس 2014

الرد على نفي المنكرين الصَلاة على النبي محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم)

الصَلاة على النبي


الرد على نفي المنكرين الصَلاة على النبي محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) 






من المغالطات التي يثيرها منكرو السنة وأمثالهم مغالطة نفي الصَلاة على النبي محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) بالمعنى اللفظي ، حيث يقولون أن الصَلاة على النبي ليست هي باللفظ الشائع بين الناس كقولنا 'اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ' لأن الله تعالى يقول 'إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا' وأن ذلك بيان إلهي واضح بأن الله تعالى يصلي على النبي فلا داعي لطلب الناس من الله أن يصلي عَلَيْهِ مادام أن الله يصلي فعلاً وأن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) غير محتاج لصلاة الناس عَلَيْهِ أي طلب الرحمة له مادام الله يصلي عَلَيْهِ. وتستمر المغالطة ليقولون أن الدليل على عدم صحة الصَلاة اللفظية المذكورة والتي ((يقوم بها المسلمون الأذكياء)) -على حد قولهم- هي الأوامر الإلهية التالية 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم' و 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ' حيث أن أيا منها لا تعني أن نقول 'اللّهُمّ لقد انفقنا وصبرنا' وإنما الفعل من ذلك لا مجرد القول اللفظي الفارغ. ثم بيّنوا أن الصَلاة في القرآن الكريم واللسان العربي لا تعني التلفظ بل العمل والتأييد فحسب وقد انحرف معناها اللساني من بطون كتب اللغة بسبب من تلك ((( اللوثة  ))) أي الصَلاة اللفظية على النبي. فلا يعقل أن يصلّي الله ويسلم للنبي كما هو الأمر بالنسبة للناس.



الرد


للرد نقول بسم الله الرحمن الرحيم ، الصلاة لغةً أصلها من الجذر الثنائي صل الذي يفيد الحركة من التواصل والصلة وهو معنى ثابت ولم يختفي كما يتصور البعض والصلة بين الله تعالى والعبد تقتضي العمل مع القول أي أننا لا ننفي القول ونكتف بالفعل فالاثنان متلازمان كل منهما له دور في الرقي الروحي للمؤمن كما أن المؤمن يعمل بأوامر القرآن الكريم إلى جانب القراءة والتدبر فيه لفظا ويتواصل بينه وبين الآخرين عن طريق اللفظ واللسان ولا يعد ذلك أمراً سيئاً بل تكامل مادي ومعنوي. لقد كانت أول الأوامر الربانية التي تلقاها النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) من ربه عز وجل هي 'اقرأ' و 'قل' أي تعلّم وتكلّم وهذا هو التبليغ الحق الذي يتطلب القراءة والتدبر والتواصل اللفظي مع العمل بالأوامر بدون تضارب بين الإثنين. إن قول الله تعالى "'إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ" تعني أن الله سبحانه يرحم وينصر ويؤيد نبيه مع ملائكته فيسخّر سنن الكون لصالح نصرة هذا النبي الذي اصطفاه وفق معايير أخلاقية وروحية على العالمين بكل تأكيد، ولكن ذلك لا يخالف طلب الناس من ربهم أن يرحم وينصر ويؤيد نبيه كقوله تعالى 'أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ' مع أن الله تعالى هو ناصر المؤمنين وهو ما كان يطلبه النبي من ربه أيضاً مع علمه ووثوقه بوعد ربه الذي أكد أنه ناصره معه أينما حل والأمثلة على ذلك كثيرة، فتكون بذلك صلة مترابطة بين العبد وربه كقوله تعالى 'كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ' و  'وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا' ولا تعارض بين هذا التأكيد الإلهي بالغلبة والنصر وبين الدعاء وطلب الغلبة والنصر منه تعالى لأن الدعاء يعني التواصل بين العبد وخالقه بشكل شبه مستمر 'قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ'  وهو ما يجرنا أيضاً إلى مسألة الخشوع وصدق الدعاء حتى يكون لائقا فيُقبَل. أما عدم حاجة النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) لصلاة الناس عَلَيْهِ فهو موضوع ذو دلالات مختلفة منها أن الصَلاة على النبي طلبا للرحمة والبركة له ولأمته ليست لحاجة النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) بل لتجسيد التمسك بتعاليمه وشكر الله تعالى والدعاء له عرفانا وتقديرا. فموضوع الحاجة هذا ليس بنقطة هامة لدحضه إذ أنه يتكشف لكل باحث بلا أدنى جهد. أما التسليم للنبي فهذا من المغالطات الصارخة إذ أن الصَلاة من الله تعالى ليست للنبي بل على النبي وهو أمر من الأعلى إلى الأدنى وكذلك التسليم يكون على النبي كقوله تعالى 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ' أي التحية والتأييد وليس الاستسلام للنبي كما يذهب بعض الإخوة، وهذه من أغرب ما فاتهم من نكات.


