الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

الأحد، 16 مارس 2014

الزواج في الإسلام


الزواج في الإسلام





الزواج في الإسلام نوع واحد، وهو أن يبتغي الرجل بماله محصنا غير مسافح ليتزوج أمراة محصنة غير مسافحة. وهذا ما هو مذكور بوضوح في الآيات من (20-26) في سورة النساء.

أما الفئات التي يمكن للرجل أن يتزوج منها فهي كل النساء سوى المحرمات. وقد نصح الإسلام بالزواج من البكور المحصنات كما حث بشكل خاص على الزواج من الفئات الأخرى وهي الأرامل والمطلقات أو الإماء.

وفي كل الحالات فالزواج في الإسلام هو إحصان لرجل محصن وامرأة محصنة؛ أي رجل عفيف يتزوج من امرأة عفيفة فيصون عرضها ويحفظها ويحصنها، كما أنه بزواجه منها يحصن نفسه. لذا فيقال للمرأة المتزوجة العفيفة محصنة كما يقال للمرأة غير المتزوجة العفيفة محصنة أيضا، والسياق يحدد ذلك.

وقد يظن البعض أن الآية الخامسة والعشرين من سورة النساء تدلل على إباحة ما يسمى بزواج المتعة والذي هو الزواج المؤقت. ولكن بالنظر إلى السياق نجد أن الموضوع غاية في الوضوح وأنه لا علاقة له مطلقا بهذا الزواج المؤقت المزعوم.

لنبدأ من الآية العشرين ولنتابع السياق، ولنلاحظ أولا أن الآيات قد بدأت بمخاطبة الرجال المتزوجين حيث يقول تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (النساء 20)

حيث تنهى هذه الآية عن أخذ أموال النساء بالإكراه أو الضغط عليهن لأجل أخذ ما تم إعطاؤه لهن. كما تأمر بالمعاشرة بالمعروف والصبر عليهن، عسى أن يجعل الله الخير فيهن إن كانت قد حصلت الكراهية تجاههن.

ثم انتقلت الآيات إلى تنظيم ما ينبغي فعله من قبل الرجال المتزوجين الذين يرغبون بالزواج من أخريات؛ فنهت الآيات الحادية والعشرين والثانية والعشرين عن أخذ ما تم إعطاؤه لزوجة سابقة من مهر وخلافه ومن ثم إعطاؤه لأخرى. حيث قال تعالى:

وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (21) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا(22) النساء

ثم إن كان الرجل يريد الزواج فعليه أن يختار من النساء ما هن خلاف المحرمات؛ لذا فقد بدأت الآيات بذكر المحرمات من النساء، حيث قال تعالى:

وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (23) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24) النساء

ثم تابعت الآية التي تلي الآية السابقة لتذكر فئة أخرى محرمة وهي الْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ . وبالنظر إلى أن معنى الْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ تعني النساء المتزوجات عامة أو النساء الحرائر (غير الإماء) الشريفات العفيفات؛ فإن هذه الآية تعني أن كل النساء المتزوجات محرمات على كل الرجال من غير أزواجهن، إضافة إلى أن كل النساء الشريفات العفيفات هن محرمات على كل الرجال أيضا حتى يتزوجوهن. وهذا ما توضحه الآية بوضوح بعد ذلك، حيث يقول تعالى:

وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (25)

أي أن هذه الآية (والسياق كله يتحدث عن الزواج) تنظم الزواج من النساء المحصنات (الشريفات العفيفات). فالله تعالى يبيح أن يتزوج الرجل من النساء المحصنات وعليه أن يدفع المهر كما تم الاتفاق عليه (فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ويمكن أن يدفع فوق ما تم الاتفاق عليه.

وتنص الآية بوضوح أن هذه العملية ينبغي أن تكون عملية إحصان وليست سفاحا (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) والإحصان كما ذكرنا هو الزواج الذي يتم من خلاله حفظ المرأة وصيانة عرضها وشرفها وعدم تعريضها لما يؤذيها.

واستكمالا لمسألة الحض على الزواج وخاصة للذين ليس لديهم المال الكافي للزواج من الحرائر الشريفات، فيمكن أن يتزوج من الإماء اللاتي لا يحتاج الزواج بهن إلى قدر من المال كقدر الحرائر. حيث يقول تعالى:

َمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (26)

وتؤكد الآية أنه يجب اختيار الإماء الشريفات العفيفات لكي تتم صيانتهن وإحصانهن.

ثم تؤكد الآية أن مجرد الزواج بهن هو إحصان حيث قال تعالى فَإِذَا أُحْصِنَّ.

