الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

لا نفرق بين أحد منهم


لا نفرق بين أحد منهم








يختلط أحيانا كثيرة على بعض الإخوة موضوع التفريق بين الرسل عليهم السَلام، ولذلك كان لا بد من توضيح الأمر على ضوء الكتاب المنير. 

 

إن كافة الآيات التي تأمر بعدم التفريق بين الرسل تنحصر في  الإيمان بهم جميعا ولا تتحدث عن مقاماتهم الروحية، أي أن لا نؤمن بنبي دون غيره بل أن نؤمن بهم جميعا وأن الأصل هو الإيمان لا الكفر ما دام الله تعالى قد أرسل لكل أمة نبي. يقول تعالى :


وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ


 [الجزء: ١١ يونس (١٠) الآية: ٤٨]

 


إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ


 [الجزء: ٢٢ فاطر (٣٥) الآية: ٢٥]


وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ


 [الجزء: ١٤ النحل (١٦) الآية: ٣٧]


ولم يشترط ذكر أسماء وقصص الأنبياء جميعا في القرآن المجيد بل ورد ما فيه تشابه وعلاقة بالظروف والوقائع المحيطة بالإسلام الكامل. يقول تعالى:


وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ۚ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا


 [الجزء: ٦ النساء (٤) الآية: ١٦٥]


فالله تعالى أكد في القرآن الكريم أن نعمة الرسالة والنبوة قد شملت أهل الأرض جميعا ولم تخل أمة من نذير. أما عن آيات عدم التفريق بين الرسل فهي كما قلنا تتحدث عن الإيمان بهم لا عن مقاماتهم ودرجاتهم عند الله تبارك وتعالى، ويمكن ملاحظة سياق الآيات الذي يبيّن أن مسألة التفريق بهم هي بالإيمان بهم جميعا وكما يلي:


قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ


 [الجزء: ١ البقرة (٢) الآية: ١٣٧]


آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ


 [الجزء: ٣ البقرة (٢) الآية: ٢٨٦]


قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ


 [الجزء: ٣ آل عمران (٣) الآية: ٨٥]


لقد شرح الله تبارك وتعالى قضية عدم التفريق بين الرسل وقرنها بالإيمان بشرح واضح لا ريب فيه :


إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ۚوَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُولَٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا


 [الجزء: ٦ النساء (٤) الآية: ١٥٣-١٥١]


فالإيمان بهم يجب أن يكون بدون تفريق.

......


أما عن درجات الأنبياء ومقاماتهم فهم متفاوتون متفاضلون فيما بينهم. يقول تعالى :


تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ


 [الجزء: ٣ البقرة (٢) الآية: ٢٥٤]


وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ ۖ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا


 [الجزء: ١٥ الإسراء (١٧) الآية: ٥٦]


فالرسل عليهم السَلام ليسوا بنفس الدرجة عند الله وإنما هم مفضلون على بعضهم بما حملوا من شرائع، فكان بعض الرسل تابعين كهارون وعيسى واليسع لموسى عليهم السَلام ولذلك علينا نحن العباد الانصياع لأمر الله تعالى وبيانه بأن الرسل عليهم السَلام ليسوا بنفس الدرجة والتفضيل. لقد أرسل الله تعالى الرسل جميعا لأقوامهم فانحصرت دعوتهم بذلك في حيز زماني ومكاني محدد ولم تشمل البشر أجمعين، ولذلك لم تنزل الشرائع شاملة مشتملة على الكمالات كافة بل مؤقتة في إطار زمني معين. يقول تعالى:


وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ


 [الجزء: ٢١ الروم (٣٠) الآية: ٤٨]


وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ


 [الجزء: ١٢ هود (١١) الآية: ٢٦]


قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ


 [الجزء: ١٢ هود (١١) الآية: ٧١]


لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ


 [الجزء: ٨ الأعراف (٧) | الآية: ٦٠]


ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ ۚ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ


 [الجزء: ١١ يونس (١٠) الآية: ٧٥]


وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا


 [الجزء: ١٥ الإسراء (١٧) الآية: ٣]


وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ ۖ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ


 [الجزء: ٢١ السجدة (٣٢) الآية: ٢٤]


لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا ۖ كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ


 [الجزء: ٦ المائدة (٥) الآية: ٧١]


كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ۗ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ


 [الجزء: ٤ آل عمران (٣) الآية: ٩٤]


وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم


 [الجزء: ٢٨ الصف (٦١) الآية: ٧]


وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ


 [الجزء: ٣ آل عمران (٣) الآية: ٥٠]


.....


فيثبت من أعلاه أن الرسل كانوا لأقوام محددين وانحصرت رسالاتهم في تلك الأمم وكانت تترى حسب الزمان والمكان، بينما رسالة المصطفى محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم هي للناس أجمعين. يقول تعالى :


وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ


 [الجزء: ٢٢ سبأ (٣٤) الآية: ٢٩]


ولقد ثبت من القرآن الكريم أن الشريعة الكاملة والأخيرة للناس لم تنزل إلا على سيدنا محمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وبها تمت النعمة -نعمة الرسالات- فاجتمعت عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي وصفه الله تعالى بخاتم النبيين أي أفضلهم وأكملهم:


مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا


 [الجزء: ٢٢ الأحزاب (٣٣) الآية: ٤١]


فكان مقام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كالأب الروحي للأنبياء والناس أجمعين كما أنه لم يكن أبا ماديا لأحد، فختم الله به على صدق كل نبي ولم يعد ثمة من يعرف الأنبياء عَلَيْهِمْ السَلام إلا من خلال ختم النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وتصديقه. ولذلك ورد أن أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أيضا كالأمهات للمؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهُن : 


النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ


 [الجزء: ٢١ الأحزاب (٣٣) الآية: ٧]


لقد نسخ الله تعالى الشرائع كلها في القرآن الكريم فأزال منها ما انحصر في قالب سابق وأثبت ما كان يصلح للجميع. يقول تعالى:


مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ


 [الجزء: ١ البقرة (٢) الآية: ١٠٧]


وقد وردت الآية أعلاه في سياق الحديث عن اليهود وعدم رغبتهم أن يتنزل الخير (القرآن الكريم) على المسلمين، فكان رد الله تعالى بأنه جمع كمالات الرسالات كلها في القرآن المجيد باعتباره الشرع الأخير الكامل والتام للعالم كله. يقول تعالى :


الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ 


 [الجزء: ٦ المائدة (٥) الآية: ٤]


فالقرآن العظيم هو الكتاب الكامل لكل زمان ومكان.


ولذلك لن تجد بعد القرآن الكريم كتاب ولا بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نبي إلا من اتبع شرعه والتزم به حرفا وحركة وكان فيه من الفانين. 


وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 


مسلم لله

0 comments :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

عربي باي