الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

الجمعة، 25 ديسمبر 2015

هل آزر أبو ابراهيم عَلَيهِ السَلام أم عمه

هل آزر أبو ابراهيم عَلَيهِ السَلام أم عمه



يذكر الكتاب المقدس أن اسم أبي إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ السَلام هو تارح: «وَهَذَا هُوَ سِجِلُّ مَوَالِيدِ تَارَحَ: وَلَدَ تَارَحُ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ. وَوَلَدَ هَارَانُ لُوطاً.» -التكوين 11:27. وكذلك في الإنجيل ورد بنفس اللفظ أو تقريباً: «بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ، بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ تَارَحَ، بْنِ نَاحُورَ.» -لوقا 3:34. وورد في ترجمة جورج سيل للقرآن (George Sale's Qur'an) أن التلمود يسميه "زاره" بينما يسميه أعظم مؤرخي الكنيسة "يوزيبوس" يسميه "آثر". وقد لعبت اللغات اليونانية والفارسية والآرامية والعبرية دوراً في تغيير الألفاظ. كل ذلك يدل على عدم وجود إجماع أو اتفاق بين اليهود أنفسهم على اسم والد إبراهيم عَلَيهِ السَلام. لا بد أن يوزيبوس الذي يعد أعظم مؤرخي الكنيسة بلا منازع له أسبابه التي دفعته لعدم اعتماد لفظ تارح في التوراة والأناجيل وزارح في التلمود فاختار لفظ "آثر" الذي هو متطابق مع اللفظ القرآني "أزر" مما يدل على دقة اللفظ في القرآن الكريم. وهذا الذي يحرم خصوم القرآن الكريم النصارى من أي حجة ضد اللفظ القرآني "آزر" لأبي إبراهيم عَلَيهِ السَلام. وإذا عدنا إلى لفظ "زاره" في التلمود فسنجده قريباً من "آزر" الذي ذكره القرآن الكريم مما يدل على موثوقية ودقة الألفاظ القرآنية.

لقد أطلق القرآن الكريم على "آزر" لقب "أب" "لإبراهيم" كما في قوله تعالى: ﴿وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّين﴾ الشعراء: ٨٧. وينطبق لفظ "أب" في اللغة العربية على الوالد والجد والعم الخ. وقد أطلق القرآن الكريم كذلك على إسماعيل لقب الـ "أب" ليعقوب كما في قوله تعالى: ﴿أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ البقرة : ١٣٣، مع أن إسماعيل في الحقيقة هو عَم يعقوب لا والده. ويتضح من القرآن الكريم أن "آزر" الذي لقب بأبي إِبْرَاهِيمَ ليس هو والده في الحقيقة. وكان إبراهيم عَلَيهِ السَلام قد وعد أباه "آزر"أن يدعو الله تعالى ليغفر له، ولكنه لما أيقن أنه عدو الله امتنع عن الاستغفار له وهذا الامتناع كان بإرادة الله ﷻ كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ التوبة : ١١٣. ولكن مع ذلك فإننا نجد إبراهيم عَلَيهِ السَلام يدعو لوالده ويستغفر الله له حيث ورد اللفظ "والد" لإبراهيم في القرآن الكريم لأول مرة وذلك ليشير إلى الأب الحقيقي كما في قوله ﷻ: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ إبراهيم : ٤٢. إن هذا ليشير إلى أن "آزر" الذي وصف بأب ابراهيم هو في الحقيقة شخصاً آخر وليس والده. أقرب الآراء هي أنه والده، وهذا الرأي الأقرب تدعمه نصوص الكتاب المقدس أيضاً حيث جاء في سفر التكوين أن إِبْرَاهِيمَ تزوج من سارة ابنة "تَارَح": «وَهِيَ بِالْحَقِيقَةِ أُخْتِي، ابْنَةُ أَبِي، غَيْرَ أَنَّهَا لَيْسَتْ ابْنَةَ أُمِّي فَاتَّخَذْتُهَا زَوْجَةً لِي.» (التكوين 20:12)، مما يقطع بأن تارح ليس بوالده حيث من المستحيل أن يتزوج إبراهيم عَلَيهِ السَلام أخته الحقيقية. وهذا أيضاً يدل بأن إِبْرَاهِيمَ بعد وفاة والده تولى أمره عمه "آزر" أو "آثر" الذي أعطاه ابنته سارة كزوجة له. وبسبب تربية "آزر" لإبراهيم فقد اعتبر أباً له وهو أي إبراهيم إبنه، ومن هنا نشأ الاعتقاد الخاطئ حول كون "آزر" هو أبو إبراهيم عَلَيهِ السَلام. يتضح من نصوص التلمود أن "آزر" كان ظالماً يضطهد إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ السَلام حتى إنه سلّمه إلى الملك بسبب كسره للأصنام. وهذا أيضاً دليل على عدم كون "آزر" والد إبراهيم، فالأب الحقيقي لا يمكن أن يتخذ مثل هذا التصرف فيسلم إبنه ليحاكَم ويُحرق حياً أو يُعدم على أي حال. كل هذه الأدلة تؤكد أن آزر ليس هو والد إبراهيم عَلَيهِ السَلام.

مسلم لله

(مستلهم من التفسير الوسيط، سورة الانعام)

0 comments :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

عربي باي