وهكذا، مما سبق، نلاحظ أن الآيات تقول على التوالي ما يلي:

1- عليكم ألا تسيئوا إلى نسائكم وتحاولوا أخذ أموالهن رغما عنهن
2- عليكم ألا تحاولوا أخذ ما أعطيتم لزوجاتكم من المال لكي تعطوه لأخرى إذا أردتم أن تتزوجوا بها.
3- عليكم أن تتزوجوا ما شئتم من النساء بخلاف ما نصت عليه الآيات
4- يدخل في المحرمات أيضا كل النساء المتزوجات
5- يدخل في المحرمات كل النساء على الإطلاق إلا من تزوجتموهن بحقهن من النساء الشريفات العفيفات
6- تستطيعون أن تتزوجوا بالنساء الحرائر العفيفات على أن تدفعوا لهن ما اتفقتم عليه من مهور
7- يمكن أن تتزوجوا من الإماء إذا لم يكن لديكم أموال كافية للزواج من حرائر، بشرط أن تكون الأمة شريفة عفيفة

وهكذا نجد أن السياق لا علاقة له مطلقا بالزواج المؤقت؛ بل إن هذه الآيات تنظم بشكل رائع وطاهر علاقة الرجال المتزوجين بزوجاتهم وتفرض عليهم بعض الأمور التي ينبغي أن يتوخوها أولا، ثم توضح الفئات المحرمة من النساء وما فرض الله على الرجال الذين يريدون الزواج بما هو خلاف (بما وراء) هذه الفئات. ونلاحظ أن الآيات تشدد على أن الزواج ينبغي أن يكون إحصانا وليس سفاحا.

أما بخصوص الآية التي أسيء فهمها وهي:

وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (25)

فعلينا أن ننتبه في هذه الآية إلى النقاط التالية:

1- بدأت الآية بذكر الفئة المحرمة الأخيرة من النساء بعد تعداد المحرمات سابقا.
2- ثم بعد ذلك حددت أنه بخلاف الفئات السابقة جميعها يمكن للرجل أن يبتغي بماله محصنا؛ أي أن يستخدم ماله في الزواج بحيث يكون هو محصن ومن سيتزوج بها ستكون محصنة. وعليه أن يتزوجها زواجا تاما ويحصنها ويحصن نفسه وهذا ما تشير إليه الآية (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ). أي أن المال قد يساء استخدامه في السفاح، لذا فاحذروا من ذلك وأحصنوا ولا تسافحوا.
3- بما أن السياق جميعه يتحدث عن الزواج فإن قوله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ يشير إلى الزواج حكما. فالضمير في به يعود على الزواج ولا يعود على النساء؛ فلم تقل الآية فما استمتعتم بهن أو فما تمتعتم بهن!! أي أن الزواج يجعلكم تتمتعون بحقوق وامتيازات يجب أن تؤدوها حقها؛ وأقل ما يمكن تأديته هو دفع مهورهن لهن ودفع نفقاتهن، سواء وفقا لما اتفقتم عليه أو ما فوقه أو ما دونه إذا تراضيتم على ذلك. وقد جاء التذكير بالتمتع بهذه الحقوق والامتيازات للحض على تأدية الحقوق ولهذا كانت صيغة الآية فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً

أما الذين يختارون أن يستدلوا بأن هذه الآية تبيح زواج المتعة المزعوم فعليهم أن يعلموا أنهم يصطدمون بالسياق أولا، ثم بصيغة الآية ثانيا (فما استمتعتم به منهن وليس فما تمتعتم بهن)، ثم بمفهوم الزواج الذي هو إحصان وعفة وصيانة لكل من الرجل والمرأة، ثم بآيات كثيرة في القرآن الكريم تنظم علاقة الأزواج وعلاقة أفراد الأسرة بعضهم ببعض وتدعو إلى علاقة سليمة كاملة تامة هدفها إنشاء السكينة والمودة والرحمة، حيث يقول تعالى:

وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم 22)

فزواج المتعة لا يورث السكينة ولا يصنع حياة ولا سكنا بين الرجل والمرأة ولا علاقة له بالمودة والرحمة. فليس في ذهن كل من الرجل والمرأة إذا قاموا به تحقيق أي من هذه المقاصد التي أشار الله تعالى إليها وقدمها على أنها آيات عظيمة أنعم الله بها على الناس وهي تستحق التفكر والتدبر. فمعلوم أن كل ما يريده الرجل والمرأة المتمتعان هو أن يقضيا وطرهما.

وينبغي على القائلين بهذا الزواج المزعوم أن يتدبروا في هذه الصيغة المزعومة من الزواج التي ظنوها حكما قرآنيا؛ فما الفارق بين زواج المتعة المزعوم وبين الزنا؟ فإن قالوا أن زواج المتعة هو إيجاب وقبول ومهر، وهذه هي أركان الزواج، قلنا إن الزنا أيضا هو قبول بين الرجل والمرأة أيضا ودفع مبلغ من المال في كثير من الأحيان. فهل مجرد التلفظ ببضع كلمات وتسمية ما يدفع للمرأة بالمهر (مع أن القرآن الكريم يسمي المهر صداقا وأجرا أيضا) يحول الزنا إلى زواج متعة؟! وهل يصح أن نعتبر الزنا هو ما لا يدفع فيه الرجل للمرأة أجرها مثلا؟!

0 comments :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

عربي باي