والمسألة الثانية في عدم جواز الصَلاة اللفظية على النبي عندهم هي قوله تعالى 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم' و 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ' إذ لا يصح أن يكون المعنى أن نرد على الله بالقول صبرنا وانفقنا بل نصبر وننفق فعلا، وهذا مردودٌ بداهة إذ أن الإنفاق والصبر من الأفعال التي لا تتطلب القول والتلفظ بتاتاً وإنما  الصبر و الإنفاق عملاً فحسب، بينما في الصَلاة يشمل الحال القول والفعل معاً حيث يقول تعالى 'فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا' ومن الواضح أن اداء الصَلاة يكون قولا وفعلا ولا ينتفي القول (فاذكروا الله) أي اجعلوا الله تعالى على لسانكم وفي قلوبكم واعملوا بتعاليمه. 


وأخيراً نقول أن الصَلاة على النبي محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) التي أمرنا بأدائها تكون بالعمل أي الاتباع والتأييد والتطبيق لهدي الرسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) أي التعليم الذي قال عنه تعالى 'لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ' فيقرأ عليهم كلمات ربه ويعلمهم دلالاتها وتأويلها فق التأييد الإلهي. هذا التطبيق يكون باتباع السنة النبوية التي لا تعني إلا التطبيق العملي للقرآن الكريم حيث أن السنة هي الطريقة كما يقول تعالى : 'لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ' أي طريقة حياة الأولين من الأمم وتاريخهم، ثم نتجه إلى الحديث الشريف الذي يعتبر توثيقاً لهذه السنة العملية أي التعليم النبوي وقد نقل لنا رجال الأمة جزاهم الله خيراً أحاديث النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) وفق أسانيد وقواعد صارمة وهو الأمر الذي نلجأ إليه عندما نجد تأويلات محتملة للنص القرآني فيكون القول الفصل فيها للنبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً' حيث أن رد الاختلاف يكون لله تعالى (القرآن الكريم) ثم للرسول (السنة العملية والحديث الشريف) ومع ذلك لا نتعامل مع الأحاديث بنفس الثقة التي نتعامل بها مع القرآن الكريم بل نُخضع الأحاديث للقرآن الذي هو الأصل في كل شيء عند المسلم. فالصلاة على النبي باختصار هي العمل والقول معا حيث يتبع المسلم هدي نبيه ويطبق ما تواتر عنه من عمل كما أن عَلَيْهِ أن يدعوا ربه مصاحبة للعمل بالقول : 'اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ' وذلك طلباً للرحمة الإلهية والبركة لهذا النبي وأمته لنشر رسالة السلام التي جاء بها للبشرية جمعاء ويكونون بذلك في صلة مع خالقهم لا يتلفظون بغير الرحمة وَالسَلام من الله تعالى للناس أجمعين . القول والعمل شيء مهم لكل منهما دوره في نشر الخير.


وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

الأحد، 16 مارس 2014

الزواج في الإسلام


الزواج في الإسلام





الزواج في الإسلام نوع واحد، وهو أن يبتغي الرجل بماله محصنا غير مسافح ليتزوج أمراة محصنة غير مسافحة. وهذا ما هو مذكور بوضوح في الآيات من (20-26) في سورة النساء.

أما الفئات التي يمكن للرجل أن يتزوج منها فهي كل النساء سوى المحرمات. وقد نصح الإسلام بالزواج من البكور المحصنات كما حث بشكل خاص على الزواج من الفئات الأخرى وهي الأرامل والمطلقات أو الإماء.

وفي كل الحالات فالزواج في الإسلام هو إحصان لرجل محصن وامرأة محصنة؛ أي رجل عفيف يتزوج من امرأة عفيفة فيصون عرضها ويحفظها ويحصنها، كما أنه بزواجه منها يحصن نفسه. لذا فيقال للمرأة المتزوجة العفيفة محصنة كما يقال للمرأة غير المتزوجة العفيفة محصنة أيضا، والسياق يحدد ذلك.

وقد يظن البعض أن الآية الخامسة والعشرين من سورة النساء تدلل على إباحة ما يسمى بزواج المتعة والذي هو الزواج المؤقت. ولكن بالنظر إلى السياق نجد أن الموضوع غاية في الوضوح وأنه لا علاقة له مطلقا بهذا الزواج المؤقت المزعوم.

لنبدأ من الآية العشرين ولنتابع السياق، ولنلاحظ أولا أن الآيات قد بدأت بمخاطبة الرجال المتزوجين حيث يقول تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (النساء 20)

حيث تنهى هذه الآية عن أخذ أموال النساء بالإكراه أو الضغط عليهن لأجل أخذ ما تم إعطاؤه لهن. كما تأمر بالمعاشرة بالمعروف والصبر عليهن، عسى أن يجعل الله الخير فيهن إن كانت قد حصلت الكراهية تجاههن.

