الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

الاثنين، 1 أبريل 2013

الإنجيل ليس كتابا ولا شريعة




الإنجيل ليس كتابا ولا شريعة



يظن عامة المسلمين أن الله I أنزل على المسيح عيسى بن مريم u كتابا متكاملا سمّاه الإنجيل، وأنه أمره فيه بتأسيس الدين المسيحي، ثم إن تلامذة المسيح أو من جاء بعدهم قد شطبوا هذا الكتاب ووضعوا بدلا منه أربعة أناجيل. وفي الكتب المدرسية سألونا: عدّد الكتب التي أنزلها الله I على الأنبياء؟ وكان الجواب: إنها أربعة كتب لا خامس لها؛ التوراة والزبور والإنجيل والقرآن.

وهذه التصوّرات الساذجة كلها أخطاء، أهمّها: أن الله I لم يُنـزل على المسيح كتابا، بل أوحى إليه ببشارةِ بعثةِ خاتم النبيين، كما آتاه البيّنات، وهي مواعظ لتليين قلوب اليهود القاسية التي تشبه قلب أبو مصعب الزرقاوي ومن معه، الذي يقوم الليل ثم يبعث من يفجّر الناس وسط الأسواق والمساجد.

فالإنجيل بشارة ومواعظ وليس كتابا. والدليل هو أن الآيات القرآنية تبيّن بوضوح أن الله I قد أنزل على موسى كتابا، ولكنه آتى المسيح البينات، ولم تذكر آية واحدة أن الله أنزل على المسيح كتابا، لنقرأ قوله I ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) (البقرة)، وقوله I ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) (البقرة)، وقوله I ( وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) (الزخرف)، وقوله I ( ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ ) .. أي آتيناه البشارة والبينات والحكمة والمواعظ وكلها لتليين القلوب القاسية. ثم قوله I ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ) (الصف).

بينما قال الله I عن موسى u : ( وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (البقرة).

وأشارت الآيات القرآنية مرات عدّة إلى التوراة باعتبارها كتابا وليس مجرد بيّنات أو بشارة، وذلك في سياق الحديث عن اليهود: فقال I ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) (البقرة). بينما لم تُشر إلى الإنجيل باعتباره كتابا.

وإن ظنّ أحد أن قوله I ( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (المائدة) يعني أن الإنجيل كتاب فظنّه خاطئ، لأن المقصود من هذه الآية هو أن على النصارى أن يعودوا إلى البيّنات التي آتاها اللهُ المسيحَ والتي سجّلها تلاميذه والتي يتبيّن من خلالها صدق محمد r. ولا شك أن البشارات ببعثة سيد البشر هي من أهم دعائم الإنجيل، بل الإنجيل هو البشارة.. البشارة ببعثة خاتم النبيين. ولكن هذه البشارة ليست كتابا.

الخطأ التقليدي الآخر هو ظنهم أن الإنجيل فيه شريعة للنصارى، أو أنه يدعو إلى دين جديد، أو أن المسيح أتى بالدين المسيحي. وهذه كلها أباطيل، فالإنجيل ليس فيه أي شريعة، أقصد البشارة التي آتاها الله المسيحَ لا تتضمن أحكاما، بل هي بشارة، كما أن سِيَر المسيح التي كتبها تلامذته وسُميت الأناجيل لا تحتوي أي شريعة. كما أن المسيح لم يدعُ إلى تأسيس دين جديد قط، بل أكّد أنه لم يأتِ لنقض شريعة موسى، بل ليؤكد عليها. وهذا ثابت في القرآن وفي الأناجيل بوضوح.

وحيث إن النبي التابع لا يمكن أن يكون أعظم من متبوعه، أي لا يمكن للمسيح أن يكون أعظم من موسى u، فقد لجأ النصارى إلى فكرة باطلة لتجنب هذه الحجة، فزعموا أن الشريعة لعنة، وأن التخلص منها هو الرحمة، لذا فقد قال بولس "اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ". والناموس هو الشريعة والأحكام. أي أن المسيح خلصهم من لعنة الأحكام وتَرَكهم بلا أحكام. فالإنجيل ليس كتابا ولا شريعة، بل ( فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ) (المائدة)

والخطأ الثالث هو الظن أن الله لم ينـزل إلا هذه الكتب، بل إن الله I أنزل كتبا مقدسة للصينيين والهنود واليابانيين واليونانيين وغيرهم من أمم، والنبوة ليست مقصورة على بني إسرائيل، بل ( لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) (الرعد)، ( وإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ) (فاطر)
ما أكثر أخطاء كتب المدارس! وما أكثر أغلاط كليات الشريعة! وما أكثر تشويهات الفكر التقليدي الذي يُجنّ جنونه إن صُحِّح له خطأ!



0 comments :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

عربي باي