الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

الأحد، 20 مايو 2012

بدعة المحلّل

بدعة المحلّل



لقد ملأ المُسحاء الدجالون الدنيا ضجيجاً حول ما يُسمّى بآية "التحليل" عند المسلمين والآية الكريمة نصّها (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) البقرة/230  بأن ذلك يشيع الفاحشة بين الناس وكأن الإباحية والتفكك الأسري والمفاسد الأخلاقية التي تجتاح العالم اليوم لم يكن مصدرها شعوبهم ومجتمعاتهم المنحلّة بل والعياذ بالله قد نبعت من الإسلام وهذه الآية بالتحديد وأنهم أي المُسحاء الكذبة -الذين قالوا اتّخذ اللهُ ولداً- هم أهل العفاف والطهر.


" قال الله تعالى في محكم التنـزيل: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ  (المائدة: 6)، وقال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (الحج: 79). وقال: مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ (الأحزاب: 39). وقال: لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ (الأحزاب: 51).

معنى الآيات:  أن الأحكام الفقهية التي أمرنا الله تعالى بالتقيد بها ليس فيها أي حرج علينا، وليست بشاقّة، وليست الغاية منها عقوبتنا، بل مصلحتنا وخيرنا وفلاحنا وصلاحنا.

وبالتالي فإن أي رأي فقهي كان فيه حرج واضح، فلا بدّ أن يكون تفسيرًا خاطئًا لآية، ولا يمكن أن يكون المدلول الصحيح لهذه الآية. أو هو استدلال بحديث ضعيف.

إن الله لم يجعل علينا في الدين من حرج. ولكن بعض الفقهاء أوقعوا الناس في حرج من خلال اجتهاداتهم الخاطئة، فاضطروا للبحث عن مخرج من خلال التحايل على الشرع، واخترعوا لنا باب الحيل الشرعية.

فالحلّ أن نعود إلى تصحيح الخطأ في الاجتهادات التي تجعل على المسلمين حرجًا، وحينها ينتهي مبرر الحيل كلها، ونخلص مِن تبعات هذا الفكر على الأخلاق، لأن من يؤمِن بالحيل لا يؤمَن جانبه؛ فالخطورة في استساغة التحايل. ومَن تحايل على الشرع نفسه، فإنه يرى التحايلَ فصاحةً بدل أن يراه جريمةً.

كثيرةٌ هي الأحكام الفقهية التي أوقعوا أنفسهم في حرج في اختراعها، بينما هي في حقيقتها أحكام عظيمة لا حرج فيها، بل فيها خير ومصلحة. وليس هذا المقال لتتبعها، بل لضرب مثل على ذلك، وهو الطلاق البائن بينونة كبرى، وطريقة إعادة الزوجة المطلقة.
فالحاصل أن الاجتهاد الخاطئ المسبب للحرج قد أوقع الطلاق بمجرد التلفظ، مهما كان المطلق غاضبًا أو هازلا أو متوعدًا أو معلِّقًا طلاقه على حدوث شيء ووقوعه. وكعادتهم يستدلون بحديث ضعيف، ويتركون الآية القرآنية. فالحديث الذي استدلوا به هو (ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ؛ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ). (الترمذي، الطلاق واللعان). مع أن مداره على عَبْد الرَّحْمَنِ بْن حَبِيبِ بْنِ أَرْدَكَ، وهو منكر الحديث كما وصفه النسائي. ولم يُروَ عنه أي حديث غير هذا في الكتب التسعة.

 وأما الآية فهي قوله تعالى (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (سورة البقرة:228). ولم تقل وإن هزلوا في الطلاق، أو علَّقوه على شرط.

فالطلاق لا بدّ له من عزم وقرار وتصميم ومراجعة، بحيث لا يتم إلا بوجود شهود، وعند القاضي. ولا يقع بمجرد التلفظ به أو التهديد بإيقاعه إذا لم يتحقق شيء ما.

أما الطلاق ثلاث مرات في كلمة واحدة، فهذا هزل ومسخرة. فالطلاق يقع مرة واحدة في الوقت الواحد. وحتى لو قال الرجل: طلقتك مائة مرة، فلا تُحسب إلا مرة واحدة. وبعد هذه التطليقة تدخل مرحلة العِدَّة، فإن انتهتْ، فيمكن لها أن تتزوج شخصا آخر، ويمكن للرجل أن يعيدها في العِدّة من دون عقد جديد. وإذا انتهت العِدّة فلا بد له من عقد إن رضيت بالعودة. وحينها تُحسب طلقة واحدة. فإن طلقها ثانية بعد الرجوع في العدة أو بعد العقد الجديد، تحسب طلقة ثانية، ويمكن له أن يعيدها كما في الحالة السابقة، فإن طلقها ثالثة فلا تحل له.