ثم انتقلت الآيات إلى تنظيم ما ينبغي فعله من قبل الرجال المتزوجين الذين يرغبون بالزواج من أخريات؛ فنهت الآيات الحادية والعشرين والثانية والعشرين عن أخذ ما تم إعطاؤه لزوجة سابقة من مهر وخلافه ومن ثم إعطاؤه لأخرى. حيث قال تعالى:

وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (21) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا(22) النساء

ثم إن كان الرجل يريد الزواج فعليه أن يختار من النساء ما هن خلاف المحرمات؛ لذا فقد بدأت الآيات بذكر المحرمات من النساء، حيث قال تعالى:

وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (23) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24) النساء

ثم تابعت الآية التي تلي الآية السابقة لتذكر فئة أخرى محرمة وهي الْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ . وبالنظر إلى أن معنى الْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ تعني النساء المتزوجات عامة أو النساء الحرائر (غير الإماء) الشريفات العفيفات؛ فإن هذه الآية تعني أن كل النساء المتزوجات محرمات على كل الرجال من غير أزواجهن، إضافة إلى أن كل النساء الشريفات العفيفات هن محرمات على كل الرجال أيضا حتى يتزوجوهن. وهذا ما توضحه الآية بوضوح بعد ذلك، حيث يقول تعالى:

وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (25)

أي أن هذه الآية (والسياق كله يتحدث عن الزواج) تنظم الزواج من النساء المحصنات (الشريفات العفيفات). فالله تعالى يبيح أن يتزوج الرجل من النساء المحصنات وعليه أن يدفع المهر كما تم الاتفاق عليه (فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ويمكن أن يدفع فوق ما تم الاتفاق عليه.

وتنص الآية بوضوح أن هذه العملية ينبغي أن تكون عملية إحصان وليست سفاحا (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) والإحصان كما ذكرنا هو الزواج الذي يتم من خلاله حفظ المرأة وصيانة عرضها وشرفها وعدم تعريضها لما يؤذيها.

واستكمالا لمسألة الحض على الزواج وخاصة للذين ليس لديهم المال الكافي للزواج من الحرائر الشريفات، فيمكن أن يتزوج من الإماء اللاتي لا يحتاج الزواج بهن إلى قدر من المال كقدر الحرائر. حيث يقول تعالى:

َمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (26)

وتؤكد الآية أنه يجب اختيار الإماء الشريفات العفيفات لكي تتم صيانتهن وإحصانهن.

ثم تؤكد الآية أن مجرد الزواج بهن هو إحصان حيث قال تعالى فَإِذَا أُحْصِنَّ.

وهكذا، مما سبق، نلاحظ أن الآيات تقول على التوالي ما يلي:

1- عليكم ألا تسيئوا إلى نسائكم وتحاولوا أخذ أموالهن رغما عنهن
2- عليكم ألا تحاولوا أخذ ما أعطيتم لزوجاتكم من المال لكي تعطوه لأخرى إذا أردتم أن تتزوجوا بها.
3- عليكم أن تتزوجوا ما شئتم من النساء بخلاف ما نصت عليه الآيات
4- يدخل في المحرمات أيضا كل النساء المتزوجات
5- يدخل في المحرمات كل النساء على الإطلاق إلا من تزوجتموهن بحقهن من النساء الشريفات العفيفات
6- تستطيعون أن تتزوجوا بالنساء الحرائر العفيفات على أن تدفعوا لهن ما اتفقتم عليه من مهور
7- يمكن أن تتزوجوا من الإماء إذا لم يكن لديكم أموال كافية للزواج من حرائر، بشرط أن تكون الأمة شريفة عفيفة

وهكذا نجد أن السياق لا علاقة له مطلقا بالزواج المؤقت؛ بل إن هذه الآيات تنظم بشكل رائع وطاهر علاقة الرجال المتزوجين بزوجاتهم وتفرض عليهم بعض الأمور التي ينبغي أن يتوخوها أولا، ثم توضح الفئات المحرمة من النساء وما فرض الله على الرجال الذين يريدون الزواج بما هو خلاف (بما وراء) هذه الفئات. ونلاحظ أن الآيات تشدد على أن الزواج ينبغي أن يكون إحصانا وليس سفاحا.

أما بخصوص الآية التي أسيء فهمها وهي:

وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (25)

فعلينا أن ننتبه في هذه الآية إلى النقاط التالية:

1- بدأت الآية بذكر الفئة المحرمة الأخيرة من النساء بعد تعداد المحرمات سابقا.
2- ثم بعد ذلك حددت أنه بخلاف الفئات السابقة جميعها يمكن للرجل أن يبتغي بماله محصنا؛ أي أن يستخدم ماله في الزواج بحيث يكون هو محصن ومن سيتزوج بها ستكون محصنة. وعليه أن يتزوجها زواجا تاما ويحصنها ويحصن نفسه وهذا ما تشير إليه الآية (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ). أي أن المال قد يساء استخدامه في السفاح، لذا فاحذروا من ذلك وأحصنوا ولا تسافحوا.
3- بما أن السياق جميعه يتحدث عن الزواج فإن قوله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ يشير إلى الزواج حكما. فالضمير في به يعود على الزواج ولا يعود على النساء؛ فلم تقل الآية فما استمتعتم بهن أو فما تمتعتم بهن!! أي أن الزواج يجعلكم تتمتعون بحقوق وامتيازات يجب أن تؤدوها حقها؛ وأقل ما يمكن تأديته هو دفع مهورهن لهن ودفع نفقاتهن، سواء وفقا لما اتفقتم عليه أو ما فوقه أو ما دونه إذا تراضيتم على ذلك. وقد جاء التذكير بالتمتع بهذه الحقوق والامتيازات للحض على تأدية الحقوق ولهذا كانت صيغة الآية فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً

