الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

الجمعة، 11 أبريل 2014

الفرق بين النبي والرسول




الفرق بين النبي والرسول










للعلماء في هذا الموضوع ثلاثة أقوال:

القول الأول: إنَّ النبي هو من أوحى إليه اللـه بأمر ولم يأمره بتبليغه، وإنَّ الرسول هو الذي أُمر بتبليغ الرسالة التي أوحي بـها إليه.{1} 

"وهذا الذي ذكروه هنا بعيد لأمور: 

الأول:أنَّ اللـه نصَّ أنَّـه أرسل الأنبياء كما أرسل الرسل في قولـه (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) (سورة الحج: 53)، فإذا كان الفارق بينـهما هو الأمر بالبلاغ، فالإرسال يقتضي من النبي البلاغ.

الثاني: أنَّ ترك البلاغ كتمان لوحي اللـه تعالى، واللـه لا ينـزل وحيه ليكتم ويدفن في صدر واحد من الناس، ثم يموت هذا العلم بموتـه.

الثالث: روى ابن عباس عن النَّبِيِّ صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ …" {2}

فدلّ هذا على أنَّ الأنبياء مأمورون بالبلاغ، وأنَّـهم يتفاوتون في مدى الاستجابة لـهم"{3}

القول الثاني: إنَّ النبي هو من أوحي إليه بوجوب اتباع رسول سابق لـه، وإنَّ الرسول هو من أوحى إليه اللـه بشريعة جديدة.

وحسب تعريفهم، فإنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلّم، وموسى عليه السلام رسولان ونبيان؛ لأن اللـه أوحى إليـهما بشريعة، أمّا هارون ويوسف ويعقوب وسليمان وإسماعيل عليهم السلام فلم يكونوا رسلا، بل كانوا أنبياء؛ إذ إنَّـهم تابعون إلى الرسول السابق في الشريعة، ولم يوح إليهم بشريعة مستقلة.

وهذا التعريف، مع أنَّـه أفضل من سابقه، يعارض قولـه تعالى في وصف إسماعيل بأنَّـه نبي ورسول، في حين أنَّ إسماعيل لم يؤتـه اللـه شريعة. قال تعالى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إنَّـه كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا) (سورة مريم: 55).

ويعارض قولـه تعالى (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللـه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) (سورة البقرة: 214)، حيث تبين الآية أنَّ النبيين يُنـزل اللـه معهم كتبًا. والكتب تحوي شرائع؛ ما يؤكد أنَّ النبي قد يأتي بشريعة جديدة.

القول الثالث: كل نبي رسول، وكل رسول نبي. فالنبي من أنبأه اللـه تعالى، بمعنى أوحى إليه بطرق الوحي المختلفة، سواء أكان عن طريق جبـريل أم عن طريق الكشوف، أم عن طريق الرؤى، أم غير ذلك. أي أنَّـه سمي نبيًّا من جهة علاقتـه باللـه، وهي علاقة الإنباء. والرسول هو من أمره اللـه بأنْ يبلغ الناس، أي أنَّـه سمي رسولاً من جهة علاقتـه بالناس، وهي علاقة الإرسال. وممن ذهب إلى هذا القول القاضي عياض من المالكية والسعد التفتزاني . 

لكن الرسل والأنبياء صنفان: 

الصِّنف الأول: النبي أو الرسول الذي لم يؤتـه اللـه شريعة؛ إنَّما أمره بأنْ يتبع نبيًّا مشرعًا سابقًا، وهذا هو النبي غير التشريعي، أو قُل هو الرسول غير التشريعي، أو التابع.

الصِّنف الثاني: النبي أو الرسول الذي آتاه اللـه شريعة، ولم يؤمر باتباع نبي سابق، وهذا هو النبي التشريعي.

فالنبوة والرسالة صنفان من جهة إنـزال أحكام وشريعة على النبي أو عدم ذلك.

وقد كان أغلب الأنبياء غير تشريعيين. وكان موسى عليه السلام من الأنبياء المشرعين، كما كان محمد صلى الله عليه وسلّم من الأنبياء المشرعين، حيث نسخت شريعتـه الشرائع السابقة كلـها.

الأدلة على أنَّ كلَّ رسول نبي، وكلَّ نبي رسول

1-قولـه تعالى (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً (فَبَعَثَ اللـه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) (سورة البقرة: 214).

وقولـه تعالى (وَمَا نُرْسِلُ (الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (سورة الأنعام: 49).


وجه الاستدلال:

لقد بعث اللـه تعالى النبيين ليبشروا الناس ولينذروهم، كما بعث الرسل للغاية ذاتـها، حيث استعملت الألفاظ نفسها مع النبيين ومع المرسلين. لذا فإنَّ الرسول الذي أرسلـه اللـه إلى الناس لا يمكن إلا أنْ يكون نبيًا. ومتى كان نبيًّا فلا بد أنْ يكون رسولاً، وإلا فما معنى أنْ يكون نبيًّا أنبأه اللـه تعالى؟ أليس عليه واجب التبيلغ والإنذار ؟

2-قولـه تعالى ((رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللـه حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (سورة النساء: 166).

لقد جاءت هذه الآية مباشرة بعد ذكر مجموعة من أنبياء بني إسرائيل وغيرهم، وقد كان بعض هؤلاء أنبياء تشريعيين، وكان بعضهم أنبياء تابعين. وبعضهم أوتي كتابًا، وبعضهم لم ينـزل عليه كتاب. وسمي هؤلاء جميعًا رسلاً.

أمّا الآيات التي سبقت هذه الآية فهي قولـه تعالى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَءَاتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا * وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللـه مُوسَى تَكْلِيمًا * رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللـه حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللـه عَزِيزًا حَكِيمًا) (سورة النساء: 164-166).

3-قوله تعالى (وَلَقَد آتَيْنا موسى الكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بالرُّسُلِ) (سورة البقرة: 88). ولا خلاف في أن الأنبياء الذين أُرسلوا إلى بني إسرائيل من بعد موسى لم تكن معهم شريعة، بل كانوا تابعين لشريعة موسى عليه السلام، وحيث إن الله تعالى سمّاهم رسلاً، فلا بدّ أن يكون المبعوث من عند الله رسولاً حتى لو كان تابعًا، لذا فكل نبي رسول.

4-وصف الله تعالى نبيّه إسماعيل عليه السلام بأنه رسول نبيّ رغم أنه لم يؤت شريعة من عنده سبحانه وتعالى. قال تعالى (واذْكُر في الكِتابِ إِسْماعيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعْدِ وَكانَ رسولاً نَبِيًّا) (سورة مريم: 55).


{1}البوطي، كبرى اليقينيات الكونية، ص152

{2}صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب. وانظر في البخاري، كتاب الطب، باب من لم يرق. 

{3}الأشقر، عمر، الرسل والرسالات، الكويت: مكتبة الفلاح، ط2، 1403هـ1983م، ص 14-15
_____

هاني طاهر ...

0 comments :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

عربي باي