ولكن الله الذي لا يريد أن يجعل علينا من حرج، فتح بابا للعودة، وهو أن هذه المرأة إن تزوجت بآخر، ثم مكثت عنده فترةً، فإنها بهذه الحالة تكون قد ازدادت تجربة وخبرة، ويمكنها حينذاك أن تعرف سبب الخلاف مع الزوج الأول، وفيما إذا كان الخلاف بسببها أم بسببه. فإن كان بسببه، فإنها تظل مع الثاني إلى الأبد. وإن كان بسببها، ولم يستطع الثاني أن يتأقلم معها، وقرّر تطليقها، ثم هي اعترفت أنها قد أخطأت مع الأول، وقررت التخلّي عن سلوكياتها وعاداتها التي تستفز الزوج، فإنه يمكن لها أن تتزوج الأول إن طلبها، وبهذا تكون قد أخذت درسًا مفيدًا.

لذا فإن أي تلاعب وتحايل في الزواج الثاني يعتبر استخفافًا بأوامر الله، وعقوبتُه عند الله وخيمة.

إذا، فإن القائلين بشكلية الزواج الثاني اضطروا له اضطرارا حينما فتحوا على أنفسهم باب الطلاق الهزلي. فقالوا: إن خرجت من فم الزوج كلمة الطلاق من دون قصد، وندم على ذلك، وكان الشرع يحرم عليه العودة إلا بزواج مطلقته من آخر، فلا بد من استئجار شخص يدخل على زوجته بعقد صحيح، ثم يطلقها لتصبح حلالا للأول. وقد اختلفوا في شروط هذا المحلل اختلافات يملّ المرء من قراءتها كل الملل.

لنعُد إلى فقهنا البسيط الخالي من الحرج المنـزه عن الحيل والتحايل والخداع، فنقول: الطلاق لا يقع بمجرد التلفظ، بل لا بدّ فيه من عزم وتصميم. والتحايل في الزوج المستعار جريمة عند الله، لأنه تحايل على شرعه العظيم.

لكن، من أين أتوْا بالتحايل؟ وما هو دليلهم عليه؟ هذا ما نجده في المقال السابق بعنوان: الحيلة الشرعية! "


جاء في "التفسير الكبير" لمولانا الجليل ميرزا بشير الدين محمود أحمد (رضي الله عنه) ما يلي: "والحديث الشريف عن عائشة (رضي الله عنها) أن رجلاً طلّق زوجته ثلاثاً، ثم تزوجها غيرهُ وطلقها من قبل أن يمسها، فرأى زوجها الأول أن يتزوجها، فسئل رسول الله عن ذلك فقال ( لا ينكحها الأول حتى تذوق عُسَيْلَتَهُ و يذوق عُسَيْلَتَها. (مسلم، الطلاق).. أي حتى يتم جماعٌ بينها وبين الزوج الثاني، ثم يحدث الطلاق بينهما لسببٍ ما، عندئذ تحل هذه للزوج الأول.

وللأسف إن المسلمين في زمن انحطاطهم ابتدعوا- الى جانب البدع الكثيرة الأخرى- بدعة التحليل الشنيعة.. أي أن بعد حصول الطلاق البات احتالوا حيلةً يمكنون بها الزوج الأول من الزواج من مطلقته مرة أخرى .. وذلك بأن يعقدوا لهذه السيدة على رجلٍ آخر ليبيت معها ليلةً و يجامعها، وفي الصباح يطلّقها لتعود الى زوجها الأول. ولكن الإسلام حرّم هذا الطريق ولعن من يقوم بهذه البدعة.. بدعة التحليل. وقد ورد في الحديث أن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) قال (لعن اللهُ المحلِّل و المحلَّل له) (الترمذي، النكاح). فلا مكان لبدعة التحليل في الإسلام. إنما يقضي الشرع الإسلامي أنه إذا تم الطلاق الثالث بين الزوج و زوجته فلا تحل له مطلقاً إلّا في حالة معينة: أن تتزوج هذه السيدة زواجاً شرعياً مع زوج جديد، وتعيش معه في بيته، ثم إذا طلقها هذا الزوج أو مات عنها فللزوج الأول أن يتزوجها زواجاً جديداً بمهرٍ جديد وبرضاء أوليائها.. وبدون ذلك لا يجوز أن يتزوجها." انتهى كلام مولانا (رضي الله عنه).

نفهم من هذا أن الإسلام العظيم يحرم هذا الزواج العبثي ويعده بدعة دخيلة على الدين الحنيف بل ويلعن كل من يلجأ إليه و يعتقد به. إن اولئك القسس والقمامصة يحاولون بكل يأس أن يجدوا شرخاً في الإسلام العظيم حتى يحرفوا أبناء هذا الدين الجميل عن جادّته واللجوء الى عقيدة الثالوث الذي عجز جميع مفسري الكتاب المقدس وعلماء المسيحية عن تفسيره وخلصوا أنه سر من الأسرار المقدسة ولا يمكن شرحه وتوضيحه بأي حال من الإحوال، والفداء الظالم والكفارة الخرافية المنسوبة جوراً الى السيد المسيح (عليه السلام) بأنه إله متجسد حاشا لله وتعالى عما يصفون. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


مسلم لله

0 comments :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

عربي باي