أما الذين يختارون أن يستدلوا بأن هذه الآية تبيح زواج المتعة المزعوم فعليهم أن يعلموا أنهم يصطدمون بالسياق أولا، ثم بصيغة الآية ثانيا (فما استمتعتم به منهن وليس فما تمتعتم بهن)، ثم بمفهوم الزواج الذي هو إحصان وعفة وصيانة لكل من الرجل والمرأة، ثم بآيات كثيرة في القرآن الكريم تنظم علاقة الأزواج وعلاقة أفراد الأسرة بعضهم ببعض وتدعو إلى علاقة سليمة كاملة تامة هدفها إنشاء السكينة والمودة والرحمة، حيث يقول تعالى:

وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم 22)

فزواج المتعة لا يورث السكينة ولا يصنع حياة ولا سكنا بين الرجل والمرأة ولا علاقة له بالمودة والرحمة. فليس في ذهن كل من الرجل والمرأة إذا قاموا به تحقيق أي من هذه المقاصد التي أشار الله تعالى إليها وقدمها على أنها آيات عظيمة أنعم الله بها على الناس وهي تستحق التفكر والتدبر. فمعلوم أن كل ما يريده الرجل والمرأة المتمتعان هو أن يقضيا وطرهما.

وينبغي على القائلين بهذا الزواج المزعوم أن يتدبروا في هذه الصيغة المزعومة من الزواج التي ظنوها حكما قرآنيا؛ فما الفارق بين زواج المتعة المزعوم وبين الزنا؟ فإن قالوا أن زواج المتعة هو إيجاب وقبول ومهر، وهذه هي أركان الزواج، قلنا إن الزنا أيضا هو قبول بين الرجل والمرأة أيضا ودفع مبلغ من المال في كثير من الأحيان. فهل مجرد التلفظ ببضع كلمات وتسمية ما يدفع للمرأة بالمهر (مع أن القرآن الكريم يسمي المهر صداقا وأجرا أيضا) يحول الزنا إلى زواج متعة؟! وهل يصح أن نعتبر الزنا هو ما لا يدفع فيه الرجل للمرأة أجرها مثلا؟!
الخميس، 13 مارس 2014

أجساد الأنبياء والشهداء هل تتحلّل؟

أجساد الأنبياء والشهداء هل تتحلّل؟


لو عُثر على جثة سليمة لنبيّ أو شهيد مضى على وفاته زمان، ثم إنّ هذه الجثة التي لم تتحلّل عبر القرون والسنين قد عُرضت على الفضائيات، فماذا سيحدث؟ 

سيأتي الناس من كل حدب وصوب لمشاهدة جثة هذا النبيّ أو ذلك الشهيد، وسيظلّون يتحدثون عن ذلك أيامًا، وحين يَذكر لهم الشيخ أنّ بقاء هذه الجثة هو مصداق الحديث النبوي الذي أخرجه أبو داود في سننه، فلن يبقى ملحدٌ على وجه الأرض، ذلك أنّ هذا دليل إلجائيّ، وسيضطر العالمُ كله للإيمان، وسيضحكون بملء فيهم على مَن أصرّ على عدم اعتناق الإسلام. 

عددُ جثث أنبياء بني إسرائيل في فلسطين وحدها يتجاوز الآلاف حسب الروايات التالية: 

1: تفسير الطبري (6 / 286)، "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا عبيدة، قتلتْ بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيًّا من أول النهار في ساعة واحدة"!

2: الدر المنثور (1 / 128)، "أخرج أبو داود الطاليسي وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبي!! ثم يقيمون سوق بقلهم في آخر النهار".

ومع أنه لا يمكن تصديق مبالغات هذه الروايات، إلا أنه يستفاد منها أن أنبياء بني إسرائيل لم يكونوا قلة، وهي حجة على القائلين بذلك. 

أما عدد الشهداء فهو يتجاوز الملايين، فقد ظلّ المؤمنون يُقتلون عبر تاريخ الأنبياء، وفي عهد الصحابة وحدَهم كان يُقتل المئات والآلاف في المعارك مع الفرس والروم والقبائل العربية المعتدية. 

فلماذا لم يُعثر حتى هذه اللحظة على جثة أيٍّ من هؤلاء مع كثرة الحفريات التي تملأ العالم، ومع أنّ هناك إمكانية لاكتشاف ما في باطن الأرض وتصويره؟ فمدينة القدس مثلا -وهي أكثر بلدٍ تُوفّي فيها أنبياء وشهداء- قد حُفر كل شبر فيها بعمق أمتار عديدة، ولكن لم يُعثر على جثة واحدة لنبيّ، ولا لشهيد. ولو عُثر لبثَّته فضائيات العالم، أما الحكايات الزغلولية النجارية وما شابهها حول مثل هذه المواضيع فهي أتفهُ مِن أنْ يُلتَفَت إليها. 

