الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

الأحد، 8 ديسمبر 2013

لا نبي بعدي .. المعنى الحقيقي


لا نبي بعدي .. المعنى الحقيقي



عند مراجعة الأحاديث الخاصة بنزول المسيح (عَلَيهِ السَلام) تبرز نقطة هامة وهي أن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) لم يقل سيأت هذا النبي بعدي ولم ترد عبارة (بعد) في أي من أحاديث نزول المسيح بينما وردت الأحاديث حول عدم مجيء نبي بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في سياق ختم النبوة فقط ! 

ولنفهم أكثر معنى (البعدية) في القرآن المجيد لابد أن نعود الى النصوص ومنها قوله تعالى (فبأي حديث بعده يؤمنون) ولم يقصد (بعده) بمعنى بعد تنزيله بل (خلافه) أي بالضد من تعاليمه لأن بعد القرآن المجيد أُلّفت الآلاف من الكتب في الفقه والطب والحكمة والفلك وغيرها.. فلا يعني ذلك مطلقاً أن لا نعتقد بها وأن نرفضها بل القصد هو أن نرجع أي حديث و قول في أي كتاب إلى القرآن المجيد ونحكم عليه من خلاله بشرط عدم مخالفة القرآن الكريم وتعاليمه. يتضح التعبير القرآني حول عبارة (بعده) بمعنى (خلافه) وليس (بعد تنزيله) حيث يقول تعالى في موضع آخر "تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ". فهل لله قبل وبعد والعياذ بالله ؟ أم هي ببساطة البعدية الخلافية التي تناقض ما قبلها أي كتاب الله القرآن المجيد ؟

هذا هو معنى (بعد) و (بعدي) أي خلاف شرعي وتعاليمي وهو ما اقرّه جماعة من الفقهاء وأهل العلم في العصور الأولى. ونسوق فيما يلي بعضاً من أقوال فقهاء الأمة حول ذلك :

يقول عبد القاهر البغدادي في (أصول الدين، ص 162-163) : " كل من أقر بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أقر بأنه خاتم الأنبياء والرسل، وأقر بتأييد شريعته، ومنع من نسخها. وقد تواترت الأخبار عنه بقوله: ((لا نبي بعدي)) ومن رد حجة القرآن والسنة فهو الكافر. ". 

يقول ابن كثير في (تفسير ابن كثير، 2/13) حول قوله تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } [المائدة:3] :

" هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه. ".

يقول ابن حزم في (مراتب الإجماع، ص 167، 173) :

" اتفقوا أن دين الإسلام هو الذي لا دين لله في الأرض سواه، وأنه ناسخ لجميع الأديان قبله، وأنه لا ينسخه دين بعده أبداً، وأن من خالفه ممن بلغه كافر مخلد في النار أبداً. ".

ويقول ابن حزم أيضاً في (الفصل، 3/293) :

" وأما من قال أن بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبياً غير عيسى ابن مريم، فإنه لا يختلف اثنان في تكفيره لصحة قيام الحجة بكل هذا على كل أحد. ".

ويقول ابن قدامة في (المغني، 8/150) : من ادّعى النبوة، أو صدّق من ادّعاها فقد ارتد؛ لأن مسيلمة لما ادّعى النبوة، فصدقه قومه، صاروا بذلك مرتدين، وكذلك طليحة الأسدي ومصدقوه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً كلهم يزعم أنه رسول الله)).

فيثبت من قول ابن قدامة رحمه الله أن مدّع النبوة الكاذب هو من كان من صنف مسيلمة وطليحة اللذان تبيّن أنهما نبيان كاذبان بسبب مخالفة شرع محمد خاتم النبيين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي لا شرع بعده ولا حاجة لنبي معه بهذا الخصوص بعد أن نال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كمالات النبوة كلها.
............

اذاً فالمقصود هو أن لا نبي سيأت خلاف شرعي وتعاليمي وليس بعد موتي لأن المسيح نازل فيكم كمصلح كما نزل المسيح كمصلح في أمة موسى (عَلَيهِم السَلام). لقد مات المسيح (عَلَيهِ السَلام) ولن يذوق غير الموتة الأولى، فالمقصود اذاً هو رجل من أمة الإسلام بصفة المصلح أو المسيح يكون شبيهاً لعيسى في ظروف البعثة والوظيفة خصوصاً وأن الاحاديث تصف لنا مسيحين اثنين وليس واحداً أحدهما أحمر جعد والآخر آدم سبط.

اتضحت البعدية في حديث ( لا نبي بعدي ) وهذه هي الحلقة المفقودة عند المشايخ وقد جاء المسيح (عَلَيهِ السَلام) ليبينها وقد فعل وإنّا من الشاهدين.

0 comments :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

عربي باي