قبْل الإسلام بعث الله كثيرا من الأنبياء، وهناك ملايينُ المؤمنين بهم، ولم نسمع ولم نقرأ نصًّا واحدا في كتبهم المقدسة يقول إنّ أجساد الأنبياء لا تأكلها الأرض ولا تتحلل. فلماذا يتركون مثل هذا الأمر ويُخفونه؟ 

بل وجدنا عكس ذلك، فمثلا: 

1: جثة يوسف عليه السلام صارت عظاما، وأخذها موسى عليه السلام معه إلى نابلس، حسب سِفر الخروج، حيث ورد: "وَأَخَذَ مُوسَى عِظَامَ يُوسُفَ مَعَهُ، لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اسْتَحْلَفَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِحَلْفٍ قَائِلاً: إِنَّ اللهَ سَيَفْتَقِدُكُمْ فَتُصْعِدُونَ عِظَامِي مِنْ هُنَا مَعَكُمْ". (اَلْخُرُوجُ 13: 19)

وكرَّر هذا الكلام يشوعُ في سِفره، حيث يقول: "وَعِظَامُ يُوسُفَ الَّتِي أَصْعَدَهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ دَفَنُوهَا فِي شَكِيمَ، فِي قِطْعَةِ الْحَقْلِ الَّتِي اشْتَرَاهَا يَعْقُوبُ مِنْ بَنِي حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ بِمِئَةِ قَسِيطَةٍ، فَصَارَتْ لِبَنِي يُوسُفَ مُلْكًا". (يَشُوع 24: 32)

2: عظام أَلِيشَع: "فَطَرَحُوا الرَّجُلَ فِي قَبْرِ أَلِيشَعَ، فَلَمَّا نَزَلَ الرَّجُلُ وَمَسَّ عِظَامَ أَلِيشَعَ عَاشَ وَقَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ". (اَلْمُلُوكِ الثَّانِي 13: 21)

3: "فَتَرَكُوا عِظَامَهُ وَعِظَامَ النَّبِيِّ الَّذِي جَاءَ مِنَ السَّامِرَةِ". (اَلْمُلُوكِ الثَّانِي 23: 18)

4: "فِي ذلِكَ الزَّمَانِ، يَقُولُ الرَّبُّ، يُخْرِجُونَ عِظَامَ مُلُوكِ يَهُوذَا وَعِظَامَ رُؤَسَائِهِ وَعِظَامَ الْكَهَنَةِ وَعِظَامَ الأَنْبِيَاءِ وَعِظَامَ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ مِنْ قُبُورِهِمْ". (إِرْمِيَا 8: 1)

ولا مبرر لتكذيب هذه النصوص البتّة، فهي موزَّعة عبر أسفار الكتاب المقدس. وقبرُ يوسف عليه السلام موجود في نابلس ولا يجهله أحد من أهلها أو من المدن والقرى المجاورة. وما معنى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } إذا كانت التوراة كلُّها باطلة؟ 

ولو كانت أجساد الأنبياء والشهداء لا تتحلل لخصَّص الرسولُ صلى الله عليه وسلم خطبةً بهذا الأمر الهام وهذه الآية العظيمة، ولتحدَّث الصحابة عن شهدائهم الذين لن يأسُنوا قطّ! بل لقال الصحابة عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم: لا مبرر للاستعجال في دفنه صلى الله عليه وسلم، بل سنُبقي جسده الشريف بيننا شهرًا على الأقل، لنرى معجزة عدم تحلّل الجثة بأمّ أعيننا ويزداد إيماننا، ونُري الجثة للمشركين والمنافقين لعلهم يتوبون! 

لكنّ مثل هذا النقاش لم يحدث قط، بل الذي حدث عكسُه تماما، وهو دعوةُ العباس رضي الله عنه للتسريع في دفن جسد الرسول صلى الله عليه وسلم خوفًا مِن أنْ يأسُن، لأنه بشر ويَأْسُنُ كَمَا يَأْسُنُ الْبَشَرُ، فعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، فَحُبِسَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وَالْغَدَ حَتَّى دُفِنَ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ، وَقَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ عُرِجَ بِرُوحِهِ كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنْ عُرِجَ بِرُوحِهِ كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى، وَاللَّهِ لاَ يَمُوتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِيَ أَقْوَامٍ وَأَلْسِنَتَهُمْ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ حَتَّى أَزْبَدَ شِدْقَاهُ مِمَّا يُوعِدُ وَيَقُولُ، فَقَامَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ وَإِنَّهُ لَبَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْسُنُ كَمَا يَأْسُنُ الْبَشَرُ.أَيْ قَوْمِ، فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ فَإِنَّهُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُمِيتَهُ إِمَاتَتَيْنِ، أَيُمِيتُ أَحَدَكُمْ إِمَاتَةً وَيُمِيتُهُ إِمَاتَتَيْنِ وَهُوَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ؟ أَيْ قَوْمِ فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ، فَإِنْ يَكُ كَمَا تَقُولُونَ فَلَيْسَ بِعَزِيزٍ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُ التُّرَابَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاللَّهِ مَا مَاتَ حَتَّى تَرَكَ السَّبِيلَ نَهْجاً وَاضِحًا، فَأَحَلَّ الْحَلاَلَ وَحَرَّمَ الْحَرَامَ. (سنن الدارمي، وابن سعد في الطبقات)

لم يقاطع ابنَ عباس أحدٌ قائلا: ويحك، ماذا تقول؟ لماذا تهين الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ألا تعلم أنّ أجساد الأنبياء لا تأسُن ولا تتحلّل؟ 

هل يمكن أن تُرفض هذه الأدلة كلها برواية أعلَّها عددٌ من المحدِّثين، وهي نفسها لا تفيد ما يذهبون إليه كما سنرى؟ 

هذه الرواية أخرجها أصحاب السنن غير الترمذي، وفيها: 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ قُبِضَ وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ. (أبو داود والنسائي وابن ماجة وغيرهم)
سنفرض صحّة هذه الرواية، فالسؤال: هل عَرْضُ شيءٍ على النبي صلى الله عليه وسلم يستلزم أن يكون جسده كما هو؟ أليست الروح هي التي تحسّ؟ وهل يحسّ عامة الأموات بالناس قبل أن تتحلَّل أجسادهم؟ هل يفقد الإنسان صلتَه بهذا العالم بمجرد وفاته أم بتحلل جسده؟ وإذا تمّ تحنيطُ جسدٍ أو تجميدُه بحيث لا يتحلَّل، فهل يظلّ لديه إحساس بالعالم وبما يجري حوله وبما يُعرض عليه؟
هذا لا يقول به أحد. 

إذن، هم يستنبطون من الرواية ما لا يؤمنون به. 

فحين سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟ فلا بدَّ أن يكون قد قال عبارة تفيد أنّ الأنبياء يحسّون بما يُعرض عليهم من صلاة عليهم، فالله تعالى منحهم هذا، ومنَع الأرض من أن تَحول بينهم وبين الناس. 

وهذا الذي قاله صلى الله عليه وسلم عَبَّر عنه الراوي بهذه النص الذي في الرواية، أو عبَّر عنه أحد رواة السلسلة بهذا. خصوصا أنه روي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ. (أبو داود).. فالمهم هو الروح وليس الجسد.

هاني طاهر

الرد على مقال : مغربي يفضح أسرار وهويات وعلاقات قاديانيين مع الخارج


الرد على مقال : مغربي يفضح أسرار وهويات وعلاقات قاديانيين مع الخارج


بسم الله الرحمن الرحيم 


السيد رئيس التحرير المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اطلعت على مقال منشور في جريدتكم تحت عنوان: مغربي يفضح أسرار وهويات وعلاقات قاديانيين مع الخارج ، وهو منشور يوم الجمعة 01 مارس 2013.. تحت هذا الرابط

فوجدتُ فيه عددا من الافتراءات، فكتبتُ لكم الردّ عليها، آملا أن تقوموا بنشره مشكورين:

1: شبهة أن الجماعة الإسلامية الأحمدية قد ظهرت بإيعاز من الاستعمار البريطاني في الهند

الردّ: هذا كذب مجرّد، والبيّنة على من ادّعى، والجماعة التي أنشأها الاستعمار تزول بزواله، لكن هذه الجماعة ما فتئت تزداد قوةً وصلابةً وانتشارا في العالم كله.

2: شبهة التنابز بالألقاب: جاء في المقال أن الأحمديين: "يسمون المنشقين عنهم بـ"اللاهوريين"، فينسبونهم إلى مدينة لاهور، وأسماء أخرى من قبيل أهل بيغام، ويطلقون عليهم أيضا "غير المبايعين" لأنهم لم يبايعوا الخليفة الثاني ومن جاء بعده".

الردّ: هذا ليس من باب التنابز بالألقاب، بل من باب وصف المذكور وتعيينه وتسميته. ثم إننا نسميهم أحمديين، لكنهم أحمديون لم يبايعوا الخلفاء؛ فما دام هناك أحمديون بايعوا الخليفة، وأحمديون لم يبايعوه فلا بد من التمييز في التسمية، لذا يمكن تسمية الفريق الأول أحمديين مبايعين، والفريق الثاني أحمديين غير مبايعين، أو أحمديين أصحاب جريدة بيغام، أو الذين انتقلوا الى لاهور.

3: شبهة أنّ طاعة الحكومة الإنجليزية الركن الثاني للدين: الردّ: الاعتراض: لقد قال مؤسس جماعتكم إن طاعة الحكومة الإنجليزية هي الركن الثاني للدين، فكيف تفسرون ذلك؟

الردّ: هذا الكلام منزوع من سياقه ومشوّه. فهل يُعقل أن يقول أحد بهذا القول على عمومه وبهذه الصورة؟! القضية هي أن طاعة الحكومة الإنجليزية، في الهند وفي ذلك الوقت حصرا، كانت واجبة وفقا لما اتفق عليه الغالبية العظمى من المسلمين، بما فيهم حضرته، وهو ما أفتى به علماؤهم، وذلك لأنها أنقذتهم من ظلم السيخ في البنجاب ولأنها أقامت العدل بين المواطنين. وقد اتُّهم حضرته بأنه يُظهر هذا الرأي المتفق عليه ويُبطن العداوة والرغبة في التمرد، فقال حضرته هذا الكلام في سياق تبيان موقفه، مؤكدا أن الإسلام يقوم على شقين؛ وهما العبودية لله تعالى والإحسان للخلق، ومن باب أولى أن نرد الإحسان لمن أحسن إلينا، ولهذا فإن رد الإحسان إلى الحكومة المحسنة هو شطر الدين في هذه الحالة. وتفصيل ذلك كما يلي: فتحت عنوان: "جدير بانتباه الحكومة" يوجّه المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام خطابه إلى الحكومة البريطانية قائلا إن "الشيخ محمد حسين، يشي إلى الحكومة أمورا غير صائبة لتسيء بي الحكومةُ الظن. ويكذب عند الحكومة ....ويركز على أنني لست مخلصا أمينا للحكومة والعياذ بالله". ثم ذكر المسيح الموعود عليه السلام أن البطالوي يقول للحكومة إن ميرزا غلام أحمد منافق وكاتم الحق وذو وجهين، مشيرا إلى أن حضرته يؤمن بالجهاد العدواني ولكنه يعلن غير ذلك، ويؤمن بالمهدي السفّاك، ويعلن عكس ذلك. وحتى لا تنخدع الحكومة بذلك أخذ حضرته يوضح الأمر تأصيلا، فقال: "إن عواطف الشكر تجاه الحكومة الإنجليزية المحسنة مترسخة في كل جزء من كياني.... ليس تكلُّفا مني بل بناء على مننها التي غمرت أسرتنا منذ عهد والدي المرحوم الميرزا غلام مرتضى إلى يومنا هذا.... وبعد أن ذكر شيئا عن والده وأخيه ووفائهما للحكومة يقول حضرته: "أما أنا، فقد صرف الله تعالى قلبي عن الدنيا بعد وفاة هؤلاء الأعزة والصلحاء، ووددتُ أن تكون علاقتي مع الله تعالى مبنية على الصدق والإخلاص والحب الكامل. فملأ سبحانه وتعالى قلبي بحبه..... واستعنتُ بالله فكَشف لي وأطلعني عز وجل بإلهامه المقدس بأنه تعالى هو الذات الكامل في جميع صفاته"... ثم ينتقد حضرته الثالوث قائلا: "إن هذا التصور أسوأ من إنكار وجوده عز وجل وفكرةٌ شنيعة إلى أقصى الحدود وأسوأ من جميع سيئات الإنسان". ثم يؤصِّل حضرته لطاعة هذه الحكومة فيقول: "ما دام الله تعالى قد أقام في هذا القوم حكومةً من أجل إدارة نظامنا المادي وأمورنا الدينية، وقد عهدنا منهم مِنَنًا لا يسهل أداء الشكر عليها، لذا نؤكد لحكومتنا الكريمة بأننا مخلصون وناصحون أمناء لها كما كان آباؤنا. ليس في أيدينا إلا الدعاء، فندعو الله تعالى أن ينقذ هذه الحكومة من كل شرٍّ، ويهزم أعداءها بالخزي والذلة. لقد أوجب الله تعالى علينا شكر هذه الحكومة المحسنة كشكره هو عز وجل. فإن لم نشكر هذه الحكومة المحسنة أو أسْرَرنا في نياتنا شرا فلم نشكر الله أيضا، لأن شكر الله وشكر حكومةٍ محسنة يعطيها الله عباده نعمةً من عنده شيء واحد ومرتبط ببعضه، وإنّ ترْكَ أحدِهما يستلزم ترك الثاني". ثم يضيف حضرته قائلا: "يسأل بعض الحمقى وقليلو الفهم: هل يجوز الجهاد ضد هذه الحكومة أم لا؟ فليكن واضحا أن سؤالهم هذا ينمّ عن حمق شديد، وإلا ما معنى الجهاد ضدّ مَن يجب شكره على مننه؟ أقول صدقا وحقا بأن خيانة المحسن وقاحةٌ وسوء باطن. فمذهبي الذي أؤكد عليه مرارا وتكرارا هو أن الإسلام جزءان. أولا: طاعة الله وثانيا طاعة السلطنة التي أقامت الأمن وهيّأت لنا تحت ظلها ملاذا من أيدي الظالمين، وتلك السلطنة هي الحكومة البريطانية. صحيح أننا نختلف مع الأقوام الأوروبية في الدين، ولا نبيح بحق الله تعالى أمورا يبيحونها، ولكن لا علاقة لتلك الأمور الدينية مع أمور الرعية والعلاقة مع الحكومة. إن الله تعالى يعلّمنا بصراحة تامة أن تشكروا وتطيعوا الملك الذي تعيشون في ظله بأمن وسلام. فلو تمرّدنا على الحكومة البريطانية فكأننا نتمرد على الإسلام وعلى الله وعلى الرسول. ففي هذه الحالة مَن يكون أسوأ منا خيانة لأننا نبذنا قانون الله والشريعةَ وراء ظهورنا. (شهادة القرآن) فهذا هو السياق.. إنه التأكيد على الحديث النبوي الشريف: "مَن لم يشكُرِ الناسَ لم يشكُرِ اللهَ"، وأحقُّ الناس بالشكر هو الحاكمُ العادل. وحيث إن الحكومة البريطانية في ذلك الوقت قد قضت على حكم السيخ الظلمة وأقامت العدل وساوت بين الرعية، فقد وجب شكرها. والذي يؤمن بهذا لا يمكن أن يُضمر الشرّ لها، ولا يمكن أن يتحدث بلسانين. أما استخدام المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام لتعبير إن للإسلام جزأين، فهو مؤسَّس على قوله تعالى {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة 113).. أي أن مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ للناس فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ؛ فالدين له ركنان، الاستسلام لله، والإحسان لخلق الله. ومع أنّ الآية عامة في ذِكرها لخلق اللهِ، إلا أن المرء يتحدث أحيانا عن فئة من خلق الله، فيطبّق عليها الآية، فالمسيح الموعود عليه السلام ينقض هنا فكرة وجوب قتال الإنجليز، ويطبق عليهم آية (وَهُوَ مُحْسِنٌ)، ويقول: إن الإحسان لهؤلاء هو الركن الثاني للدين. ومعنى هذا أن هؤلاء الإنجليز إنْ حاربوا المسلمين وظلموهم فيصبح الإحسان للمسلمين المظلومين هو الركن الثاني للدين، فيصبح قتال هؤلاء الإنجليز هو الركن الثاني للدين. لذا لا بد أن يُنظر في السياق. 3: شبهة أنّ انضمام الناس إلى الأحمدية عائد إلى الجهل والخواء الروحي والطمع في مكاسب دنيوية. الردّ: منذ نشأة جماعتنا فإنّ أطهار القلب هم أسرع الناس انضماما لها، وكذلك كبار المثقفين والعلماء، ويكفي أن نذكر أن أول من حصل على جائزة نوبل هو الأحمدي د. عبد السلام الذي نال هذه الجائزة في الفيزياء. وأما سيرة الأحمديين فهي ناصعة ومشرِّفة، وهذا معلوم للقاصي والداني، ومجرّد مشاهدة بعض برامج الحوار تُظهر حديث الآخرين عن الأحمديين في كل مكان. وأما المكاسب الدنيوية فمعلوم أن الأحمديين يتبرعون بنسبة كبيرة من دخلهم، فأين هذه المكاسب الدنيوية؟ فالتهمة كاذبة من كل الوجوه.

4: شبهة العلاقة مع اليهود: استدل المقال بأن للأحمديين مناطق في فلسطين المحتلة، وزعيم الكبابير محمد شريف سبق له أن أفطر مع شمعون بيريز.

الردّ: أما مناطق الأحمديين في فلسطين المحتلة فكل ما في الأمر هو مركز لها في قرية "الكبابير" (بحيفا) التي كانت قد دخلت كلها الأحمدية في وسط العشرينيات، وقد أقيم هذا المركز عام 1928م؛ أي قبل قيام كيان (دولة) إسرائيل بعشرين سنة! وعندما نشبت الحرب بين العرب والحركة الصهيونية سنة 1948م استسلمت الكبابير مع مدينة حيفا والمدن العربية الأخرى، ورأى أهلُها- الذين لم يتجاوز عددهم آنذاك بضع مئات- أن يظلوا في بيوتهم وعلى أرضهم، وأن لا يتركوا وطنهم ليصبحوا لاجئين في بلاد الغُربة. وهكذا فعل كثيرون غيرهم من أهل القرى والمدن العربية، وبقي داخلَ حدود كيان دولة إسرائيل حوالي مائتي ألف مسلم، واليوم يتجاوز عددهم المليون. ولكن اتخذ هؤلاء الظالمون من تمسك المسلمين الأحمديين بأرضهم وديارهم حجةً، فراحوا يتهموننا بالتآمر مع الصهيونية ضد الإسلام والمسلمين. فإذا كان التمسك بأرض الوطن جريمةً ومؤامرةً مع الصهاينة، فلماذا لا يعتبرون المسلمين العرب الآخرين المتمسكين هنالك بأرضهم وديارهم خونةً للإسلام وعملاءَ للصهاينة؟ أما القول إن زعيم الكبابير محمد شريف سبق له أن أفطر مع شمعون بيريز، فهذا ليس أكثر من زيارة روتينية شكلية لرئيس الدولة هناك، حيث يقوم بمثل هذه الزيارة لمختلف المناطق والمؤسسات بين الفينة والفينة. وأفراد الجماعة هناك شأنهم شأن أي مواطن في أي بلد في العالم؛ حيث إن المواطن ملزم باستقبال أي مسؤول. كما أن شمعون بيرز قد التقى عددا من الرؤساء العرب، ووقّع معاهدة مع الفلسطينيين، وظلّ يجتمع به الرئيس الفلسطيني الراحل والحالي، وغيره من المسؤولين، فلماذا تكيلون بمكيالين؟
والسلام عليكم

هاني طاهر، المكتب العربي في الجماعة الإسلامية الأحمدية لندن، 15-3-2013

السبت، 8 مارس 2014

حضرة بابا ناناك كان مسلماً

حضرة بابا ناناك كان مسلماً 




أعلن حضرة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) عام 1895 نتيجة بحثه حول معتقدات مؤسس ديانة السيخ. وذكر (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) أنه على الرغم من ولادة حضرة 'بابا ناناك' في أسرة هندوسية، ألا أنه في وقت لاحق قَبِل الإسلام.

لقد كان حضرة بابا ناناك (1469-1539) أحد الصالحين الذين اتّبعوا جميع تعاليم الإسلام بحذافيرها بحيث أنه سافر إلى مكة المكرمة لغرض أداء فريضة الحج لبيت الله تعالى. من بين ثياب حضرة بابا ناناك توجد هذه العباءة المقدسة وهي تحمل شهادة الإسلام بكل وضوح، فضلا عن العديد من آيات القرآن الكريم المنقوشة باللغة العربية.

عربي باي